الأسباب :
1- إختناق العقل العربي
غياب التفكير مهمة العقل الأولى " رئة العقل الخالية من الأوكسجين "
يصاب العقل بآفات وأمراض فالخرافة ,وضمور الإنتاج الفكري, وقصور التعلم, والفكر الإنفعالي
الأحادي الجانب, الذي يلغي الآخر هي مظاهر للتخلف , وتدني حياتنا من تدني تفكيرنا , فليس في
الحياة منطق " إما هذا أو ذاك " فالون الرمادي هو الطاغي في صورة عالم اليوم .
هذه الأمراض توقف العقل عن العمل الذي يقوم به في إتجاهات ثلاث هي:
ا لتفكير , والشعور , والسلوك
فالمعرفة "كمعلومات لامعنى لها إذا لم نفكر بها" بعمليات التحليل والتنظيم والتركيب والتعميم والتجنيب
.... الخ " حينئذ يكون للحياة معنى .
(المعرفة تتطلب جهدا , ومن أسهل الأمور فكريا أن نتجنب بذل الجهد, بأن نقبل تعبيرات تخفي
اﻟﻤﺠهول ,بما لا يمكن تعريفه) كارل بيرسن نحو العلم 99 ١٨ ويصدق قول الفيلسوف " برتراند راسل " " إن كل إنسان تلتف من حوله سحابة من الإقتناعات المريحة تتحرك معه أينما ذهب "كسرب من الذباب في يوم صيف حار " وستكون ذباباً بكل قذارتة وميكروباته حينما تتمثل بالخرافات والأساطير .
وتكون نحلاً يقدوده شعاع النور إلى لكل عطر وشذى لأ ي زهرة كائنة في الأرض .
ونحِنُ لِحكمة كونفيوشيوس التي أعلنها للبشرية لم تصل للعالم العربي حتى اليوم " تعليم بلا تفكير جهد
ضائع , وتفكير بلا تعليم أمر محفوف بأشد المخاطر " قبيلة الأناغوتا في الهضبة النيجيرية العليا و يقول الأناغوتي مثلا: (انتقد شخصية الإنسان ,
لكن إياك أن تنتقد الإنسان نفسه ,) وهذا معناه أنه يجب أن يحكم عليه بأفعاله , لأن ماهيته لا يمكن أن
تعرف , وقد تؤدي إلى أفعال كثيرة متناقضة. أي أننا لن نستطيع الوصول إلى حكم نهائي على
الإنسانية , بل على هذا الوجه أو ذاك من أوجه سلوك الإنسان.
سلطة الإستبداد
ويمثلها فرعون حين قال: بسم الله الرحمن الرحيم ( ياأيها الملأ ماعلمت لكم من إله غيري ) صدق الله العظيم و تتبع هذه الرؤية في عصرنا الحاضر حيثيات تدعهما هي :

أ- الإعلام وممارسة التضليل وتعريفه "

إن تضليل(*) عقول البشر هو على حد قول باولو فرير "أداة للقهر ". فهو يمثل إحدى الأدوات

التي تسعى النخبة من خلالها إلى تطويع الجماهير لأهدافها الخاصة ". فباستخدام الأساطير التي

تفسر وتبرر الشروط السائدة للوجود , بل وتضفي عليها أحيانا طابعا خلابا , يضمن المضللون التأييد

الشعبي لنظام اجتماعي لا يخدم في المدى البعيد المصالح الحقيقية للأغلبية. وعندما يؤدي التضليل

الإعلامي للجماهير دوره بنجاح , تنتفي الحاجة إلى اتخاذ تدابير اجتماعية بديلة.

*) القصود بكلمة تضليل هنا ( manipulation ) التأثير في شخص (أو هيئة أو جماعة) بطريقة تنطوي على التمويه أو التلاعب.
وتكمن العبقرية المرعبة للحكام في قدرتها على إقناع الشعب بعدالة ظلمهم له تحت مسميات جوفاء من قبيل " المصلحة القومية العليا " حماية الأمن القومي المصري " " العدو " المرحلة التاريخية الحرجة – ولم تنتهي هذه المرحلة – فالعبارة مازلنا نقرؤها من الصحف الصفراء للبيضاء اليوم "
وكان يصفق لهتلر مئات الألوف من الألمان . ويصفق لزعماء يجلدونه صبح مساء لأن الدعاية – "التكرار كفعل بومي رتيب "- للجستابو وغيره سوقت الخرافة للفكر الشعبي وهنا تم ربطها بالدين والعلم معاً فقد " الشعب " كل قدرته على التفكير السليم والرؤية الواضحة . وقد قيل " إذا بزع نور العقل ولى زمن المعجزات "
"سنة الله التي قد خلت من قبل , ولن تجد لسنة الله تبديلا " صدق الله العظيم .

