الإنصات... جوهر التعلم
في قديم الزمان ، زارت ثلاثة طيور حمامة في البر و قالت لها: (( أيتها الحمامة الحكيمة ! كيف نستطيع أن نبني عشاً كعشك؟)) .
هزت الحمامة ذيلها و قالت: (( تعالوا اقتربوا و أصغوا إلي جيداً ... و سأعلمكم كيف تبنون عشاً كعشي، ولم تلبث أن تناولت غصناً من الشجر)) .
فصاح الطير : (( هكذا تصنعين عشك إذن ! انفضوا .... انفضوا .... انفضوا هذا كل ما في الأمر ... إنني أعرف ذلك كله .. انفضوا ! ثم طارمسرعاً، وكان ذلك هو كل ما تعلمه عن بناء العش !)) .
ثم إن الحمامة البرية تناولت غصناً آخر، فصاح الطائر الثاني: (( هكذا يبنى العش ! بالأغصان .. لقد رأيت! لقد رأيت، إنني أعرف ذلك كله))، و لم يلبث أن طار مسرعاً، و كان ذلك كل ما تعلمه عن بناء العش.!
و بعد ذلك و ضعت الحمامة البرية ريشاً و أوراقاً بين الأغصان فصاح الطائر الثالث: (( لقد رأيت ما يكفي و الآن سأذهب))، طار مسرعاً و كان ذلك كل ما تعلمه عن بناء العش.
تعجبت الحمامة من تصرفات الطيور الثلاثة قائلة: (( كيف يتسنى لي أن أعلّم هذه الطيور الغبية بناء أعشاشها إذا كانت لا تملك القدرة على الإصغاء؟! )).



لحن الحياة الخالد
ولد بيتهوفن في مدينة بون الألمانية عام 1770م, ضمن عائلة فنية فقيرة تهتم بالموسيقى, وقد حرص والده على تعليمه أصول العزف على "البيانو" و"القيثارة" منذ عامه الثالث,

فغرس في نفسه حبّ الموسيقى، وقد أثمر هذا الاهتمام فأخذ الولد يشق طريقه في هذا المجال مقدماً أول أعماله الموسيقية وهو في الثامنة من عمره، وفي زيارة عابرة له لفيينا عاصمة الموسيقى التقى مصادفةً بأشهر ملحني ذلك العصر "موزارت" الذي أدرك موهبة بيتهوفن من خلال عزفه فقال لمن حوله ( انتبهوا إليه جيداً، لأنه سيجعل الدنيا كلها تتحدث عنه).
نشر بيتهوفن أول أعماله المكتوبة وهو في الثالثة عشر من عمره وبدأت شهرته تتسع كعازف بيانو في وقت مبكر من حياته، توفيت والدته عندما كان في السابعة عشر من عمره تاركة له مسؤولية العائلة, إلا أن الأيام سرعان ما ابتسمت له عندما عاد إلى فيينا، حيث تتلمذ على يد هايدن ومعلمين آخرين مثل ساليري وشينك وألبريشتبيرجر. وقد أسهمت كل هذه الدروس والاحتكاكات في إثراء شخصيته الفنية. ثم حظي بمكانة كبرى ومعاملة خاصة في الأوساط الأرستقراطية, إلا أن هذه الشهرة لم تخرجه من حالة الفقر التي لازمته طيلة حياته، لأنه لم يكن مهتماً أبداً بوضعه المادي كما اهتمامه العظيم بألحانه التي يؤلفها, فلم يكن الفقر عائقاً أمام تحقيق هدفه.وحين بلغ الثلاثين من عمره بدأ الصمم يشق طريقه إلى أذنيه، سارقاً منه أغلى ما يحتاج إليه لتحقيق حلمه, فبدأ سمعه يخف شيئاً فشيئاً مما جعله يدخل في حالة من اليأس والانعزال وهذا ما أثر على شخصيته فأصبح صعب الطبع سيئ المزاج, وامتد تأثير تلك الضائقة النفسية على نتاجه الفني وبدأت أعماله بالاضمحلال.
وعلى الرغم من هذا الألم الجمّ الذي بسط كفيه على حياته إلا أن بيتهوفن لم يكن من الذين يستغنون عن أحلامهم بسهولة، فقاوم حالة اليأس تلك التي جعلته في إحدى المرات يفكر في الانتحار، وخرج من تلك المحنة قوياًُ تدفعه العزيمة والإصرار على المضي قدماً في مسيرته، فوجد طريقة يستطيع من خلالها أن يستمع لألحانه فكان يضع طرف قلم في فمه ويضع طرفه الآخر على "البيانو" الذي يعزف عليه، مما يمكنه من سماع النغمة التي يؤلفها من خلال عظام فكه.
وبذلك استطاع بيتهوفن أن ينتج أروع أعماله فيما المرض يداهم أذنيه بلا هوادة، مؤلفاً أعذب الألحان ومنها سيمفونياته التسعة التي انطلقت معلنةً وجودها إلى آذان الكثيرين، فخرجت أعماله معبرة عن حالات نفسه البشرية، ففي (سمفونيته) الخامسة أو ما تسمى بالقدر صوّر بيتهوفن خلجات النفس البشرية وما يصيبها من محن.
إن كان بيتهوفن، كما صورته الرسومات بشعره المتجعد الكثيف، ملهماً لكل موسيقي وعازف، فمن الأهمية بمكان أن يكون منارة لكل من عانى من آفة أو مرض وصل به إلى هاوية اليأس, وليتذكر مقولة بيتهوفن التي يجسد فيها إصراره على الحياة لتحقيق هدفه في الفن وإخراج روائع موسيقية خالدة :(كدت أضع حدا لحياتي البائسة، إلا أن الفن، الفن وحده هو الذي منعني من ذلك).

