العباس ابن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الأمير نائب الشام أبو الفضل العباسي ولي الشام لأخيه المنصور وولي الجزيرة للرشيد وحج بالناس مرات وغزا الروم مرة في ستين ألفا قال شباب دخل الروم وبث سراياه فغنم ونصر في سنة تسع وخمسين ونقل غير واحد أن العباس هذا كان من رجالات بني هاشم جودا ورأيا وشجاعة وكان الرشيد يهابه ويجله قال شباب ولد سنة عشرين ومئة وتوفي سنة ست وثمانين ومئة وكان أنبل بني العباس في وقته
العطاف
العطاف ( تس ) ابن خالد بن عبد الله بن العاص بن وابصه بن خالد بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم الإمام أبو صفوان المخزومي المدني أحد المشايخ الثقات حدث عن نافع وزيد بن أسلم وأبي حازم المديني وجماعة وعنه أبو اليمان وسعيد بن أبي مريم وآدم بن اياس وسعيد بن منصور وقتيبة وأبو مصعب وآخرون وثقه أحمد بن حنبل وقال أبو داود ليس به بأس وقال البخاري لم يحمده مالك وقال أبو أحمد في الكنى ليس بالمتين عندهم غمزه مالك وقال أبو حاتم ليس بذاك قلت تفرد عن نافع عن ابن عمر أن النبي أقاد من خدش وهذا منكر لكن تفرد به عنه مخلد بن مالك وللعطاف نحو من مئة حديث وهو نحو فليح وابن أبي حازم في القوة وسمعه يحيى بن بكير يقول أنا اسن من مالك ولدت سنة إحدى وتسعين قلت موته قريب من وفاة مالك
العمري
العمري الإمام القدوة الزاهد العابد أبو عبد الرحمن عبد الله بن عبد العزيز ابن عبد الله بن صاحب رسول الله عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي العمري المدني
روى عن أبيه وعن أبي طوالة وعنه ابن عيينة وابن المبارك وعبد الله بن عمران العائذي وغيرهم وهو قليل الرواية مشتغل بنفسه قوال بالحق أمار بالعرف لا تأخذه في الله لومة لائم كان ينكر على مالك الإمام اجتماعه بالدولة قال ابن عيينة فيما رواه عنه نعيم بن حماد عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة وقد قال ابن عيينة في العمري هذا هو عالم المدينة الذي فيه الحديث علي بن حرب عن أبيه قال مضى الرشيد على حمار ومعه غلام إلى العمري فوعظه فبكى وغشي عليه قال ابن أبي أويس كتب العمري إلى مالك وابن أبي ذئب وغيرهما بكتب أغلظ لهم فيها وقال أنتم علماء تميلون إلى الدنيا وتلبسون اللين وتدعون التقشف فجاوبه ابن أبي ذئب بكتاب أغلظ له وجاوبه مالك جواب فقيه وقيل إن العمري وعظ الرشيد مرة فكان يتلقى قوله بنعم يا عم فلما ذهب أتبعه الأمين والمأمون بكيسين فيهما ألفا دينار فردهما وقال هو أعلم بمن يفرقها عليه وأخذ دنيارا واحدا وشخص عليه بغداد فكره مجيئه وجمع العمريين وقال ما لي ولابن عمكم احتملته بالحجاز فأتى إلى دار ملكي يريد أن يفسد علي أوليائي ردوه عني قالوا لا يقبل منا فكتب إلى الأمير موسى بن عيسى أن ترفق به حتى ترده قال مصعب الزبيري كان العمري أصفر جسيما لم يكن يقبل من السلطان ولاغيره ومن ولي من أقاربه ومعارفه لايكلمه وولي أخوه عمر المدينة وكرمان فهجره ما أدركت بالمدينة رجلا أهيب منه وكان يقبل صلة ابن المبارك وقدم الكوفة ليخوف الرشيد بالله فرجف لمجيئه الدولة حتى لو كان نزل بهم من العدو مئة ألف مازاد من هيبته فرد من الكوفه ولم يصل إليه وروي أنه كان يلزم المقبرة كثيرا معه كتاب يطالعه ويقول لا أوعظ من قبر ولا آنس من كتاب ولا أسلم من وحدة عمر بن شبة حدثنا أبو يحيى الزهري قال العمري عند موته بنعمة ربي أحدث لو أن الدنيا تحت قدمي