عدد الغزوات والبعوث
وكان جميع ما غزا رسول الله بنفسه بناء على ما ذكره ابن إسحاق 27 غزوة وبعوثه وسراياه 38، قال الطبري: وكانت غزواته بنفسه ستا وعشرين غزوة ويقول بعضهم: إنها كانت سبعا وعشرين غزوة، فمن قال هي ست وعشرون جعل غزوة النبي من خيبر إلى وادي القرى غزوة واحدة، لأنه لم يرجع من خيبر حين فرغ من أهلها إلى منزله ولكنه مضى منها إلى وادي القرى فجعل ذلك غزوة واحدة، ومن قال هي سبع وعشرون غزوة جعل غزوة خيبر غزوة، وغزوة وادي القرى غزوة أخرى، فيجعل العدد سبعا وعشرين.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الوفود
وفدت على رسول الله وفود كثيرة نذكرها هنا مع الاختصار، فقد وفد عليه وفد هوازن بالجعرانة، وكذا وفد عليه مالك بن عوف النضري وذلك في أواخر سنة ثمان وكذا وفد عليه بنو تميم في سرية عيينة بن حسن وكان ذلك في المحرم سنة تسع، ووفد عليه نصارى نجران بالمدينة بعد الهجرة وكانوا ستين راكبا جاءوه يجادلونه في شأن عيسى عليه السلام، وصالحوا النبي على الجزية وكتب لهم كتابا وأرسل معهم أبا عبيدة عامر بن الجرّاح رضي الله عنه وقال لهم: «هذا أمين هذه الأمة»، وفي أهل نجران والرد عليهم أنزل الله أكثر آيات سورة آل عمران، ووفد عليه الداريون: أبو تميم الداري وأخوه نعيم وأربعة آخرون على دين النصرانية، وكان وفدهم عليه مرّتين مرة بمكة قبل الهجرة ومرة بعدها، ولما قدم رسول الله إلى المدينة من تبوك في رمضان وفد عليه وفد ثقيف، ووفد عليه وفد بني عامر بن صعصعة وفيهم عامر بن الطفيل العامري وأربد بن قيس وجبار بن سُلمى، رؤساء القوم وكان عامر بن الطفيل سيدهم، وكان من أجمل الناس وكان مضمرا الغدر بالنبي وطلب من رسول الله أن يجعل له الأمر بعد أن أسلم، ولما خرج عامر بن الطفيل ومن معه إلى بلادهم أصيب في الطريق بالطاعون ومات ولم يسلم وقد وهم بعضهم فادعى بقاء عامر بن الطفيل على الإسلام إلى أن مات، وذلك إنما هو عامر بن الطفيل الأسلمي فإنه صحابي.
ووفد على النبي وفد ضمام بن ثعلبة سنة تسع وسأله ضمام: هل الله سبحانه وتعالى أمره بعبادة الله وحده لا شريك له وخلع الأصنام وبالزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا؟ فقال رسول الله: «اللهم نعم»، فأسلم ورجع إلى قومه وسب اللات والعزى وما زال يدعوهم إلى الإسلام حتى أسلموا جميعا رجالا ونساءً، ووفد عليه وفد عبد القيس وكانت منازلهم بالبحرين، وكان فيمن وفد منهم الجارود، وكان نصرانيا قد قرأ الكتب وقيل: كان مجيئهم سنة عشر فعرض عليه رسول الله الإسلام فأسلم وأسلم أصحابه، وسألوه عن النبيذ فقالوا: يا رسول الله إن أرضنا أرض وخمة لا يصلحنا إلا النبيذ فنهاهم عن شربها.
فوفد بني حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل وفدوا عليه وكانوا سبعة عشر رجلا ومعهم مسيلمة الكذاب، وكان أمره عند قومه كبيرا فكلم النبي وسأله أن يشركه معه في النبوة وهو الذي ادعى النبوة في حياة رسول الله، كما ادعى النبوة الأسود العنسي صاحب صنعاء، وصار مسيلمة يتكلم بالهذيان ليضاهي به القرآن؟ فمن ذلك أنشأ سجعا على منوال سورة الكوثر فقال: (إنا أعطيناك الجواهر فصل لربك وهاجر، إن مبغضك رجل فاجر) وقد وضع قومه الصلاة وأحل لهم الخمر والزنا ترغيبا لهم في اتباعه.
