رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ثباتها من التوراة والإنجيل
أرسل النبي إلى الناس كافة ناسخا بشريعته الشرائع الماضية، قال تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَكَ إِلاَّ كَآفَّةً لّلنَّاسِ بَشِيرا وَنَذِيرا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} (سبأ: 28).
وقال: {تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَلَمِينَ نَذِيرا} (الفرقان: 1).
وقد وردت البشارة به في التوراة والإنجيل والزبور.
فجاء في قول يوحنا حكاية عن المسيح عليه السلام (ص14 ف15) ما يأتي:
(إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الآب فيعطيكم فارقليطا آخر ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم وفيكم).
وفي ص16 ف5: (وأما الآن فأنا ماض إلى الذي أرسلني وليس أحد منكم يسألني أين تمضي لكن لأني قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم لكني أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم الفارقليط Paraclete لكن إن ذهبت أرسله إليكم ومتى جاء ذاك يبكِّت العالم على خطيئته وعلى برّ وعلى دينونة، أما على الخطيئة فلأنهم لا يؤمنون بي وأما على برّ فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضا وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين، إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية، ذاك يمجدني لأنه لا يأخذ مما لي ويخبركم).
إن هذه الترجمة رديئة فالأسلوب ضعيف والألفاظ مكررة تكرارا لا مسوغ له والجمل مفككة خالية من الروح ولذا لا يتأثر منها القارىء وترجمة الفارقليط أو البارقليط بالعربية (أحمد) كما قال تعالى في كتابه العزيز: {وَمُبَشّرا بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ} (الصف: 6)، وقد تصرَّف المترجمون في هذه اللفظة فكانوا تارة ينقلونها عن اللغات الثلاث الأصلية وهي: العبرانية والكلدانية واليونانية بالمغزى وأخرى بالمخلص أو يكتبونها البارقليط كما هي.
ومن يقرأ هذه النصوص وينعم النظر في معناها ومرماها يجد أن عيسى عليه السلام بشر برسالة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام فسماه فارقليطا آخر يعني رسولا غيره تبقى شريعته إلى قيام الساعة ولا يأتي بعده نبيّ ولا رسول، وقال: إنه إن لم يكن ينطلق لا يأتي الفارقليط وقد بكَّت النبي ص النصارى واليهود الذين أنكروا نبوة المسيح وأساءوا إليه وحرفوا دينه وقد أرشد النبي عليه الصلاة والسلام الناس كافة إلى الحق وكان لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به أي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، وثبت أنه أخبر بأمور آتية وقد وقع ما أخبر به ومجّد عيسى عليه السلام، وتدل آيات القرآن الكريم على ما ورد في الإنجيل فإن النبي ص (الفارقليط الذي أتى بعد عيسى عليه السلام) لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به وأنه يرشد إلى الحق. قال تعالى: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعا مّنَ الرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} (الأحقاف: 9)، {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحا مّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَبُ وَلاَ الإِيمَنُ وَلَكِن جَعَلْنَهُ نُورا نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَآء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (الشورى: 52)، {وَالَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ وَءامَنُواْ بِمَا نُزّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيّئَتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} (محمد: 2)، {تَلْكَ ءايَتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقّ فَبِأَىّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَءايَتِهِ يُؤْمِنُونَ} (الجاثية: 6).
وإذا كان الفارقليط لا يشير إلى محمد رسول الله ص فإلى من يشير إذن؟ وأين الذي جاء بعد عيسى عليه السلام؟ ومن هو الذي بكّت العالم على خطيئته ومن هو روح الحق الذي لا يتكلم من نفسه الخ، أليس هو رسول الله ص
وجاء في وصية موسى الكليم عليه السلام كما في ص23 ف2: من التثنية ولفظه:
(قال: جاء الرب من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من فاران ومعه ألوف الأطهار في يمينه سِنة من نار، أحب الشعوب جميع الأطهار بيده والذين يقتربون من رجليه يقبلون من تعليمه).
