وتقول الأبحاث والدراسات الحكومية في الولايات المتحدة أن ثلاثة أرباع أجهزةالحاسب الآلي التي تم بيعها في أمريكا قد أصبحت مخلفات الآن وأخذت طريقها إلى النفايات. وبذلك علينا أن نتخيل حجم النفايات التي ستصدر عن 500 مليون جهاز حاسب آلي وهو العدد المخزن في المستودعات وينتظر طريقه إلى مكبات النفايات. وبذلك يتضح أن هذا القدر من التلوث المتنامي لن يتخطى أي دولة أو مكان على هذه الأرض. فأحوال السوق الحالية وأدوات التصنيع ومدخلاته تعمل على إعاقة النظام الصحيح لاعادة التصنيع بصورة لا تضر بالبيئة والصحة. فمعظم النفايات الإلكترونية التي يجري إعادة تصنيعها الآن هي في الواقع تم تصديرها وتم تفكيك معضمها في السجون أو تم تقطيعها بواسطة قطاعات المجتمع الفقير.
تلويث المياه
تشير دراسة أخرى إلى أن حجم المخزون الأمريكي من أجهزة الحاسب الآلي غيرالمستخدمة في تزايد مستمر وسيبلغ قريبا 680 ،315 مليون وحدة. فكل مستهلك يملك من 23 أجهزة مهملة بمنزله على أمل أن تصبح ذات قيمة يوما ما إلا أن قيمة الحاسبات الآلية تنهار بشكل سريع ومع مرور الزمن لن تسوى أكثر من قيمة المادة الخام الذي تتكون منها وهي أقل من قيمة إعادة التصنيع المحلي.
وتتفاوت القيمةالمتبقية للأجهزة الإلكترونية ما بين 1 5 % من قيمتها الأصلية. حتى ان كثيرامن المستهلكين لا يتقبلون حقيقة أن ما اشتروه قبل 3 أعوام فقط اصبح يساوي هذا المبلغ الضئيل مما يشجعهم على الاحتفاظ بها اكثر حتى تجد طريقها إلى مكب النفايات. ففي عام 1997م سجل حجم النفايات الإلكترونية الملقاة على مكبات النفايات في الولايات المتحدة وحدها 2 ،3 مليون طن مما يؤكد أن معظم مستخدمي المنازل وقطاعات العمل الصغيرة يفضلون ساحة النفايات على وسطاء إعادة التصنيع. وهذا القدر الكبير من النفايات الإلكترونية سيؤثر حتى على الدول التي تدعي أنها تمتلك تقنية تمكنها من السيطرة الكاملة على مقومات البيئة وذلك من خلال تراكم المعادن والبلاستيك والمواد الكيميائية السامة التي تتكون منها أجزاء الأجهزة الإلكترونية كلوحات الدوائر وأنابيب الزجاج والأسلاك والمقاومات والمكثفات وغيرها من الأجزاء الداخلية الدقيقة.
إن اكثر من 70% من المعادن الثقيلة بما فيها الزئبق والكادميوم والقصدير التي تتواجد في مكبات النفيات تأتي من النفايات الإلكترونية. هذه المعادن والمكونات الإلكترونية السامة الأخرى تعمل على تلويث المياه الجوفية. وهذا ما حدث عام 2001م عندما تم منع مكبات النفايات المفتوحة بواسطة القانون البلدي في كاليفورنيا و ميسشوست وذلك لطبيعة هذه النفايات شديدة السموم التي تتمثل في ثاني اكسيد الكربون الذي ينتج عن حريق النفايات وتؤدي الى تلوث الهواء وثاني أكسيد الحديد والنحاس ويكثر عند تعرض النفايات للرطوبة والأمطار مما يؤدي الى تلوث المياه. وهناك بعض المنتجين يرسلون نفاياتهم الالكترونية الى محارق الاسمنت ليتم الاستعاضة بها بدلا عن الوقود.

