وعن أبي جعفر الباقر قال لكل قوم نجيبة وإن نجيبة بني أمية عمر بن عبد العزيز إنه يبعث أمه وحده روى الثوري عن عمرو بن ميمون قال كانت العلماء مع عمر بن عبد العزيز تلامذة معمر عن أخي الزهري قال كتب الوليد إلى عمر وهو على المدينة أن يضرب خبيب بن عبد الله بن الزبير فضربه اسواطا وأقامه في البرد فمات قلت كان عمر إذا أثنوا عليه قال فمن لي بخبيب رحمهما الله قلت قد كان هذا الرجل حسن الخلق والخلق كامل العقل حسن السمت جيد السياسة حريصا على العدل بكل ممكن وافر العلم فقيه النفس ظاهر الذكاء والفهم أواها منيبا قانتا لله حنيفا زاهدا مع الخلافة ناطقا بالحق مع قلة المعين وكثرة الأمراء الظلمة الذين ملوه وكرهوا محاققته لهم ونقصه أعطياتهم وأخذه كثيرا مما في أيديهم ( مما ) أخذوه بغير حق فما زالوا به حتى سقوه السم فحصلت له الشهادة والسعادة وعد عند أهل العلم من الخلفاء الراشدين والعلماء العاملين مبشر بن إسماعيل عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران قال أتينا عمر بن عبد العزيز ونحن نرى أنه يحتاج إلينا فما كنا معه إلا تلامذة وكذلك جاء عن مجاهد وغيره وفي الموطأ بلغني أن عمر بن عبد العزيز حين خرج من المدينة التفت إليها فبكى ثم قال يا مزاحم أتخشى أن نكون ممن نفته المدينة ابن إسحاق عن إسماعيل بن أبي حكيم سمعت عمر بن عبد العزيز يقول خرجت من المدينة وما من رجل أعلم مني فلما قدمت الشام نسيت معمر عن الزهري قال سمرت مع عمر بن عبد العزيز ليلة فحدثته فقال كل ما حدثته الليلة فقد سمعته ولكنك حفظت ونسينا عقيل عن ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز أخبره أن الوليد أرسل إليه بالظهيرة فوجده قاطبا بين عينيه قال فجلست وليس عنده إلا ابن الريان قائم بسيفه فقال ما تقول فيمن يسب الخلفاء أترى أن يقتل فسكت فانتهرني وقال مالك فسكت فعاد لمثلها فقلت أقتل يا أمير المؤمنين قال لا ولكنه سب الخلفاء قلت فإني أرى أن ينكل فرفع رأسه إلى ابن الريان فقال إنه فيهم لنابه عن عبد العزيز بن يزيد الأيلي قال حج سليمان ومعه عمر بن عبد العزيز فأصابهم برق ورعد حتى كادت تنخلع قلوبهم فقال سليمان يا أبا حفص هل رأيت مثل هذه الليلة قط أو سمعت بها قال يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمة الله فكيف لو سمعت صوت عذاب الله وروى ابن عيينة عن رجل قال عمر بن عبد العزيز ما كذبت منذ علمت أن الكذب يضر أهله عبد العزيز بن الماجشون حدثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال قال عمر إنا كنا نتحدث وفي لفظ يزعم الناس أن الدنيا لا تنقضي حتى يلي رجل من آل عمر يعمل بمثل عمل عمر قال فكان بلال ولد عبد الله بن عمر بوجهه شامة وكانوا يرون أنه هو حتى جاء الله بعمر بن عبد العزيز أمه هي ابنة عاصم بن عمر رواه جماعة عنه جويرية عن نافع بلغنا أن عمر قال إن من ولدي رجلا بوجهه شين يلي فيملأ الأرض عدلا قال نافع فلا أحسبه إلا عمر بن عبد العزيز وروى عبيد الله بن عمر عن نافع قال كان ابن عمر يقول ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر في وجهه علامة يملأ الأرض عدلا تفرد به مبارك بن فضالة عنه وهو صدوق ضمرة بن ربيعة عن السري بن يحيى عن رياح بن عبيدة قال خرج عمر بن عبد العزيز إلى الصلاة وشيخ متوكىء على يده فقلت في نفسي هذا شيخ جاف فلما صلى ودخل لحقته فقلت أصلح الله الأمير من الشيخ الذي كان يتكىء على يدك فقال يا رياح رأيته قلت نعم قال ما أحسبك إلا رجلا صالحا ذاك أخي الخضر أتاني فأعلمني أني سألي أمر الأمة وإني سأعدل فيها
المدائني عن جرير بن حازم عن هزان بن سعيد حدثني رجاء بن حيوة قال لما ثقل سليمان بن عبد الملك رآني عمر بن عبد العزيز في الدار أخرج وأدخل وأتردد فقال يا رجاء أذكرك الله والإسلام أن تذكرني لأمير المؤمنين أو تشير بي فوالله ما أقوى على هذا الأمر فانتهرته وقلت إنك لحريص على الخلافة فاستحيى ودخلت فقال لي سليمان من ترى لهذا الأمر فقلت اتق الله فإنك قادم على الله تعالى وسائلك عن هذا الأمر وما صنعت فيه قال فمن ترى قلت عمر بن عبد العزيز قال كيف أصنع بعهد عبد الملك إلى الوليد وإلي في ابني عاتكة أيهما بقي قلت تجعله من بعده قال أصبت جئني بصحيفة فأتيته بصحيفة فكتب عهد عمر ويزيد ابن عبد الملك من بعد ثم