هذه الوصية هي آخر وصايا موسى عليه السلام، وقد أخبر بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ووضح لهم أن الله جاء من سيناء وأوصاكم بواسطتي باتباع التوراة ويستشرق عليكم بواسطة عيسى من ساعير وهي جبال فلسطين فلم يبق إلا أن يستعلن من جبال فاران (والمراد بها مكة وهي البلدة التي سكنها إسماعيل) وألوف الأطهار هم الصحابة رضوان الله عليهم، في يمينه سِنة من نار وهي الشريعة الإسلامية لأنها أحرقت المشركين.
ولما كان من المهم أن نعرف مكان فاران التي وردت في وصية موسى بحثت عنها في أشهر المراجع الموثوق بها فقد جاء في «معجم ياقوت» جزء 6 صفحة 323 طبع مصر سنة 1324 (فاران هي من أسماء مكة ورد ذكرها في التوراة قيل: هي اسم لجبال مكة). وجاء في كتاب «صفة جزيرة العرب» للهمداني طبع ليدن 1883 صفحة 170: وأما معدن فران فإنه نسب إلى فَرانَ بن بَليّ بن عمرو كما قيل في جبال الحرم جبال فاران وذكرت بذلك في التوراة وهي نسبة إلى فاران بن عمليق. وجاء في كتاب «الإعلام بأعلام بيت الله الحرام» تأليف قطب الدين النهروالي المكي طبع ليبسيك سنة 1857 ص18 عند ذكر أسماء مكة ما يأتي:
(ومن أسمائها كوثى لأن كوثى اسم لمحل من قيقعان وفاران والمقدسة وقرية النمل لكثرة نملها والحاطمة لحطمها للجبابرة والوادي والحرم الخ) فلم يبق شك في أن فاران جبال بمكة أو هي مكة نفسها سميت باسم تلك الجبال.
وجاء في سفر أشعيا الإصحاح الحادي والأربعين: (أنصتي إليّ أيتها الجزائر ولتجدد القبائل قوة ليقتربوا ثمّ يتكلموا، لنتقدم معا إلى المحاكمة من أنهض من المشرق الذي يلاقيه النصر عند رجليه دفع أمامه أمما وعلى ملوك سلطه، جعلهم كالتراب بسيفه وكالقش المنذري بقوسه، طردهم، مر سالما في طريق لم يسلكه برجليه من فعل وصنع داعيا الأجيال من البدء أنا الرب الأول ومع الآخرين أنا هو) والمراد بالقبائل العرب وصاحب السيف والقوس هو محمد فإن عيسى لم يحارب أصلا.
وجاء في الفصل 18 من الكتاب الخامس من سفر التثنية أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام: (قل لبني إسرائيل إني أقيم لهم آخر الزمان نبيا مثلك من بني إخوتهم) وكل نبي بعث بعد موسى كان من بني إسرائيل وآخرهم عيسى عليه السلام فلم يبق أن يكون من بني إخوتهم إلا نبينا محمد ص لأنه من ولد إسماعيل وإسماعيل أخو إسحاق وإسحاق جد بني إسرائيل فهذه هي الأخوة التي ذكرت في التوراة ولو كانت هذه البشارة بنبي من أنبياء بني إسرائيل لم يكن لذكر إخوتهم معنى.
وجاء في كتاب الرؤيا المنسوب إلى يوحنا الإنجيلي في ص 19 ف 11 ما نصه:(ثم رأيت السماء مفتوحة وإذا فرس أبيض والجالس عليه يدعى أمينا صادقا وبالعدل يحكم ويحارب وعيناه كلهيب نار وعلى رأسه تيجان كثيرة وله اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو) وهناك قال: إنه يحارب ولا شك أنه محمد ص وقد كان يدعى قبل الرسالة بالأمين الصادق كما أسلفنا.
وجاء في رؤيا يوحنا اللاهوتي ص 19 ف 15: (ومن فمه يخرج سيف ماض لكي يضرب به الأمم وهو سيرعاهم بعصا من حديد وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء) والمراد من قوله يخرج من فمه سيف ماض الخ هو القرآن الكريم، وقد داس النبي ص معصرة خمر أعني أنه حرّم الخمر تحريما قطعيا، أما عيسى فقد روى عنه المسيحيون أنه قلب الماء خمرا في عرس قانا، ورُوي عنه أنه قال عن الخمر إنها دمه.