ووفد عليه ص وفد طيىء وفيهم قبيصة بن الأسود وسيدهم زيد الخيل، وكان جوادا فارسا حسن الخلق فعرض رسول الله عليه الإسلام وأسلم من معه وحسن إسلامهم.
ووفد عدي بن حاتم الطائي، كان عدي نصرانيا عظيما في قومه فأسلم، ومن الوفود وفد عروة المرادي ووفد بني زبيد ووفد كندة، قبيلة باليمن ينسبون إلى كندة لقب جدهم ثور بن عفير، وله ص جدة منهم وهي أم جده كلاب وفيهم الأشعث بن قيس، وكان وجيها في قومه فأسلم وارتد بعد النبي ص وعاد إلى الإسلام في خلافة أبي بكر، ووفد أَزد شنوءة وهم من الأزد وفيهم صرد بن عبد الله الأزدي، وكان أفضلهم فأمَّره على من أسلم من قومه، ووفد الحارث بن كعب، ووفد رفاعة بن زيد الجذامي، ووفد همدان فيهم مالك بن نمط، وكان شاعرا مجيدا فلقوا رسول الله مرجعه من تبوك، ووفد تجيب وهي قبيلة من كندة وجعلوا يسألون رسول الله عن القرآن والسنن، ووفد بني ثعلبة، ووفد بني سعد هذيم من قضاعة، أسلموا وبايعوا رسول الله على الإسلام ورجعوا إلى قومهم فرزقهم الله الإسلام، ووفد بني فزارة وفيهم خارجة بن حصن أخو عيينة بن حصن، مقرين بالإسلام، ووفد بني أسد فيهم حضرمي بن عامر فأسلموا وقالوا: يا رسول الله أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلتك العرب فأنزل الله على رسوله {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَىَّ إِسْلَمَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلاْيمَنِ إِنُ كُنتُمْ صَدِقِينَ} (الحجرات: 17)، وأقاموا أياما يتعلمون الفرائض، ووفد بني عذرة، قبيلة باليمن ونهاهم عن سؤال الكهنة والذبائح التي كانوا يذبحونها لأصنامهم، ووفد بِلَيّ وهم حيّ من قضاعة فأسلموا وكان شيخ الوفد أبو الضبيب فقال: يا رسول الله إن لي رغبة في الضيافة، فهل لي في ذلك أجر؟ قال: نعم وكل معروف صنعته إلى غني أو فقير فهو صدقة، قال: يا رسول الله فما وقت الضيافة؟ قال: ثلاثة أيام، قال: فما بعد ذلك؟ قال: صدقة ولا يحل للضيف أن يقيم عندك فيحرجك، أي يضيق عليك، ووفد بني مرة ورأسهم الحارث بن عوف، ووفد خولان وهي قبيلة من اليمن وكان لهم صنم يعبدونه اسمه «عم أنس» ولما رجعوا هدموه، ووفد بني محارب وفيهم خزيمة بن سوار وكانوا أغلظ العرب وأشدهم على رسول الله ص أيام عرضه نفسه على القبائل في المواسم يدعوهم إلى الله تعالى، ووفد صداء وهم حي من عرب اليمن بايعوا رسول الله ص على الإسلام ثم رجعوا إلى قومهم وفشا الإسلام فيهم، وكان زياد بن حارث الصدائي مطاعا في قومه، ووفد سلامان فيهم خبيب بن عمرو السلاماني فأسلموا، وسأل خبيب رسول الله عن أفضل الأعمال، قال: الصلاة في وقتها وصلوا معه يومئذ الظهر والعصر، ووفد بني عبس، ووفد مزينة وهي قبيلة تنسب إلى مزينة امرأة عمرو بن أُد بن طابخة بن إلياس بن مضر، ووفد الأشعريين قوم أبي موسى الأشعري وهم منسوبون إلى أشعر بن أُدَد فأسلموا وبايعوا، وقال في حقهم رسول الله: «أتاكم أهل اليمن كأنهم السحاب وهم خيار من في الأرض»، وقال: الأشعريون كصرة فيها مسك، ووفد دوس وهم قوم أبي هريرة ينتهي نسبهم إلى الأزد وكان قدومهم بخيبر سنة سبع، ووفد بهراء قبيلة من قضاعة قدموا من اليمن أسلموا وتعلموا الفرائض، ثم انصرفوا إلى أهليهم باليمن، ووفد غامد قبيلة من الأزد باليمن سنة عشر، أقروا بالإسلام وكتب لهم رسول الله كتابا فيه شرائع الإسلام وأمر النبي ص أُبيّ بن كعب الأنصاري أن يعلمهم القرآن، ووفد