صفحة 1 من 5 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 29

الموضوع: كتاب الاعتبار ( المؤلف: أسامة بن المنقذ )

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : SHARIEF FATTOUH غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Mar 2010
    رقم العضوية: 96
    الإهتمامات: Jannat World
    السيرة الذاتية: محبوبتي دمشق
    العمل: مساعد مهندس ميكانيك
    المشاركات: 2,664
    الحالة الإجتماعية: أعذب
    معدل تقييم المستوى : 183
    Array

    هزيمة ابن مصال

    وجمع العسكر مع عباس وسيره إلى ابن مصال، على دلاص فكسرهم وقتل ابن مصال وقتل من السودان وغيرهم سبعة عشر ألف رجل، وحملوا رأس ابن مصال إلى القاهرة، ولم يبق لسيف الدين من تعانده ولا تشاققه.
    وخلع عليه الظافر خلع الوزارة ولقبه الملك العادل، وتولى الأمور.
    الخليفة يكيد لوزيره الجديد
    كل ذلك والظافر منحرف عنه، مضمر له الشر. فعمل على قتله وقرر مع جماعة من صبيان الخاص وغيرهم ممن استمالهم وانفق فيهم أن يهجموا داره ويقتلوه وكان شهر رمضان، والقوم قد اجتمعوا في دار بالقرب من دار الملك العادل ينتظرون توسط الليل وافترق أصحاب العادل، وأنا تلك اليله عنده. فلما فرغ الناس من العشاء وافترقوا، وقد بلغه الخبر من بعض المعاملين عليه، احضر رجلين من غلمانه وأمرهم ان يهجموا عليهم في الدار التي هم فيها مجتمعون. وكانت الدار، لما أراده الله من سلامة بعضهم، لها بابانالواحد قريب من دار العادل والآخر بعيد. فهجمت الفرقة الواحدة من الباب القريب قبل وصول أصحابهم إلى الباب لآخر فانهزموا وخرجوا من ذالك الباب. وجاءني منهم في الليل من صبيان الخاص نحو عشرة رجال كانوا أصدقاء غلماني نخبوءهم. وأصبح البلد فيه الطلب لأولئك المنهزمين، ومن ظفر بهم قُتل.


    أسامة يخلص زنجياً
    وعجيب ما رأيت في ذلك اليوم أن رجلاً من السودان الذين كانوا في العملة انهزم إلى علو داري والرجال بالسيوف خلفه، فأشرف على القاعة من ارتفاع عظيم. وفي الدار شجرة نبق كبيرة، فقفز من السطح إلى تلك الشجرة فثبت عليها، ثم نزل ودخل من كم مجلس قريب منه فوطئ على منارة نحاس فكسرها ودخل إلى خلف رحل في المجلس اختبى فيه. وشرف أولئك الذين كانوا خلفه، فصحت عليهم وأطلعت إليهم الغلمان دفعوهم، ودخلت الى ذلك الاسود فنزع كساء كان عليه وقال (خذه لك). قلت (اكثر الله خيرك ما احتاجه)، واخرجته وسريت معه قوما من غلماني فنجا.


    مزور التوقيع تضرب رقبته
    وجلست في ضفة في دهليز داري، فدخل علي شاب سلم وجلس، فرأيته حسن المحاضرة، هو يتحدث وإنسان استدعاه فمضى معه ونفذت خلفه غلاماً يبصر لماذا استدعى. وكنت بالقرب من دار العادل، فساعة ما حضر ذلك الشاب بين يدي العادل أمر بضرب رقبته فقتل وعاد الغلام، وقد استخبر عن ذنبه، فقيل له (كان يزور التواقيع). فسبحان مقدر الأعمار ومؤقت الآجال. وقُتل في الفتنة جماعة من المصريين والسودان.


    أسامة بمهمة حربية لدى نور الدين

    تقدم إلى الملك العادل رحمه الله، بالتجهيز للمسير إلى الملك العادل نور الدين رحمه الله، وقالتأخذ معك مالاً وتمضي إليه لينازل طبرية، ويشغل الفرنج عنا لنخرج من ها هنا نخرب غزة. وكان الإفرنج خذلهم الله قد شرعوا في عمارة غزة ليحاصروا عسقلان قلتيا مولاي، فإن اعتذر أو كان له من الأشغال ما يعوقه أي شيء تأمرني؟ قال إن نزل على طبرية، فأعطه المال الذي معك وإن كان له مانع، فديون من قدرت عليه من الجند وأطلع إلى عسقلان أقم بها في قتال الإفرنج، واكتب إلي بوصلك لآمرك بما تعمل.
    ودفع إلي ستة آلاف دينار مصرية، وحمل جمل ثياب دبيقي وسقلاطون ومسنجب دمياطي وعمائم. ورتب معي قوما من العرب أدلاء
    وسرت وقد أزاح علة سفري بكل ما أحتاجه من كثير وقليل.
    فلما دنونا من الجفر لي الادلاءهذا مكان لا يكاد يخلو من الإفرنج. فأمرت اثنين من الأدلاء ركبا مهرين وسارا قدامنا إلى الجفر. فما لبثا أن عادا والمهاري تطير بهما، وقالاالفرنج على الجفر! فوقفت وجمعت الجمال التي عليها ثقلي ورفاقا من السفارة كانوا معي وردتهم إلى الغرب. وندبت ستة فوارس من مماليكي وقلتتقدمونا، وأنا في إثركمفساروا يركضون وأنا أسير خلفهم، فعاد إلي واحد منهم وقالماعلى الجفر أحد، ولعلهم أبصروا عرباناً. وتنازع هو الأدلاء، فنفذت من رد الجمال وسرت. فلما وصلت الجفر، وفيه مياه وعشب وشجر، فقام من ذلك العشب رجل علية ثوب أسود فأخذناه، وتفرق أصحابي فأخذوا رجلاً آخر وامرأتين وصبياناً فجاءت امرأة منهن مسكت ثوبي وقالتيا شيخي أنا في حسبك. قلتقلتأنت آمنة مالك؟
    قالت قد أخذ أصحابك لي ثوباً وناهقاً ونابحاً وخرزه قلت لغلماني من أخذ شيئاً يرده فأحضر غلاما قطعه كساء لعلها طول ذراعين. قالت هذا الثوب. وأحضر آخر قطعه سند روس. قالت هذه الخرزة قلت فالحمار والكلب قالوا الحمار قد ربطوا يديه ورجليه، وهو مرمي في العشب، والكلب مفلوت يعدو من مكان إلى مكان فجمعتهم ورأيت بهم من الضر أمراً عظيماًقد يبست جلودهم على عظامهم قلت أيش أنتم؟ قالوا نحن من بني أُبي وبنو أبي فرقة من العرب من طيء لا يأكلون إلى الميتة ويقولون نحن خير العرب، ما فينا مجذوم ولا أبرص ولا زمن ولاأعمى. وإذا نزل بهم الضيف ذبحوا له وأطعموه من غير طعامهم. قلت ما جاء بكم إلى ها هنا؟ قالوا لنا بجسمى كثول ذرة مطمورة جئنا نأخذها. قلت وكم لكم علينا. من عيد رمضان لنا ها هنا، ما رأينا الزاد بأعيننا. قلت فمن أين تعيشون قالوا من الرمة يعنون العظام الباليه الملقاة ندقها ونعمل عليها الماء وورق القطف شجر بتلك الأرض ونتقوت به قلتفكلابكم وحمركم؟ قالوا الكلاب نطعمهم من عيشنا، والحمر تأكل الحشيش. قلت فلم لا دخلتم إلى دمشق؟ قالوا خفنا الوباء ولا وباء أعظم مما كانوا فيه! وكان ذلك بعد عيد الأضحى. فوقفت حتى جاء الجمال، وأعطيتهم من الزاد الذي كان معنا. وقطعت فوطة كانت على رأسي أعطيتها للمرأتين، فكادت عقولهم تزول من فرحهم بالزاد وقلت لا تقيموا ها هنا يسبوكم الإفرنج
    فطنة دليل
    ومن طريف ما جرى لي في الطريق إنني نزلت ليلة أصلي المغرب والعشاء قصراً وجمعاً، وسارت الجمال فوقفت على رفعة من الأرض وقلت للغلمانتفرقوا في طلب الجمال، وعودوا إلي، فأنا ما أزول من مكاني فتفرقوا وركضوا كذا وكذا فما رأوهم، فعادوا كلهم إلي وقالواما لقيناهم، ولا ندري كيف مضوا فقلتنستعين بالله تعالى ونسير على النوء فسرنا ونحن قد أشرفنا من انفردنا عن الجمال في البرية على أمر صعب. وفي الادلاء رجل يقال له جزية فيه يقظة وفطنه، فلما استبطأنا علم أنا قد تهنا عنهم، فأخرج قداحة وجعل يقدح وهو على الجمل، والشرار من الزند يتفرق كذا وكذا فرأيناه على البعد فقصدنا النار حتى لحقناهم، ولولا لطف الله وما ألهمه ذلك الرجل كنا هلكنا.
    التعديل الأخير تم بواسطة SHARIEF FATTOUH ; 05-11-2010 الساعة 05:51 PM
    عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
    ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))


    حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر


    يداً بيد نبني سورية الغد


رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : SHARIEF FATTOUH غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Mar 2010
    رقم العضوية: 96
    الإهتمامات: Jannat World
    السيرة الذاتية: محبوبتي دمشق
    العمل: مساعد مهندس ميكانيك
    المشاركات: 2,664
    الحالة الإجتماعية: أعذب
    معدل تقييم المستوى : 183
    Array

    اغتيال ابن السلار

    وأما الفتنة التي قتل فيها الملك العادل بن السلار رحمه الله فإنه جهز عسكرا إلى بلبيس ومقدمه ابن امرأته ركن الدولة عباس بن أبي الفتوح تميم بن باديس لحفظ البلاد من الإفرنج ومعه ولده ناصر الدين نصر بن عباس رحمه الله فأقام مع أبيه في العسكر أياماً ثم دخل إلى القاهرة بغير إذن من العادل ولا دستور. فأنكر عليه ذلك وأمره بالرجوع إلى العسكر، وهو يظن أنه دخل القاهرة للعب والفرجه وللضجر من مقام العسكر. وابن عباس قد رتب أمره مع الظافر، ورتب معه قوما من غلمانه يهجم بهم على العادل في داره إذ أبرد في دار الحرام ونام فيقتله. وقرر مع أستاذ من أستاذي دار العدل أن يعلمه إذا نام، وصاحبه الدار امرأة وصلهم أوائل الفرنج وهم لعنهم الله، أكبر الناس احترازاً في الحرب فصعدوا على الرابية وقفوا عليها. وصعدنا نحن على الرابية مقابلهم وبين الرابيتين فضاء، أصحابنا المنقطعون وأصحاب الجنائب عبروا تحتهم، لا ينزل إليهم منهم فارس خوفاً من العادل جدته، فهو يدخل إليها بغير أستئذان. فلما نام أعلمه ذلك الأستاذ بنومه، فهجم عليه بالبيت الذي هو نائم فيه، ومعه ستة من غلمانه فقتلوه رحمه الله وقطع رأسه وحمله الظافر. وذلك في يوم الخميس السادس من المحرم سنه ثمان وأربعين وخمس مائه، وفي دار العادل من مماليكه وأصحاب النوبة نحو من ألف رجل، لكنهم في دار السلام، وهو قتل في دار الحرم فخرجوا من الدار ووقع القتال بينهم وبين أصحاب الظافر وابن عباس إلى أن رفع رأس العادل على الرمح، فساعة رأوه انقسموا فرقتين فرقه خرجت من باب القاهرة إلى عباس لخدمته وطاعته وفرقه رمت السلاح وجاءوا إلى بين يدي نصر ابن عباس قبلوا الأرض ووقفوا في خدمته.
    عباس يتولى الوزارة

    وأصبح والده عباس دخل القاهرة وجلس في دار الوزارة، وخلع عليه الظافر وفوض إليه الأمر، وابنه نصر مخالصة ومعاشره، وأبو العباس كاره لذلك مستوحش من ابنه لعلمه بمذهب القوم في ضربهم بعض الناس ببعض حتى يفنوهم ويجوزوا كلما لهم حتى يتفانوا، فأحضراني ليله وهم في خلوه يتعاتبان وعباس يرد عليه الكلام وابنه مطرق كأنه نمر يرد علية بعد كلمة يشتاط منها عباس ويزيد في لومه وتأنيبه. فقلت لعباس يا مولاي الأفضل كم تلوم مولاي ناصر الدين وتوبخه وهو ساكت؟ اجعل الملامة لي، فأنا معه في كل ما يعمله، ما أتبرأ، من خطأة ولا صوابه، أي شيء هو ذنبه؟ ما أساء إلى أحد من أصحابك، ولا فرط في شيء من مالك، ولاقدح في دولتك خاطر بنفسه حتى نلت هذه المنزلة، فما يستوجب منك ألائمه، فأمسك عنه والده ورعى لي ابنه ذلك.
    الخليفة يحرش ابن عباس على أبيه

    وشرع الظافر مع ابن عباس في حمله على قتل أبيه، ويصير في الوزارة مكانه وواصله بالعطايا الجز يله فحضرته يوماً وقد أرسل إليه عشرين صينية فضه فيها عشرون ألف دينار ثم أغفله أياماً وحمل إليه من الكسوات من كل نوع وما لا رأيت مثله مجتمعا قبله، وأغفله أياماً، وبعث إليه خمسين صينية فضه فيها خمسون ألف دينار، وأغفله أياماً، وبعث إليه ثلاثين بغلا رحلا وأربعين جملا بعددها وغرائرها وحبالها. وكان يتردد بينهما رجلا يقال له مرتفع بن فحل وأنا مع ابن عباس لا يفسح لي في الغيبة عنه ليلاً ولا نهاراًأنام على رأس مخدته. فكنت عنده ليله وهو في دار الشابوره وقد جاء مرتفع ابن فحل فتحدثت معه إلى ثلث الليل، وأنا معتزل عنهما ثم أنصرف فاستدعاني وقال، أين أنت قلت عند الطاقة أقرأ القرآن فإني اليوم ما تفرغت اقرأ فابتدأ يفاتحني بشيء مما كان فيه ليبصر ما عندي في ذلك يريد بي أن أقوي عزمه على سوء ما قد حمله عليه الظافر فقلت يا مولاي لايستزلك الشيطان وتنخدع لمن يغرك، فما قتل والدك مثل قتل العادل، فلا تفعل شيء تلعن عليه إلى يوم القيامة. فأطرق وقاطعني الحديث ونمنا. فاطلع والده على الأمر فلاطفه واستماله، وقرر معه قتل الظافر.
    الوزير يغتال الخليفة

    وكانا يخرجا في الليل متنكرين، وهما أتراب، وسنهما واحد فدعاه إلى داره، وكانت في سوق السيوفيين، ورتب من أصحابه نفراً في جانب الدار. فلما أستقر به المجلس خرجوا عليه فقتلوه. وذلك ليله الخميس سلخ المحرم سنه تسع واربعين وخمس مائه، ورماه في جب في داره وكان معه خادم له أسود لا يفارقه يقال له سعيد الدولة فقتلوه، وأصبح عباس جاء إلى القصر كالعاده للسلام يوم الخميس فجلس في خزانه في مجلس الوزارة كأنه ينتظر جلوس الظافر للسلام، فلما جاوز وقت جلوسه استدعى زمام القصر وقال ما لمولانا ما جلس للسلام؟ فتلبد الزمام في الجواب، فصاح عليه وقال مالك لا تجاوبني قال يا مولاي مولانا لاندري أين هو قال مثل مولانا يضيع ارجع فاكشف الحال فمضى ورجع وقال ما وجدنا مولانا فقال عباس ما يبقى الناس بلا خليفة ادخل إلى الموالي إخوته يخرج منهم واحد نبايعه فمضى وعاد وقال الموالي يقولون لك مالنا في الأمر شيء، والده عزله عنا وجعله في الظافر، والأمر لولده بعده قال أخرجوه حتى نبايعه.
    مبايعة ابن الظافر