هذه النصوص المذكورة في التوراة والإنجيل ناطقة برسالة محمد عليه الصلاة والسلام، لهذا لما كان بحيرا الراهب متبحرا في علم النصرانية فقد عرف النبي ص وأخبره برسالته مما اطلع عليه في الكتب المقدسة ففيها أوصافه عليه الصلاة والسلام وشيء من إرهاصاته ومعجزاته وكانت حليمة السعدية تعرض النبي ص على اليهود والكهان وتحدثهم بشأنه فيعرفونه من أوصافه وأحواله وقد أخبر برسالته عليه الصلاة والسلام ورقة بن نوفل ابن عمّ خديجة وكان شيخا نصرانيّا عندما أخبره رسول الله ص بما رأى من الوحي إذ قال له: «هذا هو الناموس الذي نزل الله على موسى» إلى آخر ما قال ممّا سيأتي ذكره في موضعه، هذا وقد أنذر اليهود برسول الله ص وإليك ما جاء في سيرة ابن هشام:
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
إنذار يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه قالوا: إن مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله وهداه لنا ما كنا نسمع من رجال يهود وكنا أهل شرك وأصحاب أوثان وكانوا أهل كتاب، عندهم علم ليس لنا وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا إنه قد تقارب زمان نبيّ يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم. فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم، فلما بعث الله رسوله أجبناه حين دعانا إلى الله وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به وفيهم نزلت هذه الآيات من البقرة: {وَلَمَّا جَآءهُمْ كِتَبٌ مّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدّقٌ لّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَفِرِينَ} (البقرة: 89)، قال ابن هشام: يستفتحون يستنصرون: ويستفتحون أيضا يتحاكمون، وفي كتاب الله تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَتِحِينَ} (الأعراف: 89).
قال ابن إسحاق: وحدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف بن محمود بن لبيد بن عبد الأشهل عن سلمة بن سلامة بن وقش وكان سلمة من أصحاب بدر، قال: كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل قال: فخرج علينا يوما من بيته حتى وقف على بني عبد الأشهل قال سلمة: وأنا يومئذ من أحدث من فيه سنّا عليّ بردة لي مضطجع فيها بفناء أهلي فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنة والنار قال: فقال ذلك لقوم أهل شرك أصحاب أوثان لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت، فقالوا له: ويحك يا فلان أترى هذا كائنا أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار ويجزون فيها بأعمالهم؟ قال: نعم والذي يُحلف به، ويودّ أنَّ له بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدار يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطينونه عليه بأن ينجو من تلك النار غدا، فقالوا له: ويحك يا فلان فما آية ذلك؟ قال: نبيّ مبعوث من نحو هذه البلاد، وأشار بيده إلى مكة واليمن، قالوا: ومتى تراه؟ قال: فنظر إليَّ وأنا أحدثهم سنّا، فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه، قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله محمدا وهو حيٌّ بين أظهرنا فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا، قال: فقلنا له: ويحك يا فلان ألست بالذي قلت لنا فيه ما قلت؟ قال: بلى ولكن ليس به. قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخ من بني قريظة قال: قال لي: هل تدري عم كان إسلام ثعلبة بن سعية وأسد بن عبيد نفر من هدل إخوة بني قريظة كانوا معهم في جاهليتهم ثم كانوا سادتهم في الإسلام، قال: قلت: لا والله، قال: فإن رجلا من يهود من أهل الشام يقال له ابن الهيبان قدم علينا قبل الإسلام بسنين فحل بين أظهرنا لا والله ما رأينا رجلا قط لا يصلي الخمس أفضل منه فأقام عندنا فكنا إذا قحط عنا المطر قلنا له: اخرج يا ابن الهيبان فاستسق لنا فيقول: لا والله حتى تقدموا بين يدي مخرجكم صدقة، فنقول له: كم؟ فيقول: صاعا من تمر أو مدَّين من شعير، قال: فنخرجها ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرثنا فيستسقي الله لنا فوالله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ونسقى، قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثا ثم حضرته الوفاة عندنا، فلما عرف أنه ميت قال: يا معشر يهود ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قلنا: أنت أعلم، قال: فإني إنما قدمت هذه البلدة أَتوكف خروج نبيّ قد أظل زمانه وهذه البلدة مهاجره فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه وقد أظلكم زمانه فلا تُسبقن إليه، يا معشر يهود فإنه يبعث بسفك الدماء وسبي الذراري والنساء ممن خالفه فلا يمنعنكم ذلك منه، فلما بعث رسول الله وحاصر بني قريظة قال هؤلاء الفتية - وكانوا شبابا أحداثا -: يا بني قريظة والله إنه للنبي الذي كان عهد إليكم فيه ابن الهيبان، قالوا: ليس به، قالوا: بلى والله إنه لهو بصفته، فنزلوا فأسلموا فأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم. قال ابن إسحاق: فهذا ما بلغنا عن أخبار يهود.
