الضرب والشتم حيلة الجهال المتعصبين
إن كفار قريش، لم يفكروا في مناقشة ما يسمعون من الآيات القرآنية التي كان يتلوها رسول الله وأصحابه، بل كانوا يتهمونه بالكذب تارة أو بالجنون أو بالسحر ويضربون من يجهر بالقرآن، وهذا سلاح الضعيف الجاهل، إن رسول الله كان يعيب آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله ويقول: إنها أصنام صنعتموها بأيديكم وهي لا تنفع ولا تضر ولا تسمع ولا تبصر، فاتركوها واعبدوا الله خالق السماوات والأرض ويعدد لهم صفاته وقدرته جل شأنه، فلولا رسوخ العقيدة الباطلة في نفوسهم، والعقائد الباطلة القديمة، تشل عقل معتنقيها، نقول لولا رسوخ العقيدة، لحكموا عقولهم وبادروا إلى الإيمان بالله، لكن عزَّ عليهم أن يأتي رجل منهم ويتهمهم بالكفر والضلال ويعيب تلك الآلهة القديمة التي وجدوا آباءهم وأجدادهم يسجدون لها ويقدمون لها الذبائح والهدايا، فالتجأوا إلى الضرب والشتم وهذا شأن كل جاهل متعصب، ولما دخل رسول الله مكة فاتحا وأمر بهدم تلك الأصنام التي كانوا يعتقدون أنها مقدسة لا يقدر أحد على إيصال الأذى إليها، وهدمت بالفعل ووجد أن لا حول لها ولا قوة وقتل من كان فيها من المشعوذين، أيقنوا أنهم كانوا في ضلال مبين فقال الرسول: {جَآء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَطِلُ إِنَّ الْبَطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (الإسراء: 81)، فاللهم طهِّر قلوبنا من الشرك وأَمِتْنا مسلمين.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
القرآن يحير ألباب العرب
تحيَّرت ألباب العرب في القرآن الذي نزل بلغتهم وهم أهل فصاحة وبلاغة، وخشيت قريش أن ينتشر الإسلام وينتصر النبي بدينه على الأصنام، فاتفقوا على إطلاق اسم على رسول الله ينفّر القبائل منه، ويشوّه سمعته، ويكون عقبة في سبيل نشر دعوته، ذلك أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش وكان ذا سن فيهم، وقد حضر الموسمُ فقال لهم: يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسمُ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذّب بعضكم بعضا، ويرد قولكم بعضه بعضا، فقالوا: فأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا نقل به، قال: بل أنتم قولوا أسمع، قالوا: نقول كاهنا، قال: والله ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه، قالوا: فنقول مجنون، قال: ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخَنقه ولا تخالجه ولا وسوسته، قالوا: فنقول شاعر، قال: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله رَجَزَه، وهزَجه، وقريضه، مقبوضه، ومبسوطه فما هو بالشعر، قالوا: فنقول ساحر، قال: ما هو بساحر، لقد رأينا السُّحار وسحرهم فما هو بنفْثه ولا عقده، قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لعَذْق، وإن فرعه لجنَاةٌ، وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عُرف أنه باطل، وإن أقرب القول لأن تقولوا ساحر جاء بقول هو سحر يفرق بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، والمرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر أحد إلا حذروه إياه، لكن النتيجة جاءت عكس ذلك فقد انتشر ذكره في بلاد العرب.
وقد كان ضماد بن ثعلبة الأزدي صديقا للنبي في الجاهلية، وكان رجلا يتطيب ويرقي ويطلب العلم، فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون: إن محمدا مجنون، فجاءه وقال: إني راق فهل بك من شيء فأرقيك؟ فأجابه بقوله: «الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، أما بعد»، فقال له ضماد: أعد عليَّ كلماتك هؤلاء، فأعادهن النبي ثلاثا، فقال: والله لقد سمعت قول الكهنة، وسمعت قول السحرة، وسمعت قول الشعراء، فما سمعت مثل هؤلاء الكلمات لقد بلغت ناعوس البحر فمد يدك أبايعك على الإسلام، فمد النبي يده فبايعه وأسلم.
وهكذا أخفق مسعاهم وسقط إفكهم والحسود لا يسود، والكذب لا تقوم له قائمة فلا بد أن يسود الحق ويكتسح الباطل أمامه.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
قريش تفاوض أبا طالب في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
[المفاوضة الأولى
لما رأت قريش أن أبا طالب قد قام دون النبي ولم يسلمه لهم، مشى رجال من أشرافهم إلى أبي طالب: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو البَخْتري بن هشام، والأسود بن المطلب، والوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل السهمي ونبيه ومنبِّه ابنا الحجاج، وغيرهم، فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سبّ آلهتنا وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا وإما تخلي بيننا وبينه فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه. فقال لهم أبو طالب قولا جميلا، وردهم ردا رقيقا، فانصرفوا عنه، ومضى رسول الله لما هو عليه، هذه هي المفاوضة الأولى، لكنها لم تثمر شيئا، إذ ظل الرسول يدعو إلى عبادة الله كما كان.
