وول ستريت جورنال: هل يمكنك التحرك باتجاه لبنان؟ هل أنت راض عن تشكيل حكومة جديدة هناك، وهل تعتقد أن لبنان يسير نحو تحقيق بعض الاستقرار؟



السيد الرئيس: ما يسعدني هو أن هذا الانتقال بين الحكومتين حدث بسلاسة. لأننا كنا قلقين، وأعربنا عن قلقنا قبل وخلال الأسابيع القليلة الماضية حول الوضع في لبنان. لذلك فان النقطة الأكثر أهمية هي أن هذا التحول حدث على نحو سلس. والآن فإن مرحلة الانتقال الثانية لا يمكن تحقيقها قبل تشكيل الحكومة. والسؤال الآن هو من أي نوع ستكون هذا الحكومة؟ هل هي حكومة وحدة وطنية؟ هذا السؤال مهم جداً، لأننا نتحدث عن بلد منقسم وليس عن حكومة مستقرة. لذلك فإنه و من دون حكومة وحدة وطنية، لا يهم إذا كانت لديك أغلبية أو أقلية. هذا لا يعني شيئاً، لأنه إن كان لديك جانب يتغلب على الجانب الآخر، فإن هذا يعني صراعاً. وفي لبنان، و منذ 300 سنة كان من السهل جداً وقوع صراع قد يتطور إلى حرب أهلية كاملة. حتى هذه اللحظة كل شيء يسير على ما يرام، لذلك فإننا نأمل أن يشكلوا خلال هذا الأسبوع حكومة وحدة وطنية. وهذا هو هدف رئيس الحكومة. ولذلك أعتقد أن الوضع متجه للأفضل أو نحو التأكد من أن الأمور تسير بشكل طبيعي وسلس دون أي صراع.



وول ستريت جورنال : هل لا تزال تشعر بالقلق من أن المحكمة أو إجراءات المحكمة قد تؤثر على هذا الأمر؟ ما هو موقف سورية بشأن مضي المحكمة قدماً؟



السيد الرئيس: إن قضية المحكمة هي اتفاق بين لبنان والأمم المتحدة، وليس بين سورية والأمم المتحدة. لذلك فإننا منذ البداية قلنا عندما وقعت عملية الاغتيال إننا سنتعاون مع لجنة التحقيق من أجل مساعدتهم بأية معلومات يحتاجونها. وكان جلياً في كل تقرير أن سورية كانت متعاونة. وبعد أن انتهوا من التحقيق انتقلوا إلى المحكمة. المحكمة شأن قانوني. إنها اتفاق، وكما قلنا، نحن لسنا طرفاً في هذا الاتفاق. إذاً ومن الناحية القانونية ليس لنا أي علاقة بالمحكمة. أما فيما يتعلق بلبنان، فان ذلك يعتمد على المحكمة، وفيما إذا كانت تتحلى بالحرفية وتجد الحقيقة أم أنها ستكون أداة أخرى لخدمة السياسة. هذا هو السؤال، لأنهم الآن يتحدثون عن اتهام أشخاص دون دليل. كيف يمكنك اتهام أشخاص دون أن يكون لديك أي دليل بأنهم متورطين أو متواطئين؟ يقولون بأنهم يشتبهون ببعض الأشخاص القريبين من المنطقة، بعض الأشخاص الذين استخدموا الهاتف وأشياء كهذه؛ ما يعني أنها مجرد نظريات وليست هناك أدلة حقيقية.




في لبنان، في بلد طائفي كهذا، وفي وضع طائفي متوتر فإن هذه الاتهامات غير الواقعية - لأني لا أظن أنه يمكن، في أي بلد متحضر، أن تتهم أي شخص دون دليل قاطع - ستخلق صراعاً. والضمان الوحيد في هذه الحالة هو دور الحكومة.




وفي حال رفضت الحكومة اللبنانية الاتهامات بسبب نقص الأدلة فإنه لن يكون هناك أي مشكلة. لأنه وفي النهاية كل شيء سيكون مبنياً على الدليل. وسواء كان الأمر يتعلق بسورية أو لبنان، فنحن دائماً نقول إن أي متورط أو متواطئ في هذه الجريمة يجب أن تتم محاسبته، كما في أي جريمة أخرى. إذاً فالأمر يتعلق بالدليل ويعتمد كما قلت على الحكومة.


