السيوف ..تراث وتجارة

وبعد رحلتنا مع السيوف العربية اشكالها وانواعها وصناعتها وتاريخها وكيف بدأت تتراجع وتنقرض تدريجياً نجدها اليوم في واجهة المتحف تؤشر تاريخا عابقا مضى ومجداً يحكي قصة الرجال وتاريخ سيوفهم فيما يعرضها التجار مهنة وتجارة حيوية تستقطب السياح مثلما تستقطب اعمدة القوم والشخصيات البارزة حيث يقول السيد مؤيد جبوري محمد العكيلي صاحب محل في سوق الصفافير ( العراق ) يتعامل بالانتيكات وسواها عن بيع السيوف وتجارتها ان السيوف جزء من التراث وقديمه”اي السيف “قطعتين”يندك “ويصبح قطعة واحدة ..هناك عمال عراقيون مهرة في صناعته موجودين حاليا في مدينة الكاظمية وكذلك في الحلة.


ويوضح السيد مؤيد مضيفا . وعادة السيف العربي يأخذ الشكل الهلالي وطوله يتراوح من 90 سم الى متر ،اما عرضه فمن اصبع الى ثلاثة اصابع وهذا هو الاصلي اي”الاستندر “اما بالنسبة لقبضاته فهي اشكال متعددة ومنها من العاج واخرى من الفضة او الذهب بيد ان اكثر المعروض حاليا هي عبارة عن قطع من السيوف غير متكاملة وبعضها متوارث وتجري عملية ادامتها وتجديدها سواء بعمل القبضة ام بالصقل ويؤكد قائلاً هل تعلمون ان السيف مثل الفرس متوارث في نسبه واصالته وسلالته واعرف بوجود سيوف يرجع نسبها الى اثني عشر سلالة حيث شاهدت احدها في سنه 1995 وتبين انه من اعمال سيوف اسد الله وهو من اجود السيوف ومرغوب كثيراً .. ونحن هنا وتحديداً قبل سقوط النظام ومنذ فترة التسعينات حتى الامس القريب كنا نبيع السيوف للتجار السوريين وهؤلاء بدورهم يبيعوها للخليجيين وللسياح.


طريقة صناعة السيف


تحمى قطعة الفولاذ المراد تشكيلها التحمية الكافية بنار الكور ثم تشكل بالشكل الذي يرغب به الصانع ثم تنظف على حجر الجلخ ومن ثم تسن لإكسابها الحد القاطع . ثم تأتي عملية السقاية حيث تسقى قطعة الفولاذ بخليط من الزيت المعدني والماء ويعطى حد السيف عناية خاصة في عملية السقاية ليكتسب القساوة اللازمة أما إذا كانت القطعة التي يتم تشكيلها من الحديد فتسقى بالماء بعد احمرارها , بعد انتهاء صناعة النصل يصنع الغمد والمقبض.


سيوف في ذاكرة التاريخ

قبل الإسلام

وكان لبعض السيوف في التاريخ العربي قبل الإسلام وبعده مكانة منحتها شهرة مدوية وانتقلت أوصافها بدقة ، ومن هذه السيوف التي اشتهرت في الجاهلية " صمصامة " ( 13) عمرو بن معدي كرب الزبيدي وضرب به المثل في كرم الجوهر وحسن المخبر والمضاء ، وقد أهدته عمرو بن معدي كرب بعد إسلامه إلى خالد بن العاص عامل الرسول صلى الله عليه وسلم على اليمن ولم أسرته تتوارثه حتى اشتراه خالد بن عبد الله القسري بمبلغ كبير ، ولم يزل عند بني مروان حتى زالت الدولة الأموية فبحث عنه الخلفاء العباسيون ( السفاح والمنصور والمهدي ) ولم يجدوه ووجده الخليفة الهادي فاشتراه ثم أهداه للشاعر أبي الهول الحميري.


أثناء الإسلام

واهتم مؤرخو السيرة بأشهر السيوف في تاريخ الإسلام فذكروا سيوف الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي فصل عنوانه " ذكر سلاحه وأثاثه صلى الله عليه وسلم " في كتابه : " زاد المعاد في هدي خير العباد " قال الإمام ابن قيم الجوزية :

" كان له تسعة أسياف : " مأثور " وهو أول سيف ملكه ورثه من أبيه ، و " العضب " ، و " ذو الفقار " بكسر الفاء وبفتح الفاء ، وكان لا يكاد يفارقه وكانت قائمته وقبيعته وحلقته وذؤابته وبكراته ونعله من فضة . و " القلعي " ، و " البتار " ، و " الحتف " ، و " الرسوب " ، و " المخذم " ، و " القضيب " ، وكان نعل سيفه فضة وما بين ذلك حلق فضة . وكان سيفه ذو الفقار تنفله يوم.


وفي فترات تالية من التاريخ الإسلامي

ظهرت السيوف التي تصنع كتحفة فنية وبعضا بقي حتى الآن ووصل لقاعات المتاحف العالمية ، ومن سيوف العهد الأموي لم يصل للمتاحف إلا عدد يسير جدا من السيوف معظمها ضمن مقتنيات متحف طوبقابو باستنبول :

1 - سيف ينسب لمعاوية ابن أبي سفيان .
2 - سيف مؤرخ في عام 100 هـ منقوش عليه اسم مالكه وصانعه لكن النقش غير مقروء .
3 - سيف منقوش عليه اسم الصحابي الجليل سعد بن عبادة مع كتابات دمشقية أخرى متأخرة
4 - سيف ذو مقبض مذهب وواقية حديدية منقوش عليه تاريخ عام 105 هـ مع اسم هشان بن عبد الملك .
5 - سيف عليه نقوش متتابعة لأسماء : عمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد والسلطان قايتباي .

الشعراء والسيوف

ويحضرنا قول ابو تمام حين يؤكد على السيف قائلاً:

السيف اصدق انباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب

وتشبيه عنتره لحب عبلة بقوله :

ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لانها لمعت كبارق ثـغرك المتبسـم

واخيراً فأن العرب قبل الاسلام وبعده يعدون السيف اشرف الاسلحة ويحرصون على انسابه وصيانته وتوريثه لابنائهم ويعدون من يفرط به لايستحق الاحترام فهل نعيد للسيف مكانته ام يبقى مجرد ذكرى عطرة لتراث هو بعض من امجاد الامة في غابر الزمان ؟

وبهيك بنكون انتهينا من تراث السيف العربي