20:
كارلايل(1)
[ 1 ]
".. هل رأيتم قط .. أن رجلاً كاذبًا يستطيع أن يوجد دينًا عجبًا.. إنه لا يقدر أن يبني بيتًا من الطوب! فهو إذًا لم يكن عليمًا بخصائص الجير والجص والتراب وما شاكل ذلك فما ذلك الذي يبنيه ببيت وإنما هو تل من الأنقاض وكثيب من أخلاط المواد، وليس جديرًا أن يبقى على دعائمه اثني عشر قرنًا يسكنه مائتا مليون من الأنفس، ولكنه جدير أن تنهار أركانه فينهدم فكأنه لم يكن. وإني لأعلم أن على المرء أن يسير في جميع أموره طبق قوانين الطبيعة وإلا أبت أن تجيب طلبته.. كذب ما يذيعه أولئك الكفار وإن زخرفوه حتى تخيّلوه حقًا.. ومحنة أن ينخدع الناس شعوبًا وأممًا بهذه الأضاليل.."(2).
[ 2 ]
".. إن [محمدًا صلى الله عليه وسلم] لم يتلق دروسًا على أستاذ أبدًا وكانت صناعة الخطّ حديثة العهد آنذاك في بلاد العرب، ويظهر لي أن الحقيقة هي أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] لم يكن يعرف الخط والقراءة، وكل ما تعلم هو عيشة الصحراء وأحوالها وكل ما وفق إلى معرفته هو ما أمكنه أن يشاهده بعينيه ويتلقى بفؤاده من هذا الكون العديم النهاية.. أنه لم يعرف من العالم ولا من علومه إلا ما تيسّر له أن يبصره بنفسه أو يصل إلى سمعه في ظلمات صحراء العرب، ولم يضره.. أنه لم يعرف علوم العالم لا قديمها ولا حديثها لأنه كان بنفسه غنيًا عن كل ذلك. ولم يقتبس محمد [صلى الله عليه وسلم] من نور أي إنسان آخر ولم يغترف من مناهل غيره ولم يك في جميع أشباهه من الأنبياء والعظماء – أولئك الذين أشبههم بالمصابيح الهادية في ظلمات الدهور – من كان بين محمد [صلى الله عليه وسلم] وبينه أدنى صلة وإنما نشأ وعاش وحده في أحشاء الصحراء.. بين الطبيعة وبين أفكاره"(3).
[ 3 ]
"لوحظ على محمد [صلى الله عليه وسلم] منذ [صباه] أنه كان شابًا مفكرًا وقد سمّاه رفقاؤه الأمين – رجل الصدق والوفاء – الصدق في أفعاله وأقواله وأفكاره. وقد لاحظوا أنه ما من كلمة تخرج من فيه إلا وفيها حكمة بليغة. وإني لأعرف عنه أنه كان كثير الصمت يسكت حيث لا موجب للكلام، فإذا نطق فما شئت من لبّ.. وقد رأيناه طول حياته رجلاً راسخ المبدأ صارم العزم بعيد الهم كريمًا برًّا رؤوفًا تقيًا فاضلاً حرًا، رجلاً شديد الجدّ مخلصًا، وهو مع ذلك سهل الجانب لين العريكة، جمّ البشر والطلاقة حميد العشرة حلو الإيناس، بل ربما مازح وداعب، وكان على العموم تضيء وجهه ابتسامة مشرقة من فؤاد صادق.. وكان ذكي اللب، شهم الفؤاد.. عظيمًا بفطرته، لم تثقفه مدرسة ولا هذبه معلم وهو غني عن ذلك.. فأدى عمله في الحياة وحده في أعماق الصحراء"(4).
[ 4 ]
".. ومما يبطل دعوى القائلين أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] لم يكن صادقًا في رسالته.. أنه قضى عنفوان شبابه وحرارة صباه في تلك العيشة الهادئة المطمئنة [مع خديجة رضي الله عنها] لم يحاول أثناءها إحداث ضجة ولا دوي، مما يكون وراءه ذكر وشهرة وجاه وسلطة.. ولم يكن إلا بعد أن ذهب الشباب وأقبل المشيب أن فار بصدره ذلك البركان الذي كان هاجعًا وثار يريد أمرًا جليلاً وشأنًا عظيمًا"(5).