قال تعالى يوبخ أهل الكتاب على كفرهم بمحمد وجحودهم نبوته: {يأَهْلَ الْكِتَبِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِأَيَتِ اللَّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ} (آل عمران: 70)، أي تشهدون أن نعت محمد في كتابكم ثم تكفرون به ولا تؤمنون به وأنتم تجدونه عندكم في التوراة والإنجيل النبيّ والأميّ.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
سلمان الفارسي وقصة إسلامه
سلمان الفارسي أبو عبد الله ويعرف بسلمان الخير مولى رسول الله ص وأصله من جيّ وهي من قرى مدينة أصفهان، وكان اسمه قبل الإسلام مابه بن مورسلان بن بهبوزان بن فيروز بن سهرك من ولد آب الملك وكان ببلاد فارس مجوسيا سادن النار، وكان أبوه مجوسيا فاتفق أنه هرب منه يوما ولحق بالرهبان وصحبهم ثم قدم الحجاز عند ظهور النبي مع العرب فباعوه إلى يهودي من قريظة فأتى به المدينة فلما دخلها النبي أسلم وشهد معه أكثر المشاهد، وأول مشاهده وقعة الخندق وكان من فضلاء الصحابة وزهادهم وعلمائهم وذوي القربى من الرسول وهو الذي أشار على الرسول بحفر الخندق حين جاءت الأحزاب، وفيه قال رسول الله ص «سلمان منا أهل البيت»، وكان يعمل الخوص بيده ويأكل من ثمنه وآخى الرسول بينه وبين أبي الدرداء وروى عنه جماعة من العلماء، توفي سنة 35 للهجرة وقيل: 34 ودفن في المدافن شرقي بغداد وله مقام إزاء ديوان كسرى يزار حتى الآن ويعرف بمقام سلمان باك وهي لفظة فارسية معناها الطاهر، قيل: عاش 150 سنة، وقيل: أكثر من ذلك وهو من معمري العرب.
وهذه قصة إسلامه عن ابن عباس رضي الله عنه.