ب - التفقير والتجهيل والقهر
إن الطبيعة الإنسانية عند مضللي العقول ثابتة لا تتغير, وكذلك الحال بالنسبة للعالم. ويلاحظ
فرير أن (المضطهِدين "بكسر الهاء" يطورون سلسلة من المناهج , تستبعد أي تصوير للعالم
بوصفه قضية أو مشكلة وتركز على إظهاره في صورة الكيان الثابت , أو بوصفه شيئا معطى ,
شيئا يتعين , على الناس بوصفهم مجرد متفرج,أن يتكيفوا معه).
ج - المبالغة والتهويل والتعظيم :
منها إمتلاك بعض البشر لطاقات اسطورية , بها يحركون الجماد ويثنون الملاعق والسكاكين ,
بمجرد تركيز عيونهم عليها فقلت له : نظرة منك لجهة عدو الله والإنسانية تكفينا من شروره ألا
ترى ؟ أم أن نظرك فاقد لنعمة البصر ؟
والسحر هنا أبعد شيء عن المعجزة أو الكرامة , والساحر ركب متن الفسق والعصيان , وطاعة
الشيطان , فهو أكذب الناس , وأشدهم شرا ً وقد يبدوا عمله مستغرباً وطريفاً لكنه لايخرج عن
طاقة الإنس والجن والحيوان " و****لح الساحر حيث أتى "
الغيبيات كمنشطات ومثبطات للعقل والروح :

الملائكة ,الشياطين ,الجان, الجنة, النار, النفاق, الصدق ,الثواب العقاب, القضاء والقدر, اليوم الاخر

هي غيبيات مبهمة بعقول العامة غالبا , عناصر خصبة يجري استخدامها بكل مهارة لتعزيز التفكير

الأسطوري علماً أنها حقائق مثبتة في القرآن والسنة, ومن الصعب إثباتها ماديا بالأدلة الحسية, وتبقى

في حس المؤمن يقيناً يثاب عليها ولاينالها من أنكرها. وقد تكون الحكمة هنا والله أعلم .

البحث عن الأنا الوهمية عند غيابها عجزاً وضعفاً
فنشاهد الأبطال الوهميين من شواذ مشايخ الأزهر الذين يمتطون النصوص ويحرفوها عن مقاصدها بحثاً
عن شهرة أو مجد زائف يجد العامة فيه طريقاً سهلاً للتقليد والإنقياد . وحدث مثل ذلك عبر العصور
فكم من عالم فقيه أثنى ومجد ذلك السطان الجائر على مر تاريخنا الحزين . ونشاهد الأبطال الوهميين
في كل مكان ,فكم من أفاق لعب دور عنترة وقيس والمهدى المنتظر .والسوبرمان .... متسلقاً
شعاب الوهم والخرافة ...؟!
وهي أمثلة فقط تنسخ نسخاً عنها متكاثرة بين ضعاف النفوس و العقول.
اليانصيب وتضخيم فكرة الحظ والأبراج .

يصنع اليانصيب بفكرة الحظ رجل الخيال والوهم , محلقاً بعوالمه الساحرة حيث يطرده ذلك الخيال

المريح تدريجياً عن عالم الواقع والحقيقة .

وتلعب فكرة " حظك هذا اليوم , وقراءة الطالع من الأبراج , أو التشائم من الرقم 13 , وانتشار

تعبيرات تحمل معنى خرافيا ً مثل " أمسك الخشب " التي تدل على أن التفكير الخرافي مازال في

عصر الصعود إالى القمر . ويتم الترويج لها بشكل مدروس على الفضائيات , ولغاية في نفس يعقوب

وربما كان الأصل الأول لكثير من الخرافات راجعاً لوجود شخصيات مريضة لديها استعداد أكبر

للخلط بين الحلم " بما فيه من صور خيالية غير مترابطة " والواقع , ولتأكيد الوجود الفعلي لأشباح

وأرواح تراءت لها بإلحاح في منامها .
عبرة :
كسفت الشمس عندما كان يدفن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فلذه كبده إبراهيم قال مامعناه
" إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته "
وصدق رسول الله حين قال " كذب المنجمون ولو صادفوا " من المصادفة لا من الصدق , لأنهم يصادفون ولا يصدقون .

والعاقبة لمن استنارت عقولهم , واستقامت أنماط تفكيرهم ورحم الله زكي نجيب محمود حين قال

:في كتابه " تجديد الفكر العربي يصف علماء العرب اليوم " حين يذهبون لبيوتهم يستريحوا في
ظل الخرافة الندي الممتع اللذيذ " .
عمرأبودقة \ جسر الشغور \ 9\1\2010 سوريا
المراجع . الإنسان الحائر بين العلم والخرافة للدكتور عبد المحسن صالح
التفكير العلمي للدكتور فؤاد زكريا
المتلاعبون بالعقول هربرت أ. شيللر
العقل العربي ومجتمع المعرفة د. نبيل علي