ما الذي يمكن أن تعلمه من سفينة نوح؟
1. لا تتأخر عن مواعيدك حتى لا تضيع فرصة النجاة.
2. تذكر أننا جميعاً في سفينة واحدة، و غرَق أحدنا يعني غرق الجميع.
3. خطط للمستقبل، فلم يكن هناك مطر عندما شرع نوح عليه السلام ببناء سفينته.
4. حافظ على صحتك و لياقتك فقد تضطر لإنجاز بعض المهام الشاقة و أنت في الستين من العمر.
5. لا تعبأ بالنقد الهدام و بلغو الكلام ، بل استمر في العمل و إنجاز المهام.
6. ابن مؤسستك و حياتك و مشروعاتك على أرض صلبة.
7. اتخذ لك صديقاً و رفيقاً و لا تعبر زحمة الحياة وحدك . يقول المثل :{ الصديق قبل الطريق}.
8. السرعة ليست ميزة دائماً، فأنت تعرف قصة الأرنب و السلحفاة، و تعرف أن الزواحف وصلت في وقتها و ركبت السفينة مع النمور.
9. حاول الاسترخاء عندما تزداد الضغوط تماماً مثل السفينة التي تخفف سرعتها عندما تشتد الرياح.
10. لا تستهن بمهارات الهواة، فلربما تفوق خبرة الخبراء في التشييد و البناء. سفينة نوح بناها مبتدئون، و "تيتانك " بناها محترفون و مع ذلك نجت الأولى و غرقت الثانية.
11. كن مع الله و لا تبالي، فمهما بلغت شدة العاصفة، يبقى الإيمان سبيل النجاة.



فكر بغيرك...

و أنت تعد فطورك فـكر بغيـرك.. ( لا تنس قوت الحمام)
و أنت تخوض حروبك فكر بغـيرك.. ( لا تنس من يطلبون السلام )
و أنت تسدد فاتورة المـاء فكـر بغيرك.. ( لا تنس من يرضعون الغمام )
و أنت تعود إلى البيت ، بيتك ، فكر بغيرك.. ( لا تنس شعب الخيام)
و أنت تنام و تحصي الكواكب فكر بغيرك .. ( ثمة من لم يجد حيزاً للمنام )
و أنت تحرر نفسـك بالاستعارات، فكـر بغيرك .. (من فقدوا حقهم في الكلام )
و أنت تفكر بالآخرين البعيدين ، فكر بنفسك .. ( قل ليتني شمعة في الظلام )


الشاعر الفلسطيني : محمود درويش