سرية زيد بن حارثة
سرية زيد بن حارثة إلى القَرْد - ماء من مياه نجد - وسببها أن قريشا خافوا من طريقهم التي يسلكونها إلى الشام حين كان من وقعة بدر ما كان فسلكوا طريق العراق فخرج منهم تجار فيهم أبو سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وحويطب بن عبد العزى وكلهم أسلموا عام الفتح ومعهم فضة كثيرة، فبعث رسول الله زيد بن حارثة رضي الله عنه في 100 راكب فلقيهم على ذلك الماء فأصاب العير وما فيها وهرب الرجال، فقدم بالعير على رسول الله فخمسها فبلغت قيمة الخمس، عشرين ألف درهم، وكانت هذه السرية في جمادى الآخرة من السنة الثالثة من الهجرة - سبتمبر سنة 624 م -.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
قتل كعب بن الأشرف
كعب بن الأشرف اليهودي كان أبوه عربيا من بني نبهان، أصاب دما في الجاهلية فأتى المدينة فحالف بني النضير فشرف فيهم وتزوج عقيلة بنت أبي الحقيق فولدت له كعبا، وكان طويلا جسيما ذا بطن وهامة، شاعرا مجيدا، ساد يهود الحجاز بكثرة ماله فكان يعطي أحبار يهود ويصلهم، وكان يهجو رسول الله في أشعاره ويحرض كفار قريش على قتاله، وكان من عداوته أنه لما أصيب أصحاب بدر، قدم زيد بن حارثة إلى أهل السافلة وعبد الله بن رواحة إلى أهل العالية، بشيرين بعثهما رسول الله إلى من بالمدينة من المسلمين يخبرانهم بفتح الله عز وجل عليه وقتل من قتل وأسر من أسر من المشركين، كبر عليه ذلك وقال: أحق هذا؟ أترون أن محمدا قتل هؤلاء الذين يسمّي هذان الرجلان - البشيران - وهؤلاء أشراف العرب وملوك الناس والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء لبطن الأرض خير من ظهرها، فلما تيقن الخبر ورأى الأسرى خرج إلى قريش يبكي قتلاهم ويحرِّض بأشعاره على قتال النبي وكان ينتقل من قوم إلى قوم وأخباره تصل إلى النبي فيذكره لحسان فيهجوه، وقال رسول الله «اللهم اكفني ابن الأشرف بما شئت»، ثم رجع إلى المدينة فتغزل في نساء المسلمين وذكرهن بسوء وأبى أن ينزع عن أداه، وكان يرمي إلى إحداث ثورة في المدينة ضد رسول الله فغضب رسول الله وقال: «من لي بابن الأشرف»، فقال محمد بن مسلمة أخو بني عبد الأشهل: أنا لك به يا رسول الله هو خالي، أنا أقتله، قال: «فافعل إن قدرت على ذلك»، فرجع محمد بن مسلمة فمكث ثلاثا لا يأكل ولا يشرب إلا ما يعلق به نفسه، فذكر ذلك لرسول الله ص فدعاه فقال له: «لم تركت الطعام والشراب؟» فقال: يا رسول الله قلت لك قولا لا أدري أأفينَّ لك به أم لا؟ قال: «إنما عليك الجهد».