ما يمنعني من أخذها إلا أن أزيل قدمي ما أزلتها معي سبعة دراهم من لحاء شجرة فتلته بيدي قال ابن عيينة دخلت على العمري الصالح فقال ما أحد أحب إلي منك وفيك عيب قلت ما هو قال حب الحديث أما إنه ليس من زاد الموت أو قال من أبراز الموت قال أبو المنذر إسماعيل بن عمر سمعت أبا عبد الرحمن العمري لزاهد يقول إن من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله بأن ترى ما يسخطه فتجاوزه ولا تأمر ولا تنهى خوفا من المخلوق من ترك الأمر بالمعروف خوف المخلوقين نزعت منه الهيبة فلو أمر ولده لاستخف به قال محمد بن حرب المكي قدم العمري فاجتمعنا إليه فلما نظر إلى القصور المحدقة بالكعبة صاح يا أصحاب القصور المشيدة اذكروا ظلمة القبور الموحشة يا أهل التنعم والتلذذ اذكروا الدود والصديد وبلاء الأجسام في التراب ثم غلبته عينه فقام أنبئت عن الكاغدي أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا سليمان الطبراني حدثنا إسحاق الخزاعي حدثنا الزبير بن بكار حدثنا سليمان ابن محمد سمعت عبد الله بن عبد العزيز يقول قال لي موسى بن عيسى ينهى إلى أمير المؤمنين أنك تشتمه وتدعو عليه فبم استجزت هذا قلت ما أشتمه فوالله هو أكرم علي من نفسسي لقرابته من رسول الله وأما الدعاء عليه فوالله ما قلت اللهم إنه قد أصبح عبئا ثقيلا على أكتافنا فلا تطيقه أبداننا وقذى في جفوننا لا تطرف عليه جفوننا وشجى في أفواهنا لا تسيغه حلوقنا مؤنته وفرق بيننا وبينه ولكن قلت اللهم إن كان تسمى بالرشيد ليرشد فأرشده أو لغير ذلك فراجع به اللهم إن له في الإسلام بالعباس على كل مؤمن كفا وله بنبيك قرابة ورحم فقربه من كل خير وباعده من كل سوء وأسعدنا به وأصلحه لنفسه ولنا فقال موسى رحمك الله أبا عبد الرحمن كذاك لعمري الظن بك قال المسيب بن واضح سمعت الزاهد العمري بمسجد منى يقول
لله در ذوي العقول * * والحرص في طلب الفضول
لاب أكسيه الأرامل * * واليتامى والكهول
والجامعين المكثرين * من الجناية والغلول
وضعوا عقولهم من * الدنيا بمدرجة السيول
ولهوا بأطراف الفروع * وأغفلوا علم الأصول
وتتبعوا جمع الحطام * وفارقوا أثر الرسول
ولقد رأوا غيلان ريب * الدهر غولا بعد غول
وفي تاريخ ابن جرير بإسناد أن الرشيد قال والله ما أدري ما آمر في هذا العمري أكره أن أقدم عليه وله سلف وإني أحب أن أعرف رأيه فينا فقال عمر بن بزيع والفضل بن الربيع نحن له فخرجا من العرج إلى موضع له بالبادية في مسجده فأناحاه وأتياه على زي الملوك في حشمة فجلسا إليه فقالا نحن رسل من وراءنا من المشرق يقولون لك اتق الله إن شئت فانهض فقال ويحكما فيمن ولمن قالا أنت قال والله ما أحب أني لقيت الله بمحجمة دم مسلم وإن لي ما طلعت عليه الشمس فلما أيسا منه قالا إن معنا عشرين ألفا تستعين بها قال لا حاجة لي بها قالا أعطها من رأيت قال أعطياها أنتما فلما أيسا منه ذهبا ولحقا بالرشيد فحدثاه فقال ما أبالي ما صنع بعد هذا فبينا العمري في المسعى إذا بالرشيد يسعى على دابة فعرض له العمري فأخذ بلجامه فأهووا إليه فكفهم الرشيد وكلمة فرأيت دموع الرشيد تسيل قال يحيى بن أيوب العابد حدثني بعض أصحابنا قال كتب مالك إلى العمري إنك ب*** فلو كنت عند مسجد رسول الله فكتب إني أكره مجاورة مثلك إن الله لم يرك متغير الوجه فيه ساعة قط قلت هذا على سبيل المبالغة في الوعظ وإلا فمالك من أقول العلماء بالحق ومن أشدهم تغيرا في رؤية المنكر وأما العمري