·إضاعة الوقت بالجلوسلوقتٍ طويلٍ في المقاهي والاستراحات وما في حكمها لغير حاجةٍ مُلحة . وكلنا نعلم أنالمقاهي وما شابهها تُعد – في الغالب - من الأماكن التي يجتمع فيها أراذل الناسورفاق السوء . وقد ورد عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنه قال : " آفةالمروءة إخوان السوء " . يُضاف إلى ذلك ما في ارتياد هذه الأماكنمن هدرٍ للوقت وإضاعته فيما لا فائدة منه ولا نفع فيه ، ولا سيما في هذا الزمانالذي كثُر فيه الفساد والانحراف ؛ وهنا يجدر بنا أن نتذكر ما روي عن أبي هريرة رضيالله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما جلس قوم مجلساً لميذكروا الله فيه إلا كان عليهم تِرَة ( أي حسرة وندامة ) ، وما مشى أحدٌ ممشى لميذكر الله فيه إلا كان عليه ترة ، وما أوى أحدٌ إلى فراشه ولم يذكر الله فيه إلاكان عليه ترة " ( ابن حبان ، ج 3 ، الحديث رقم 853 ، ص 133)
·كشفالعورات أمام الناس ، وهذا أمرٌ محرَّمٌ ومخالفٌ للمروءة سواءً أكان ذلك الكشفصادراً عن الرجال أم النساء ، ولا سيما في الاحتفالات والأعراس ، وعند ممارسةالألعاب الرياضية في الملاعب والمسابح والصالات المغلقة . وهنا تجدر الإشارة إلىأنه لا يجوز كشف الفخذ ، ولا الصدر ، ولا الظهر ، ولا الأكتاف ونحوها لما في ذلك منالمخالفة الصريحة لأمر الله الذي أمر بالستر والعفاف والاحتشام . فعن زُرعة بن عبدالرحمن عن جده جُرهد أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَ به وقد كشف فخذه فقال : " غطها فإنها عورة " ( الترمذي ، ج 5 ، الحديث رقم 2795 ، ص 110)
·قصشعر الرأس بأشكالٍ غريبةٍ وغير مألوفة ، وكُلنا يعلم أنه قد انتشرت في هذا الزمانبعض قصات الشعر المضحكة المبكية وخاصة بين الشباب والشابات ، والتي يعلم الله أنهاتُشوه الشكل ، وتدل – دلالةً واضحةً - على فساد الذوق ، وحب التقليد ؛ كما تؤكد أنمن يفعلها عامداً مُتعمداً ضعيف العقل ممسوخ الهوية ، لأنه مُقلدٌ للآخرين ممن لادين لهم ولا مروءة ولا حياء .
·كثرة الضحك والقهقهة بصوتٍ عالٍ ولاسيما في الأماكن العامة ؛ فقد جاء عند بعض أهل العلم قوله : " ويُكره مضغ العِلكلأنه دناءة ". ويتبع ذلك عادة مضغ العلك ( اللبان ) أمام الناس ، وفيالأسواق ، وأماكن التجمعات ؛ وهو أمرٌ لا يليق بالرجال على وجه الخصوص ؛ فقد ورد عنبعض السلف قولهم : " يُكره العِلكُ للرجل للتشبه بالنساء ، ما لم يكن للتداوي ، أوكان خالياً ببيته ونحوه لا في حضرة الناس "
·أن يتحدثالإنسان إلى جُلسائه ببعض الأحاديث المخلة بالآداب ، وأن يُخبرهم ( صادقاً أوكاذباً ) ببعض القصص والمغامرات والأحداث الفاضحة بحجة الإمتاع و المؤانسة . وهذاأمرٌ مخالفٌ لما أمر الله به عباده من الستر وعدم نشر الفاحشة بين المسلمين .كمايتبع هذه المخالفة أن يتحدث الإنسان عن ما يقع بينه وبين امرأته من أُمور خاصة ، أووصف تفاصيل ذلك لما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال : قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم : " إن من أشر الناس عند الله منـزلةً يوم القيامة ، الرجليُفضي إلى امرأته ، وتُفضي إليه ، ثم ينشر سرها " ( مسلم ، الحديث رقم 3542 ، ص 609). وما ذلك إلا لما في هذا الأمر من خيانةٍ للأمانة ومخالفةٍ للمروءة وآداب المسلمالتي تمنعه من مجرد التعرض لهذا الأمر تصريحاً أو تلميحاً " وأما مجرد ذكر الوقاعفإذا لم يكن لحاجةٍ فذكره مكروه لأنه خلاف المروءة " .
