تطرقنا في الفصل السابق إلى موضوع العادات و ضرورة التغيير, ولابد هنا أن نشرح كيفية القيام بهذا التغيير.
قرر أن تتغير:
• لكي تبدأ في التغيير يجب أن تأخذ القرار أولاً بأن تتغير، ثم ابدأ في تغيير طريقة تفكيرك، وطريقة ردة فعلك تجاه الآخرين.
• إذا أردت أن تنجح في حياتك يجب أن تتحكم في سلوكك, وتسيطر على انفعالاتك، وتكبح جماح نفسك، ولا تغضب، فإذا استطعت أن تفعل ذلك، فإنك تستطيع أن تسيطر على حياتك، وتحقق النجاح المنشود " ولا تنس أن حياتك من صنع يديك"
كيف تتغير:
اضبط أعصابك و انفعالاتك و سيطر على ردة فعلك و لا تترك يومك للآخرين يعبثون به كما يشاؤون، و لا تكن من الحزب المتشائم الذي إذا قابله شخص و بدر منه تصرف ما ، عكر مزاجه و بدد صفوه و قلب يومه إلى جحيم .
• ضع المساوئ التي تعاني منها من جراء العادة المستهجنة و كم تسبب لك من خسائر مادية ومعنوية وتخيل مدى المعاناة و الألم الذي تشعر به عدة مرات؟!
• ضع المزايا التي تجنيها عندما تتوقف عن هذه العادة تخيل نفسك و قد تغيرت و تجني ثمار التوقف عن هذه العادة المستهجنة، وترى نفسك في وضعك الجديد، عش في نشوة هذا الانتصار العظيم تذكر أنك لا تحتاج إلى أي شيء سوى القرار.
• ابدأ الآن بتعلم المهارات التي تؤهلك في التغلب على مشكلتك/عاداتك الغير مرغوب فيها و التي تسبب لك الضيق و الحرج كلما فعلتها تذكر أنك تحتاج إلى21 يوماً فقط لكي تتوقف عن أي عادة.
• أوجد طرقاً جديدة و ابدأ فوراً بالتنفيذ .
• إذا أردت أن تجد فرصة للانطلاق اغتنم الفرصة من أول مشكلة تقابلك، لأن العظماء يجدون الفرصة و التحدي في كل مشكلة، و الفاشلون يجدون مشكلة و أزمة في كل فرصة.

أريد تغيير العالم
كتب على قبر أحدهم ما يلي:
(( عندما كنت شاباً يافعاً ذا خيال خصب و طموح بلا حدود، كان حلمي أن أصلح و أغيّر العالم ... لكن حينما نضجت و أصبحت أكثر فطنة ودراية، اكتشفت أن العالم لن يتغير حسب مزاجي، و قررت أن أحدّ من أخطائي و أكتفي بإصلاح و تغيير بلدي و حسب.... إلا أنه سرعان ما تبين لي أن هذا أيضاً بحكم المستحيل !
و لما تقدم بي السن، قمت بمحاولة أخيرة لإصلاح أقرب الناس إلي:عائلتي و أصدقائي المخلصين..
إلا أنني فوجئت برفضهم أي تغيير كذلك! و الآن..و أنا أرقد على فراش الموت, اتضح لي فجأة أنه لو ركزت في البدء على إصلاح نفسي، لكنت مهدت الطريق على الأغلب لتغيير عائلتي التي كانت ستتخذني مثالاً....وبدعم وإلهام من عائلتي المحبة كنت سأقدر على تحسين مدينتي، ومن يدري لعله كان باستطاعتي عندها أن أغيّر العالم!..))



حياتنا من صنع أفكارنا !!
يروى أن طالباً كانت درجاته ممتازة في المرحلة الثانوية، ثم تقدم للقبول في الجامعة، و اختبرته الجامعة اختبار القبول، فحصل على درجة (98). فظن الطالب أن الدرجة تشير إلى معدل ذكائه، ومقدار معدل الذكاء ( 98 ) هو أقل من الوسط، لأن الوسط هو (100) . وفي أول فصل في الجامعة كانت درجاته أقل من الوسط، فكلمه المرشد، و علم أن الطالب يظن أنه في امتحان القبول حصل على درجة أقل من الوسط لكن المرشد صحح له خطأه و أفهمه أن درجة ( 98) في ذلك الاختبار تعني أنه أحسن من ( 98%) من الطلاب، أي أنه يندر بين الطلاب في كل الجامعة من يعادله في التحصيل العلمي.و في الفصل التالي قفزت درجات الطالب إلى أعلى مستوى,وكانت النتيجة التي صنعتها أفكاره بالطبع.