دعوت رجالا فدخلوا فقال عهدي في هذه الصحيفة مع رجاء اشهدوا واختموا الصحيفة قال فلم يلبث أن مات فكففت النساء عن الصياح وخرجت إلى الناس فقالوا كيف أمير المؤمنين قلت لم يكن منذ اشتكى أسكن منه الساعة قالوا لله الحمد قال ابن عيينة حدثني من شهد دابق وكان مجتمع غزو الناس فمات سليمان بدابق ورجاء بن حيوة صاحب امره ومشورته خرج إلى الناس فأعلمهم بموته وصعد المنبر فقال إن أمير المؤمنين كتب كتابا وعهد عهدا وأعلمهم بموته أفسامعون أنتم مطيعون قالوا نعم وقال هشام نسمع ونطيع إن كان فيه استخلاف رجل من بني عبد الملك قال ويجذبه الناس حتى سقط إلى الأرض وقالوا سمعنا وأطعنا فقال رجاء قم يا عمر وهو على المنبر فقال عمر والله إن هذا لأمر ما سألته الله قط
الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن حسان الكناني قال لما مرض سليمان بدابق قال يا رجاء أستخلف ابني قال ابنك غائب قال فالآخر قال هو صغير قال فمن ترى قال عمر بن عبد العزيز قال أتخوف بني عبد الملك أن لا يرضوا قال فوله ومن بعده يزيد بن عبد الملك وتكتب كتابا وتختمه وتدعوهم إلى بيعة مختوم عليها قال فكتب العهد وختمه فخرج رجاء وقال إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا لمن في هذا الكتاب قالوا ومن فيه قال مختوم ولا تخبرون بمن فيه حتى يموت فامتنعوا فقال سليمان انطلق إلى أصحاب الشرط وناد الصلاة جامعة ومرهم بالبيعة فمن أبى فاضرب عنقه ففعل فبايعوا قال رجاء فلما خرجوا أتاني هشام في موكبه فقال قد علمت موقفك منا وأنا أتخوف أن يكون أمير المؤمنين أزالها عني فأعلمني ما دام في الأمر نفس قلت سبحان الله يستكتمني أمير المؤمنين وأطلعك لا يكون ذاك أبدا فأدارني وألاصني فأبيت عليه فانصرف فبينا أنا أسير إذ سمعت جلبة خلفي فإذا عمر بن عبد العزيز فقال يا رجاء قد وقع في نفسي أمر كبير من هذا الرجل أتخوف أن يكون جعلها إلي ولست أقوم بهذا الشأن فأعلمني ما دام في الأمر نفس لعلي أتخلص قلت سبحان الله يستكتمني امرا أطلعك عليه روى نحوها الواقدي حدثنا داود بن خالد عن سهيل بن أبي سهيل سمع رجاء بن حيوة يقول وزاد فصلى على سليمان عمر بن عبد العزيز فلما فرغ من دفنه أتي بمراكب الخلافة فقال دابتي أرفق لي فركب بغلته ثم قيل تنزل منزل الخلافة قال فيه عيال أبي أيوب وفي فسطاطي كفاية فلما كان مساء تلك الليلة قال يا رجاء ادع لي كاتبا فدعوته فأملى عليه كتابا أحسن إملاء وأوجزه وأمر به فنسخ إلى كل بلد وقد كان سليمان بن عبد الملك من أمثل الخلفاء نشر علم الجهاد وجهز مئة ألف برا وبحرا فنازلوا القسطنطينية واشتد القتال والحصار عليها أكثر من سنة قال سعيد بن عبد العزيز ولي سليمان فقال لعمر بن عبد العزيز يا أبا حفص إنا ولينا ما قد ترى ولم يكن لنا بتدبيره علم فما رأيت من مصلحة العامة فمر به فكان من ذلك عزل عمال الحجاج وأقيمت الصلوات في أوقاتها بعد ما كانت أميتت عن وقتها مع أمور جليلة كان يسمع من عمر فيها فقيل إن سليمان حج فرأى الخلائق بالموقف فقال لعمر أما ترى هذا الخلق الذي لا يحصي عددهم إلا الله قال هؤلاء اليوم رعيتك وهم غدا خصماؤك فبكى بكاء شديدا قلت كان عمر له وزير صدق ومرض بدابق أسبوعا وتوفي وكان ابنه داود غائبا في غزو القسطنطينية وعن رجاء بن حيوة قال ثقل سليمان ولما مات أجلسته وسندته وهيأته ثم خرجت إلى الناس فقالوا كيف أصبح أمير المؤمنين قلت أصبح ساكنا فادخلوا سلموا عليه وبايعوا بين يديه على ما في العهد فدخلوا وقمت عنده وقلت إنه يأمركم بالوقوف ثم أخذت الكتاب من جيبه وقلت إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا على ما في هذا الكتاب فبايعوا وبسطوا أيديهم فلما فرغوا قلت آجركم الله في أمير المؤمنين قالوا فمن ففتحت الكتاب فإذا فيه عمر بن عبد العزيز فتغيرت وجوه بني عبد الملك فلما سمعوا وبعده يزيد تراجعوا وطلب عمر فإذا هو في المسجد فأتوه وسلموا عليه بالخلافة فعقر فلم يستطع النهوض حتى أخذوا بضبعيه فأصعدوه المنبر فجلس طويلا لا يتكلم فقال رجاء ألا تقومون إلى أمير المؤمنين فتبايعونه فنهضوا إليه ومد يده إليهم فلما مد هشام بن عبد الملك يده إليه قال إنا لله وإنا إليه راجعون فقال عمر نعم إنا لله حين صار يلي هذه الأمة أنا وأنت ثم قام فحمد الله وأثنى عليه وقال أيها الناس