سليمان بن حرب وعمرو بن عاصم حدثنا سلام بن مسكين عن عمران بن عبد الله بن طلحة الخزاعي قال حج عبد الملك بن مروان فلما قدم المدينة ووقف على باب المسجد أرسل إلى سعيد بن المسيب رجلا يدعوه ولا يحركه فأتاه الرسول وقال أجب أمير المؤمنين واقف بالباب يريد أن يكلمك فقال ما لأمير المؤمنين إلي حاجة ومالي إليه حاجة وإن حاجته لي غير مقضية فرجع الرسول فأخبره فقال ارجع فقل له إنما أريد أن أكلمك ولا تحركه فرجع إليه فقال له أجب أمير المؤمنين فرد عليه مثل ما قال أولا فقال لولا أن تقدم إلي فيك ما ذهبت إليه إلا برأسك يرسل إليك أمير المؤمنين يكلمك تقول مثل هذا فقال إن كان يريد أن يصنع بي خيرا فهو لك وإن كان يريد غير ذلك فلا أرحل حبوتي حتى يقضي ما هو قاض فأتاه فأخبره فقال رحم الله أبا محمد أبى إلا صلابة زاد عمرو بن عاصم في حديثه بهذا الإسناد فلما استخلف الوليد قدم المدينة فدخل المسجد فرأى شيخا قد اجتمع عليه الناس فقال من هذا قالوا سعيد بن المسيب فلما جلس أرسل إليه فأتاه الرسول فقال أجب أمير المؤمنين فقال لعلك أخطأت باسمي أو لعله أرسلك إلى غيري فرد الرسول فأخبره فغضب وهم به قال وفي الناس يومئذ تقية فأقبلوا عليه فقالوا يا أمير المؤمنين فقيه المدينة وشيخ قريش وصديق أبيك لم يطمع ملك قبلك أن يأتيه فما زالوا به حتى أضرب عنه عمران بن عبد الله من أصحاب سعيد بن المسيب ما علمت فيه لينا قلت كان عند سعيد بن المسيب أمر عظيم من بني أمية وسوء سيرتهم وكان لا يقبل عطاءهم قال معن بن عيسى حدثنا مالك عن ابن شهاب قلت لسعيد بن المسيب لو تبديت وذكرت له البادية وعيشها والغنم فقال كيف بشهود العتمة ابن سعد أنبأنا الوليد بن عطاء بن الأغر المكي أنبأنا عبد الحميد بن سليمان عن أبي حازم سمعت سعيد بن المسيب يقول لقد رأيتني ليالي الحرة وما في المسجد أحد غيري وإن أهل الشام ليدخلون زمرا يقولون انظروا إلى هذا المجنون وما ياتي وقت صلاة إلا وسمعت أذانا في القبر ثم تقدمت فأقمت وصليت وما في المسجد أحد غيري عبد الحميد هذا ضعيف الواقدي حدثنا طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه قال كان سعيد أيام الحرة في المسجد لم يخرج وكان يصلي معهم الجمعة ويخرج في الليل قال فكنت إذا حانت الصلاة أسمع أذانا يخرج من قبل القبر حتى أمن الناس ذكر محنته الواقدي حدثنا عبد الله بن جعفر وغيره من أصحابنا قالوا استعمل ابن الزبير جابر بن الأسود بن عوف الزهري على المدينة فدعا الناس إلى البيعة ( لابن الزبير ) فقال سعيد بن المسيب لا حتى يجتمع الناس فضربه ستين سوطا فبلغ ذلك ابن الزبير فكتب إلى جابر يلومه ويقول مالنا ولسعيد دعه وعن عبد الواحد بن أبي عون قال كان جابر بن الأسود عامل ابن الزبير على المدينة قد تزوج الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة فلما ضرب سعيد بن المسيب صاح به سعيد والسياط تأخذه والله ما ربعت على كتاب الله وإنك تزوجت الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة وما هي إلا ليال فاصنع ما بدا لك فسوف يأتيك ما تكره فما مكث إلا يسيرا حتى قتل ابن الزبير الواقدي حدثنا عبد الله بن جعفر وغيره أن عبد العزيز بن مروان توفي بمصر سنة أربع وثمانين فعقد عبد الملك لأبنيه الوليد وسليمان بالعهد وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان وعامله يومئذ على المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي فدعا الناس إلى البيعة فبايعوا وأبى سعيد بن المسيب أن يبايع لهما وقال حتى أنظر فضربه هشام ستين سوطا وطاف به في تبان من شعر حتى بلغ به رأس الثنية