خبراء يرسمون خريطة حرب أمريكية محتملة على إيران

العربية نت : إذا كانت إيران في المرحلة الأخيرة لإنتاج القنبلة النووية كما زعمت مؤخرا صحيفة "لوس أنجليس تايمز" الأمريكية، فهل استعدادات الولايات المتحدة في مياه الخليج هي الأخيرة قبل شن ضربة على منشآت إيران النووية؟.

وبالرغم من إعلان الولايات المتحدة عن قرب دخول حاملة طائرات أمريكية جديدة لمياه الخليج، لزمت الحكومة الإيرانية الصمت ، وهذا ما فسره مراقبون بأنها لا تأخذ التهديدات الأمريكية على محمل الجد، رغم تحذيرات خبراء وباحثين إيرانيين من ضربة أمريكية باتت وشيكة على المنشآت النووية في بلادهم.

وفي خطوة عسكرية بارزة ، نقلت أنظار الخبراء حول العالم نحو إيران، أعلنت الولايات المتحدة أنها تنوي تعزيز وجودها الجوي والبحري في منطفة الخليج من خلال إرسال حاملة الطائرات "يو اس اس جون سي. ستينيس" لتنضم الى حاملة الطائرات "يو اس اس دوايت دي. ايزنهاور"، كما سينشر في المنطقة فوجا من الدفاع الجوي مجهز بصواريخ مضادة للصواريخ من طراز باتريوت، وستكون المرة الأولى التي تنشر فيها واشنطن مجموعتين (جو-بحر) في المنطقةمنذ غزو العراق.

وكانت حاملة الطائرات ايزنهاور قد وصلت الى داخل مياه الخليج العربي في 11 ديسمبر/كانون الاول الماضي وعلى متنها 6500 بحار وجندي مصحوبة بعدد من المدمرات والغواصات الهجومية.

ضربة استباقية :

وعلى الضفة الأخرى للخليج، لزمت إيران الصمت في إشارة إلى أن النظام الإيراني "لا يهتم ولا يكترث تجاه ما تقوم به واشنطن في مياه الخليج لا بل تعتقد إيران أن واشنطن فشلت في العراق ولذلك خططت لزيادة العدد في العراق ، وستكون مضطرة في النهاية للجلوس على مائدة المفاوضات معها "، كما يقول الخبير والباحث الإيراني د. ما شاء الله شمس الواعظين .

لكن رؤية الخبراء في مراكز الأبحاث الإيرانية تختلف عن الرؤية الرسمية. يقول الباحث شمس الواعظين، مستشار مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية بطهران، لـ"العربية.نت": مراكز الدراسات والنخب السياسية الإيرانية ترى في هذا النشاط الأمريكي، وتحديدا نشر صواريخ مضادة للصواريخ أي نظام باتريوت في المنطقة، مؤشرا لعمل ما ستقوم به واشنطن ضد إيران فما يتعلق بملفها النووي أي توجيه ضربات استباقية لها وأخذ المبادرة المسبقة من أي رد فعل إيراني ضد القواعد العسكرية في دول الخليج.

ويعتقد الخبراء والباحثون الإيرانيون- بحسب شمس الواعظين- أن واشنطن ستشن عمليات محدودة من حيث ضرب المنشآت النووية وسترد إيران عليها مع استبعاد الحرب الشاملة كما حصل في العراق.

ويوضح: ستكون حربا تكتيكية، وترد إيران على مصادر النيران أو القواعد التي تشن العمليات ، وربما نقلت الولايات المتحدة حاملاتها لمياه الخليج لأنها لم تنجح بإقناع الدول الخليجية باستخدام أراضيها لشن هجمات ضد طهران فالعلاقات الإيرانية الخليجية وخاصة في الجانب الأمني جيدة.

معرفة نووية :

ويكشف شمس الواعظين أن طهران باتت تملك "المعرفة النووية وهذا أهم شئ من المنظور الاستراتيجي بالنسبة لها"، ويضيف:" وبصرف النظر على صعوبة ضربة المنشآت نظرا لانتشارها في مناطق مختلفة، فإنه في حال ضربت هذه المنشآت سوف يتم بناء منشآت أخرى سرا طالما المعرفة النووية الموجودة".

يذكر أن صحيفة "لوس انجليس تايمز" أجرت تحقيقا على مدى ثلاثة اشهر، اعتمادا على تقارير سرية وتصريحات مسؤولين دوليين وخبراء مستقلين ومنفيين ايرانيين ومصادر استخباراتية في اوروبا والشرق الاوسط، "كشف عن أدلة قوية على ان مشروع ايران النووي التجاري يخفي وراءه خطة تهدف الى جعل ايران القوة النووية المقبلة في العالم"، بحسب الشرق الأوسط اللندنية.

ومن هذه الأدلة " يشير تقرير سري اعدته الحكومة الفرنسية في مايو (آيار) الماضي الى ان ايران اصبحت على نحو مفاجئ قاب قوسين او ادنى من الحصول على يورانيوم مخصب او بلوتونيوم لاستخدامه في انتاج قنبلة نووية".

وبخصوص ضرب المنشآت الإيرانية، قالت الصحيفة : التخلص من البنية التحتية النووية لإيران سيكون عملية صعبة بسبب توزيع المنشآت النووية على مواقع متعددة في البلاد فيما لا تزال منشآت نووية اخرى صغيرة خاضعة لاجراءات سرية صارمة، فضلا عن ان هناك منشأة نووية واحدة على الاقل شيدت على اساس تصميم يقاوم الضربات الجوية التقليدية.