المفاوضة الثانية
ثم لما تباعد الرجال وتضاغنوا، وأكثرت قريش ذكر رسول الله فكروا في مفاوضة أبي طالب مرة أخرى، فمشوا إليه وقالوا: يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا وإنا قد اشتهيناك أن تنهي ابن أخيك فلم تفعل، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آلهتنا وآبائنا، وتسفيه أحلامنا حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين، أو كما قالوا، ثم انصرفوا عنه، ومعنى ذلك أنهم هددوا أبا طالب في هذه المرة وأظهروا له العداوة، فعظم عليه فراق قومه وعداوتهم له، ولم تطب نفسه بإسلام رسول الله ص وخذلانه، فبعث إلى رسول الله ص فأعلمه ما قالت قريش، وقال له: أبق على نفسك وعليّ ولا تحمّلني من الأمر ما لا أطيق. فظن رسول الله ص أن عمه قد خذله وضعف عن نصرته، فقال له: «يا عماه والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته» ثم بكى رسول الله ص وقام، فلما ولى ناداه أبو طالب فأقبل عليه وقال: - اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشيء أبدا - فتدبر أيها القارىء في قوة رسول الله تلك القوة المعنوية العظيمة أمام شعب معاد معاند وشدة تمسكه بمبدئه إلى النهاية.
المفاوضة الثالثة
أصرّ أبو طالب على الدفاع عن ابن أخيه قياما بالواجب على نحو من تربّى في كفالته ونشأ في بيته وعملا بالمروءة، ولكنه مع ذلك بقي على دينه ولم يعتنق الإسلام لذلك صارت مهمته شاقة ومركزه حرجا فأمامه قريش متعصبة لدينها وقد أغضبها قيام محمد بنشر الإسلام ومحاربة الأصنام، وصاحب الدعوة لا يثنيه عن القيام بما أُمر به سخرية ساخر أو اضطهاد مضطهد، فلو أن أبا طالب أسلم لكان دفاعه أعظم وحجته أبلغ أمام العرب وأحكم، لكنه ظل على دين آبائه ودافع عن رسول الله لا عن عقيدة بل أداء لواجب القرابة.
وفي هذه المرة مشوا إلى أبي طالب بعُمارة بن الوليد، فقالوا: يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد فتى قريش وأشعرهم وأجملهم فخذه فلك عقله ونصرته فاتخذه ولدا وأسلم لنا ابن أخيك هذا الذي سفّه أحلامنا وخالف دينك ودين آبائك وفرّق جماعة قومك نقتله فإنما رجل برجل، فقال: والله لبئس ما تسومونني أتعطونني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه؟ هذا والله لا يكون أبدا. فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف: لقد أنصفك قومك وما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا، فقال: والله ما أنصفوني ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم عليّ فاصنع ما بدا لك. وكلّ عاقل يرى أن ما عرضته قريش على أبي طالب في غاية السخف لكنهم كانوا يتلمسون الحيل للخلاص من صاحب الدعوة ص بأي حال، فلما يئسوا من إجابة طلبهم اشتدت قريش على من أسلم فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم، وقام أبو طالب في بني هاشم فدعاهم إلى منع رسول الله ص فأجابوا إلى ذلك.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
تعذيب المسلمين
أخذت قريش تؤذي النبي وتؤذي من آمن به حتى عذبوا جماعة من المستضعفين عذابا شديدا يدل على مبلغ تعصبهم وقسوتهم.
فمن الذين عذبوا لأجل إسلامهم بلال بن رباح الحبشي مولى أبي بكر، وكان أبوه من سبي الحبشة وأمه حمامة سبية أيضا وهو من مولدي الشراة وكنيته أبو عبد الله فصار بلال لأمية بن خلف الجمحي فكان إذا حميت الشمس وقت الظهيرة يلقيه في الرّمضاء على وجهه وظهره ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتلقى على صدره ويقول: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى، فكان بلال وهو في هذه الحال يقول: «أَحَد.، أَحَد» فرآه أبو بكر يعذب، فقال لأمية بن خلف الجمحي: ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ فقال: أنت أفسدته فأنقذه، فقال: عندي غلام على دينك أسود أجدل من هذا أعطيكه به، قال: قبلت، فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذ بلالا فأعتقه، وقيل: اشتراه أبو بكر بخمس أواق، أما أمية بن خلف فقتله بلال، واشترك مع معاذ بن عفران وخارجة بن زيد وحبيب بن أساف. قال ابن إسحاق: أما ابنه عليّ فقتله عمار بن ياسر وحبيب بن أساف وذلك في موقعة بدر.