    وعباس قتل الظافر وعزم على أن يقول اخوته قتله ويقتلهم به فخرج ولد الظافر وهو صبي محمول على كتف أستاذ من أستاذي القصر، فأخذه عباس فحمله وبكى الناس ثم دخل به وهو حامله إلى مجلس أبيه وفيه أولاد الحافظ الأمير يوسف والأمير جبريل وأبن أخيهم الأمير ابو البلقي.
    الإجهاز على أسرة الخليفة

    ونحن في الرواق جلوس، وفي القصر أكثر من ألف رجل من المصرين فما راعنا الأفواج قد خرج من المجلس إلى القاعة، وصوت السيوف على إنسان. فقلت لغلام لي ارمني ابصر من هذا المقتول . فمضى ثم عاد وقال ما هؤلاء مسلمون! هذا مولاي أبو الأمانة (يعني الأمير جبريل) قد قتلوه، وواحد قد شق بطنه يجذب مصارينه . ثم خرج عباس وقد اخذ راس الأمير يوسف تحت إبطه ورأسه مكشوف، وقد ضربه بسيف والدم يفور منه وأبو البقى ابن أخيه مع نصر بن عباس فادخلوهما في خزانه في القصر وقتلوهما، وفي القصر ألف سيف مجردة. وكان ذلك اليوم من أشد الأيام التي مرت بي، لما جرى فيه من البغي القبيح الذي ينكره الله تعالى وجميع الخلق.
    بواب يموت جزعاً

    وكان من طريف ما جرى ذلك اليوم ان عباسا لما أراد الدخول إلى المجلس وجد بابه قد قفل من داخل. وكان يتولى فتح المجلس وغلقه أستاذ شيخ يقال له أمين الملك، فاحتالوا في الباب حتى فتحوه ودخلوا فوجدوا ذلك الأستاذ خلف الباب وهو ميت وفي يده المفتاح.
    عباس يقمع الثورة


    وأما الفتنة التي جرت بمصر ونصر فيها عباس على جند مصر فانه لما فعل بأولاد الحافظ رحمة الله ما فعل جفت عليه قلوب الناس واضمروا فيها العداوة والبغضاء وكاتب من في القصر من بنات الحافظ فارس المسلمين أبا الغارات طلائع بن رزبك رحمة الله يستصرخون بة! وحشد وخرج من ولايته يريد القاهرة، فأمر عباس فعمرت المراكب وحمل فيها الزاد والسلاح والخزانة وتقدم إلي العسكر بالركوب والمسير معه وذلك يوم الخميس العاشر من صفر سنه تسع وأربعين وأمر ابنه ناصر الدين بالمقام في القاهر، وقال لي تقيم معه .
    فلما خرج من داره متواجها إلى لقاء ابن رزيك خامر عليه الجند وغلقوا أبواب القاهرة ووقع القتال بيننا وبينهم في الشوارع والأزقة. وخيالتهم تقاتلنا في الطريق، ورجالتهم يرمننا بالنشاب والحجارة من على السطوحات، والنساء والصبيان يرموننا بالحجارة من الطاقات. ودام بيننا وبينهم القتال من ضحى نهار إلى العصر. فاستظهر عليهم عباس وفتحوا أبواب القاهرة وانهزموا ولحقهم عباس إلى أرض مصر فقتل منهم من قتل وعاد إلى داره وأمره ونهيه. وأمر بإحراق البرقية لأنها مجمع دور الأجناد، فتلطفت الأمر معه وقلت يا مولاي، إذا وقعت النار أحرقت ما تريد ولا ما تريد، وبلعت عن أن تطفئها وردد رأيه عن ذلك. وأخذت الأمان للأمير المؤتمن بن أبي رماده بعد أن أمر بتلافه واعتذرت عنه، فصفح عن جرمه.
    عباس يفر إلى الشام


    ثم سكنت تلك الفتنة، وقد أرتاع منها عباس وتحقق عداوة الجند والأمراء وأنه لا مقام له بينهم، وثبت في نفسه الخروج من مصر وقصد الشام إلى الملك العادل نور الدين رحمه الله يستنجد به، والرسل بين من في القصور وبين ابن رزيك مترددة، وكان بيني وبينه رحمه الله مودة ومخالطة من حين دخلت ديار مصر فنفذ إلى رسولاَ يقول لي عباس ما يقدر على المقام بمصر، بل هو يخرج منها إلى الشام وأنا أملك البلاد، وأنت تعرف ما بيني وبينك، فلا تخرج معه فهو بحاجته إليك في الشام يرغبك ويخرجك معه، فالله الله لا تصحبه، فأنت شريكي في كل خير أناله. فكان الشياطين وسوست لعباس بذلك أو توهمه لما يعلمه بيني وبين ابن زريك من المودة. فأما الفتنة التي خرج فيها عباس من مصر وقتله الإفرنج فانه لما توهم من أمري وأمر ابن رزيك ما توهمه أو بلغه، أحضرني واستحلفني بالإيمان الغلظة التي لا مخرج منها إنني أخرج معه وأصحبه، ولم يقنعه ذلك حتى نفذ في الليل أستاذ داره الذي يدخل على حرمه، أخذ أهلي ووالدتي وأولادي إلى داره، وقال لي أنا احمل كلفتهم عنك في الطريق واحملهم مع والدة ناصر الدين. واهتم بأمر سفره بخيله وجماله وبغاله، فكان له مائتا حصان وحجره مجنوبه على أيدي الرجالة كعادتهم بمصر، ومائتا بغل رحل وأربع مائة جمل تحمل أثقاله.
    وكان كثير اللهج بالنجوم، وهو معول على السير بالطالع يوم السبت الخامس عشر من الربيع الأول من السنة فحضرته وقد دخل عليه الغلام يقال له عنتر الكبير وهو متولي أمر كبيرها وصغيرها فقال له يا مولاي، أي شيء مرجو من مسيرنا إلى الشام؟ خذ خزائنك وأهلك وغلمانك ومن تبعك وسر بنا إلى الإسكندريه، نحشد من هناك ونجمع ونرجع إلى أبن زريك ومن معه. فإن نصرنا عدت إلى دارك وإلى ملكك، وإن عجزنا عنه عدنا إلى الإسكندريه إلى بلد نحتمي فيه ويمتنع على عدونا فنهره وخطأه وكان الصواب معه. ثم أصبح يوم الجمعه استدعاني من بكره، فلما حضرت عنده قلت يا مولي إذا كنت عندك من الفجر إلى الليل فمتى أعمل شغل سفري قال عندنا رسل من دمشق، تسيرهم وتمضي تعمل شغلك.
    عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
    ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))


    حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر


    يداً بيد نبني سورية الغد




  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : SHARIEF FATTOUH غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Mar 2010
    رقم العضوية: 96
    الإهتمامات: Jannat World
    السيرة الذاتية: محبوبتي دمشق
    العمل: مساعد مهندس ميكانيك
    المشاركات: 2,664
    الحالة الإجتماعية: أعذب
    معدل تقييم المستوى : 183
    Array

