الخاتمة:


الحقيقة واضحة ولا تحتاج لأدلة ولا براهينولا إحصائيات. لكن بيننا من يناقض نفسه وينكر ماهو أوضح من الشمس. نعم اليهود وصلوالما وصلوا إليه لأنهم تبنوا التميز المعرفي وقاموا باعتماده دستورا لأبنائهم. الأسماء الواردة أعلاه لم تصنع خلال يوم وليلة.. أصحاب هذه الأسماء تم إنشاؤهم بشكلصحيح. وتعرضوا لكثير من الصعوبات حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه. لم يولدوا وفيأفواههم ملاعق ذهبية. كلنا نعرف قصة إنشتاين وفشله في الرياضيات وأديسون وطرده منالمدرسة لأنه (غير قابل للتعلم) وغيرها من القصص. فلنتوقف عن خداع أنفسنا بأناليهود يسيطرون على العالم فقط لأنهم يهود. فقط لأن الغرب يحبهم.


اليهود امتلكوا العالم بعد دراسة وتخطيط ونظرة مستقبلية اقل ما نستطيعوصفه بها بأنها عبقرية. اليهود حددوا أهدافهم وعلى رأسها التميز المعرفي. القدرةعلى خلق المعرفة واكتشافها واختراعها. ثم التفضل بنشرها للغير والاحتفاظ بحقالأسبقية وشرف إنارة الطريق أمام العالم. اليهود سادة العالم في الإقتصاد والطبوالتقنية والإعلام. تحدثت في السطر السابق عن "حب" الغرب لليهود. فهل لاحظنا أنأشهر الكوميديين الغربيين يهود؟ حتى في الإضحاك تميزوا.


فأين نحن منهذا كله؟ من السهل أن تقرأ أسطري هذه وتلقي باللوم على الحكومة أو على أجيال منالقادة العرب وعلى سنين من القهر والاستعمار والاحتلال. لكن بفعلك هذا تكون قد أضفتقطرة جديدة من محيط من ردود الأفعال الإسلامية السلبية التي أوصلتنا لما نحن عليهاليوم. دع عنك التذمر والسلبية ولوم الغير وابدأ بنفسك. هل فكرت في نشر المعرفةيوما؟ هل تعرف شيئا لا يعرفه غيرك؟ لماذا لا تشارك الجميع بما تعرف؟ فهذه خطوة نحوالتكامل المعرفي.


ينقسم المسلمون اليوم إلى ثلاث فئات من ناحيةالمعرفة:


‏ فئة سلبية سائدة تشكل أغلبية ساحقة تقوم بتلقي المعرفة منالغير. ثم حبسها وربما قتلها بحيث لا تتخطى هذه المعرفة يوما ماأدمغتهم.


‏ فئة ثانية نادرة إيجابية إلى حد ما تقوم بتلقي المعرفة منالخارج ثم تساهم بنشرها للغير.


‏ فئة ثالثة معدومة تماما حاليا وهيالفئة القادرة على صنع المعرفة ثم نشرها.


ماذا عن أبنائك؟


هلتبني أشخاصا مميزين قادرين على صناعة المعرفة يوما؟


أو على الأقل هلتحرص على أن يكونون من ضمن الفئة الثانية التي تتلقى المعرفة وتنشرها؟


أم أنك ستساهم في الإضافة للفئة الأولى السلبية التي نحن بحاجة فعلالتقليص نسبتها مع الأيام؟


اجعل هذا هدفك شخصيا وحاول أن تضم إليك كل منهم حولك.


وابدأ الآن بالخطوات التالية:


1-
إن لم تكن ضمنالفئة الثانية أو الثالثة فاسعى للإنضمام إلى إحداهما اليوم. تأكد أنك لست عضوا فيالفئة الأولى بعد اليوم فأعضاء هذه الفئة ميتين مجتمعيا ولا يضيفون للأمة أي شئ. انشر ما تعرفه مهما كان. لا تستصغر المعلومة فهناك من سيتلقفها منك ويبني عليها ولاتتصور ما الذي قد تؤول إليه في النهاية. والنشر لا يكون بالضرورة في كتاب أو مجلةأو قناة تلفزيونية. ابدأ ولو بموضوع في الساحة العربية تشرح فيه أيشئ!


2-
ابدأ ببيتك وتأكد من أن أبناءك وأخوانك قادرين ومؤهلين للإنضمامللفئة الثالثة أو الثانية في أسوأ الحالات. قم دائما بتسويق العلم لأطفالك وأظهرلهم طلب العلم على أنه أسمى ما يمكن للإنسان فعله. حارب مفهوم قصر التعلم علىالمدرسة فما أرجعنا للخلف إلى الإعتماد الكامل من الآباء على المدرسين لتعليمأبنائهم. أكثر العباقرة تعلموا في المنزل. واحرص على استئصال عقلية الوسائلالمختصرة لبلوغ الأهداف من أبنائك. الغش ليس شطارة والواسطة ليست شرفا. بل هم أقصرالطرق للحضيض. توقع من ابنك الخطأ فمن لا يخطئ لا يتعلم. واحرص على أن يتحمل ابنكنتيجة خطأه وأن يعيش تجربة الإخفاق كاملة دون مساعدة منك، دلل أطفالك في كل شئ إلافي التعليم. واحرص على زرع عقلية المشاركة بالعلم لدى أطفالك. علمهم أن يعلموازملاءهم وأقرانهم وعلمهم بأن أفضل الطرق للقيادة هو نشر العلم فكما قيل: "جبلتالنفوس على حب من أحسن إليها" وكما ينسب‏لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللهعنه: "من علمني حرفا صرت له عبدا".


3-
حاول أن تضم كل من تعرف للفئةالثانية وهذا ليس بالصعب أبدا. كلنا لنا تجارب حياتية مميزة وكلنا نعلم شيئا لايعرفه الغير. انصح من هم حولك بنشر ما يعرفونه أكد لهم بأن هناك من لا يعرفون هذهالأمور مهما كانت بسيطة وأساسية.


نحن أكبر وأقوى الأمم على سطح الأرض.. كل ما نحتاج إليه هو أن نتعرف على أنفسنا وأن نستكشف طاقاتنا.


نصرنايكمن في علمنا وإبداعنا. وتأكد أن الوقت لم يفت بعد لكي نلحق بباقي الأمم. بل نحنموعودون باللحاق بها.


أعود لطرح نفس السؤال الذي بدأت به موضوعي هذا:


هل تذكر الزمن الذي كان المسلمون يحكمون فيهالعالم؟



تحرك... فمجد الأمة يبدأ اليوم.