فما علمت به بأسا وقد وثقه النسائي أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة عن عبد الرحيم بن محمد أخبرنا أبو علي المقرئ أخبرنا أبو نعيم الحافظ حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا موسى بن محمد بن كثير السريني حدثنا عبد الملك الجدي حدثنا عبد الله بن عبد العزيز العمري عن أبي طوالة عن أنس رضي الله عنه عن النبي قال الزبانية أسرع إلى فسقة القرآن منهم إلى عبدة الأوثان فيقولون يبدأ بنا قبل عبدة الأوثان فيقال ليس من علم كمن لا يعلم غريب منكر ولا أعرف موسى هذا قال مصعب الزبيري مات العمري سنة أربع وثمانين ومئة وله ست وستون سنة رحمه الله تعالى
الفضيل بن عياض
الفضيل بن عياض ( خ م د س ت ) ابن مسعود بن بشر الإمام القدوة الثبت شيخ الإسلام أبو علي التميمي اليربوعي الخراساني المجاور بحرم الله ولد بسمرقند ونشأ بأبيورد وارتحل في طلب العلم فكتب بالكوفة عن منصور والأعمش وبيان بن بشر وحصين بن عبد الرحمن وليث وعطاء بن السائب وصفوان بن سليم وعبد العزيز بن رفيع وأبي إسحاق الشيباني ويحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن حسان وابن أبي ليلى ومجالد وأشعث بن سوار وجعفر الصادق وحميد الطويل وخلق سواهم من الكوفيين والحجازيين حدث عنه ابن المبارك ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وابن عيينة والأصمعي وعبد الرزاق وعبد الرحمن بن مهدي ابن هلال شيخ واسطي وحسين الجعفي وأسد السنة والشافعي وأحمد بن يونس ويحيى بن يحيى التميمي وابن وهب ومسدد وقتيبة وبشر الحافي والسري بن مغلس السقطي وأحمد بن المقدام وعبيدالله القواريري ومحمد بن زنبور المكي ولوين ومحمد بن يحيى العدني والحميدي وعبد الصمد بن يزيد مروديه وعبدة بن عبد الرحيم المروزي ومحمد بن أبي السري العسقلاني ومحمد بن قدامة المصيصي ويحيى بن أيوب المقابري وخلق كثير آخرهم موتا الحسين ابن داود البلخي وروى عنه سفيان الثوري أجل شيوخه وبينهما في الموت مئةوأربعون عاما وروى عنه سفيان الثوري أجل شيوخه وبينهما في الموت مئة وأربعون عاما قال أبو عمار الحسين بن حريث عن الفضل بن موسى قال كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس وكان سبب توبته أنه عشق جارية فبينا هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع تاليا يتلو " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم " فلما سمعها قال بلى يا رب قد آن فرجع فآواه الليل إلى خربة فإذا فيها سابلة فقال بعضهم نرحل وقال بعضهم حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا قال ففكرت وقلت أنا أسعى بالليل في المعاصي وقوم من المسلمين ها هنا يخافوني وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع اللهم إني قد تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام وقال إبراهيم بن محمد الشافعي سمعت سفيان بن عيينة يقول فضيل ثقة وقال أبو عبيد قال ابن مهدي فضيل رجل صالح ولم يكن بحافظ وقال العجلي كوفي ثقة متعبد رجل صالح سكن مكة وقال محمد بن عبد الله بن عمار ليت فضيلا كان يحدثك بما يعرف قيل لابن عمار ترى حديثه حجة قال سبحان الله وقال أبو حاتم صدوق وقال النسائي ثقة مأمون رجل صالح وقال الدارقطني ثقة قال محمد بن سعد ولد بخراسان بكورة أبيورد وقدم الكوفة وهو كبير فسمع من منصور وغيره ثم تعبد وانتقل إلى مكة ونزلها إلى أن مات بها في أول سنة سبع