وول ستريت جورنال: هل يمكنك الإسهاب حول هذه النقطة، لأنه وفيما يبدو فسورية والسعودية، وبشكل أساسي أنتم والملك عبد الله، توصلتما إلى نوع من الاتفاق بشأن لبنان. ومن ثم غادر الملك إلى الولايات المتحدة وبدا أن تلك كانت نهاية المسألة. هذا هو فهمنا، ولكن هل هناك أي شيء يمكنك إخبارنا به حول ماهية الاتفاق ولماذا لم ينفذ في النهاية. هل السبب هو ما قاله الأميركيون للملك عبد الله عندما كان في نيويورك. لكن أياً كان ما تم الاتفاق بشأنه فانه لم يتحقق.





السيد الرئيس: منذ إنشاء المحكمة، وجزء من اللبنانيين يتساءلون عن مبرر المحكمة الدولية. لماذا لا يكون هناك محكمة لبنانية؟ وهذا أمر واقعي ومنطقي. إذا أردت أن يكون هناك محكمة وطنية لكنها تفتقر إلى القدرات اللازمة للتعامل مع جريمة معقدة، فلماذا لا تستقدم خبراء من الخارج، مع مساعدة بعض البلدان، أو بمساعدة الأمم المتحدة، لا يهم. إذاً فهم ضد المحكمة الدولية على أي حال. والبعض يقول لماذا لا يكون هناك محكمة عربية بدلاً من ذلك؟ إذاً لدينا وجهات نظر مختلفة. البعض مقتنع بأن المحكمة مسيسة والتسريبات، والتي هي مختلفة عن "ويكيليكس" و التي تدعى "بتسريبات الحقيقة" في لبنان بشأن تسجيلات لبعض الأشخاص الذين أرادوا تزوير أدلة وشهود مزيفين أصبحت واضحة الآن. ولذلك كان هناك الكثير من اللغط بشأن هذه المحكمة وبشأن مصداقية وحرفية هذه المحكمة.



ولأننا نرى بأن هذه المحكمة ستخلق مشاكل قلنا دعونا نجد حلولاً. الطرف الأول، وهي المعارضة، قال نحن لسنا بحاجة إلى المحكمة على الإطلاق. دعونا ننشئ محكمة لبنانية، ولا نقبل بأي محكمة دولية. فيما قال الطرف الآخر إننا سنقبل بالمحكمة ولكن لدينا شروطاً داخلية و متطلبات وشيئاً يتعلق بالإدارة في المقابل. لا أذكر هذه الأشياء الآن. إنها تفاصيل صغيرة. ولكن هكذا كان الاتفاق، وكنا قريبين جداً من التوصل إلى الاتفاق النهائي عندما اتصل الملك عبد الله وقال إن الأمر لن ينفع لأن أحد الأطراف ليس مستعداً. ولأنه كان يتحدث عبر مكبر الصوت في الهاتف فإننا لم نناقش التفاصيل. بالطبع لدينا علاقات جيدة مع الملك عبد الله إلا أنني لم ألتقي به بعد أو بابنه الأمير عبد العزيز الذي كُلّف بأداء هذه المهمة. والآن أعتقد أنهم في المغرب. وهو سيزور سورية قريباً. إذاً فقد مرت ثلاثة أسابيع الآن ونحن لا نعلم ما حدث تماماً. نحتاج لمقابلتهم من أجل معرفة ما حدث وما السبب في أن طرفاً ما ليس مستعداً. لا نعلم من هو الشخص المسؤول عن ذلك.



وول ستريت جورنال: فيما يتعلق بموقف سورية بشأن المحكمة. هل تعتقدون أنها محكمة ذات مصداقية الآن؟ ما هو شعورك تجاه هذه المحكمة؟