فلما كروا به قال أين تكرون بي قالوا إلى السجن فقال والله لولا أني ظننته الصلب ما لبست هذا التبان أبدا فردوه إلى السجن فحبسه وكتب إلى عبد الملك يخبره بخلافة فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع به ويقول سعيد كان والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه وإنا لنعلم ما عنده خلاف وحدثني أبو بكر بن أبي سبرة عن المسور بن رفاعه قال دخل قبيصة بن ذؤيب على عبد الملك بكتاب هشام بن إسماعيل يذكر أنه ضرب سعيدا وطاف به قال قبيصة يا أمير المؤمنين يفتات عليك هشام بمثل هذا والله لا يكون سعيدا أبدا أمحل ولا ألج منه حين يضرب لو لم يبايع سعيد ما كان يكون منه وما هو ممن يخاف فتقه يا أمير المؤمنين اكتب إليه فقال عبد الملك اكتب أنت إليه عني تخبره برأيي فيه وما خالفني من ضرب هشام إياه فكتب قبيصة بذلك إلى سعيد فقال سعيد حين قرأ الكتاب الله بيني وبين من ظلمني حدثني عبد الله بن يزيد الهذلي قال دخلت على سعيد بن المسيب السجن فإذا هو قد ذبحت له شاة فجعل الإهاب على ظهره ثم جعلوا له بعد ذلك قضبا رطبا وكان كلما نظر إلى عضديه قال اللهم انصرني من هشام
شيبان بن فروخ حدثنا سلام بن مسكين حدثنا عمران بن عبد الله الخزاعي قال دعي سعيد بن المسيب للوليد وسليمان بعد أبيهما فقال لا أبايع اثنين ما اختلف الليل والنهار فقيل ادخل واخرج من الباب الآخر قال والله لايقتدي بي أحد من الناس قال فجلده مئة وألبسه المسوح ضمرة بن ربيعة حدثنا رجاء بن جميل قال قال عبد الرحمن بن عبد القاري لسعيد بن المسيب حين قامت البيعة للوليد وسليمان بالمدينة إني مشير عليك بخصال قال ما هن قال تعتزل مقامك فإنك تقوم حيث يراك هشام بن إسماعيل قال ما كنت لأغير مقاما قمته منذ أربعين سنة قال تخرج معتمرا قال ما كنت لأنفق مالي وأجهد بدني في شيء ليس لي فيه نية قال فما الثالثة قال تبايع قال أرأيت إن كان الله أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما علي قال وكان أعمى قال رجاء فدعاه هشام بن إسماعيل إلى البيعة فأبى فكتب فيه إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك مالك ولسعيد وما كان علينا منه شيء نكرهه فأما إذ فعلت فاضربه ثلاثين سوطا وألبسه تبان شعر وأوقفه للناس لئلا يقتدي به الناس فدعاه هشام فأبى وقال لا أبايع لاثنين فألبسه تبان شعر وضربه ثلاثين سوطا وأوقفه للناس فحدثني الأيليون الذين كانوا في الشرط بالمدينة قالوا علمنا أنه لا يلبس التبان طائعا قلنا له يا أبا محمد إنه القتل فاستر عورتك قال فلبسه فلما ضرب تبين له أنا خدعناه قال يا معجلة أهل أيلة لولا أني ظننت أنه القتل ما لبسته وقال هشام بن زيد رأيت ابن المسيب حين ضرب في تبان شعر
يحيى بن غيلان حدثنا أبو عوانة عن قتادة قال أتيت سعيد بن المسسيب وقد ألبس تبان شعر وأقيم في الشمس فقلت لقائدي أدنني منه فأدناني منه فجعلت أسأله خوفا من أن يفوتني وهو يجيبني حسبة والناس يتعجبون قال أبو المليح الرقي حدثني غير واحد أن عبد الملك ضرب سعيد بن المسيب خمسين سوطا وأقامه بالحرة وألبسه تبان شعر فقال سعيد لو علمت أنهم لا يزيدوني على الضرب ما لبسته إنما تخوفت من أن يقتلوني فقلت تبان أستر من غيره قبيصة حدثنا سفيان عن رجل من آل عمر قال قلت لسعيد بن المسيب ادع على بني أمية قال اللهم أعز دينك وأظهر أولياءك واخز أعداءك في عافية لأمة محمد أبو عاصم النبيل عن أبي يونس القوي قال دخلت مسجد المدينة فإذا سعيد بن المسيب جالس وحده فقلت ما شأنه قيل نهي أن يجالسه أحد همام عن قتادة أن ابن المسيب كان إذا أراد أحدا أن يجالسه قال إنهم قد جلدوني ومنعوا الناس أن يجالسوني عن أبي عيسى الخراساني عن ابن المسيب قال لاتملؤوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لكيلا تحبط أعمالكم