    المكيدة ضد عباس

    وكان قبل ذلك احضر قوما من الأمراء واستحلفهم انهم يخونونه ولا يخامرون عليه، واحضر جماعه من مقدمي العرب من درماء وزريق وجذام وسنبس وطلحه وجعفر ولواته واستحلفهم بالمصحف والطلاق على مثل ذلك فما راعنا وأنا عنده بكره الجمعة، إلا والناس قد لبسوا السلاح وزحفوا إلينا ورؤوسهم الأمراء الذين أستحلفهم بالأمس، فأمر بسد دوابه فشدت وأوقفت على باب داره، فكانت بيننا وبين المصرين كالسد لا يصلون إلينا لا زدحام الدواب دوننا. فخرج إليهم غلامه عنتر الكبير كان أشار عليه بذلك الرأي وهو زمامهم، صاح عليهم وشتمهم وقال روحوا إلى بيوتكم فسيبوا الدواب ومضى الركابية والمكارية والجمالون، وبقيت الدواب مهملة ووقع فيها النهب. فقال لي العباس اخرج احضر الأتراك وهم عند باب النصر والكتاب ينفقون فيهم. فلما جئتهم واستدعيتهم ركبوا كلهم، وهم في ثماني مائه فارس وخرجوا من القاهرة منهزمين من القتال، وركب المماليك وهم أكثر من الأتراك وخرجوا أيضاً من باب النصر، ورجعت إليه عرفته ثم اشتعلت بإخراج أهلي الذي كان حملهم إلى داره فأخرجتهم واخرجت حرم عباس. فلما خلت الطريق ونهبت تلك الدواب بأجمعها وصل المصريون إلينا فأخرجونا ونحن في قله وهم في خلق كثير. فلما خرجنا من باب النصر وصلوا إلى الأبواب أغلقوها وعادوا إلى دروبنا نهبونا، فأخذوا من قاعة داري أربعين غراره جمالية مخالطة فيها من الفضة والذهب والكسوات شيء كثير. وأخذوا من أصطبلي ستة وثلاثين حصاناً وبغله سروجيه بسروجها وعدتها كاملة وخمسه وعشرين جملاً، وأخذوا من إقطاعي من كوم أشفين مائتي رأس بقر للنشابين ألف شيه واهراء غلة. ولما سرنا عن باب النصر تجمعت قبائل العرب الذين استحلفهم وقاتلونا من يوم الجمعه وضحى نهار إلى يوم الخميس العشرين من ربيع الأول فكانوا يقاتلون النهار كله، فإذا جن الليل ونزلنا أغفلونا إلى أن ننام، ثم يركبونا في ماءه فارس ويدفعون خيلهم في بعض جوانبنا ويرفعون أصواتهم بالصياح فما نفر من خيلنا وخرج إليهم أخذوه.

    أسامة جريح


    وانقطعت يوما عن أصحابي وتحتي حصان أبيض هو أردى خيلي، شده الركابي ولايدري ما يجري، وما معي من السلاح غير سيفي، فحمل علي العرب فلم أجد ما أدفعهم به، ولا ينجيني منهم حصاني، وقد وصلتني رماحهم قلت أثب عن الحصان واخذب سيفي أدفعهم. فجمعت نفسي لأثب فتتعتع الحصان فوقعت على الحجارة وأرض خشنه فانقطعت قطعه من جلدة رأسي ودخت حتى ما بقيت ادري بما انا فيه فوقفت علي منهم قوم وأنا جالس مكشوف الرأس غائب الذهن وسيفي مرمي بجهازه، فضربني واحد منهم ضربتين بالسيف وقال هات الوزن وأنا لا أدري ما يقول، ثم أخذ حصاني وسيفي. ورآني الأتراك فعادوا إلي، ونفذ لي ناصر الدين بن عباس حصاناًوسيفاًوسرت وأنا لاأقدر على عصابة أشد بها جراحي، فسبحان من لا يزول ملكه. وسرنا وما مع أحد منا كف زاد، وإذا أردت أشرب ماء ترجلت، شربت بيدي، وقبل أن أخرج بليلة جلست في بعض دهاليز داري على كرسي وعرضوا علي ستة عشر جمل روايا وما شاء الله سبحانه من القرب والسطائح. وعجزت عن حمل أهلي فردتهم من بلبيس إلى عند الملك الصالح أبي الغارات طلائع ابن زريك رحمه الله فأحسن إليهم وأنزلهم في دار واجرى لهم ما يحتاجونه. ولما أراد العرب الذين يقاتلونا الرجوع عنا جاءونا يطلبون حسبنا إذا عدنا.

    عباس يقتله الإفرنج


    وسرنا إلى يوم الأحد ثالث وعشرين ربيع الأخر فصبحنا الإفرنج جمعهم على المليح فقتلوا عباساً وابنه حسام الملك وأسروا ابنه ناصر الدين وأخذوا خزانته وحرمه وقتلوا من ظفروا به، وأخذ أخي نجم الدولة أبا عبد الله محمد رحمه الله أسيراً، وعادوا عنا ونحن قد تحصنا عنهم في الجبال.


    مخاطر وادي موسى


    فسرنا أشد من الموت في بلاد الفرنج بغير بغداد زاد للرجال ولاعلف للخيل إلى أن وصلنا جبال بني فهيد لعنهم الله في وادي موسى، وطلعنا في طرقات ضيقه وعره إلى أرض فسيحة والرجال وشياطين رجيمة من ظفروا به منا منفرد قتلوه. وتلك الناحية لا تخلو من بعض بني ربيعة الأمراء الطائيين، فسألت من ها هنا من الأمراء بني ربيعة؟ قالوا منصور بن غدفل وهو صديقي فدفعت لواحد دينارين وقلت أمض إلى المنصور قل له صديقك ابن منقذ يسلم عليك ويقول لك صل إليه بكره، وبتنا في مبيت سوء من خوفهم.
    فلما أضاء الصبح اخذوا عدتهم ووقفوا على عين وقالوا ما ندعكم تشربون ماءنا ونهلك ونحن بالعطش. وتلك العين تكفي ربيعة ومضر، وكم في أرضهم مثلها، وإنما قصدهم أن ينشئوا الشر بيننا وبينهم ويأخذونا، ونحن فيما نحن فيه ومنصور بن غدفل وصل، فصاح عليهم وسبهم فتفرقوا. وقال أركب فركبنا ونزلنا في طريق أضيق من الطريق التي طلعت فيها وأوعر. فنزلنا إلى لوطا سالمين، وما كدنا نسلم. فجمعت للأمير منصور ألف دينار مصريه ودفعتها إليه وعاد.


    في دمشق


    وسرنا حتى وصلنا بلد دمشق بمن سلم من الإفرنج وبني فهيد يوم الجمعة خامس ربيع الآخر من السنة. وكانت السلامة من تلك الطريق من دلائل قدرة الله عز وجل وحسن دفاعه.