السيد الرئيس: رئيس الوزراء السابق سعد الحريري قال إن هناك شهود زور، واعترف بهذا رسمياً، وإن التسريبات مؤخراً خلال الأسابيع الماضية أثبتت من دون أي شك الطريقة التي حاولوا فيها إبلاغنا ذلك. عادة، إذا كان لديك محكمة تستند إلى أدلة وهمية ماذا يمكن أن تفعل؟ إنك تغير كل شيء، تبدأ من البداية وتتحقق مما لديك. كيف تستمر بالمعلومات نفسها التي جعلتك تستند في اتهامك على شيء مزيف؟ هذا سؤال بسيط جداً. أنا لست محامياً، وأنت لست محامياً، لكن ذلك حقيقة بسيطة. بطبيعة الحال إن لم تتعامل المحكمة مع هذا الواقع لا يمكن تصديقها ولا يمكن أن تكون ذات مصداقية، إضافة إلى كونها مسيسة. والأمر سيان إذا كانت تتعرض لضغوط أو لأنهم ليسوا محترفين. أنا لا أعتقد أنهم غير محترفين لأن لديهم أفضل القضاة. لذلك، فان هناك احتمالا بأنهم مسيسون وينبغي عليهم التعامل مع هذا الوضع لإثبات مصداقيتهم.



وول ستريت جورنال: فيما يتعلق بلبنان، أنا متأكد أنك سمعت من السيناتور جون كيري وآخرين عن صلة سورية العسكرية مع حزب الله. لقد شاهدت المقابلة التي أجراها تشارلي روز معكم. أنكرتم في المقابلة أن هناك أسلحة استراتيجية تنقل من سورية الى لبنان. فهل هناك قلق، مع كل هذه الادعاءات، أنه إذا حدث صراع بين حزب الله وإسرائيل، فإن سورية ستجر إلى الصراع، كما حدث عام 2006؟ هل هذا تهديد حقيقي؟



السيد الرئيس: اسمحوا لي أن أعود إلى المشكلة مع الولايات المتحدة. في الولايات المتحدة يتحدثون دائماً عن عناوين فرعية وعن فصول في كتاب من دون أخذ العنوان الرئيسي له. يتحدثون عن عنوان فرعي في فصل، وعندما تسألهم عن العنوان الرئيسي يقولون إنهم لا يعرفون. علينا أن نتحدث عن العناوين، لا يمكننا اتباع نهج انتقائي. مرة نتحدث عن حزب الله، ومرة نتحدث عن حماس، ومرة عن التسلح ومرة عن التهريب. إذا كنت ترغب في الحديث عن وضع ما، سواء كان صحيحا أم لا، فالسؤال سيكون لماذا لديك هذه القضايا أو هذه العوامل أو العناوين الفرعية؟ الجواب هو لأن هناك غياب للسلام. لذلك فإننا ننصح دائماً كل مسؤول أوروبي وأمريكي عدم إضاعة الوقت في الحديث عن مثل هذه الأمور، سواء كانت تعجبك أو لا تعجبك، تدينها أو تدعمها. المسألة ليست مسألة تسميات بل إنها تتعلق بحقائق ووقائع. دعنا نتعامل مع الحقائق. طالما ليس هناك سلام، سيكون هناك كل ما لا تحب. لذلك، من الأفضل التعامل مع عملية السلام، ومن ثم كل الأشياء الأخرى تتم تسويتها بشكل طبيعي؛ لأنه عندما يكون هناك سلام في هذه المنطقة، فلماذا نتحدث عن التسلح. وعندما لا تتحدث عن التسلح، لماذا الحديث عن التهريب؟ بعد ذلك من الطبيعي ألا يكون عليك أن تتحدث عن أي فصيل يريد محاربة إسرائيل أو غيرها.



لذلك فإن الحديث عن هذه الأمور لا يعفيك من الحديث عن عملية السلام. هذه هي المسألة. يمكنك الحديث لسنوات عن التأييد أو عدمه، لكن هذا لا يغير من الواقع؟ هذه هي المسألة. ينبغي على المسؤولين الأمريكيين ألا يقضوا وقتهم في التحدث عن تسميات مثل "إرهابي"، "سيء" أو "عزل"، إلخ. في النهاية، فالواقع لم يتغير؛ إنه يتحرك في مساره الطبيعي.



وول ستريت جورنال: إذاً، أنتم تقولون إن سورية ليست ضالعة في نقل أسلحة بينكم وبين لبنان؟



السيد الرئيس: انظر إلى غزة، إنها محاطة بمصر وإسرائيل، وكلاهما ضد حماس و تفرضان حظراً حقيقاً. رغم ذلك لازال بوسع حماس الحصول على كل شيء.