[ 5 ]
".. لقد كان في فؤاد ذلك الرجل الكبير [صلى الله عليه وسلم] ابن القفار والفوات العظيم النفس، المملوء رحمة وخيرًا وحنانًا وبرًا وحكمة وحجى ونهى، أفكار غير الطمع الدنيوي، ونوايا خلاف طلب السلطة والجاه. وكيف وتلك نفس صامتة كبيرة ورجل من الذين لا يمكنهم إلا أن يكونوا مخلصين جادين ؟ فبينما نرى آخرين يرضون بالاصطلاحات الكاذبة ويسيرون طبق اعتبارات باطلة. إذ ترى محمدًا [صلى الله عليه وسلم] لم يرض أن يلتفع بالأكاذيب والأباطيل. لقد كان منفردًا بنفسه العظيمة وبحقائق الأمور والكائنات، لقد كان سرّ الوجود يسطع لعينيه بأهواله ومخاوفه ومباهره، ولم يكن هنالك من الأباطيل ما يحجب ذلك عنه، فكأنه لسان حال ذلك السرّ يناجيه: هاآنذا، فمثل هذا الإخلاص لا يخلو من معنى إلهي مقدس، وما كلمة مثل هذا الرجل إلا صوت خارج من صميم قلب الطبيعة، فإذا تكلم فكل الآذان برغمها صاغية وكل القلوب واعية. وكل كلام ما عدا ذلك هباء وكل قول جفاء.."(6).
[ 6 ]
"إني لأحب محمدًا [صلى الله عليه وسلم] لبراءة طبعه من الرأي والتصنّع. ولقد كان ابن القفار هذا رجلاً مستقل الرأي لا يعول إلا على نفسه ولا يدعي ما ليس فيه ولم يكن متكبرًا ولكنه لم يكن ذليلاً، فهو قائم في ثوبه المرقع كما أوجده الله وكما أراده، يخاطب بقوله الحرّ المبين قياصرة الروم وأكاسرة العجم يرشدهم إلى ما يجب عليهم لهذه الحياة وللحياة الآخرة. وكان يعرف لنفسه قدرها.. وكان رجلاً ماضي العزم لا يؤخر عمل اليوم إلى غد.."(7).
---------------------------
(1) توماس كارلايل ( 1795 – 1881 ) Th. Carlyle
الكاتب الإنجليزي المعروف.
من آثاره: (الأبطال) (1940)، وقد عقد فيه فصلاً رائعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، (الثورة الفرنسية).. إلخ.
(2) الأبطال ، ص 43 .
(3) نفسه ، ص 5 .
(4) نفسه ، ص 50 – 51 .
(5) نفسه ، ص 51 .
(6) نفسه ، ص 51 – 52 .
(7) نفسه ، ص 64 .
يا خير من دفنت في الترب أعظمه *** فطاب من طيبهـن القـاع والأكـم
نفسي الـفـداء لـقبـر أنـت ساكـنـه *** فيه العفاف وفيـه الجـود والكـرم
21:
كاهن(1)
[ 1 ]
"اصطبغت شخصية محمد [صلى الله عليه وسلم] بصبغة تاريخية قد لا تجدها عند أي مؤسس آخر من مؤسسي الديانات الكبرى"(2).
[ 2 ]
"يبدو للمؤرخ المنصف أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] كان في عداد الشخصيات النبيلة السامية التي سعت في كثير من الحماس والإخلاص إلى النهوض بالبيئة التي عاش فيها أخلاقيًا وفكريًا، كما استطاع في الوقت نفسه أن يكيف رسالته حسب طباع الناس وتقاليدهم بمزيد من الفهم والتنظيم بحيث كفل البقاء والخلود للرسالة التي بشر بها. وحتم علينا أن نلقى محمدًا [صلى الله عليه وسلم] بعواطف الإجلال والاحترام لما تحلى به من سمو الإلهام ومن قدرة على تذليل العقبات الإنسانية عامة والتغلب على مصاعبه الشخصية خاصة. وربما أثارت فينا بعض جوانب حياته شيئًا من الارتباك تبعًا لعقليتنا المعاصرة. فقد أكدت المهاترات على شهوات الرسول [صلى الله عليه وسلم] الدنيوية وألمحت إلى زوجاته التسع اللائي اتخذهن بعد وفاة خديجة [رضي الله عنه]. لكن الثابت أن معظم هذه الصلات الزوجية قد طبعت بطابع سياسي، وأنها استهدفت الحصول على ولاء بعض الأشراف وبعض الأفخاذ. ثم إن العقلية العربية تقرّ الإنسان إذا استخدم طبيعته على نحو ما خلقها الله"(3).