    قصة السرج


    ومن عجيب ما جرى لي في تلك الواقعة أن الظافر كان أرسل إلى ابن عباس وهواراً صغير اً مليحاً إفرنجيا. وكنت قد خرجت إلى قرية لي، وابني أبو الفوارس مرهف عند ابن عباس فقالكنا نريد لهذا الرهوار سرجاً مليحاً من السروج الغزية فقال له ابني قد وجدته يا مولاي وهو فوق الغرض قال أين هو قال في دار خادمك والدي له سرج غزي مليح قال انفذ أحضره فأرسل رسولاً إلى داري أخذ السرج فأعجبه وشد به على الرهوار وكان السرج طلع معي من الشام على بعض الجنائب وهو منبت مجرى بسواد في غاية الحسن وزنه مائة مثقال وثلاثون مثقالاً. ووصلت أنا من الإقطاع فقال لي ناصر لدين أدللنا عليك أخذنا هذا السرج من دارك فقلت يا مولاي ماسعدني بخدمتك! فلما خرج علينا الإفرنج بالمويلح كان معي من مماليكي خمسه رجال على الجمال أخذت العرب خيلهم. فلما وقع الإفرنج بقيت الخيل سائبه، فنزل الغلمان عن الجمال واعترضوا الخيل وأخذوا منها ما ركبوه. فكان على بعض الخيل التي أخذوها ذلك السرج الذهب الذي أخذه ابن عباس. وكان حسام الملك ابن عم عباس وأخو عباس ابن العادل قد سلما فيمن سلم منا. وقد سمع حسام الملك خبر السرج وأنا أسمع كل ما كان لهذا المسكين يعني ابن عباس قد نهب فمنه ما نهب الإفرنج، ومنه ما نهبه أصحابه قلت لعلك تعني السرج الذهب قال نعم فأمرت بإحضاره وقلت اقرأ ما عليه اسم عباس عليه وابنه أو اسمي ومن كان في مصر يقدر يركب بسرج ذهب في أيام الحافظ غيري وكان أسمي مكتب على دائر السرج بالسواد ووسطه منبت. فلما قرأ ما عليه إعتذر وسكت.

    عدم الاتعاظ بنكبة رضوان


    ولولا نفاد المشيئة في عباس وابنه وعواقب البغي وكفر النعمة كان اتعظ بما جرى قبله للأفضل رضوان بن الولخشي رحمه الله، كان وزيرا فقام الجند عليه بأمر الحافظ كما قاموا على عباس، فخرج من مصر يريد الشام ونهبت داره وحرمه حتى أن رجلاً يعرف بالقائد مقبل رأى مع السودان جاريه فاشتراها منهم وبعثها إلى داره، وكانت له امرأة صالحه فاطلعت الجارية إلى الحجرة في علو الدار فسمعتها تقول لعل الله يظفرنا بمن بغى علينا وكفر نعمتنا. فسألتها من أنت فقالت قطر الندى بنت رضوان فنفذت المرأة إلى زوجها القائد مقبل أحضرته وهو على باب القصر في خدمته فعرفته حال البنت. فكتب إلى الحافظ مطالعه فعرف بذلك. فنفذ من خدام القصر من أخذها من دار مقبل ورفعها إلى القصر.

    أسامه بمهمة سياسية تجاه رضوان


    ثم أن رضوان وصل إلى صلخد وفيها أمين الدولة طغد كين أتابك رحمه الله فأكرمه وأنزله وخدمه. وملك الأمراء أتابك زنكي بن اقسنقر رحمه الله على بعلبك يحاصرها. فراسل رضوان واستقر انه يمضي إليه وكان رجلاً كاملاً كريماً شجاعاً كاتباً عارفا، وللجند إليه ميل عظيم لكرمه. فقال لي الأمير معين الدين رضي الله عنه هذا ان انضاف إلى أتابك دخل علينا منه ضرر كثير قلت فأي شيء ترى قال تسير إليه لعلك ترد رأيه عن قصد أتابك ويكون وصوله إلى دمشق وأنت ترى فيما تفعله في هذا رأيك فسرت إليه إلى صلخد واجتمعت به وبأخيه الأوحد وتحدثت معهما. فقال لي الأفضل رضوانفرط الأمر مني ورهنت قولي عند هذا السلطان بوصولي إليه، ولزمني الوفاء بقولي. قلت أقدمك الله على خير وأنا أعود إلى صاحبي فأنه ما يستغني عني بعد أن اخرج إليك بما في نفسي قال قل قلت إذا وصلت إلى أتابك معه من العسكر ما ينفذ نصفه معك إلى مصر ويبقى نصفه يحاصرنا به قال لا قلت فإذا هو نزل على دمشق وحاصرها وأخذها بعد المدة الطويلة يقدر وقد ضعف عسكرة وفرغت نفقاتهم وطالت سفرتهم، يسير معك إلى مصر قبل أن يجدد بركه ويقوي عسكرت قال لا قلت ذلك الوقت يقول لك نسير إلى حلب نجدد آلة سفرنا فإذا وصلتم إلى حلب قال نمضي إلى الفرات نجمع التركمان فإذا نزلتم على الفرات قال إن لم نعد الفرات ما يجتمع لنا التركمان فإذا عديتم تشوف بك وافتخر على سلاطين الشرق وقال هذا عزيز مصر في خدمتي وتتمنى ذلك الوقت أن ترى حجرا من حجارة الشام فلا تقدر عليها وتذكر حينئذً كلامي وتقول نصحني ما قبلت فاطرق مفكرا لا يدري ما يقول ثم التفت إلي وقال ماذا أعمل؟ وأنت تريد ترجع. قلت أن كان في مقامي مصلحه أقمت. قال نعم فاقمت. وتكرر الحديث بيني وبينه حتى استقر وصوله إلى دمشق.، وان يكون له ثلاثون ألف دينار نصفها نقد ونصفها إقطاع، ويكون له دار العقيقي، ويخرج لأصحابه ديوان. وكتب لي خطه بذلك وكان كاتبا حسنا. وقال أن شئت سرت معك. قلت لا أنا أسير ومعي الحمام من هاهنا. فإذا وصلت واخيلت الدار ورتبت الأمر، طيرت إليك الحمام وسرت أنا في الوقت ألقاك في نصف الطريق وادخل بين يديك فتقرر ذلك وودعته وسرت.

    رضوان في حبس مصر


    و كان أمين الدولة يشتهي مصيره إلى مصر لما قد وعده به واطعمه فبه، فجمع له من قدر عليه وسيره بعد مفارقتي له. فلما دخل حدود مصر غدر به الذين كانوا معه من الأتراك ونهبوا ثقله، والتجأ هو إلي حي من أحياء العرب وراسل الحافظ وطلب منه الأمان وعاد إلى مصر، فساعة وصوله إلى مصر أمر به الحافظ فحبس هو وولده. واتفق طلوعي إلى مصر وهو في الحبس في دار في جانب القصر فنقب بمسمار حديد أربعه عشر ذرعا وخرج ليله الخميس وله من الأمراء نسيب قد عرف امره فهو عند القصر ينتظره ومصطنع له من لواته، ومشوا إلى النيل عدوا إلى الجيزة واختبطت القاهرة لهروبه. وأصبح في منظره في الجيزة والناس يجتمعون إليه. وعسكر مصر قد تأهب لقتاله، ثم اصبح بكره الجمعه عدى إلى القاهرة والعسكر المصري مع قيماز صاحب الباب مدرعين للقاء، فلما وصلهم هزمهم ودخل القاهرة

    رضوان يقتله الحرس الفاطمي


    وكنت قد ركبت أنا واصحابي إلى باب القصر قبل دخوله البلد فوجدت أبواب القصر مغلقه وما عندها أحد، فرجعت نزلت في داري، ونزل رضوان في الجامع الأقمر واجتمع إليه الأمراء وحملوا إليه الطعام والنفقه. وقد جمع الحافظ قوما من السودان في القصر شربوا وسكروا، وفتح لهم باب القصر فخرجوا يريدون رضوانا. فلما وقع الصياح ركب الأمراء كلهم من عند رضوان وتفرقوا هو من الجامع، وجد حصانه قد أخذه الركابي وراح، فرآه رجل من صبيان الخاص واقفاً على باب الجامع فقاليا مولاي ما تركب حصاني؟ قال بلى فجاء إليه يركض وسيفه بيده، فأومأ كأنه يميل للنزول وضربه بالسيف فوقع، ووصله في السودان قتلوه، وتقاسم أهل مصر لحمه يأكلونه ليكونوا شجعاناً. فقد كان فيه معتبر وواعظ لولا نفاذ المشيئة.