ثم أتى أبا نائلة، وكان أخا لكعب بن الأشرف من الرضاعة وكان شاعرا وعباد بن بشر والحارث بن أوس وأخبرهم بما وعد به رسول الله من قتل ابن الأشرف، فأجابوه وقالوا كلنا نقتله، ثم أتوا رسول الله وقالوا: يا رسول الله لا بد لنا أن نقال، قال: قولوا ما بدا لكم فأنتم في حِلّ من ذلك، ومعنى ذلك أنهم استأذنوه أن يقولوا قولا غير مطابق للواقع يسر كعبا ليتوصلوا به إلى قتله وكان لا بد لهم من التماس الحيلة لأنه كان يقيم في حصن منيع خارج المدينة، فأباح لهم الكذب لأنه من خِدع الحرب، فجاء محمد بن مسلمة، كعب بن الأشرف فقال: إن هذا الرجل - يعني النبي ص ـ قد سألنا صدقة ونحن ما نجد ما نأكل قد عَنَّانا وإني قد أتيتك أستسلفك، قال كعب: وأيضا والله لَتَمَلُّنَّه، قال: إنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه وقد أردنا أن تسلفنا وسقا أو وسقين، قال: ألم يأن لكم أن تعرفوا ما أنتم عليه من الباطل؟ ثم أجابهم بأنه يسلفهم، وقال: ارهنوني، قالوا: أي شيء تريد؟ قال: ارهنوني نساءكم قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: فارهنوني أبناءكم، قالوا: وكيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال رهن وسق أو وسقين؟ هذا عار علينا ولكن نرهنك الّلأمة يعني السلاح مع علمك بحاجتنا إليه، قال: نعم، وإنما قالوا لئلا ينكر عليهم مجيئهم إليه بالسلاح فواعده أن يأتيه وجاءه أيضا أبو نائلة وقال له: ويحك يا ابن الأشرف إني قد جئتك لحاجة أريد أن أذكرها لك فاكتم عني، فقال: أفعل، قال: كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء من البلاء عادتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة وقطعت عنا السبل حتى جاع العيال وجهدت الأنفس وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا، فقال كعب: أنا ابن الأشرف، أما والله لقد كنت أخبرك يا ابن سلامة أن الأمر سيصير إلى ما أقول، فقال: إني أردت أن تبيعنا طعاما ونرهنك ونوثق لك وتحسن في ذلك وإن معي أصحابا على مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فتبيعهم وتحسن إليهم ونرهنك من الحلقة ما فيه وفاء، فقال: إن في الحلقة لوفاء، وكان أبو نائلة أخا لكعب من الرضاعة ومحمد بن مسلمة ابن أخيه من الرضاعة، فجاءه محمد بن مسلمة وأبو نائلة ومعهما عباد بن بشر والحارث بن أوس بن معاذ وأبو عبس بن جبر وكلهم من الأوس، ولما فارقوا النبي ص مشى معهم إلى بقيع الغرقد ثم وجههم وقال: انطلقوا على اسم الله اللهم أعنهم، ثم رجع ص إلى بيته وكان ذلك بالليل وكانت الليلة مقمرة، فأقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه وكان حديث عهد بعرس فناداه أبو نائلة ثم بقية أصحابه فعرفهم ووثب في ملحفته فأخذته امرأته بناحيتها وقالت: إنك امرؤ مُحارب وإن أصحاب الحروب لا ينزلون في مثل هذه الساعة، قال لها: إنه لأب نائلة لو وجدني نائما ما أيقظني، فقالت: والله إني لأعرف في صوته الشر، فقال لها كعب: لو يدعى الفتى لطعنة لأجاب، فنزل فتحدث معهم ساعة وتحدثوا معه ثم قالوا: هل لك يا ابن الأشرف أن تمشي إلى شعب العجوز نتحدث به بقية ليلتنا؟ فقال: إن شئتم، فخرجوا يتماشون فمشوا ساعة، ثم إن أبا نائلة أدخل يده في باطن رأسه ثم شم يده وقال: ما رأيت كالليلة طيبا أعطر قط ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها وأمسكه من شعره وقال: اضربوا عدو الله فضربوه بأسيافهم فوقع على الأرض فجزوا رأسه فحملوه في مخلاة كانت معهم إلى رسول الله، وكان ذلك في السنة الثالثة من الهجرة شهر ربيع الأول (يوليه سنة 624م).
هذه الحادثة قد أوقعت الرعب في نفوس اليهود جميعا، فقد قال رسول الله ص «من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه»، فلم يخرج من عظمائهم أحد من شدة خوفهم.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
قتل ابن سنينة
ولما سمع مُحيّصة بن مسعود ذلك من رسول الله وثب على ابن سُنَينَة اليهودي وهو من تجار يهود فقتله، فقال له أخوه حُوَيّصة وهو مشرك: يا عدو الله قتلته أما والله لرب شحم في بطنك من ماله وضربه، فقال محيّصة: لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لقتلتك، قال: فوالله لئن كان لأول إسلام حويصة فقال: إن دينا قد بلغ بك ما أرى لعجب، ثم أسلم.
هذه قصة مقتل كعب بن الأشرف ذكرنا ملخصها من أوثق المصادر التاريخية، وقد استنكر بعض الإفرنج الذين كتبوا سيرة الرسول اغتيال كعب بأمر رسول الله لكن كعبا هو الذي أساء إلى نفسه إذ قد ساقه الغرور إلى ارتكاب متن الشطط بعداء النبي معتمدا على ثروته وجاهه وشعره، فإنه بعد أن عاهد النبيَّ مع من معاهده من اليهود نقض العهد ونشط يهجو رسول الله والمسلمين بأشعاره، ورحل إلى مكة يبث الدعوة للقتال فإذا ما عاد إلى المدينة تغزل بنساء المسلمين ولا ريب أن ذلك كله يوغر الصدور والعرب لا يغفرون لمن يرمي نساءهم بسوء، ومن هذا نرى أنه كان عرضة للقتل بيد كل من يغار على حريمه ودينه من المسلمين.