[عدل] تزويجه ابنته

أنبئت عن أبي المكارم الشروطي أنبأنا أبو علي أنبأنا أبو نعيم حدثنا القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد حدثنا الحسن بن عبد العزيز قال كتب إلى ضمرة بن ربيعة عن إبراهيم بن عبد الله الكناني أن سعيد بن المسيب زوج ابنته بدرهمين
سعيد بن منصور حدثنا مسلم الزنجي عن يسار بن عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب أنه زوج ابنة له على درهمين من ابن أخيه وقال أبو بكر بن أبي داود كانت بنت سعيد قد خطبها عبد الملك لابنه الوليد فأبى عليه فلم يزل يحتال عبد الملك عليه حتى ضربه مئة سوط في يوم بارد وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف ثم قال حدثني أحمد ابن أخي ( عبد الرحمن ) بن وهب حدثنا عمر بن وهب عن عطاف بن خالد عن ابن حرملة عن ابن أبي وداعة يعني كثيرا قال كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياما فلما جئته قال أين كنت قلت توفيت أهلي فاشتغلت بها فقال ألا أخبرتنا فشهدناها ثم قال هل استحدثت امرأة فقلت يرحمك الله ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة قال أنا فقلت وتفعل قال نعم ثم تحمد وصلى على النبي وزوجني على درهمين أو قال ثلاثة فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر فيمن أستدين فصليت المغرب ورجعت إلى منزلي وكنت وحدي صائما فقدمت عشائي أفطر وكان خبزا وزيتا فإذا بابي يقرع فقلت من هذا فقال سعيد فأفكرت في كل من اسمه سعيد إلا ابن المسيب فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد فخرجت فإذا سعيد فظننت أنه قد بدا له فقلت يا أبا محمد ألا أرسلت إلي فآتيك قال لا أنت أحق أن تؤتى إنك كنت رجلا عزبا فتزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك وهذه امرأتك فإذا هي قائمة من خلفه في طوله ثم أخذ بيدها فدفعها في الباب ورد الباب فسقطت المرأة من الحياء فاستوثقت من الباب ثم وضعت القصعة في ظل السراج لكي لا تراه ثم صعدت السطح فرميت الجيران فجاؤوني فقالوا ما شأنك فأخبرتهم ونزلوا إليها وبلغ أمي وجاءت وقالت وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام فأقمت ثلاثا ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل الناس وأحفظ الناس لكتاب الله وأعلمهم بسنة رسول الله وأعرفهم بحق زوج فمكثت شهرا لا آتي سعيد بن المسيب ثم أتيته وهو في حلقته فسلمت فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض المجلس فلما لم يبقى غيري قال ما حال ذلك الإنسان قلت خير يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو قال إن رابك شيء فالعصا فانصرفت إلى منزلي فوجه إلي بعشرين ألف درهم، قال أبو بكر بن أبي داود: ابن أبي وداعة هو كثير بن المطلب بن أبي وداعة قلت هو سهمي مكي روى عن أبيه المطلب أحد مسلمة الفتح وعنه ولده جعفر بن كثير وابن حرملة تفرد بالحكاية أحمد بن عبد الرحمن بن وهب وعلى ضعفه قد احتج به المسلم
قال عمرو بن عاصم حدثنا سلام بن مسكين حدثنا عمران بن عبد الله قال زوج سعيد بن المسيب بنتا له من شاب من قريش فلما أمست قال لها شدي عليك ثيابك واتبعيني ففعلت ثم قال صلي ركتين فصلت ثم أرسل إلى زوجها فوضع يدها في يده وقال انطلق بها فذهب بها فلما رأتها أمه قالت من هذه قال امرأتي قالت وجهي من وجهك حرام إن أفضيت إليها حتى أصنع بها صالح ما يصنع بنساء قريش فأصلحتها ثم بنى بها