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: حدثني سلمان الفارسي وأنا أسمع من فيه قال: كنت رجلا من أهل فارس من أصبهان من جيّ ابن رجل من دهاقينها وكنت أحب خلق الله إليه فأجلسني في البيت كالجواري فاجتهدت في الفارسية وكان أبي صاحب ضيعة وكان له بناء يعالجه فقال لي يوما: يا بنيَّ قد شغلني ما ترى فانطلق إلى الضيعة ولا تحتبس فتشغلني عن كل ضيعة بهمّي بك، فخرجت لذلك فمررت بكنيسة النصارى وهم يصلون فملت إليهم وأعجبني أمرهم وقلت: هذا والله خير من ديننا، فأقمت عندهم حتى غابت الشمس لا أنا أتيت الضيعة ولا رجعت إليه فاستبطأني وبعث رسلا في طلبي وقد قلت للنصارى حين أعجبني أمرهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام، فرجعت إلى والدي، فقال: يا بنيَّ قد بعثت إليك رسلا، فقلت: مررت بقوم يصلون بكنيسة فأعجبني ما رأيت من أمرهم وعلمت أن دينهم خير من ديننا، فقال: يا بنيّ دينك ودين آبائك خير من دينهم، فقلت: كلا والله، فخافني وقيدني فبعثت إلى النصارى وأعلمتهم ما وافقني من أمرهم وسألتهم إعلامي من يريد الشام ففعلوا فألقيت الحديد من رجلي وخرجت معهم حتى أتيت الشام فسألتهم عن عالمهم فقالوا: الأسقف، فأتيته فأخبرته وقلت: أكون معك أخدمك وأصلي معك، قال: أقم، فمكثت مع رجل سوء كان يأمرهم بالصدقة فإذا أعطوه شيئا أمسكه لنفسه حتى جمع سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا فتوفي فأخبرتهم بخبره فزجروني فدللتهم على ماله فصلبوه ولم يغيبوه ورجموه وأجلسوا مكانه رجلا فاضلا في دينه زهدا ورغبة في الآخرة وصلاحا فألقى الله حبه في قلبي حتى حضرته الوفاة فقلت: أوصني، فذكر رجلا بالموصل وكنّا على أمر واحد حتى هلك فأتيت الموصل فلقيت الرجل فأخبرته بخبري وأن فلانا أمرني بإتيانك فقال: أقم فوجدته على سبيله وأمره حتى حضرته الوفاة، فقلت له: أوصني، فقال: ما أعرف أحدا على ما نحن عليه إلا رجلا بعمورية، فأتيته بعمورية فأخبرته بخبري فأمرني بالمقام وثاب لي شيئا واتخذت غنيمة وبقرات فحضرته الوفاة فقلت: إلى من توصي بي؟ فقال: لا أعلم أحدا اليوم على مثل ما كنا عليه ولكن قد أظلك نبيٌّ يبعث بدين إبراهيم الحنيفية، مهاجره بأرض ذات نخل وبه آيات وعلامات لا تخفى، بين منكبيه خاتم النبوة يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة فإن استطعت فتخلص إليه.
فتوفي فمر بي ركب من العرب من بني كلاب فقلت: أصحبكم وأعطيكم بقراتي وغنمي هذه وتحملوني إلى بلادكم، فحملوني إلى وادي القرى فباعوني من رجل من اليهود، فرأيت النخل فعلمت أنه البلد الذي وصف لي فأقمت عند الذي اشتراني وقدم عليه رجل من بني قريظة فاشتراني منه وقدم بي المدينة فعرفتها بصفتها فأقمت معه أعمل في نخله وبعث الله نبيه وغفلت عن ذلك حتى قدم المدينة فنزل في بني عمرو بن عوف، فإني لفي رأس نخلة إذ أقبل ابن عمّ لصاحبي، فقال: أي فلان قاتل الله بني قيلة مررت بهم آنفا وهم مجتمعون على رجل قدم عليهم من مكة يزعم أنه نبيٌّ، فوالله ما هو إلا أن سمعتها، فأخذني القرّ فرجفت بي النخلة حتى كدت أسقط ونزلت سريعا فأقبلت على عملي حتى أمسيت فجمعت شيئا فأتيته به وهو بقباء عند أصحابه، فقلت: اجتمع عندي شيء أردت أن أتصدق به فبلغني أنك رجل صالح ومعك رجال من أصحابك ذوو حاجة فرأيتهم أحق به فوضعته بين يديه فكف يده وقال لأصحابه: «كلوا» فأكلوا، فقلت: هذه واحدة، ورجعت وتحوَّل إلى المدينة فجمعت شيئا فأتيته به فقلت: أحببت كرامتك فأهديت لك هدية وليست بصدقة فمد يده فأكل وأكل أصحابه فقلت: هاتان