تراجع فرص الشراء
كانت إعادة الاستخدام تمثل تداولا طفيفا لأجهزة الكومبيوتر في الماضي القريب. فقد كان يعمد الكثير على إهداء الأجهزة غير المرغوب بها إلى المدارس والمؤسسات الطوعية لتقوم باستخدامها في تعليم التلاميذ مع تطوير بسيط في الذاكرة وبعض فعاليات الجهاز إلا أن المدارس امتنعت مؤخرا عن قبول الأجهزة القديمة سعيا وراء مواكبة التلاميذ للتطور التقني. ومن ناحية أخرى كانت السوق الخارجية تساهم بشكل كبير في تخفيف عبء النفايات الثقيل وذلك عن طريق الاتجار بالحاسبات الآلية المستعملة في بعض الدول ذات الاقتصاد المتواضع إلا ان اتساع رقعة المنافسة في في سوق تقنية المعلومات العالمي ومعداته والذي تزامن مع الانتشار الواسع للشركات متعددة الجنسيات أدى إلى تقلص تجارة الأجهزة المستعملة. كما أن إطالة أمد استخدام الأجهزة ليست بالحل النهائي للمشكلة لأن هناك فترة زمنية معينة ومنها سيصبح هذا الجهاز أو ذاك في عداد النفايات لا محال سواء كان ذلك داخليا أو في دولة أخرى
ويظل الخطر قائما وقد يكون أكبر وخاصة في تلك الدول التي يكون تعاملها مع هذه المسائل متواضعا نتيجة للوضع الاقتصادي المتردي.
عواقب وخيمة
جميع المعلومات الحالية عن اعادة تصنيع النفايات الالكترونية تشير الى ان هذه الفعاليات تتم في الدول النامية بصورة اكبر من تلك التي تتم بالدول المتقدمة إلا ان الدراسات لم تتطرق الى الفروقات الاقتصادية بين الدول مع الافتراض أن الأثر السلبي لهذه الاعمال في تأثيرها على البيئة والصحة يكون كبيرا في كلتا الحالتين. كما ان افتراض اعادة التصنيع خير من رمي النفايات الالكترونية على الأراضي ليس بالامر المقنع عندما يكون الناتج عن هذه الممارسات عمالا ملوثين ومرضى صحيا. فضلا عن مكبات النفايات المكشوفة وحرقها بالعراء كما هو مشهود في الدول الآسيوية. فبينما تعد عملية اعادة تصنيع المواد الضارة من أهم مسببات التلوث البيئي قد تكون هذه الممارسة من اشد الكوارث في مناطق العالم التي يقل فيها مستوى الوعي وتنعدم فيها البنية التحتية التي يسعها التعامل مع مثل هذا النوع من القضايا.
مع هذه المؤشرات الخطيرة فقد جرت التقديرات على ان 11% من اجمالي انتاج عام 1998م من الحاسبات الآلية تم اعادة تصنيعها بما فيها تلك التي تم ارسالها خارجيا ويتوقع ان ترتفع النسبة بمعدل 18% سنويا. وبذلك يكون حجم الحاسبات الآلية التي تم اعادة تصنيعها في العام 2002م قد بلغ 75 ،12
مليون حاسب آلي (تشمل الشاشات ولوحات المفاتيح). وتجري قطاعات العمل الكبرى وكبار مصنعي الأدوات الحديثة عمليات اعادة التصنيع بصورة أكبر
من القطاعات الصغيرة. حيث تمثل القطاعات الكبيرة 75% من الاجمالي العام.
غياب الرقابة
ظهرت في الآونة الاخيرة بعض الوحدات لاعادة تصنيع النفايات الالكترونية في الولايات المتحدة خاصة في ولاية كاليفورنيا وبعض الولايات الاخرى وتتركز هذه الوحدات في السجون. وتعتبر هي الأقل ثمنا مقارنة بالحلول الأخرى لمشكلة النفايات الالكترونية. وستشغل وحدة جديدة في سجن «أتواتر» الفيدرالي بولاية كاليفورنيا مساحة تبلغ 000 ،50 قدم مربع وتوفر نحو 350 وظيفة لمعالجة هذه المشكلة التي تعاني منها كاليفورنيا كثيرا منذ ان منع قسم السميات والتحكم رمي الانابيب التي تحتوي على اشعة الكاثود على مكبات النفايات. ونسبة لقلة أجور الأيدي العاملة المحلية اقتنع اصحاب العمل في حقل اعادة التصنيع المحليين بعدم امكانية المنافسة حيث يتوجب عليهم مراعاة صحة وسلامة السجناء الذين يعملون وسط المكونات الضارة التي تحتويها الشاشات والمكونات الاخرى فلجأ هؤلاء الى تصدير هذه المكونات الى الدول النامية تحت دوافع أهمها:
-رخص الايدي العاملة (50 ،1 دولار باليوم في الصين).
-غياب الرقابة والنظم الوظيفية في تلك الدول.
-يعد تصدير النفايات الالكترونية السامة مشروعا في الولايات المتحدة رغم عدم قانونيته عالميا.