    بالفصاد ينجو جريح


    وأصاب ذلك اليوم رجلاً من أصحابنا الشامين جراح كثيرة، فجاءني أخوه وقالأخي تالف قد وقع فيه كذا وكذا جرح سيوف وغيرها، وهو مغمور ما يفيق. قلت ارجع افصده. قالقد خرج منه عشرون رطل دم. قلت إرجع إفصده، فأنا اخبر منك بالجراح وليس له دواء غير الفصاد. فمضى غاب عني ساعتين ثم عاد وهو مستبشر، قال أنا فصدته وهو أفاق وأكل وشرب وذهب عنه البؤس. قلت الحمد الله ولولا أني جربت هذا في نفسي عدة مرار ما وصفته لك.
    عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
    ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))


    حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر


    يداً بيد نبني سورية الغد




  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : SHARIEF FATTOUH غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Mar 2010
    رقم العضوية: 96
    الإهتمامات: Jannat World
    السيرة الذاتية: محبوبتي دمشق
    العمل: مساعد مهندس ميكانيك
    المشاركات: 2,664
    الحالة الإجتماعية: أعذب
    معدل تقييم المستوى : 183
    Array

    زيارة أسامة الثانية لدمشق
    (1154 - 1164 م)


    ثم اتصلت بخدمه الملك العادل نور الدين رحمه الله وكاتب الملك الصالح في تسير أهلي وأولادي الذين تخلفوا بمصر وكان محسناً إليهم. فرد الرسول اعتذر بأنه يخاف عليهم من الإفرنج، وكتب إلي يقول ترجع إلى مصر وأنت تعرف ما بيني وبينك، وإن كنت مستوحشاً من أهل القصر فتصل إلى مكة وأنفذ لك كتاباً بتسليم مدينه أسوان إليك، وأمدك بما تتقوى به على محاربة الحبشة فأسوان ثغر من ثغور المسلمين واسير أهلك وأولادك. ففاوضت الملك العادل واستطلعت أمره فقاليا فلان، ما صدقت متى تخلص من مصر وفتنتها، تعود إليها! العمر أقصر من ذلك. أنا انفذ أحذ لأهلك الأمان من ملك الإفرنج أسير من يحضرهم. فانفذ رحمه الله أخذ أمان الملك وصليبه في البر والبحر.


    أسرة أسامة بيد الإفرنج


    وسيرت الأمان مع غلام لي وكتاب الملك العادل وكتابي إلى الملك الصالح، فسيرهم في عشاري من الخاص إلى دمياط، وحمل لهم كل ما يحتاجونه من النفقات الزاد ووصى بهم، واقلعوا من دمياط في بطسه من بطس الإفرنج، فلما دنوا من عكاروالملك، لا رحمه الله، فيها نفذ قوم في مركب صغير كسروا البطسه بالفؤوس واصحابي يرونهم، وركب ووقف على الساحل نهب كل ما فيه. فخرج إليه الغلام لي سابحاً والأمان معه وقال لهيا مولاي الملك، ما هذا أمانك؟ قال بلى، ولكن هذا رسم المسلمينإذا انكسر لهم مركب على بلد نهبه أهل ذلك البلد. قال فتسبينا؟ قاللا، وانزلهم لعنه الله في دار وفتش النساء حتى أخذ كل ما معهم. وقد كان في المركب حلى اودعه النساء وكسوات وجوهر وسيوف وسلاح وذهب وفضه بنحو من ثلاثين ألف دينار، فأخذ الجميع ونفذ لهم خمس مائه دينار، وقالتوصلوا بهذه إلى بلادكم وكانوا رجالاً ونساء في خمسين نسمه. وكنت إذ ذلك مع الملك العادل في بلاد الملك مسعود رعبان وكيسون. فهون علي سلامة أولادي وأولاد أخي، وحرمنا ذهاب ما ذهب من المال إلا ما ذهب لي من الكتب، فإنها كانت أربعة آلاف مجلد من الكتب الفاخرة، فإن ذهابها حزازة في قلبي ما عاشت. فهذه نكبات تزعزع الجبال وتفني الأموال، والله سبحانه يعوض برحمته ويختم بلطفه ومغفرته. وتلك وقعات كبار شاهدتها مضافة إلى نكبات نكبتها سلمت فيها النفس لتوقيت الآجال واجحفت بهلاك المال.

    معارك مع الإفرنج ومع المسلمين


    وقد كان بين هذه الوقعات فترات شهدت فيها من الحروب مع الكفار والمسلمين ما لا احصيها، وسأورد من عجائب ما شاهدته ومارسته في الحروب ما يحضرني ذكره، وما النسيان بمستنكر لمن طال عليه ممر الأعوام وهو وراثة بني آدم من أبيهم عليه الصلاة والسلام.

    شرف الفارس جمعة


    فمن ذلك ما شهدته من أنفة الفرسان وحملهم نفوسهم على الأخطار، أننا كنا التقينا نحن وشهاب الدين محمود بن قراجا، صاحب حماه ذلك الوقت وكانت الحرب بيننا وبينه ما تغب، والمواكب واقفه والطراد بين المتسرعة، فجاءني رجل من أجنادنا وفرساننا المعدودين يقال له جمعه من بني نمير وهو يبكي، فقلت لهمالك يا أبا محمود؟ هذا وقت بكاء؟ قال طعنني سرهناك بن أبي منصور. قلتوإذا طعنك سرهنك أي شيء يكون؟ قالما يكون شيء إلا يطعنني سرهنك! والله إن الموت أسهل علي من أن يطعنني لكنه استغفلني واغتالني فجعلت أسكته واهون الأمر عليه، فرد رأس فرسه راجعاً. فقلتإلى أين يا أبا محمود؟ قالإلى سرهناك، والله لأطعنه أو لأموتن دونه. فغاب ساعة واشتغلت أنا بمن مقابلي، ثم عاد وهو يضحك فقلتما عملت؟ فقالطعنته والله، ولو لم اطعنه لفظت روحي، فحمل عليه في جمع أصحابه فطعنه وعاد، فكأن هذا الشعر عن سرهنك وجمعة بقوله

    لله درك ما تظن بثائرً

    حران ليس عن التراث براقد
    أيقظته ورقدت عنه ولم ينم

    حنقاً عليك وكيف نوم الجاهد
    إن تمكن الأيام منك وعلها

    يوماً يكل لك بالصواع الزائد

    وقد يكون سرهنك هذا من الفرسان المذكورين مقدماً في الأكراد، إلا أنه كان شاباً وجمعة رجل كهل له ميزة بالسن والتقدمية في الشجاعة.


    في صدر الإسلام


    وذكرت بفعلة سرهنك ما فعله مالك بن الحارث الاشتر رحمه الله بأبي مسيكه الايادي. وذلك انه لما ارتدت العرب في أيام أبي بكر رضوان الله عليه، وعزم الله سبحانه له على قتالهم، جهز العساكر إلى قبائل العرب المرتدين. فكان أبو مسيكه الأيادي مع بني حنيفة وكانوا أشد العرب شوكه. وكان مالك الأشتر في جيش أبي بكر رحمه الله. فلما توقفوا برز مالك بين الصفين وصاحيا أبا مسيكة فبرز له فقال ويحك يا أبا مسيكة، بعد الإسلام وقراءة القرآن رجعت إلى الكفر؟ فقالإياك عني يا مالك! انهم يحرمون الخمر، ولا صبر عنها. قال هل لك في المبارزة؟ قال نعم. فالتقيا بالرماح والتقيا بالسيوف فضربه أبو مسيكة فشق رأسه وشتر عينه وبتلك الضربه سمي الأشتر. فرجع وهو معتنق رقبه فرسه إلى رحله، واجتمع له قوم من أهله وأصدقائه يبكون. فقال لأحدهمادحل يدك في فمي. فادحل إصبعه في فمه فعضها مالك فالتوى الرجل من الوجع. فقال مالك لابأس على صاحبكم. يقال إذا سلمت الأضراس سلم الرأس، أحشوها يعني الضربه سياقاً وشدوها بعمامة فلما حشوها وشدوها قالهاتوا فرسي. قالواإلى أين قالإلى أبى مسيكة. فبرز بين الصفين وصاح يا أبا مسيكة! فخرج إليه مثل السهم فضربه مالك بالسيف على كتفه فشقها إلى سرجه فقتله. ورجع مالك إلى رحله فبقى أربعين يوماً لا يستطيع الحراك، ثم ابل وعوفي من جرحه ذلك.