ومن المعذَّبين: عمار بن ياسر أبو اليقظان العنسيُّ وهو بطن من مراد، وعنس هذا أسلم هو وأبوه وأمه وأسلم قديما ورسول الله في دار الأرقم بن أبي الأرقم بعد بضعة وثلاثين رجلا، أسلم هو وصهيب في يوم أحد، وكان ياسر حليفا لبني مخزوم فكانوا يخرجون عمارا وأباه وأمه إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء يعذبونهم بحر الرمضاء فمرّ بهم النبي فقال: «صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة»، فمات ياسر في العذاب وأغلظت امرأته سمية القول لأبي جهل فطعنها في فرجها بحربة فماتت وهي أول شهيدة في الإسلام، وشددوا العذاب على عمار بالحر تارة وبوضع الصخر في شدة الحر على صدره تارة أخرى، فقالوا: لا نتركك حتى تسب محمدا وتقول في اللات والعزى خيرا، ففعل فتركوه فأتى النبي يبكي فقال: «ما وراءك؟» فقال: شر يا رسول الله كان الأمر كذا وكذا، فقال: «فكيف تجد قلبك؟» قال: أجده مطمئنا بالإيمان، فقال: «يا عمار إن عادوا فعد»، فأنزل الله تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَنِ} (النحل: 106).
ومنهم خبَّاب بن الأرت وكان إسلامه قديما، قيل: سادس ستة قبل دخول رسول الله دار الأرقم فأخذه الكفار وعذبوه عذابا شديدا فكانوا يعرّونه ويلصقون ظهره بالرمضاء ثم بالرَّضْف وهي الحجارة المحماة بالنار ولووا رأسه فلم يجبهم إلى شيء مما أرادوا، وهاجر وشهد المشاهد كلها مع رسول الله ونزل الكوفة ومات سنة سبع وثلاثين، وقال عليّ رضي الله عنه: رحمه الله إنَّ خبَّابا أسلم راغبا وهاجر طائعا وعاش مجاهدا وابتغى في جسمه ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا.
ومنهم صُهيب بن سنان الرومي كناه رسول الله «أبا يحيى» قبل أن يولد له، وكان ممن يعذب في الله فعذب عذابا شديدا فلما أراد الهجرة منعته قريش فافتدى نفسه منهم بماله أجمع وجعله عمر بن الخطاب عند موته يصلي بالناس إلى أن يستخلف بعض أهل الشورى.
ومنهم عامر بن فهيرة مولى الطفيل بن عبد الله، وكان الطفيل أخا عائشة لأمها أم رومان أسلم قديما قبل دخول رسول الله دار الأرقم وكان من المستضعفين يعذب في الله فلم يرجع عن دينه واشتراه أبو بكر وأعتقه، ولما خرج رسول الله وأبو بكر إلى الغار مهاجرين أمر أبو بكر مولاه عامر بن فهيرة أن يروح بغنم أبي بكر عليهما وكان يرعاها وهاجر معهما إلى المدينة يخدمهما، وشهد عامر بدرا وأُحُدا وقُتل يوم بئر معونة سنة أربع من الهجرة وهو ابن أربعين سنة.
ومنهم لبيبة جارية بني مؤمل بن حبيب بن كعب أسلمت قبل إسلام عمر بن الخطاب وكان يعذبها حتى تفتن ثم يدعها ويقول: إني لم أدعك إلا سآمة، فتقول: كذلك يفعل الله بك إن لم تسلم، فاشتراها أبو بكر فأعتقها.
هذه أمثلة ذكرتها ليتضح للقارىء اشتداد العذاب على هؤلاء المساكين رجالا ونساءً.
ومما أصاب النبي ص من الإيذاء ما قاله ابن عمر كما في البخاري: بينا رسول الله ص بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله فلفَّ ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فجاء أبو بكر فأخذ بمنكبه فدفعه عن رسول الله ص وفي رواية ثم قال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله.
وفي رواية البخاري: كان رسول الله ص يصلي عند الكعبة وجمع من قريش في مجالسهم إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي؟ أيكم يقوم إلى جزور آل فلان فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها، فيجيء بهم ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه، فانبعث أشقاهم فلما سجد رسول الله ص وضعه بين كتفيه وثبت النبي ص ساجدا فضحكوا حتى مال بعضهم على بعض من الضحك فانطلق منطلق إلى فاطمة فأقبلت تسعى وثبت النبي ص ساجدا حتى ألقته (ثمّ أقبلت) عليهم تسبهم، فلما قضى رسول الله ص قال: «اللهم عليك بقريش»، ثم سمى فقال: «اللهم عليك بعمرو بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعمارة بن الوليد»، وقد سقطوا جميعهم صرعى يوم بدر ثم سحبوا إلى قليب بدر، أما عقبة بن أبي معيط فكان من أسرى بدر وأمر رسول الله بقتله.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)