أضرار النفايات
من المعروف أن النفايات الإلكترونية تحتوي على كميات كبيرة من المكونات السامة والضارة كالرصاص والكادميوم المكون الأساسي للوحات الدوائر فضلا عن أكسيد الرصاص وأنابيب أشعة الكاثود بالشاشات وبطاريات الكمبيوتر كما نجد الزئبق في لوحة المفاتيح والشاشات المسطحة وكلوريدات البيفنيل التي تحتويها كل من المكثفات والمحولات إضافة إلى اللهب البرومي الذي ينتج عن حرق لوحات دوائر الطابعات والأغطية البلاستيكية وكلوريدات البيفنيل.
إضافة إلى الأضرار العامة المتمثلة في تلوث المياه والهواء هناك أضرارخطيرة تتخلل عملية إعادة التصنيع وتنتج عن النفايات الإلكترونية وخاصة إذاكانت سعيا وراء الربح المادي فقط. ومن بين هذه الأضرار المخاطر تلك التي تتواجد بشكل كبير في مكونات الأجهزة الإلكترونية:
المكونات الخطرة
الرصاص. ونسبة لمكوناته الخطيرة تم إصدار قرار عام 1970م بوجوب تنقيته من الوقود نسبة لتأثيره المباشر والخطير على الجهاز العصبي والدورة الدموية والكلى وجهاز المناعة لدى الجسم البشري فضلا عن أثره السلبي على النمو العقلي للأطفال. ويتركز الرصاص في الأجهزة الإلكترونية على كل من لوحات التحكم وشاشات (58 أرطال بالشاشة الواحدة) وبطاريات الكومبيوتر ولوحات الطابعات.
عنصر الكادميوم. من العناصر الفلزية ذات التأثير الخطير على جسم الانسان عند ترسبه على الكلى والجهاز البولي. ويتركز هذا العنصر على مقاومات الشرائح وعلى المكثفات وعلى رقائق التوصيل الصغيرة. ويتواجد الكادميوم بشكل كبيرعلى انابيب اشعة الكاثود.
تحطيم شامل
الزئبق. يعمل على تحطيم الأعضاء الداخلية وخاصة الدماغ والكلى ويؤثر سلبيا على تكوين الجنين. وينتج عن اختلاط الزئبق بالماء ميثالين الزئبق الذي يترسب داخل الأعضاء الحية بكل سهولة ويتركز على السلسلة الغذائية وخاصة الأسماك.
وتشير الدراسات أن 22% من الاستهلاك السنوي للزئبق يتم عبر المعدات الكهربائية والإلكترونية والأجهزة الطبية والهواتف المحمولة وأجهزة الاستشعار. وازداد استعمال الزئبق بصورة كبيرة مؤخرا بعد تطوير شاشات العرض الحديثة والمسطحة التي ظهرت لتحل محل أنابيب الكاثود التقليدية.
عنصر الكروم. الذي يخترق الخلايا بسهولة لسهولة تشربه ويعمل على تحطيم الحمض النووي. ويعد من اكثر العناصر تهديدا للبيئة. وتزن الادوات البلاستيكية التي تحتوي على عنصر الكروم نحو 8 ،13 رطل في الكومبيوتر. و26% من هذه المواد البلاستيكية تحتوي على كلوريد البوليفنيل.
الأمراض المزمنة
عنصر الباريوم. ويستخدم لحماية مستخدمي الحاسبات الآلية من الإشعاعات. وأشارت الدراسات إلى إن التعرض للباريوم لفترة قصيرة يؤدي إلى أورام المخ وضعف عضلات الجسم ويعمل على إصابة القلب والكبد والطحال بأمراض مزمنة. البيرليوم. وهو عنصر فلزي نادر وموصل جيد للحرارة والكهرباء لذا يدخل في مكونات الحاسب الآلي وخاصة في اللوحة الأم (Motherboard) والمقابض. وتم تصنيف البيرليوم مؤخرا ضمن مسببات سرطان الرئة.
وذلك من خلال استنشاق ذراته أوبلوغها الجسم بأي صورة ما. كما يؤدي تعرض العمال للبيرليوم بشكل مستمر ومباشرإلى الإصابة بأمراض جلدية مزمنة فضلا عن الأمراض التي تعرف بأمراض البيرليوم المزمنة وهي التي تصيب الرئة. وأشارت بعض الدراسات إلى أن الأمراض المصاحبة للبيرليوم قد تظهر حتى بعد مرور وقت طويل على التعرض إليه.