    سلامة المطعون


    ومن ذلك ما شهدته من سلامة المطعون، وقد ظن أنه هلك، أننا التقينا بوادر خيل شهاب الدين محمود بن قراجا، قد جاء إلى أرضنا وكمن لنا كميناً. فلم توقفنا نحن وهو انتشرت خيلنا. فجاءني فارس من جندنا يقال له علي بن سلام نميري وقال أصحابنا قد انتشروا ان حملوا عليه أهلكوهم. قلت احبس عني اخوتي وبني عمي حتى أردهم. فقاليا أمراء، دعوا هذا يرد الناس ولا تتبعوه، وإلا حملوا عليهم قلعوهم. قالوا يمضي. فخرجت أناقل حصاني حتى رددتهم، وكانوا ممسكين عنهم ليستجر وهم ويتمكنوا منهم. فلما رأوني قد رددتهم حملوا علينا وخرج كمينهم وأنا على فسحة من أصحابي فرجعت مباريهم أريد احمي أعقاب أصحابي فوجدت ابن عمي ليث الدولة يحيى رحمه الله قد حدب من وراء أصحابي من قبل الطريق وأنا في شمالية فجئناهم، فتسرع فارس من خيلهم يقال له فارس بن زمام رجل عربي فارس مشهور، وجازنا يريد الطعن في أصحابنا فسبقني إليه ابن عمي فطعنه فوقع هو وحصانه وفقع الرمح سمعتها أنا وأولئك. وكان الوالد رحمه الله أرسل رسولا إلى شهاب الدين فأخذه معه لما جاء لقتالنا فلما طعن فارس بن زمام ولم يبلغ منا ما أراد نفذ الرسول من مكانه بجواب ما سار فيه ورجع إلى حماه، فسألت الرسولهل مات فارس بن زمام، قاللا والله ولافيه جرح قالليث الدولة طعنه وأنا أراه فرماه ورمى حصانه وسمعت قعقعة كسر الرمح، لما غشيه ليث الدولة من يساره مال على جانبه الأيمن وفي يده قنطاريته فوقع حصانه على قنطاريته وهي على وهده فانكسرت، وتذنب ليث الدولة برمحه فوقع من يده، والذي سمعت قعقعة قنطاريه فارس بن زمام، ورمح ليث الدولة أحضره بين يدي شهاب الدين وأنا حاضر، وهو صحيح ما فيه كسر ولا في فارس جرح، فعجبت من سلامته وكانت تلك الطعنه طعنه فيصل كما قال عنترة


    الخيل تعلم والفوارس أنني

    فرقت جمعهم بطعنة فيصل

    ورجع جميعهم كمينهم ما نالوا منه ما أرادوه. والبيت المقدم من أبيات عنترة بن شداد يقول فيها


    إني أمرؤ من خير عبس منصباً

    شطري وأحمي سائري بالمنصل
    وإذا الكتيبة أحجمت فتلاحظت

    ألفيت خيرا من معم مخول
    وإن المنية لو تمثل مثلت

    مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل
    والخيل تعلم والفوارس أنني

    فرقت جمعهم بطعنة فيصل
    ودعوا نزال فكنت أول نازل

    وعلام أركبه إذا لم أنزل

    أول قتال حضره أسامة


    ومثل ذلك ما جرى لي على افامية فإن نجم الدين بن إيلغازي بن ارتق رحمه الله كسر الإفرنج على البلاط وذلك يوم الجمعة خامس جمادى الأولى سنة، ثلاث عشرة وخمسمائة وأفناهم وقتل صاحب إنطاكية روجار وجميع فرسانه، فسار إليه عمي عز الدين ابو العساكر سلطان رحمه الله، وتخلف والدي رحمه الله في حصن شيزر، وقد وصاه ان يسيروني إلى افامية بمن معي بشيزر من الناس والعرب لنهب زرع افامية، وكان قد هدف من العرب إلينا خلق كثير. فلما سار عمي نادى المنادي بعد يوميات من مسيره وسرت في نفر قليل ما عشرين فارساً، ونحن على يقين أن افاميه مافيها خياله ومعي خلق عظيم من النهاية والبداية، فلما صرنا على وادي أبو الميمون، والنهابة والعرب متفرقون في الزرع، خرج علينا من الإفرنج جمع كثير، وكان قد وصلها تلك الليلة ستون فارساً وستون راجلاً فكشفونا عن الوادي، فاندفعنا بين أيديهم إلى أن وصلنا الناس الذين في الزرع ينتهبونه فضجوا ضجة عظيمة، فهان علي الموت لهلاك ذلك العالم معي، فرجعت على فارس في أولهم قد ألقى عنه درعه وتخفف ليجوزنا من بين أيدينا، فطعنته في صدره فطار عن سرجه ميتا. ثم استقبلت خيلهم المتتابعة فولوا أنا غر من القتال ما حضرت قتالا قبل ذلك اليوم وتحتي فرس مثل الطير ألحق أعقابهم لأطعن فيهم ثم اجتن عنهم. وفي أخرهم فارس على حصان ادهم مثل الجمل بالدرع ولأمه الحرب وأنا خائف منه لا يكون جذاباً لي ليعود علي، حتى رأيته ضرب حصانه بمهمازه فلوح بذنبه فعلت انه قد اعيا، فحملت عليه طعنته فنفذ الرمح من قدامه نحواً من ذراع، وخرجت من السرج لخفة جسمي وقوة الطعنه وسرعة الفرس، ثم تراجعت وجذبت رمحي وأنا أظن أنى قتلته، فجمعت أصحابي وهم سالمون. وكان معي مملوك صغير يجر فرساً لي دهماء مجنوبة وتحته بغلة مليحة سروجية وعليها مركوب صقيل فضة، فنزل عن البغلة وسيبها وركب الحجرة فطارت به إلى شيزر، فلما عدت إلى أصحابي وقد مسكوا البغله سألت عن الغلام فقالوا راح. فعلمت انه يصل شيزر ويشغل قلب الوالد رحمه الله، فدعوت رجلاًمن الجند وقلتتسرع إلى شيزر تعرف والدي بما جرى. وكان الغلام لما وصل أحضره الوالد بين يديه وقالأي شيء لقيتم؟ قاليا مولاي خرج الإفرنج في ألف، وما أظن أحد يسلم إلا مولاي قالكيف يسلم مولاك دون الناس؟ رأيته قد لبس وركب الخضراء هو يحدثه، وذلك الفارس قد وصله وأخبره باليقين ووصلت بعده فاستخبرني رحمه الله. فقلت يا مولاي كان أول قتال حضرته، فلما رأيت الإفرنج قد وصلوا إلى الناس هان علي الموت فرجعت إلى الإفرنج لأقتل أو أحمي ذلك العالم فقال رحمه الله متمثلاً

    يفر جبان القوم عن أم رأسه

    ويحمي شجاع القوم من لا يلازمه

    ووصل عمي رحمه الله من عند نجم الدين ايلغازي رحمه الله بعد أيام فأتاني رسوله يستدعيني في وقت ما جرت عادته فيه، فجئته فإذا عنده رجل من الإفرنج فقالهذا الفارس قد جاء من افامية يريد يبصر الفارس الذي طعن فيليب الفارس، فإن الإفرنج تعجبوا من تلك الطعنة وإنها خرقت الزردية من طاقتين وسلم الفارس. قلتكيف سلم؟ قال ذلك الفارس الإفرنجي جاءت الطعنة في جلدة خاصرته. فقلت نعم الأجل حصن حصين. وما ظننته يسلم من تلك الطعنة. قلت يجب على من وصل إلى الطعنة أن يشد يده وذراعه على الرمح جانبه ويدع الفرس يعمل ما يعمله في الطعنة، فإنه متى حرك يده بالرمح مدها به لم يكن لطعنته تأثير ولا نكاية.