ذكرنا مقتل كعب بن الأشرف قبل موقعه أُحُد لأن سرية محمد بن مسلمة كانت في شهر ربيع الأول من السنة الثالثة، وغزوة أُحُد في شوال من هذه السنة، ذلك أن كعبا لما جاء البشيران اللذان أرسلهما رسول الله ليزفا إلى المسلمين خبر انتصارهم في بدر وقتل من قُتل وأسر من أُسر من أشراف قريش لم يصدقهما، فلما سأَل الناس وتثبت من صحة الخبر رحل إلى مكة وأخذ يحرض قريشا على قتال المسلمين بأَشعاره طارقا أبوابهم ثم رجع إلى المدينة يشبب بنساء المسلمين فأَمر رسول الله بقتله فقُتل وقد حدث ذلك بعد وقعة بدر وقبل أُحُد إذ الذي دفعه إلى الرحيل إلى مكة وإظهار عدائه شدة تغيّظه من انهزام المشركين وانتصار المسلمين ذلك الانتصار المبين، وقد ذكر ابن هشام وابن الأثير وابن سعد في «طبقاته» وفي كتاب «السير» للإمام أبي العباس مقتل كعب قبل أُحُد وكذلك أورده الطبري قبل أُحُد مع حوادث السنة الثالثة للهجرة وقد نقل عن الواقدي أن النبي وجّه من وجه إليه - أي كعب - في شهر ربيع الأول من هذه السنة - الثالثة - وأرخ مستر موير هذه الحادثة يوليه سنة 624 - السنة الثالثة من الهجرة -.
ومن الغريب أن الأستاذ ولفنسون يغمض عينيه عن هذه المراجع المهمة في رسالته (تاريخ اليهود) ويتشبث برأي اليعقوبي ويعتبره صحيحا لأن اليعقوبي يقول إن النبي أمر بقتل كعب بن الأشرف بعد يوم أُحُد أي في ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة، لكن ما الذي ألجأ الأستاذ إلى ذلك؟ إن الذي ألجأه إلى ذلك نفي التهمة عن كعب بن الأشرف وهي تحريضه قريشا على قتال المسلمين وتشبيه بنسائهم فاضطر إلى تكذيب رواية ابن هشام وغيره من كبار المؤرخين.
فلماذا قُتل كعب إذن؟.
قال الأستاذ: إنه قتل في السنة الرابعة قبيل محاصرة النبي لبني النضير وكان قتله بمثابة إعلان حرب عليهم فإنه كان زعيما من زعمائهم.
وبذلك نفى الأستاذ ولفنسون التهمة عن كعب وجوز على النبي قتل زعيم من زعماء بني النضير لا لشيء غير إعلان الحرب عليهم.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
يناير سنة 625 م
أُحُد جبل مشهور بالمدينة في شماليها الغربي بينه وبين المدينة ثلاثة أميال، سُمي بذلك لتوحده وانفراده عن غيره من الجبال التي هناك وهو الموضع الذي دُفن فيه هارون أخو موسى عليهما السلام.
وسببها أن قريشا لما أصابهم يوم بدر ما أصابهم مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية، ومشى رجال آخرون من أشراف قريش ممن أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم، فكلموا أبا سفيان وكل من له تجارة في تلك العير التي كانت سببا في وقعة بدر، وكانت تلك العير موقوفة بدار الندوة ولم تعط لأربابها، فقالوا: إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأرا عمن أصاب منا ونحن طيبو النفس أن تجهزوا بربح هذه العير جيشنا إلى محمد.
فقال أبو سفيان: وأنا أول من أجاب إلى ذلك وبنو عبد مناف معي فجعلوا لذلك ربح المال فسلم لأهل العير رؤوس أموالهم وكانت 50.000 دينار وأخرجوا أرباحها وكان الربح دينارا لكل دينار، وتجهزت قريش ومن والاهم من قبائل كنانة وتهامة، وقال صفوان بن أمية لأبي عزة الجمحي: يا أبا عزة إنك رجل شاعر فأعنا بلسانك ولك عليَّ إن رجعت أن أغنيك، وإن أصبت أن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهن ما أصابهن من عسر ويسر، فقال: إن محمدا قد منّ عليّ وأطلقني وأنا أسير في أسارى بدر فلا أريد أن أظاهر عليه، قال: بلى فأعنا بلسانك.
