وعنه أن الله جعل الجنة ثمنا لأنفسكم فلا تبيعوها بغيرها وروى الواقدي بإسناده قال لما جاء نعي معاوية إلى المدينة كان بها الحسين وابن الحنفية وابن الزبير وكان ابن عباس بمكة فخرج الحسين وابن الزبير إلى مكة وأقام ابن الحنفية فلما سمع بدنو جيش مسرف زمن الحرة رحل إلى مكة وأقام مع ابن عباس فلما مات يزيد بويع ابن الزبير فدعاهما إلى بيعته فقالا لاحتى تجتمع لك بلاد فكان مرة يكاشرهما ومرة يلين لهما ثم غلظ عليهما ووقع بينهم حتى خافاه ومعهما النساء والذرية فأساء جوارهم وحصرهم وقصد محمدا فأظهر شتمه وعيبه وأمرهم وبني هاشم أن يلزموا شعبهم وجعل عليهم الرقباء وقال فيما يقول والله لتابعين أو لأحرقنكم فخافوا قال سليم أبو عامر فرأيت ابن الحنفية محبوسا في زمزم والناس يمنعون من الدخول عليه فقلت والله لأدخلن عليه فقلت ما بالك وهذا الرجل قال دعاني إلى البيعة فقلت إنما أنا من المسلمين فإذا اجتمعوا عليك فأنا كأحدهم فلم يرض بهذا مني فاذهب إلى ابن عباس فسلم عليه وقل ما ترى قال فدخلت على ابن عباس وهو ذاهب البصر فقال من أنت قلت أنصاري قال رب أنصاري هو أشد علينا من عدونا قلت لا تخف أنا ممن لك كله قال هات فأخبرته فقال قل له لا تطعه ولا نعمة عين إلا ما قلت ولا تزده عليه فأبلغته فهم ابن الحنفية أن يسير إلى الكوفة وبلغ ذلك المختار فثقل عليه قدومه فقال إن في المهدي علامة يقدم بلدكم هذا فيضربه رجل في السوق بالسيف لا يضره ولا يحيك فيه فبلغ ذلك ابن الحنفية فأقام فقيل له لو بعثت إلى شيعتك بالكوفة فأعلمتهم ما أنت فيه فبعث أبا الطفيل إلى شيعتهم فقال لهم إنا لا نأمن ابن الزبير على هؤلاءوأخبرهم بما هم فيه من الخوف فقطع المختار بعثا إلى مكة فانتدب معه أربعة آلاف فعقد لأبي عبد الله الجدلي عليهم وقال له سر فإن وجدت بني هاشم في حياة فكن لهم عضدا وانفذ لما أمروك به وإن وجدت ابن الزبير قد قتلهم فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى ابن الزبير ثم لاتدع لآل الزبير شعرا ولا ظفرا وقال يا شرطة الله لقد أكرمكم الله بهذا المسير ولكم بهذا الوجه عشر حجج وعشر عمر وساروا حتى أشرفوا على مكة فجاء المستغيث عجلوا فما أراكم تدركونهم فانتدب منهم ثمانمائة رأسهم عطية بن سعد العوفي حتى دخلوا مكة فكبروا تكبيرة سمعها ابن الزبير فهرب إلى دار الندوة ويقال تعلق بأستار الكعبة وقال أنا عائذ الله قال عطية ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنيفة وأصحابهما في دور قد جمع لهم الحطب فأحيط بهم حتى ساوى الجدر لوأن نارا تقع فيه ما رئي منهم أحد فأخرناه عن الأبواب وعجل علي ابن عبد الله بن عباس وهو يومئذ رجل فأسرع في الحطب ليخرج فأدماه وأقبل أصحاب ابن الزبير فكنا صفين نحن وهم في المسجد نهارنا لا ننصرف إلى صلاة حتى أصبحنا وقدم الجدلي في الجيش فقلنا لابن عباس وابن الحنفية ذرونا نرح الناس من ابن الزبير فقالا هذا بلد حرمه الله ما أحله لأحد إلا لنبيه ساعة فامنعونا وأجيرونا قال فتحملوا وإن مناديا لينادي في الجبل ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية إن السرية تغنم الذهب والفضة وإنتما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم فأنزلوهم منى فأقاموا مدة ثم خرجوا إلى الطائف وبها توفي ابن عباس وصلى عليه محمد فبقينا معه فلما كان الحج وافى محمد بأصحابه فوقف ووقف نجدة بن عامر الحنفي في الخوارج ناحية وحجت بنو أمية على لواء فوقفوا بعرفة وعن محمد بن الجبير أن الذي أقام الحج ابن الزبير وحج ابن الحنفية في الخشبية أربعة آلاف نزلوا في الشعب الأيسر من منى فخفت الفتنة فجئت ابن الحنفية فقلت يا أبا القاسم اتق الله فإنا في مشعر حرام في بلد حرام والناس وفد الله فلا تفسد عليهم حجهم فقال والله ما