[ 3 ]
".. الحق أننا نتجاوز النقد العلمي الصحيح إذا نحن أنكرنا على كل حديث صحته أو قدمه. ولقد باشر العلماء بمثل هذا التمحيص منذ عهد بعيد فوجدوا أن التحريف أو التلفيق قد لا يعمّان على نسق واحد واستندوا في ذلك إلى بعض الأحاديث التي يمكن اعتبارها سابقة أو حجة يعتد بها. بمعنى أن الموقف النقدي مفروض على الباحث المنصف. وفقهاء المسلمين أنفسهم هم قدوة لنا في هذا المضمار لأنهم – على طريقتهم – قد التزموا بذلك الموقف منذ العصر الوسيط"(4).
---------------------------
(1) كلود كاهن Cl. Cahen
ولد عام 1909، وتخرج باللغات الشرقية من السوربون ومدرسة اللغات الشرقية ومدرسة المعلمين العليا، وعين محاضرًا في مدرسة اللغات الشرقية في باريس (1938)، وأستاذًا لتاريخ الإسلام في كلية الآداب بجامعة ستراسبورغ (1945)، وفي جامعة باريس.
من آثاره: عدد كبير من الدراسات والأبحاث في المجلات الشهيرة، وحقق العديد من النصوص التاريخية المهمة، كما أنجز عددًا من المؤلفات عن الحروب الصليبية.
(2) تاريخ العرب والشعوب الإسلامية ، 1 / 14 .
(3) نفسه ، 1 / 18 .
(4) نفسه ، 1 / 95 .
هاملتون كب
[ 1 ]
".. اقتضى الأمر نشوء علم جديد غايته جمع الحديث ونقده وتصنيفه وتنسيقه والحصول في النهاية – بقدر الإمكان – على مجموعة متفق عليها يتقبلها الجميع. وقد استأثرت هذه المهمة بالكثير من طاقات الفقهاء والعلماء في القرن الثالث، ولكن القائمين عليها أحرزوا نجاحًا حتى أصبح حديث الرسول [صلى الله عليه وسلم] يعتبر مرجعًا ثانيًا معتمدًا للفقه والعقيدة"(1).
[ 2 ]
".. يكاد يكون من المؤكد أن الآراء التي تعبر عنها الأحاديث [التي تم جمعها في القرن الثالث] تمثل تعاليم القرآن ومبادئه الخلقية تمثيلاً صادقًا"(2).
[ 3 ]
"إن بدايات التاريخ العلمي بالعربية تقترن بدراسة سيرة الرسول [صلى الله عليه وسلم] ودراسة أعماله. وعليه فإننا نجد مصدر هذه الدراسة في جمع الحديث النبوي وبخاصة الأحاديث المتعلقة بمغازي الرسول [صلى الله عليه وسلم]. وكان موطن هذه الدراسة هو المدنية.. ويفسر لنا ارتباط المغازي بالحديث، هذا الارتباط الذي ترك طابعًا لا يمحى في المنهج التاريخي باستخدام هذا المنهج للإسناد، ما طرأ من تغير هائل ظهر منذ هذه اللحظة في طبيعة الأخبار التاريخية عند العرب، ودقتها المؤسسة على النقد. ويمكننا أن نشعر لأول مرة بأننا نستند إلى أساس تاريخي قويم حتى وإن اعترفنا بوجود بعض العناصر المشكوك فيها في أخبار الفترتين، المدنية والمكية، من حياة الرسول [صلى الله عليه وسلم]"(3).
[ 4 ]
"ومهما نقل في قوة النزعة الإسلامية نحو محمد [صلى الله عليه وسلم] وفي آثارها فإنا لا نوصف بالغلو. فقد كان إجلال الرسول [صلى الله عليه وسلم] شعورًا طبيعيًا محتومًا في عصره وفيما بعده، غير أن ما نومئ إليه شيء يتجاوز الإجلال. فإن العلاقات الشخصية من الإعجاب والحب اللذين بعثهما في نفوس صحابته ظل صداها يتردد خلال القرآن، والفضل في ذلك يعود إلى الوسائل التي أقرّتها الأمة لتستثير بهما مجددين في كل جيل"(4).
[ 5 ]
".. لولا الحديث لأصبح [لمحمد صلى الله عليه وسلم] في أقل تقدير صورة معممة – إن لم نقل بعيدة – في أصولها التاريخية والدينية. أما الحديث فقد صور وجوده الإنساني في مجموعة وفيرة من التفصيلات الحية المحسوسة، وبذلك قدم للمسلمين حين ربط بين المسلمين وبين نبيهم بنفسه الروابط الذاتية الوثيقة التي كانت تصله بأصحابه الأولين، وهي روابط نمت على مر القرون وكانت أقوى من أن تصاب بالضعف. ولم يصبح شخص محمد [صلى الله عليه وسلم] أبدًا ذا صبغة مرسومة مقررة، ويكاد لا يكون من الغلو أن نقول إن حرارة ذلك الشعور الشخصي نحو الرسول الحبيب [صلى الله عليه وسلم] كانت أبدًا أقوى عنصر حيوي في دين الجماهير الإسلامية أو كانت كذلك بين أهل السنة، على الأقل"(5).