وثمانين ومئة في خلافة هارون وكان ثقة نبيلا فاضلا عابدا ورعا كثير الحديث وقال أبو وهب محمد بن مزاحم سمعت ابن المبارك يقول رأيت أعبد الناس عبد العزيز بن أبي رواد وأورع الناس الفضيل بن عياض وأعلم الناس سفيان الثوري وأفقه الناس أبا حنيفة ما رأيت في الفقه مثله وروى إبراهيم بن شماس عن ابن المبارك قال ما بقي على ظهر الأرض عندي أفضل من الفضيل بن عياض قال نصر بن المغيرة البخاري سمعت إبراهيم بن شماس يقول رأيت أفقه الناس وأورع الناس وأحفظ الناس وكيعا والفضيل وابن المبارك وقال عبيد الله القواريري أفضل من رأيت من المشايخ بشر بن منصور وفضيل بن عياض وعون بن معمر وحمزة بن نجيح قلت عون وحمزة لا يكادان يعرفان وكانا عابدين قال النصر بن شميل سمعت الرشيد يقول ما رأيت في العلماء أهيب من مالك ولا أورع من الفضيل وروى أحمد بن أبي الحواري عن الهيثم بن جميل سمعت شريكا يقول لم يزل لكل قوم حجة في أهل زمانهم وإن فضيل بن عياض حجة لأهل زمانه فقام فتى من مجلس الهيثم فلما توارى قال الهيثم إن عاش هذا الفتى يكون حجة لأهل زمانه قيل من كان الفتى قال أحمد ابن حنبل قال عبد الصمد مردويه الصائغ قال لي ابن المبارك إن الفضيل بن عياض صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه فالفضيل ممن نفعه علمه وقال أبو بكر عبد الرحمن بن عفان سمعت ابن المبارك يقول لأبي مريم القاضي ما بقي في الحجاز أحد من الأبدال إلا فضيل بن عياض وابنه علي وعلي مقدم في الخوف وما بقي أحد في بلاد الشام إلا يوسف ابن أسباط وأبو معاوية الأسود وما بقي أحد بخراسان إلا شيخ حائك يقال له معدان قال أبو بكرالمقاريضي المذكرسمعت بشر بن الحارث يقول عشرة ممن كانوا يأكلون الحلال لا يدخلون بطونهم إلا حلالا ولو استفوا التراب والرماد قلت من هم يا أبا نصر قال سفيان وإبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض وابنه وسليمان الخواص ويوسف بن أسباط وأبو معاوية نجيح الخادم وحذيفة المرعشي وداود الطائي ووهيب بن الورد وقال إبراهيم بن الأشعث ما رأيت أحدا كان الله في صدره أعظم من الفضيل كان إذا ذكر الله أو ذكر عنده أو سمع القرآن ظهر به من الخوف والحزن وفاضت عيناه وبكى حتى يرحمه من يحضره وكان دائم الحزن شديد الفكرة ما رأيت رجلا يريد الله بعلمه وعمله وأخذه وعطائه ومنعه وبذله وبغضه وحبه وخصاله كلها غيره كنا إذا خرجنا معه في جنازة لا يزال يعظ ويذكر ويبكي كأنه مودع أصحابه ذاهب إلى الآخرة حتى يبلغ المقابر فيجلس مكانه بين الموتى من الحزن والبكاء حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها وقال عبد الصمد بن يزيد مردويه سمعت الفضيل يقول لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق وطلب الحلال فقال ابنه علي يا أبة إن الحلال عزيز قال يا بني وإن قليله عند الله كثير قال سري بن المغلس سمعت الفضيل يقول من خاف الله لم يضره أحد ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد وقال فيض بن إسحاق سمعت الفضيل بن عياض وسأله عبد الله ابن مالك يا أبا علي ما الخلاص مما نحن فيه قال أخبرني من أطاع الله هل تضره معصية أحد قال لا قال فمن يعصي الله هل تنفعه طاعة أحد قال لا قال هو الخلاص إن أردت الخلاص قال إبراهيم بن الأشعث سمعت الفضيل يقول رهبة العبد من الله على قدر علمه بالله وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة من عمل بما علم استغنى