خرج أبو عزة ومسافع يستفزان الناس بأشعارهما، ودعا جبير بن مطعم غلاما له حبشيا يقذف بالحربة قلما يخطىء بها، فقال له: اخرج مع الناس فإن أنت قتلت حمزة بن عبد المطلب بعمّي طعيمة بن عدي فأنت حر، لأن حمزة هو الذي قتل طعيمة يوم بدر، وقيل: إن ابنة سيده طعيمة قالت له: إن قتلت محمدا أو حمزة أو عليا في أبي فإنى لا أرى في القوم كفئا له غيرهم، فأنت عتيق.
وكان أبو سفيان بن حرب قائدهم وكانت عدتهم 3000 فيهم 700 دارع ومعهم 200 فرس، وجملة النساء 17 امرأة معهن الدفوف والمعازف أي آلات الملاهي والخمور والبغايا وخرجت هند بنت عتبة زوج أبي سفيان التي قُتل أبوها في غزوة بدر لتنتقم لأبيها وقالت:
نحن بنات طارق ** نمشي على النمارق
إن تقبلوا نعانق ** أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق
وخرجت أم حكيم بنت طارق مع زوجها عكرمة وريطة بنت منبه السهمية مع زوجها عمرو بن العاص وغيرهن يبكين قتلى بدر - إذ البكاء دأب النساء - وينحن عليهم ويحرضن على القتال وعدم الهزيمة والفرار.
وكان خروجهم من مكة لخمس مضين من شوال، وكتب العباس للنبي ص وأخبره بجمعهم وخروجهم وأرادوه على الخروج معهم فأبى واعتذر بما لحقه يوم بدر ولم يساعدهم بشيء من المال، فجاء كتابه للنبي ص وهو بقباء وكان العباس أرسل الكتاب مع رجل من بني غفار، استأجره وشرط عليه أن يأتي المدينة في ثلاثة أيام بلياليها ففعل ذلك، فلما جاء الكتاب فك ختمه ودفعه لأُبيّ بن كعب فقرأه عليه.
وهذا مما يؤيد أن النبي ص كان أميا بمعنى أنه ما كان يعرف القراءة والكتابة وإلا لكان قرأ الكتاب بنفسه وكتم سره بدلا من أن يطلب من أُبيّ بن كعب تلاوته ثم يستكتمه.
ثم نزل ص على سعد بن الربيع فأَخبره بكتاب العباس فقال: والله إني لأرجو أن يكون خيرا فاستكتمه إياه، ولما خرج رسول الله ص من عنده، قالت له امرأته: ما قال لك رسول الله ص فقال لها: يا أم محمد ما أنت وذاك فقالت: قد سمعت ما قال وأخبرته بما قال له رسول الله ص فاسترجع وأخذ بيدها ولحق النبي ص وأخبره خبرها، وقال: يا رسول الله إني خفت أن يفشو الخبر فترى أني أنا المفشي له، وقد استكتمني إياه، فقال له رسول الله ص «خل عنها».
سارت قريش وهم 3000 رجل ومعهم الأحابيش الذين حالفوا قريشا وهم بنو المصطلق وبنو الهون بن خزيمة وخرج معهم أبو عامر الراهب في 70 فارسا.، وسماه رسول الله الفاسق بدلا عن الراهب وابنه حنظلة من فضلاء الصحابة وهو من المستشهدين بأُحُد، اجتمع الأحابيش عند حبيش وهو جبل بأسفل مكة وتحالفوا على أنهم مع قريش يدا واحدة ما سجا ليل ووضح نهار وما رسا حبيش مكانه.
سارت قريش حتى نزلوا ببطن الوادي من قبل أُحُد مقابل المدينة بذي الحليفة، وكان وصولهم يوم الأربعاء ثاني عشر شوال فأقاموا به الأربعاء والخميس والجمعة، وتشاور المسلمون في الخروج من المدينة، وكان رأي عبد الله ابن أُبي بن سلول رأى النبي ص فإنه كان يرى عدم الخروج منها، ولكن ألحَّ عليه ص بعضُ الصحابة فخرج فأصبح بالشعب من أُحُد يوم السبت للنصف من شوال.