ماذا لو بدأت من جديد؟
يروي برنالد هالدين في كتابه(( كيف تجعل من النجاح عادة ؟ )) قصة رجل جاوز الثالثة و الأربعين من عمره جاءه يوماً و هو يقول:
(( درست القانون و أنا أعمل اليوم محامياً، و لكنني أشعر بعد مرور خمسة عشر عاماً على ممارستي لهذه المهنة، أنني لم أحقق النجاح الذي كنت أتطلع إليه و أنا طالب في كلية الحقوق، لم أكمل تعليمي بعد!))
و قال هالدين : (( و قلت للرجل: عد إلى سنوات طفولتك و صباك، حاول أن تتذكر عملاً قمت به و شعرت بلذة و متعة و أنت تؤديه، ألم يكن لك أي ميول أو اتجاهات أخرى في أي مجال؟)) . و جلس الرجل صامتاً يفكر فترة طويلة ، و في النهاية بدأ يتكلم و كأنه تذكر شيئاً ... و بدأ يروي قصته، قال: (( لقد كان والدي يمتلك بندقية صيد كبيرة .... و كان قد كف عن ممارسة هواية الصيد لفترة طويلة ثم قرر فجأة أن يعود إليها، و بحث عن بندقيته فعلاً وجدها كان الصدأ قد علاها، و أصبحت غير صالحة للاستعمال فما كان منه إلا أن ألقى بها جانباً و قرر العدول عن الخروج مع رفاقه للصيد!..
و كنت يومها صبياً لم أتجاوز الثالثة عشرة من عمري، و كنت أحب والدي كثيراً، و ما كدت أراه يعود ويشعل الغليون ويضعه في فمه، و يجلس في ملل يرقب النار المشتعلة في المدفأة، حتى شعرت بالأسف من أجله!
و عدت إلى البندقية و حملتها في هدوء إلى غرفتي، ثم أغلقت الباب عليّ، بعد أن قررت بيني و بين نفسي، أن أفعل كل ما في وسعي لأعيدها إلى ما كانت عليه. و في اهتمام شديد، رحت أفك أجزاءها قطعة بعد قطعة ثم نظفتها و أزلت الصدأ الذي كان يكسوها، و أعدتها إلى ما كانت عليه، إنني لا أستطيع أن أنسى ذراعي والدي القويتين و هما يرفعانني في الهواء ثم يهبطا بي مرة أخرى و هو يصيح:(فليباركك الله يا بني ) عندما عدت إليه ببندقيته صالحة للاستعمال مرة أخرى.. لقد أحسست يومها بفخر و زهو لا يعادلهما شيء في الدنيا .. لقد منحني والدي يومها جنيهاً مكافأة لي)).
و يقول هالدين:)وعدت أسأل صاحبي : هل قمت بأعمال مماثلة بعد ذلك، هل أعدت محاولتك لإصلاح شيء خرب في البيت؟(
قال:(نعم، فعلت، لقد أصلحت ماكينة الحياكة التي يملكها أمي، و أعدت التيار الكهربائي بعد أن قطع مرة عن البيت، و أصلحت دراجة أختي الصغيرة ... وفي كل مرة كنت أجد متعة و أنا أقوم بهذه الأعمال).
و قلت للرجل أخيراً: (( إن مكانك يا صديقي في مصنع كبير لا في مكتب المحاماة! )) .
- و لكنني درست القانون لأن والدي أراد لي هذا الطريق!...
- و لماذا لا تدرس الهندسة؟! ...
- وهل أستطيع أن أعود طالباً بعد أن جاوزت الأربعين؟! ...
- بالضبط .. التحق بكلية الهندسية و تعلم، فقد خلقت لتكون مهندساً!
هذا المحامي الفاشل أصبح واحداً من أشهر مهندسي بريطانيا بعد أن جاوز الخمسين من عمره.
يا له من مستودع للمواهب، لم تمسه يد، ذلك الذي كان يختفي داخل هذا الرجل الذي تصور في لحظة من لحظات حياته أن الفشل هو كل نصيبه من هذه الحياة.