·الرقص والتصفيق والتمايل مع الأنغام المحرمة ، وهز بعض أعضاء الجسم أو تحريكها وغيرذلك من الحركات الساقطة التي يؤديها البعض في الاحتفالات والأعراس ونحو ذلك مما لايليق بالإنسان المسلم ذكراً كان أو أُنثى . حتى إنّ بعض أهل العلم وصف الرقصوالتصفيق والتمايل إذا صدر عن الرجال بأنه : " خِفَّةٌ ورعونةٌ مُشبِهةٌ لرعونةالإناث لا يفعلهما إلا أرعن .
·امتهان الشحاذة و مدُّاليد للناس من غير حاجةٍ ضروريةٍ تدعو إلى ذلك . وما عُدَّ التسول مما يُخالفالمروءة إلا لما في ذلك الفعل من احتمال الكذب ، والخداع ، والتحايل ؛ الأمر الذييُسقط مروءة الإنسان ويُذهب ماء وجهه في الدنيا ولحمه في الآخرة ؛ فقد روي عن حمزةبن عبد الله عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزالُ المسألةُ بأحدكمحتى يلقى اللهَ ، وليس في وجْهِهِ مُزْعَةُ لحمٍ " ( مسلم ، الحديث رقم 2396 ، ص 418). وفي هذا المعنى يقول الشاعر :
وما شـيءٌ إذا فـكَّرت فيهبأَذهب للمروءةِ والجمالِ
من الكذب الذي لا خير فيه وأبعد بالبهاءِ منالرجالِ
كما قال بعض أهل العلم : " إن من كان أكثر عمره سائلاً ، أو يَكْثُرذلك منه ؛ فينبغي أن تُرَدَّ شهادته لأن ذلك دناءةٌ وسقوطُ مروءةٍ و هنا تجدر الإشارة إلى أن كثيراً من الشحاذين و المتسولين الذين اتخذوا سؤالالناس مهنةً لهم ، وممن يتنقلون بين المساجد والجوامع وهم يحملون الأوراق والصكوكوالتقارير الطبية ليستشهدوا بها على فقرهم وحاجتهم الزائفة ، وقد يحمل بعضهمأطفالاً صغاراً أو معاقين ليستدروا بهم عطف الناس وشفقتهم ، أكثرهم من الكاذبينوالمحتالين الذين يحتاجون إلى تأديبٍ وردعٍ من الجهات المعنية ، فالواجب على الناسعدم الانخداع بهم أو التعاطف معهم ؛ لاسيما أنهم يحدثون كثيراً من التشويش والفوضىفي بيوت الله تعالى ، ويتسببون في قطع خشوع الناس ومنعهم من الانشغال بالتسبيحوالذكر بعد الصلاة .
وبعد ؛ فهذه بعض آداب المروءة وخوارمها التي تكثُر فيمجتمعنا ، والتي اتضح لنا -مما سبق -أن من آدابها ما يوافق الشرع ولا يتعارض معالأعراف والعادات و التقاليد الحسنة ، وأن من خوارمها ما يُخالف ذلك كله ؛ ولذلكفهو إما حرامٌ بيِّنٌ لا يجوز ولا يُباح ؛ وإما أنه ليس بحرامٍ إلا أنه غير مقبولٍوغير مستحب . وهذا يعني أن هذه الصور المخالفة للمروءة تحتاج منَّا إلى أن نعيدالنظر فيها متى وجدت عندنا ، وفي كل الأفعال والأقوال والتصرفات التي لا يُقرهاشرعٌ ولا يقبلها عقل .كما أن علينا أن نجتهد جميعاً في تصحيح أخطائنا ، وأن نُجددالعهد مع الله سبحانه وتعالى على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القول والعمل، والالتزام بتعاليم الدين ، وتوجيهات سُنَّة رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتمالتسليم ، وآداب تربيتنا الإسلامية السامية . وما أجمل قول الشاعر :
تأدبغير مُتكِلٍ على حسبٍ ولا نسبِ
فإن مروءة الرجل الشـريف بصالح الأدب
وختاماً ؛ نسأل الله جل في عُلاه أن يوفقنا جميعاً لجميل القول ، وصالحالعمل ، وأن يهدينا لما فيه الخير.