وقد رأى النبي ص رؤيا قبل خروجه، وكانت ليلة الجمعة، فلما أصبح قال: «والله إني قد رأيت خيرا رأيت بَقَرا تُذبح ورأيت في ذباب سيفي - طرفة - ثلما ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة وكأني مردف كبشا، فأما البقر فناس من أصحابي يقتلون، وأما الثلم الذي رأيت في سيفي فهو رجل من أهل بيتي يُقتل، وأولت الدرع الحصينة المدينة، وأولت الكبش بأني أقتل صاحب الكتيبة»، وقد صدق الله رؤياه ص فكان الرجل الذي من أهل بيته «حمزة» سيد الشهداء، وقتل عليّ رضي الله عنه «طلحة بن عثمان العبدري» صاحب لواء المشركين، فهو صاحب الكتيبة وكبش القوم سيدهم وكان الذي بسيفه ما أصاب وجهه الشريف في الغزوة كما سيأتي ذكره.
قال رسول الله ص لأصحابه: «امكثوا بالمدينة، فإن دخل القوم المدينة قاتلناهم ورموا من فوق البيوت وكانوا قد شبكوا المدينة بالبنيان من كل ناحية فهي كالحصن»، وكان ذلك رأي أكابر المهاجرين والأنصار وأرسل إلى عبد الله بن أبيّ بن سلول يستشيره تألفا له ولم يستشره قبل ذلك، فكان رأي عبد الله مع رأيه ص فقال رجال من المسلمين لم يحضروا بدرا وأسفوا على ما فاتهم من مشهدها: يا رسول الله، إنا كنا نتمنى هذا اليوم، أخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم ووافقهم حمزة بن عبد المطلب.
فقال ابن أبيّ: يا رسول الله، أقم بالمدينة لا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا ما أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منهم، فدعهم يا رسول الله فإن أقاموا، أقاموا بشر مجلس، وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا، رجعوا خائبين كما جاءوا.
وقال حمزة بن عبد المطلب وسعد بن عبادة والنعمان بن مالك وطائفة من الأنصار: إنا نخشى يا رسول الله أن يظن عدونا أنا كرهنا الخروج جبنا عن لقائهم: فيكون هذا جرأة منهم علينا، وزاد حمزة فقال: والذي أنزل عليك الكتاب، لا أطعم اليوم طعاما حتى أجالدهم بسيفي خارج المدينة، وقال النعمان: يا رسول الله لا تحرمنا الجنة، فوالذي نفسي بيده لأدخلنها.
فترجح عنده ص موافقة رأيهم وإن كرهه ابتداء ليقضي الله أمرا كان مفعولا ولم يكن قد أُوحِيَ إليه في شأن البقاء أو الخروج فأَنفذ مشورتهم.
صلى رسول الله ص بالناس الجمعة ثم وعظهم وأمرهم بالجد والاجتهاد وأخبرهم بأن النصر لهم ما صبروا وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم ثم صلى بالناس العصر، ثم دخل بيته ومعه صاحباه فعمماه وألبساه وتقلد السيف وخرج وقد لبس لأمته - درعه، وقيل: سلاحه - وألقى الترس في ظهره وأخذ قناته بيده.
اصطف الناس ينتظرون خروجه ص فقال لهم سعد بن مُعاذ رضي الله عنه وأسيد بن حضير: استكرهتم رسول الله ص على الخروج فردوا الأمر إليه، وكان سعد بن معاذ سيد الأوس وهو في الأنصار كالصدّيق في المهاجرين.
ولما خرج رسول الله متقلدا سيفه، ندم الطالبون لخروجه على ما صنعوا وقالوا ما كان ينبغي لنا أن نخالفك، فاصنع ما شئت، وفي رواية: فإن شئت فاقعد، فقال: ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه فخرج يوم الجمعة وأصبح بالشعب من أُحد يوم السبت للنصف من شوال ومشى على رجليه ولما خالف رسول الله رأي ابن أُبيّ بخروجه إلى القتال، شق عليه ذلك، وقال: أطاع الولدان وعصاني.
واستعمل على المدينة «ابن أم مكتوم» رضي الله عنه، وعقد ثلاثة ألوية، لواء للأوس وجعله بيد أسيد بن حضير.، ولواء للخزرج وجعله بيد الحباب بن المنذر.، ولواء المهاجرين وجعله بيد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم.
وكان في المسلمين مائة دارع - الدارع، لابس الدرع - وركب ص فرسه وقيل: خرج ماشيا وخرج السعدان أمامه يعدوان - سعد بن معاذ وسعد بن عبادة - وكانا دارعين، ورد ص جماعة من المسلمين نحو سبعة عشر لصغر سنهم منهم: أسامة بن زيد وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وأبو سعيد الخدري والنعمان بن بشير ورافع بن خديج وسمرة بن جندب، ثم أجاز رافع بن خديج لما قيل إنه رام، فخرج وأصيب بسهم في ترقوته فنزع السهم وبقي النصل إلى أن مات.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 17 (0 من الأعضاء و 17 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)