اثنتان، ورجعت فأتيته وقد تبع جنازة في بقيع الغرقد وحوله أصحابه، فسلمت وتحولت أنظر إلى الخاتم في ظهره فعلم ما أردت فألقى رداءه فرأيت الخاتم فقبلته وبكيت فأجلسني بين يديه فحدثته بشأني كله كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجبه ذلك وأحب أن يسمعه أصحابه ففاتني معه بدر وأحد بالرِّق فقال لي: «كاتب يا سلمان على نفسك» فلم أزل بصاحبي حتى كاتبته على أن أغرس له ثلاثمائة ودية وعلى أربعين أوقية من ذهب فقال النبي ص «أعينوا أخاكم بالنخل» فأعانوني بالخمس والعشر حتى اجتمع لي فقال لي: «انقر لها ولا تضع منها شيئا حتى أضعه بيدي» ففعلت فأعانني أصحابي حتى فرغت فأتيته فكنت آتيه بالنخلة فيضعها ويسوِّي عليها ترابا فأنصرف، والذي بعثه بالحق فما ماتت منها واحدة وبقي الذهب فبينما هو قاعد إذ أتاه رجل من أصحابه بمثل البيضة من ذهب أصابه من بعض المعادن، فقال: «ادع سلمان المسكين الفارسي المكاتب»، فقال: «أدّ هذه»، فقلت: يا رسول الله وأين تقع هذه مما عليّ؟
هذه قصة سلمان الفارسي وهي كما يتضح للقارىء المنصف معقولة وليس فيها شيء من المبالغة، ويلاحظ أن سلمان كان من صغره ميالا إلى التدين والتقشف فصاحب كبار أهل الدين وتعلم منهم وهذه القصة تدل على صدق رسالة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام، لأن سلمان ما عرف النبيَّ إلا بالعلامات التي أخبره بها صاحبه بعمورية ولم يسلم إلا بعد أن تحقق صحّة هذه العلامات فيه ومن المحقق من ترجمة حياة سلمان أن أباه كان مجوسيا من بلاد الفرس وأنه هرب منه ولحق بالرهبان وصاحبهم واحدا بعد واحد إلى أن لقي النبي
ونلاحظ أن سلمان لم يذكر أسماء الرهبان أو الأساقفة الذين كان يلازمهم وإن كان قد ذكر بلادهم.
وشهد رسول الله لسلمان الفارسي بالطهارة والحفظ الإلهي والعصمة حيث قال: «سلمان منا أهل البيت»، وفيه قال رسول الله ص «لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من فارس» وأشار إلى سلمان الفارسي.
وكان سلمان من خيار الصحابة وزهادهم وفضلائهم وذوي القرب من رسول الله ص قالت عائشة: كان لسلمان مجلس من رسول الله ص بالليل حتى كان يغلبنا على رسول الله. وسئل عليٌّ عن سلمان، فقال: علم العلم الأول والعلم الآخر وهو بحر لا ينزف وهو منا أهل البيت. وهو الذي أشار على رسول الله بحفر الخندق لما جاءت الأحزاب، فأمر رسول الله بحفره فاحتمى المهاجرون والأنصار في سلمان وكان رجلا قويا، وتوفي سنة 45هـ في آخر خلافة عثمان، وقيل إنه عاش 350 سنة، فأما 250 فلا يشكون فيه.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
من تسمى في الجاهلية بمحمد
كانت العرب تسمع من أهل الكتاب ومن الكهان أن نبيا يبعث من العرب اسمه (محمد) فسمَّى من بلغه ذلك من العرب ولده محمدا طمعا في النبوة. سُمِّيَ محمد بن الخزاعي بن حزابة من بني ذكوان من بني سليم طمعا في النبوّة فأتى أبرهة باليمن فكان معه على دينه حتى مات فلما وجه قال أخوه قيس بن خزاعي:
فذلكمُ ذو التاج منا محمد ** ورايته في حومة الحرب تخفق
وكان في بني تميم محمد بن سفيان بن مجاشع وكان أسقفا قيل لأبيه إنه يكون للعرب نبيٌّ اسمه محمد فسماه محمدا، ومحمد الجشعي في بني سواءة، ومحمد الأسيدي ومحمد الفقيمي سموهم طمعا في النبوة.
هذا ما وجدته في طبقات ابن سعد فليرجع إليه من شاء، ومن هذا كله يتضح أنهم كانوا ينتظرون ظهور نبي في ذلك الزمان.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 20 (0 من الأعضاء و 20 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)