".. ما تزال الاحتفالات العائلية تختم بأدعية وأناشيد في تمجيد الرسول [صلى الله عليه وسلم] وكل الأمة تراعيها وتشهدها بحماسة في ذلك اليوم المجيد، يوم مولد النبي [صلى الله عليه وسلم] في الثاني عشر من شهر ربيع الأول. هنالك ترى المجددين والمقلدين والصوفية والسلفية والعلماء وأفراد الجمهور يلتقون جميعًا معًا على بقعة واحدة، وقد يكون بين نزعاتهم العقلية تنوع واسع متباين، ولكنهم جميعًا وحدة متآلفة في إخلاصهم وحبهم محمد [صلى الله عليه وسلم]"(6).
---------------------------
(1) دراسات في حضارة الإسلام ، ص 20 .
(2) نفسه ، ص 21 .
(3) نفسه ، ص 147 .
(4) نفسه ، ص 257 .
(5) نفسه ، ص 257 – 258 .
(6) نفسه ، ص 259 .
يا خير من دفنت في الترب أعظمه *** فطاب من طيبهـن القـاع والأكـم
نفسي الـفـداء لـقبـر أنـت ساكـنـه *** فيه العفاف وفيـه الجـود والكـرم
22:
".. هذه هي مدينة الرسول [صلى الله عليه وسلم].. تعيد إلى نفسي ذكرى جهوده في سبيل لا إله إلا الله، وتلقي في روعي صبره على المكاره واحتماله للأذى في سبيل الوحدانية الإلهية"(1).
ايقلين كوبولد
[ 1 ]
[ 2 ]"كان العرب قبل محمد [صلى الله عليه وسلم] أمة لا شأن لها ولا أهمية لقبائلها ولا لجماعتها، فلما جاء محمد [صلى الله عليه وسلم] بعث هذه الأمة بعثًا جديدًا يصح أن يكون أقرب إلى المعجزات فغلبت العالم وحكمت فيه آجالاً وآجالاً.."(2).
[ 3 ]".. لعمري، ليجدن المرء في نفسه، ما تقدم إلى قبر [الرسول صلى الله عليه وسلم] روعة ما يستطيع لها تفسيرًا، وهي روعة تملأ النفس اضطرابًا وذهولاً ورجاء وخوفًا وأملاً، ذلك أنه أمام نبي مرسل وعبقري عظيم لم تلد مثله البطون حتى اليوم.. إن العظمة والعبقرية يهزان القلوب ويثيران الأفئدة فما بالك بالعظمة إذا انتظمت مع النبوة، وما بالك بها وقد راحت تضحي بكل شيء في الحياة في سبيل الإنسانية وخير البشرية"(3).
[ 5 ]"لقد استطاع النبي [صلى الله عليه وسلم] القيام بالمعجزات والعجائب، لَمّا تمكن من حمل هذه الأمة العربية الشديدة العنيدة على نبذ الأصنام وقبول الوحدانية الإلهية.. لقد وفّق إلى خلق العرب خلقًا جديدًا ونقلهم من الظلمات إلى النور"(4).
[ 6 ]"مع أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] كان سيد الجزيرة العربية.. فإنه لم يفكر في الألقاب، ولا راح يعمل لاستثمارها، بل ظل على حاله مكتفيًا بأنه رسول الله، وأنه خادم المسلمين، ينظف بيته بنفسه ويصلح حذاءه بيده، كريمًا بارًا كأنه الريح السارية، لا يقصده فقير أو بائس إلا تفضل عليه بما لديه، وما لديه كان في أكثر الأحايين قليلاً لا يكاد يكفيه"(5).
---------------------------
(1) البحث عن الله ، ص 39 – 40 .
(2) نفسه ، ص 51 .
(3) نفسه ، ص 52 .
(4) نفسه ، ص 66 – 67 .
(5) نفسه ، ص 67 .
كولد تسيهر(1)".. إن محمدًا قد بشر بمذهبه للمرة الأولى بحماس لم يفترا ولم تعوزه المثابرة، وبعقيدة ثابتة بأن هذا المذهب يحقق صالح الجماعة الخاصة، وقد كان في ذلك كله مظهرًا لإنكار الذات برغم سخرية الجمهور"(2).
[ 1 ]
[ 2 ]".. الحق، أن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] كان بلا شك أول مصلح حقيقي في الشعب العربي من الوجهة التاريخية"(3).