عما لايعلم ومن عمل بما علم وفقه الله لما لايعلم ومن ساء خلقه شان دينه وحسبه ومروءته وسمعته يقول أكذب الناس العائد في ذنبه وأجهل الناس المدل بحسناته وأعلم الناس بالله أخوفهم منه لن يكمل عبد حتى يؤثر دينه على شهوته ولن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه وقال محمد بن عبدوية سمعت الفضيل يقول ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعاقبك الله عنهما قال سلم بن عبد الله الخراساني سمعت الفضيل يقول إنما أمس مثل واليوم عمل وغدا أمل وقال فيض بن إسحاق قال الفضيل والله مايحل لك أن تؤذي كلبا والا خنزيرا بغير حق فكيف تؤذي مسلما وعن فضيل لايكون العبد من المتقين حتى يأمنه عدوه وعنه بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عندالله وبقدر ما يعظم عندك يصغر عندالله قال مخزر بن عون أتيت الفضيل بمكة فقال لي يا محرز وأنت أيضا مع أصحاب الحديث مافعل القرآن والله لو نزل حرف باليمن لقد كان ينبغي أن نذهب حتى نسمعه والله لأن تكون راعي الحمر وأنت مقيم على ما يحب الله خير لك من الطواف وأنت مقيم على مايكره الله المفضل الجندي حدثنا إسحاق بن إبراهيم الطبري قال مارأيت أحدا أخوف على نفسه ولا أرجى للناس من الفضيل كانت قراءته حزينة شهية بطيئة مترسلة كأنه يخاطب إنسانا وكان إذا مر بآيه فيها ذكر الجنة يردد فيها وسأل وكانت صلاته بالليل أكثر ذلك قاعدا يلقى له الحصير في مسجده فيصلي في أول الليل ساعة ثم تغلبه عينيه فيلقي نفسه على الحصير فينام قليلا ثم يقوم فإذا غلبه النوم نام ثم يقوم هكذا حتى يصبح وكان دأبه إذا نعس أن ينام ويقال أشد العبادة ما كان هكذا وكان صحيح الحديث صدوق اللسان شديد الهيبه للحديث إذا حدث وكان يثقل عليه الحديث جدا وربما قال لي لو أنك طلبت مني الدنانير كان أيسر علي من أن تطلب مني الحديث فقلت لو حدثتني بأحاديث فوائد ليست عندي كان أحب إلي من أن تهب لي عددها دنانير قال إنك مفتون أما والله لو عملت بما سمعت لكان لك في ذلك شغل عما لم تسمع سمعت سليمان بن مهران يقول إذا كان بين يديك طعام تأكله فتأخذ اللقمة فترمي بها خلف ظهرك متى تشبع أنبأنا أحمد بن سلامة عن أبي المكارم التيمي أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا الطبراني حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا أبو عمر الجرمي النحوي حدثنا الفضل بن الربيع قال حج أمير المؤمنين يعني هارون فقال لي ويحك قد حك في نفسي شيء فانظر لي رجلا أسأله فقلت ها هنا سفيان بن عيينة فقال امض بنا إليه فأتيناه فقرعت بابه فقال من ذا فقلت أجب أمير المؤمنين فخرج مسرعا فقال يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك فقال خذ لما جئتك له فحدثه ساعة ثم قال له عليك دين قال نعم فقال لي اقض دينه فلما خرجنا قال ما أغنى عني صاحبك شيئا قلت هاهنا عبد الرزاق قال امض بنا إليه فأتيناه فقرعت الباب فخرج وحادثه ساعة ثم قال عليك دين قال نعم قال أبا عباس اقض دينه فلما خرجنا قال ما أغنى عني صاحبك شيئا انظر لي رجلا أسأله قلت هاهنا الفضيل ابن عياض قال امض بنا إليه فأتيناه فإذا هو قائم يصلي يتلو آية يرددها فقال اقرع الباب فقرعت فقال من هذا قلت أجب أمير المؤمنين قال مالي ولأمير المؤمنين قلت سبحان الله أما عليك طاعة فنزل ففتح الباب ثم ارتقى إلى الغرفة فأطفأ السراج ثم التجأ إلى زاوية فدخلنا فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف هارون قبلي إليه فقال يا لها من كف ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله فقلت في نفسي ليكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب تقي فقال له خذ لما جئناك له رحمك الله فقال إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب ورجاء بن حيوة فقال لهم إني قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا علي فعد الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة فقال له سالم إن أردت النجاة فصم الدنيا وليكن إفطارك منها الموت وقال له ابن كعب إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن كبير المسلمين عندك أبا وأوسطهم أخا وأصغرهم ولدا فوقر أباك وأكرم أخاك وتحنن على ولدك وقال له رجاء إن أردت النجاة من عذاب الله فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك واكره لهم ماتكره لنفسك ثم مت إذا شئت وإني أقول لك هذا وإني أخاف عليك أشد الخوف يوما تزل فيه الأقدام فهل معك رحمك الله من يشير عليك بمثل هذا فبكى بكاء شديدا حتى غشي عليه فقلت له ارفق بأمير المؤمنين فقال يا ابن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا ثم أفاق فقال له زدني رحمك الله قلت بلغني أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شكي إليه فكتب إليه يا أخي أذكرك طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد وإياك أن ينصرف بك من عند الله فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم عيه فقال ما أقدمك قال خلعت قلبي بكتابك لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله فبكى هارون بكاء شديدا فقال يا أمير المؤمنين إن العباس عم النبي جاء إليه فقال أمرني فقال له إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة فإن استطعت أن لاتكون أميرا فافعل فبكى هارون وقال زدني قال يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار فافعل وإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك فإن النبي قال من أصبح لهم غاشا لم يرح رائحة الجنة فبكى هارون وقال له عليك دين قال نعم دين لربي لم يحاسبني عليه فالويل لي إن ساءلني والويل لي إن ناقشني والويل لي إن لم ألهم حجتي قال إنما أعني من دين العباد قال إن ربي لم يأمرني بهذا أمرني أن أصدق وعده وأطيع أمره فقال عزوجل " وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون " الآيات فقال هذه آلف دينار خذها فأنفقها على عيالك وتقو بها على عبادة ربك فقال سبحان الله أنا أدلك على طريق النجاة وأنت تكافئني بمثل هذا سلمك الله ووفقك ثم صمت فلم يكلمنا فخرجنا فقال هارون أبا عباس إذا دللتني فدلني على مثل هذا هذا سيد المسلمين فدخلت عليه امرأة من نسائه فقالت قد ترى ما نحن فيه من الضيق فلو قبلت هذا المال قال إنما مثلي ومثلكم كمثل قوم لهم بعير يأكلون من كسبه فلما كبر نحروه فأكلوا لحمه فلما سمع هارون هذا الكلام قال ندخل فعسى أن يقبل المال فلما علم الفضيل خرج فجلس في السطح على باب الغرفة فجاء هارون فجلس إلى جنبه فجعل يكلمه فلا يجيبه فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء فقالت يا هذا قد آذيت الشيخ منذ الليلة فانصرف فانصرفنا حكاية عجيبة والغلابي غير ثقة وقد رواها غيره أخبرتنا عائشة بنت عيسى
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)