يهود المدينة وما آل إليه أمرهم




كان بين الأوس والخزرج حروب قديمة، فلما هاجر رسول الله إلى المدينة لقبهم بالأنصار لأنهم هم الذين نصروه فتآخى الفريقان وانمحى ما كان بينهما من العداوة وصاروا بنعمة الإسلام إخوانا وآخى عليه الصلاة والسلام بين المهاجرين والأنصار، أما يهود المدينة فقد كانت بنو قريظة والنضير حلفاء الأوس وبنو قينقاع حلفاء الخزرج وقد عاهدهم رسول الله وأقرهم على دينهم وأموالهم، لكنهم ثاروا ونقضوا عهده وتعنتوا في مناقشته وحسدوه على انتصاراته وكادوا له وعادوا ينكرون عليه نبوته، فلما رأى رسول الله منهم الغدر وشدة العناد ودس الدسائس، أراد التخلص منهم متحينا الفرص فدعا بني قينقاع إلى الإسلام بعد غزوة بدر وكانوا يسكنون بالمدينة، فلما أبوا وأجابوه بكل جرأة غزاهم وأجلاهم إلى أذرعات بالشام في السنة الثانية من الهجرة وأرسل من قتل كعب بن الأشرف الشاعر الذي كان يهجو رسول الله بأشعاره ويحض كفار قريش على قتاله وذلك في السنة الثالثة من الهجرة، وغزا في السنة الرابعة بني النضير، وقد تقدم سبب هذه الغزوة، وأجلاهم عن المدينة فمنهم من سار إلى الشام ومنهم من ذهب إلى خيبر، ثم غزا بني قريظة في السنة الخامسة لأنهم هم الذين حزبوا الأحزاب عليه في غزوة الخندق وانضموا إلى الأعداء في أحرج المواقف، وبعد غزوة بني قريظة لم تقم لليهود قائمة بالمدينة وخضع المنافقون كل الخضوع وقد كانوا فئة قليلة أما المدينة فلم تعد ملجأ للمضطهدين بل صارت مركزا لسلطة دينية عظيمة واستطاعت إخضاع جزيرة العرب بعد سنين قليلة.