    يسلم بعد أن قُطع شريان قلبه


    وشاهدت فارساً من رجالنا يقال له ندى بن تليل القشيري وكان من شجعاننا، وقد التقينا نحن والإفرنج وهو معرى ما عليه غير ثوبين فطعنه فارس من الإفرنج في صدره فقطع هذه العصفورة التي في الصدر وخرج الرمح من جانبه، فرجع وما نظنه يصل منزله حياً، فقدر الله سبحانه ان سلم وبرأ جرحه، لكنه لبث سنة إذا نام على ظهره لا يقدر يجلس إن لم يجلسه إنسان بأكتافه، ثم زال عنه ما كان يشكوه وعاد إلى تصرفه وركوبه كما كان. قلت فسبحان من نفذت مشيئته في خلقه يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير.

    واخر يموت من إبرة


    كان عندنا رجل من المصطنعة يقال له عتاب، اجسم ما يكون من الرجل واطولهم دخل بيته فاعتمد على يده عند جلوسه على ثوب بين يديه كانت فيه إبرة دخلت لعظم خلقه وجهارة صوته يموت من إبرة وهذا القشيري يدخل في صدره قنطاريه تخرج من جنبه لا يصيبه شيء.

    حوادث الزمر كل


    نزل علينا صاحب إنطاكية لعنه الله بفارسه وراجله وخيامه في بعض السنيين فركبنا ولقيناهم نظن انهم يقاتلونا، فجاؤا نزلوا منزلاً كانوا ينزلونه وهجموا في خيامهم، فرجعنا نحن إلى آخر النهار ثم ركبنا، ونحن نظن انهم يقاتلونا فما ركبوا من خيامهم. وكان للابن عمي ليث الدولة يحيي غلة قد نجزت وهي بالقرب من الفرنج فجمع دواب يريد يمضي إلى الغلة يحملها، فسرنا معه في عشرين فارساً معدين وقفنا بينه وبين الفرنج إلى أن حمل الغلة ومضى، فعدلت أنا ورجل من مولدين يقال له حسام الدولة مسافر رحمه الله إلى كرم رأينا فيه شخوصاً وهم على شط النهر، فلما وصلنا الشخوص التي رأيناها والشمس على مغيبها، فإذا شيخ عليه معرقة إمراة ومعه آخر. فقال له حسام الدولة وكان رحمه الله رجلاً جيداً كثير المزاح يا شيخ أي شيء تعمل ها هنا؟ قالأنتظر الظلام واسترزق الله تعالى من خيل هؤلاء الكفار. قال يا شيخ بأسنانك تقطع عن خيلهم؟ قال لا بهذه السكين. وجذب سكين من وسطه مشدودة بخيط مثل شعلة النار، وهو بغير سراويل، فتركناه وانصرفنا. أصبحت من بكرة ركبت انتظر ما يكون من الإفرنج، وإذا الشيخ جالس في طريقي على حجر والدم على ساقه وقدمه وقد جمد. قلت يهنئك السلامة، أي شيء عملت؟ قالأخذت منهم حصاناً وترساً ورمحاً ولحقني راجل وأنا خارج من عسكرهم طعنني نفذ القنطارية في فخذي وسبقت بالحصان والترس والرمح، وهو مستقل بالطعنة التي فيه كأنها في سواه. وهذا الرجل يقال له الزمركل من شياطين اللصوص. حدثني عنه الأمير معين الدين رحمه الله قال أغرت زمان مقامي بحمص على شيزر وعدت آخر النهار نزلت على ضيعة من بلدة حماه، وأنا عدو لصاحب حماه، قال فجاءني قوم معهم شيخ قد أنكروه فقبضوه وجاؤوني به فقلت يا شيخ أيش أنت قاليا مولاي أنا رجل صعلوك شيخ زمن وأخرج يده من زمنه قد اخذ لي العسكر عنزتين جئت خلفهم لعل إن يتصدقوا علي بهما. فقلت لقوم من الجندارية احفظوه إلى غد فأجلسوه بينهم وجلسوا على اكمام فروة عليه فاستغفلهم في الليل وخرج من الفروة وتركها تحتهم وطار فعدوا في أثره، سبقهم ومضى، قال وكنت قد نفذت بعض أصحابي في شغل فلما عادوا وفيهم جندار يقال له سومان قد كان يسكن بشيزر فحدثته حديث الشيخ قال واحسرتي عليه لو كنت لحقته كنت شربت دمه هذا الزمر كل. قلتفأي شيء بينك وبينه قال نزل عسكر الفرنج على شيزر فخرجت أدور به لعل أسرق حصاناً منهم، فلما أظلم الظلام مشيت إلى طوالة خيل بين يدي، وإذا هذا جالس بين يدي. فقال ليإلى أين قلتاخذ حصاناً من هذه الطوالة. قال وأنا من العشاء انظرها حتى تأخذ أنت الحصان! قلت لا تهذ. قال لا تغتر. والله ما أدعك تأخذ شيئاً. فما التفت إلى قوله ويممت إلى الطوالة. فقام وصاح بأعلى صوتهوافقري واخيبة تعبي وسهري. وصيح حتى خرج على الفرنج، فأما هو فطار، فطردوني حتى رميت نفسي في النهر، وما ظننت أني أسلم منهم، ولو لحقتهم كنت شربت دمه، وهو لص عظيم، وما تبع العسكر إلا يسرق منه. فكان هذا الرجل يقول من يراهما في هذا يسرق رغيف خبز من بيته.

    سرقة الخيل


    ومن عجيب ما اتفق في السرقة ان رجلا كان في خدمتي يقال له علي ابن الدودويه من اهل مثكير ونزل يوما الإفرنج لعنهم الله على كفر طاب، وهي ذا ذاك لصلاح الدين محمد بن أيوب الغسياني رحمه الله. فخرج هذا علي بن الدودوية، دار بهم وأخذ حصاناً ركبه وخرج من العسكر يركض، وهو يسمع الحس خلفه ويعتقد ان بعضهم ركب في طلبه، وهو مجد في الركض والحس خلفه حتى ركض قدر فرسخين والحس معه. فالتفت يبصر ما خلفه في الظلام، وإذ بغلة كانت تألف الحصان قد قطعت مقودها وتبعته، فوقف حتى شد فوطته في رأسها وأخذها وأصبح عندي في حماه بالحصان والبغله. وكان الحصان من أجود الخيل وأحسنها وأسبقها.
    عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
    ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))


    حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر


    يداً بيد نبني سورية الغد



  • صفحة 1 من 5 123 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. أسامة هوساوي أفضل لاعب في الموسم الرياضي السعودي
      بواسطة Mgtrben Sport في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-09-2010, 03:40 AM
    2. أسامة الشيخ: الإتحاد الأفريقي لا يستطيع إستبعاد الأندية المصرية
      بواسطة Mgtrben Sport في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-06-2010, 02:23 AM
    3. كتاب نادرلشكسبير في الكويت
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى أخبار الصحف و وسائل الاعلام العربية والعالمية
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-03-2010, 03:11 PM
    4. كتاب استمتع بحياتك
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 04-30-2010, 09:17 PM
    5. مرحبا بك معنا يا أسامة
      بواسطة General Manager في المنتدى ملتقى الترحيب والتهاني Welcome Greetings Forum
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 04-02-2010, 01:12 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1