[ 3 ]"في هذا العصر نرى النبي [صلى الله عليه وسلم] يستخدم حنكته المفكرة ورويته الدقيقة وتبصره العالمي، في مقاومة خصومه الذين شرعوا في معارضة مقاصده وغاياته في داخل موطنه وخارجه"(4).
---------------------------
(1) كولد تسيهر (1850-1921م) Y. Gldziher
تخرج باللغات السامية على كبار أساتذتها في بودابست وليبزج وبرلين وليدن. ولما نبه ذكره عين أستاذًا محاضرًا في كلية العلوم بجامعة بودابست (1873) ثم أستاذ كرسي (1906). رحل إلى عدد من البلدان العربية وتضلع بالعربية على شيوخ الأزهر. انتخب عضوًا في عدد من المجامع العلمية وحضر عددًا من المؤتمرات الاستشراقية.
من آثاره: كتب سيلاً من المقالات والأبحاث في المجلات الآسيوية والغربية بأكثر من لغة. وكتاب (العقيدة والشريعة في الإسلام) (باريس 1920)، و(درس في الإسلام) في جزأين كبيرين. كما حقق العديد من النصوص القديمة.
(2) العقيدة والشريعة في الإسلام ، ص 12 – 13 .
(3) نفسه ، ص 13 .
(4) نفسه ، ص 21 – 22 .
يا خير من دفنت في الترب أعظمه *** فطاب من طيبهـن القـاع والأكـم
نفسي الـفـداء لـقبـر أنـت ساكـنـه *** فيه العفاف وفيـه الجـود والكـرم
23:
عبد الله لويليام
[ 1 ]
"كان محمد [صلى الله عليه وسلم] على أعظم ما يكون من كريم الطباع وشريف الأخلاق ومنتهى الحياء وشدة الإحساس.. وكان حائزًا لقوة إدراك عجيبة وذكاء مفرط وعواطف رقيقة شريفة. وكان على خلق عظيم وشيم مرضية مطبوعًا على الإحساس.."(1).
[ 2 ]
".. إن بعض كتاب هذا العصر الحاضر كادوا أن يعرفوا بأن الطعن والقدح والشتم والسب ليس بالحجة ولا البرهان فسلموا بذكر كثير من صفات النبي [صلى الله عليه وسلم] السامية وجليل أعماله الفاخرة.."(2).
[ 3 ]
".. ما اهتدى مئات الملايين إلى الإسلام إلا ببركة محمد [صلى الله عليه وسلم] الذي علمهم الركوع والسجود لله وأبقى لهم دستورًا لن يضلوا بعده أبدًا وهو القرآن الجامع لمصالح دنياهم ولخير أخراهم.."(3).
[ 4 ]
"لما شرف محمد [صلى الله عليه وسلم] ساحة عالم الشهود بوجوده الذي هو الواسطة العظمى والوسيلة الكبرى إلى اعتلاء النوع الإنساني وترقيه في درجات المدنية أكمل ما يحتاجه البشر من اللوازم الضرورية على نهج مشروع وأوصل الخلق إلى أقصى مراتب السعادة بسرعة خارقة. ومن نظر بعين البصيرة في حال الأنام قبله عليه الصلاة والسلام وما كانوا عليه من الضلالة.. ونظر في حالهم بعد ذلك وما حصل لهم في عصره من الترقّي العظيم رأى بين الحالين فرقًا عظيمًا كما بين الثريا والثرى"(4).
[ 5 ]
".. امتدت أنوار المدنية بعد محمد [صلى الله عليه وسلم] في قليل من الزمان ساطعة في أقطار الأرض من المشرق إلى المغرب حتى إن وصول أتباعه في ذلك الزمن اليسير إلى تلك المرتبة العلية من المدنية قد حيّر عقول أولي الألباب. وما السبب في ذلك إلا كون أوامره ونواهيه موافقة لموجب العقل ومطابقة لمقتضى الحكمة"(5).
---------------------------
(1) العقيدة الإسلامية ، ص 96 – 97 .
(2) نفسه ، ص 113 – 114 .
(3) نفسه ، ص 38 (عن لوزون في خطبته المذكورة ).
(4) أحسن الأجوبة عن سؤال أحد علماء أوروبا ، ص 21 – 22 .
(5) نفسه ، ص 22- 23 .
يا خير من دفنت في الترب أعظمه *** فطاب من طيبهـن القـاع والأكـم
نفسي الـفـداء لـقبـر أنـت ساكـنـه *** فيه العفاف وفيـه الجـود والكـرم
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 11 (0 من الأعضاء و 11 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)