قالت صحيفة أميركية إن جهود الحكومة الأميركية لخفض الموازنة تواجه حقيقة مرة، هي أن هناك فردا على الأقل في كل أسرة من نصف الأسر الأميركية يتلقى نوعا من المعونة من الحكومة الاتحادية، وهو أعلى معدل في تاريخ الولايات المتحدة.

يضاف إلى ذلك أن نسبة الأسر المعفاة من ضريبة الدخل زادت إلى 45% في 2010 من نحو 39% قبل خمسة أعوام, طبقا لمركز سياسات الضرائب وهو مؤسسة بحثية غير حزبية.

فأكثر بقليل من نصف الأسر لا تحقق من الدخول ما يستوجب الضرائب.

ويقول كيف هينيسي الذي عمل خبيرا اقتصاديا للرئيس السابق جورج دبليو بوش ويعمل الآن زميلا لمعهد هوفر إن عددا كبيرا جدا من الأميركيين يتلقون مساعدات حكومية.

أمة تعيش على المخصصات
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير بعنوان "العقبة أمام خفض العجز: أمة تعيش على المخصصات الحكومية" إن أبعاد العجز الذي تعاني منه الموازنة الأميركية كانت واضحة يوم الاثنين الماضي عندما أعلنت وزارة الخزانة أن حجم العجز وصل إلى 1.26 تريليون دولار في الأشهر الـ11 الأولى من العام المالي الحالي, ومن المتوقع أن يصل إلى ثاني أعلى مستوى له على الإطلاق نهاية العام الحالي.


وإلى عهد قريب وبالتحديد في بداية ثمانينيات القرن الماضي كان نحو 30% من الأميركيين يعيشون في أسر كان على الأقل فرد واحد فيها يتلقى معونة اجتماعية أو معونة للسكن أو معونة للبطالة أو أي إعانة حكومية أخرى. وفي الربع الثالث من عام 2008 ارتفعت النسبة إلى 44%، وذلك بحسب أحدث إحصاءات لمكتب الإحصاء الاتحادي.
ولا شك في أن الرقم قد ارتفع منذ ذلك الحين.

وفي يونيو/حزيران 2010 ارتفع عدد الذين يتلقون "كوبونات" الطعام ضمن برنامج الغذاء الاتحادي الأميركي إلى 41.3 مليونا بزيادة بنسبة 45% من نفس الشهر من 2008.

ومع ارتفاع معدل البطالة فإن 9.7 ملايين عاطل كانوا يتلقون إعانات حكومية في نهاية الشهر الماضي أي ضعف العدد الذي وصل إلى 4.2 ملايين في أغسطس/آب 2008.

ومن المتوقع أن يزداد العدد إلى 19 مليونا بحلول عام 2019، بحسب مكتب الموازنة بالكونغرس الأميركي.

شرط أساسي
وتقول وول ستريت جورنال إن الكثيرين يرون أن خفض المعونات الحكومية شرط أساسي في أي إجراءات تستهدف خفض عجز الموازنة. فقد تزايد دون توقف دعم الحكومة للأسر على مدى أكثر من 70 سنة.


ومما يزيد من عدد المتلقين للدعم الحكومي زيادة عدد الذين يشيخون في المجتمع. واليوم هناك 47.4 مليونا من الأميركيين، مسجلون في برنامج الرعاية الصحية (ميديكير) بزيادة بنسبة 38% عن عام 1990 ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 80.4 مليونا بحلول عام 2030.

وقالت وول ستريت إن المساعدات التي تقدمها الحكومة الأميركية للأفراد بما فيها جميع برامج المعونات إضافة إلى المعاشات للعاملين بالحكومة الأميركية ستصل هذا العام إلى 2.4 تريليون دولار مما يمثل زيادة بنسبة 79% بالمقارنة مع عشر سنوات سابقة في وقت كان فيه الاقتصاد أقوى.

وهذه الأرقام تمثل 64.3% من كل نفقات الموازنة الاتحادية وهو أعلى مستوى في 70 سنة أي منذ بدء تسجيل مثل هذه الأرقام. فقد كان ذلك الرقم يمثل 46.7% فقط من الموازنة في 1990 و26.2% فقط في عام 1960.

في أوروبا
وعلى الضفة الأخرى من الأطلسي حيث كانت أوروبا أكثر سخاء فيما يتعلق بتقديم المعونات الحكومية للأسر والأفراد فإن الحكومات تعيد النظر في مثل هذه البرامج بسبب تضخم الموازنات.


وقد كانت أوروبا من الناحية التقليدية أسخى من الولايات المتحدة في تقديم المعونات الاجتماعية ومساعدات الأطفال بغض النظر عن الدخل. كما دأبت على توفير التعليم الجامعي المجاني والرعاية الصحية المجانية. كما أن برامجها الخاصة بالمعاشات تعتبر أكبر من مثيلاتها الأميركية.

وقد سعى الزعماء السياسيون في أوروبا في الأشهر الماضية لإقناع الناخبين بأنه يجب تغيير تلك السياسات لكنهم قوبلوا بمظاهرات غاضبة جابت عدة عواصم أوروبية ضد خطط خفض معاشات التقاعد.