أريد ذلك ولكني أدفع عن نفسي وما أطلب هذا الأمر إلا أن لا يختلف علي فيه اثنان فائت ابن الزبير وكلمه عليك بنجدة فكلمه فجئت ابن الزبير فقال أنا أرجع قد اجتمع علي وبايعني الناس وهؤلاء أهل خلاف قلت إن خيرا لك الكف قال أفعل ثم جئت نجده الحروري فأجده في أصحابه وعكرمه عنده فقلت استأذن لي عليه قال فدخل فلم ينشب أن أذن لي فدخلت فعظمت عليه وكلمته فقال أما أن أبتدئ أحدا بقتال فلا قلت إني رأيت الرجلين لا يريدان قتالك ثم جئت شيعة بني أمية فكلمتهم فقالوا لا نقاتل فلم أر في تلك الألوية أسكن من أصحاب ابن الحنفية ووقفت تلك العشية إلى جنبه فلما غابت الشمس التفت إلي فقال يا أبا سعيد ادفع فدفعت معه فكان أول من دفع قال خليفة في سنة خمس وستين دعا ابن الزبير ابن الحنفية إلى بيعته فأبى فحصره في شعب بني هاشم وتوعدهم حتى بعث المختار أبا عبد الله الجدلي إلى ابن الحنفية في أربعة آلاف سنة ست فأقاموا معه حتى قتل المختار في رمضان سنة سبع وستين
الواقدي حدثني جعفر بن محمد الزبيري عن عثمان بن عروة عن أبيه وحدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة وغيره قالوا كان المختار أشد شيء على ابن الزبير وجعل يلقي إلى الناس أن ابن الزبير كان يطلب هذا الأمر لابن الحنفية ثم ظلمه وجعل يعظم ابن الحنفية ويدعوا إليه فيبايعونه سرا فشك قوم وقالوا أعطينا هذا عهودنا أن زعم أنه رسول ابن الحنفية وهو بمكة ليس منا ببعيد فشخص إليه قوم فأعلموه أمر المختار فقال نحن قوم حيث ترون محبوسون وما أحب أن لي سلطان الدنيا بقتل مؤمن ولوددت أن الله انتصر لنا بمن يشاء فاحذروا الكذابين قال وكتب المختار كتابا على لسان ابن الحنفية إلى إبراهيم بن الأشتر وجاءه يستأذن وقيل المختار أمين آل محمد ورسولهم فأذن له ورحب به فتكلم المختار وكان مفوها ثم قال إنكم أهل بيت قد أكرمكم الله بنصرة آل محمد وقد ركب منهم ما قد علمت وقد كتب إليك المهدي كتابا وهؤلاء الشهود عليه فقالوا نشهد أن هذا كتابه ورأيناه حين دفعه إليه فقرأه إبراهيم ثم قال أنا أول من يجيب قد أمرنا بطاعتك ومؤازرتك فقل ما بدا لك ثم كان يركب إليه ( في كل يوم ) فزرع ذلك في الصدور وبلغ ذلك ابن الزبير فتنكر لابن الحنفية وجعل أمر المختار يغلظ وتتبع قتله الحسين فقتلهم وجهز ابن الأشتر في عشرين ألفا إلى عبيد الله بن زياد فظفر به ابن الأشتر وبعث برأسه إلى المختار فبعث به إلى ابن الحنفية وعلي بن الحسين فدعت بنو هاشم للمختار وكان ابن الحنفية لا يحب كثيرا مما يأتي به وكتب المختار إليه لمحمد المهدي من المختار الطالب بثأر آل محمد أبو غسان النهدي حدثنا عمر بن زياد عن الأسود بن قيس قال لقيت رجلا من عنزة فقال انتهيت إلى ابن الحنفية فقلت السلام عليك يا مهدي قال وعليك السلام قلت إن لي حاجة فلما قام دخلت معه فقلت ما زال بنا الشين في حبكم حتى ضربت عليه الأعناق وشردنا في البلاد وأوذينا ولقد كانت تبلغنا عند أحاديث من وراء وراء فأحببت أن أشافهك فقال إياكم وهذه الأحاديث وعليكم بكتاب الله فإنه به هدي أولكم وبه يهدى آخركم ولئن أوذيتم لقد أوذي من كان خيرا منكم ولأمر آل محمد أبين من طلوع الشمس ابن عيينة حدثنا أبو الجحاف شيعي عن رجل ( من أهل البصرة ) قال أتيت ابن الحنفية حين خرج المختار فقلت إن هذا خرج عندنا يدعو إليكم فإن كان أمركم اتبعناه قال سآمرك بما أمرت به ابني هذا إنا أهل بيت لا نبتز هذه الأمة أمرها ولا نأتيها من غير وجهها وإن عليا كان يرى أنه له ولكن لم يقاتل حتى جرت له بيعة ابن عيينة عن ليث عن منذر الثوري عن محمد بن علي سمعت أبا هريرة يقول لا حرج إلا في دم امرئ مسلم فقلت يطعن على أبيك قال لا بايعه أولو الأمر فنكث ناكث فقاتله وإن ابن الزبير يحسدني على مكاني ود أني ألحد في الحرم كما ألحد