ومن هذه الأمنيات التي يتمناها المرء بعد الموت :
1- أن يعود إلى أهله ليبشرهم بمقعده في الجنة .
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ: \"خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جَِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ ، وَلَمَّا يُلْحَدُ ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ ، وَكَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِنَا الطَّيْرَ ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الأَرْضِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : اسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، مَرَّتَيْنِ ، أَوْ ثَلاَثًا ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا ، وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلاَئِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ ، بِيضُ الْوُجُوهِ ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ ، فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ ، قَالَ : فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ ، فَيَأْخُذُهَا ، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا ، فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ، قَالَ : فَيَصْعَدُونَ بِهَا ، فَلاَ يَمُرُّونَ ، يَعْنِي بِهَا ، عَلَى مَلأٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ إِلاَّ قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ ؟ فَيَقُولُونَ : فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ ، فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَيَقُولُ اللهُ ، عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الأَرْضِ ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى ، قَالَ : فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولاَنَ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : رَبِّيَ اللهُ ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : دِينِيَ الإِسْلاَمُ ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : هُوَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : وَمَا عِلْمُكَ ؟ فَيَقُولُ : قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ ، فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ ، فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ : أَنْ صَدَقَ عَبْدِي ، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ ، قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا ، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ، قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ ، حَسَنُ الثِّيَابِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي. قَالَ : وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا ، وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ ، نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلاَئِكَةٌ ، سُودُ الْوُجُوهِ ، مَعَهُمُ الْمُسُوحُ ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ ، فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللهِ وَغَضَبٍ ، قَالَ : فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ ، فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ ، فَيَأْخُذُهَا ، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا ، فَلاَ يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلأٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ إِلاَّ قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ ؟ فَيَقُولُونَ : فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ ، بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ ، فَلاَ يُفْتَحُ لَهُ ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) ، فَيَقُولُ اللهُ ، عَزَّ وَجَلَّ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ ، فِي الأَرْضِ السُّفْلَى ، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ، ثُمَّ قَرَأَ : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) ، فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ ، هَاهْ ، لاَ أَدْرِي ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ ، هَاهْ ، لاَ أَدْرِي ، فَيَقُولاَنِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ ، هَاهْ ، لاَ أَدْرِي ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ : أَنْ كَذَبَ ، فَافْرِشُوا لَهُ مِنَ النَّارِ ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا ، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ ، حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاَعُهُ ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ ، قَبِيحُ الثِّيَابِ ، مُنْتِنُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ لاَ تُقِمِ السَّاعَةَ. أخرجه أحمد 4/287(18733) و \"أبو داود\" 3212 و\"ابن ماجة\" 1548 و\"النَّسائي\" 4/78 ، وفي \"الكبرى\" 2139 صحيح الترغيب والترهيب 3/219.

عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَأَلَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ عَنْ فَتَّانِي الْقَبْرِ ؟ فَقَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا ، فَإِذَا أُدْخِلَ الْمُؤْمِنُ قَبْرَهُ ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ ، جَاءَ مَلَكٌ شَدِيدُ الاِنْتِهَارِ ، فَيَقُولُ لَهُ : مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ؟ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : أَقُولُ: إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ وَعَبْدُهُ ، فَيَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ : انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ الَّذِي كَانَ فِي النَّارِ ، قَدْ أَنْجَاكَ اللهُ مِنْهُ ، وَأَبْدَلَكَ بِمَقْعَدِكَ الَّذِي تَرَى مِنْ النَّارِ مَقْعَدَكَ الَّذِي تَرَى مِنْ الْجَنَّةِ ، فَيَرَاهُمَا كِلاَهُمَا ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : دَعُونِي أُبَشِّرْ أَهْلِي ، فَيُقَالُ لَهُ : اسْكُنْ ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ ، فَيُقْعَدُ إِذَا تَوَلَّى عَنْهُ أَهْلُهُ ، فَيُقَالُ لَهُ : مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ؟ فَيَقُولُ : لاَ أَدْرِي ، أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ ، فَيُقَالُ لَهُ : لاَ دَرَيْتَ ، هَذَا مَقْعَدُكَ الَّذِي كَانَ لَكَ مِنْ الْجَنَّةِ ، قَدْ أُبْدِلْتَ مَكَانَهُ مَقْعَدَكَ مِنْ النَّارِ.قَالَ جَابِرٌ : فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ فِي الْقَبْرِ عَلَى مَا مَاتَ ، الْمُؤْمِنُ عَلَى إِيمَانِهِ ، وَالْمُنَافِقُ عَلَى نِفَاقِهِ.أخرجه أحمد 3/346(14779) الألباني في \" السلسلة الصحيحة \" 3 / 331 .

