فتوقفت السيارة ثم نادى صفالضابط فلان وفلان فنزل اثنين من رفاقي , فقال اعدمو الشاب , ثم أنزلوا الشاب وكانسائق السيارة يلبس شماخ ,فربطوها على عيونه وكرفص الشاب , و هذا كان أمام عيني اختهالطفلة البريئة , وكانت تزيد في بكائها وتتوسل وتقول والله أخي بريء ارجوكم , وبعدربط عيونه ابتعدو امتارا قليلة واطلقو عليه الرصاص مخزنين كاملين 60 طلقة , وهويقول الله اكبر الله اكبر , وبعدها توجه الجنود الى السيارة وركبوبها وبعد مسيردقيقتين وقفت السيارة ونادى صف الضابط باسمي ونادى لرفيقي وقال أنزلوا البنتوأعدموها , فنزلت أنا ونزل رفيقي وكانت الساعة الواحدة والنصف ليلا وأمسكت بيدهاوأنزلتها من السيارة وكانت تلبس بوط جلد بني وتضع ايشاب على رأسها وتلبس مانطو وكانفي رقبتها زردة ذهب خفيفة وهي تبكي طبعا عندما نزلنا من السيارة, كانت السيارة تبعدعنا اكثر من 500 متر وكان الوضع متوترا جدا, حيث أن الاخوان كانوا يقاومون بشراسةوأصوات الرصاص والمدافع والقواذف كانت تملأ السماء وفي كل مكان , فأجلسنا مجدة علىتلة تراب, وكنت لاأرفع نظري عنها وعندما جلست وهي تبكي بكاء شديد وترجف وتقول ليأبوس إيدك والله نا بريئة انا مابخرج من البيت ابوس اجرك, المنظر والموقف يا إخوانيليس كالكلام, وضعت يدي على ركبتيها وطلبت منها ان تعطيني الطوق برقبتها ذكرى , فقالت بكل براءة والله هذا هدية من عمي فطلبت منها ان اقبلها من جبينها وعيونييملئها الدموع فرفضت , فنهضت وأنزلت بارودتي لكي اطلق الرصاص عليها وكان رفيقييستعجلني ويقول لي بسرعة يافلان قبل ان تآتينا قذيفة اوقناصة, وعندما اردت ان اطلقالنار بدأ جسمي يرجف وانا أنظر اليها وهي كالبدر وتبكي وتتوسل فوضعت بارودتي فيكتفي وتركت رفيقي ومجدة وركضت وانا ابكي كالاطفال وجسمي كله يرجف, ووصلت للسيارةوعند وصولي قفزت الى السيارة وتمددت على بطني وغبت عن الوعي وبعد عشر دقائق سكبواعلي المياه وتفقدو جسدي حسبو انني اصبت فقلت لهم لا , فنزل جندي آخر وذهب لهناكواعدمو مجدة, فماتت الطفلة ومات قلبي معها ومع اخيها, وبعد عشر دقائق وصل الضابطبسيارته الجيب مع مرافقيه وقال ماذا حصل معكم قلنا له سيدي أعدمنا الشاب والفتاةفقال اين عدمتم الشاب آراد ان يتآكد فزهبنا لندله على الشاب ايمن ليراه والوقت بيناعدام الشاب واخته وقدوم الضابط ليتآكد كان حوالي 25 دقيقة , وعندما ذهبنا رأيناالشاب ايمن وهو يتحرك 60 رصاصة في جسمه ومازال يتحرك, فأخرج الملازم مسدسه ووضعهبعد شبرين عن راسه واطلق على رآسه اربع رصاصات وعدنا الى البنت فجاء الملازم ونظراليها ووضع يده على نبضها ليتآكد انها ميته فكانت قد أسلمت روحها لبارئها , بعدهاأصبحت عصبي المزاج جدا جدا, منذ تلك الحادثه تعذبت في حياتي ونفسيتي من ذلك الوقتوهي متلفه تعبه , اني أتخيل ذلك الموقف في كل وقت , كأنه أمامي وهو قد مضى عليه 31سنه .
اني اذكر كل قتيل قتل , اتذكر صياحه وفجعته , وأتذكر الأمهات والبناتالصغار كيف كانو يبكون من الرعب على أنفسهم وعلى أولادهم واخوتهم , اتذكر الدماءوالجثث , انه شيء فظيع فظيع , الكلام والوصف ليس كالحقيقة ,لقد أعدمنا خيرة من شبابالوطن , انهم مثل الورود كانت أعمارهم بين 13 و14 و15 سنة, واغتصبنا النساء والبناتونهبنا البيوت, إن أفعالنا والله ****علها اليهود, لقد قتلنا أهلنا وإخوانناوأخواتنا بطرق وحشية , ودفنا أناس أحياء , لقد دمرنا البشر والحجر , وتركنا وراءناآلاف الايتام وآلاف الأرامل . اني اختصرت لكم الكثير الكثير مما رأيت , وأقسم باللهالعلي العظيم ان هذا ماحصل.
يا إخوتي اليوم قد مضى على هذه الجرائم حوالي 31سنةوكأنها أمامي الآن , منذ ذاك اليوم وحتى هذه الساعة وانا أصحوا باليل وأكلم نفسي, لقد قتلنا اكثر من خمسون الف واعتقلنا اكثر من 30 الف شخص وحتى الآن لم يعرف أهلهمهل هم أحياء ام أموات.
إن الذي حصل بمدينة حماه ماهي الا جرائم ضد الانسانية , انها جرائم بشعة يندى لها الجبين , ان من يرتكب مثل هذه الجرائم لايمكن ان يكون فيهذرة شرف اوانسانية اورجولة او اخلاق , انه وحش , أو إنه عديم الوصف فلا يوجد وصفايوصف به هؤلاء القتلة السفاحين .
ومازال هذا النظام يعتقل ويقتل ويعذب وينفيويرتكب كل اشكال وانواع الظلم, لايعتبر لطفلة او شاب او مسن او مريض يبطش وكانه هوالرب, وهو الخالق وأن له الحق في ان يقتل متى شاء ويعتقل ويسجن وينفي ويعذب متىشاء, اين العدل في هذا العالم والله ان اليهود أرحم منكم ياحكام سوريا , واللهالذئاب أرحم منكم, والله الحيتان والتمسايح ارحم, ولله الوحوش ارحم منكم , ياربيارب يارب انت العزيز الجبار تمهل ولاتهمل يارب ان هؤلاء الحكام الظلمة قتلواولادنا واغتصبو بناتنا ونهبو بلادنا وأذلونا وقهرونا بغير حق, يارب أرنا فيهمعجائب قدرتك , ياألله ان هؤلاء الظلمة استباحو ديننا وأعراضنا وسفكوا دماء اناسأبرياء, يارب أنزل عقابك عليهم في الدنيا قبل الآخرة, ياالله انت الذي تأخذ حقوقهؤلاء الشهداء حسبي الله ونعم الوكيل , حسبي الله ونعم الوكيل.
إني أعرف جميعالضبابط المرتكبين تلك المجازر , أعرف أسمائهم ورتبهم , وأتمنى أن اجد جهة ما حتىتساعدني كي أوثق كل هذا وأقسم بالله العظيم اني لم اضرب انسانا قط ولم اعدم إنساناقط ولم اسرق شيء ولم أؤذي إنسان قط ولم اجرح إنسانا قط.
ضمير مستتر/
يسكتاللسان