عقد الألوية والرايات




عقد رسول الله الألوية والرايات بقديد ودفعها للقبائل كما يأتي:
أعطى لبني سليم لواء وراية، ولبني غفار راية، ولأسلم لواءين، ولبني كعب راية، ولمزينة ثلاثة ألوية، ولجهينة أربعة ألوية، ولجماعة أسلموا من بكر لواء، ولأشجع لواءين.
نيران جيش المسلمين
لما نزل مرّ الظهران أمر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار لتراها قريش أو تسمع بها فترغب عن كثرتها وجعل على الحرس عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قال الواقدي: خرج رسول الله إلى مكة فقائل يقول يريد قريشا، وقائل يقول يريد هوازن، وقائل يقول يريد ثقيفا.
ثم دعا رسول الله أن تعمي عليهم الأخبار واستجاب الله لرسوله فأخذ العيون والأخبار عن أهل مكة ولم يبلغهم مسيره وهم مغتمون محزونون خائفون.
وقد كان زحف الجيش سريعا جدا فإنه وصل إلى مرّ الظهران وهي على مرحلة من مكة في اليوم السابع أو الثامن.
ولما رأى أبو سفيان بن حرب كثرة النيران قال: ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا.
وأمر رسول الله كل قبيلة أن تكون عند راية صاحبها وتظهر ما معها من القوّة والعدة فأصبح الناس على ظهر، وقدم بين يديه الكتائب ومرت القبائل على قادتها والكتائب على راياتها فجعلت القبائل كتيبة كتيبة، - وفي أثناء مرور الجيش كان أبو سفيان واقفا ينظر إليهم - فأول من قدم خالد بن الوليد رضي الله عنه في بني سليم ثم مر على أثره الزبير بن العوام ثم مرت كتيبة بني غفار وكان يحمل رايتهم أبو ذر وهكذا إلى أن مر الجيش بأسره كما تقدم غير أنه لما حاذى سعد بن عبادة أبا سفيان قال: «يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة»، فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يوم الذمار، وسمع مقالة سعد بن عبادة أحد الصحابة فقال: يا رسول الله ما نأمن أن تكون لسعد صولة في قريش، فقال لعلي رضي الله عنه أدركه فخذ الراية منه ثم أمره أن يسلمها لابنه قيس بن سعد بن عبادة لأنه ص خشي تغير خاطر سعد فأمر بدفعها لابنه.
وأمر رسول الله ص أن تركز رايته بالحجون، قال الحلبي في «السيرة»: - وفي ذلك المحل بُنيَ مسجد يقال له مسجد الراية - ودخل ص من الثنية العليا وأمر خالد بن الوليد ومن معه أن يدخلوا من الثنية السفلى.
روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه ص أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته القصواء مردفا أسامة بن زيد رضي الله عنهما خلفه ودخل واضعا رأسه الشريف على راحلته تواضعا لله تعالى حين رأى ذلك الفتح العظيم وكثرة المسلمين وهو يقول: «اللهم إن العيش عيش الآخرة» وكان دخوله يوم الاثنين وكان معتجرا بشقة برد حبرة حمراء.
وكان لواؤه ص يوم دخل مكة أبيض ورايته سوداء تسمى العقاب وكانت من برد لعائشة رضي الله عنها وهي التي كانت بخيبر واغتسل لدخول مكة.
وقد أمر رسول الله رؤساء الجيش أن يكفوا أيديهم وقال: «لا تقاتلوا إلا من قاتلكم»، فاندفع خالد بن الوليد رضي الله عنه حتى دخل من أسفل مكة وقد تجمع بها ناس من بني بكر وبني الحارث بن عبد مناف وناس من هذيل الذين استنصرت بهم قريش، فقاتلوا خالدا ومنعوه الدخول وشهروا السلاح ورموه بالنبل وقالوا: لا تدخلوا عنوة، فصاح خالد في أصحابه فقاتلهم فانهزموا شر انهزام وقتل من بني بكر نحو 24 رجلا، ومن هذيل أربعة حتى انتهى بهم القتال إلى الحَزورة وكانت سوقا بمكة ثم دخلوا الدور وارتفعت طائفة منهم على الجبال هربا وتبعهم المسلمون فصاح حكيم بن حزام وأبو سفيان: «يا معشر قريش علام تقتلون أنفسكم؟ من دخل داري فهو آمن ومن وضع السلاح فهو آمن»، فجعلوا يقتحمون الدور ويغلقون أبوابها ويطرحون السلاح في الطرق فيأخذه المسلمون، وقتل من المسلمين رجلان أخطآ الطريق أحدهما كرز بن جابر الفهري والآخر خالد الأشقر الخزاعي، قال موسى بن عقبة: قال رسول الله ص بعد أن اطمأن لخالد رضي الله عنه: «قاتلت وقد نهيتك عن القتال»، فقال: هم بدأونا بالقتال ورمونا بالنبال وقد كففت يدي ما استطعت، فقال ص قضاء الله خير.
وكان دخوله ص لعشر بقين من رمضان (يناير سنة 630 م) ومعه ص زوجتاه أم سلمة وميمونة رضي الله عنهما، وأم سلمة هي بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومي واسمها هند، وأما ميمونة فهي بنت الحارث وهي خالة خالد بن الوليد.