ولقد قص الله عز وجل علينا قصة صاحب (يـس) الذي كان حريصا على هداية قومه، إلا أنهم قتلوه وهو يدعوهم إلى الإيمان بالله ورسله، فلما عاين كرامة الله عز وجل له وفوزه بالجنة، تمنى أن يعلم قومه بذلك كي يؤمنوا ، فقال تعالى في شأنه : \" قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ\" [يس: 26-27]، أي تمنى أن قومه الذين حاربوا دين الله، ورفضوا الاستجابة لأوامر الله؛ أن يعلموا ماذا أعطاه الله من نعيم وثواب جزيل.

2- أن يعود إلى الدنيا ليصلي ولو ركعتين.
حينما يعاين الميت وهو في قبره ثواب الصلاة، فإنه يتمنى أن يعود الدنيا حتى يصلي ولو ركعتين لله رب العالمين , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرٍ، فَقَالَ:\"مَنْ صَاحِبُ هَذَا الْقَبْرِ؟\"فَقَالُوا: فُلانٌ، فَقَالَ:\"رَكْعَتَانِ أَحَبُّ إِلَى هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ\".
- وفي رواية : \" ركعتان خفيفتان مما تحقرون و تنفلون يزيدهما هذا - يشير إلى قبر - في عمله أحب إليه من بقية دنياكم \" .قال المنذري في \" الترغيب \" ( 1 / 146 ) : \" رواه الطبراني بإسناد حسن \" و قال الهيثمي ( 2 / 249 ) : \" و رجاله ثقات \" .الألباني : \" السلسلة الصحيحة \" 3 / 377.
وعَنْ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : مَرَرْت مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى قَبْرٍ دُفِنَ حَدِيثًا ، فَقَالَ : لَرَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ مِمَّا تَحْتَقِرُونَ زَادَهُمَا هَذا : أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ.مصنف ابن أبي شيبة 2/386.
قال الشاعر :
اغتنم في الفراغ فضل ركوع *** فعسى أن يكونَ موتك بغتة
كم صحيح رأيتَ من غير سُقم *** ذهبتْ نفسه الصحيحة فلتة

3- أن يعود إلى الدنيا ليكثر من أعمال الخير والبر.
يتمنى المرء بعد موته لو عاد إلى الدنيا مرة أخرى ليكثر من أعمال البر والخير والتصدق , قال تعالى : \" حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) سورة المؤمنون .
بل أن المقصر يتأسف على تقصيره في جنب الله تعالى , ويود لو عاد به الأمر حتى يكون من المحسنين , قال تعالى : \" أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58) سورة الزمر .
يتمنى لو عاد إلى الحياة حتى يتصدق وينفق ماله في سبيل الله تعالى قال سبحانه : \" وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) سورة المنافقون.

وكان الربيع بن خثيم قد حفر في داره قبرًا، فكان إذا وجد في قلبه قساوة دخل فاضطجع، ومكث ما شاء الله، ثم يقول: \" قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) سورة المؤمنون . يرددها ، ثم يرد على نفسه: يا ربيع! قد رجعتَ فاعمل.
قال إبراهيم بن يزيد العبدي رحمه الله تعالى: أتاني رياح القيسي فقال: يا أبا إسحاق انطلق بنا إلى أهل الآخرة نُحدثُ بقربهم عهدا، فانطلقت معه فأتى المقابر، فجلسنا إلى بعض تلك القبور، فقال: يا أبا إسحاق ما ترى هذا متمنيا لو مُنِّ ؟ (أي لو قيل له تمنى) قلت: أن يُردَّ - والله - إلى الدنيا، فيستمتعْ من طاعة الله وُيصلح، قال: ها نحن في الدنيا، فلنطع الله ولنصلح، ثم نهض فجدَّ واجتهد، فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات رحمه الله تعالى .

وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يجمع العلماء فيتذكرون الموت والقيامة والآخرة، فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة!!.
وكان أبو العالية رفيع بن مهران قد أعدَّ لنفسه كفنًا، وكان يلبس كفنه كل شهر مرة ثم يرده إلى مكانه، ولقد أوصى سبع عشرة مرة وهو صحيح معافى. وكان يحدد لكل وصية أجلا؛ فإذا جاء أجلها نظر فيها.. فإما أنْ يعدلها، وإما أنْ يبدلها، وإما أنْ يمضيها.