ويلفت الباحث الإيراني شمس الواعظين إلى أن واشنطن عندما تصل إلى طريق مسدود في مكان ما فإنها تقدم على نقل الصراع إلى مكان آخر "كما فعلت مع أفغانستان عندما لم تنحل الأمور كما تشاء هناك نقلت الصراع إلى العراق، وهي الآن تنقل الصراع من العراق إلى إيران".

ويتفق كل من شمس الواعظين والخبير السياسي الآخر حسن هاشميان على أن إيران سوف تستعد لكل الاحتمالات رغم أن الموقف الرسمي لا يزال يعتبر التحركات الأمريكية للضغط على طهران فقط. ويتوقع هاشميان أن تجري طهران مناوارات عسكرية في مياه الخليج ردا على نشر حاملات الطائرات الأمريكية.

حاملات نووية :

وفيما يتعلق بحاملات الطائرات الأمريكية في مياه الخليج، كان الصحافي ميسم الأنباري، من مجلة آراء حول الخليج الصادرة عن مركز الخليج للأبحاث، على متن حاملة الطائرات إيزنهاور، وزوّد "العربية.نت" بمعلومات مثيرة.

وقال الأنباري لـ"العربية.نت": دخلت معها بحر العرب والخليج ورست قرب البحرين لأن الأسطول الخامس هناك. لقد سمحوا لنا برؤية الاسلحة التقليدية ولم يسمحوا لما برؤية الأسلحة النووية ولا مفاعلها الذي تسير عليه. ولكن أخبرنا جندي أمريكي أن توجد أسلحة نووية على متن حاملة الطائرات.

ونقل الأنباري عن الأدميرال ألين جي مايرز، قائد الحاملة والسفن التابعة لها، قوله "الهدف من وجودنا في الخليج العربي هو إسناد قوات التحالف في العراق ومراقبة أمن المياه لمنع أي عمليات إرهابية أو من يخرق القوانين الدولية وجعل المياه آمنة للتجارة لما لذلك من أهمية على الاقتصاد العالمي"، نافياً أن يكون وجودهم متعلقاً بالدرجة الأساسية بالأزمة مع إيران حول ملفها النووي".

وعند السؤال عن قدرة الحاملة والسفن التابعة لها على التصدي لأي هجوم صاروخي إيراني عليها خاصة بما يعرف بصواريخ تعمل كـ (توربيدو) التي ادعى الإيرانيون بأنه لا يمكن رصدها، نفى مايرز علمه بوجود هكذا صواريخ لدى إيران، كما أكد على قدرة الحاملة على الرد السريع والتصدي لأي هجوم إيراني مفترض.

وأما الكابتن دان كلويد، قبطان السفينة، فقال إن" مهامنا بالإضافة إلى حماية أمن المياه والعمليات ضد أي خطر إرهابي في المياه، القيام بإسناد قوات التحالف في كل من العراق وأفغانستان حيث كانت المهام في بحر العرب باتجاه أفغانستان فيما انتقلت إلى العراق مع دخول حاملة الطائرات الخليج العربي".
أيزنهاور ..

جيش عائم :

وتعتبر دوايت دي آيزنهاور ثالث حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية ودخلت عقب غزو العراق الكويت في العام 1990 كأول حاملة طائرات تقوم بعمليات مستمرة في البحر الأحمر، ودخلت أيزنهاور الخليج العربي في 26 سبتمبر 1991 لدعم قوات التحالف في عملية (عاصفة الصحراء) ضد الجيش العراقي لتعود بعدها إلى مرفأ السفن التابع للبحرية الأمريكية في نورفولك لإجراء عمليات صيانة وتعديلات ومن ثم العودة إلى الأسطول في نوفمبر 1993. وعادت مؤخرا إلى مياه الخليج.

ويوجد على متنها حوالي 5 آلاف شخص بين ضابط طيار وبحري وبحار، وتتميز بأن 70 في المائة من طاقمها العامل بأعمار بين 18 إلى 22 عاماً.

ومن الطائرات التي تحملها: أف 18 من طراز هورنيت و سوبر هورنيت، طائرتان إي (2 سي هوك آي) ومهمتها الإنذار المبكر والقيادة والسيطرة للقوة الضاربة لمجموعة حاملة الطائرات،طائرتان (إي أي براولر) لتوفير الحماية للطائرات المقاتلة،. وتحتوي على مستشفى بخمسين سريراً.

وبحسب ميسم الأنباري فإن هذه الحاملة يمكنها إطلاق بين دقيقة وأخرى طائرة وتستقبل كل نصف دقيقة طائرة.

وأما الحاملة "يو اس اس جون سي. ستينيس" فتعمل بالدفع النووي وتتألف من 8 إلى 9 مقاتلات من نوع :هورنت، برولر،فايكينغ،سيهوك، هوكاي. وهذه الطائرات يمكن أن تدمر طائرات مقاتلة أخرة إضافة إلى السفن والأهداف الأرضية. وتعمل حاملة الطائرات على مفاعلين نويين ( الدفع النووي) وهو ما يزيد من طاقتها وسرعتها التي تصل إلى 56 كم في الساعة.

ولديها أسلحة دفاعية مثل صاروخ "ريم 7 سي سبارو" للمسافات القصيرة وأنظمة "رام" لإطلاق صاروخ أرض جو ونظام فلانكس المضادر لصواريخ كروز وأنظمة الكترونية أخرى. وتحمل سبع سفن حربية وغواصتين.

ويمكن للطائرات التي على متنها مثل "اف 18 هورنيت" و"اف 14 تومكات" الطيران لمسافات اطول قبل القاء القنابل. وعلى متنها مستشفى بمخزون المضادات الحيوية، بما في ذلك "سيبرو"، ومضادات السموم، تحسبا لأي هجوم يستخدم فيه الانثراكس (الجمرة الخبيثة) او غاز الاعصاب.