الأزد ينسبون إلى جدهم الأعلى وهو الأزد بن الغوث وهم الذين قال في حقهم رسول الله: (حكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء)، ووفد بني المنتفق وهي قبيلة من عامر بن صعصعة وفيهم لقيط بن عامر بن صبرة بن عبد الله بن المنتفق، قال عنهم رسول الله: إنهم من أتقى الناس لله في الدنيا والآخرة، ووفد النَخَع قبيلة من اليمن وهم آخر الوفود، وكان وفدهم سنة إحدى عشرة في النصف من المحرم وعددهم مائتا رجل، قدموا مقرين بالإسلام وقد كانوا بايعوا مُعاذ بن جبل.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ
7 يونيه سنة 632م
مرض رسول الله ص في أواخر صفر سنة 11 هجرية (632 م)، وكانت مدة مرضه في بيت زوجته ميمونة ولما اشتد مرضه استأذن زوجاته أن يمرَّض في بيت عائشة فخرج يهادي بين العباس بن عبد المطلب وعلِيّ بن أبي طالب حتى دخل بيت عائشة وأمر أن يُهريق عليه الماء فصبوه عليه لما كان يشعر به من الحمى، وقال: ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر وهذا أوان انقطاع أَبْهَرِي من ذلك السمَّ، ولما تعذر عليه الخروج للصلاة، قال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، فقالت له عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق إذا قام مقامك لا يسمع الناس من البكاء، قال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس فعاودته مثل مقالتها، فقال: إنكن صواحبات يوسف، مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، فصلى بهم سبع عشرة صلاة أولاها عشاء ليلة الجمعة وآخرها صبح يوم الاثنين.
وفي تقديم أبي بكر للصلاة إشارة إلى أنه الخليفة بعده، فقالوا: إن النبي ص رضيه لديننا أفلا نرضاه لدنيانا؟ غير أن النبي خرج معصوب الرأس لأنه كان يشكو، وجلس في أسفل مرقاة من المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: «يا أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيكم، هل خلد نبي قبلي فيمن بُعث إليه فأخلد فيكم، ألا إني لاحق بربي وإنكم لاحقون بي فأوصيكم بالمهاجرين الأولين خيرا وأوصي المهاجرين فيما بينهم فإن الله تعالى يقول: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَنَ لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ} (العصر: 1 - 3).
وإن الأمور تجري بإذن الله ولا يحملنكم استبطاء أمر على استعجاله، فإن الله عز وجل لا يعجل بعجلة أحد ومن غالب الله غلبه، ومن خادع الله خدعه، فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم وأوصيكم بالأنصار خيرا فإنهم الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلكم أن تحسنوا إليهم، ألم يشاطروكم في الثمار؟ ألم يوسعوا لكم في الديار؟ ألم يؤثروكم على أنفسكم وبهم الخصاصة؟ ألا فمن ولي أن يحكم بين رجلين فليقبل من محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم، ألا ولا تستأثروا عليهم، ألا وإني فرط لكم وأنتم لاحقون بي، ألا فإن موعدكم الحوض، ألا فمن أحب أن يرده عليّ غدا فليكفف يده ولسانه».
وهذه آخر خطبة للنبي ص فلم يصعد المنبر بعد ذلك اليوم، وقد أوصى المسلمين بالمحبة والاتحاد وصلة الرحم، المهاجرين منهم والأنصار، وهو في أشد حالات المرض ونهاهم عن التقاطع.
ثم أُغميَ على رسول الله ورأسه في حجر عائشة رضي الله عنها، وكانت تدعو له بالشفاء وكان يقول: «إن للموت لسكرات»، وقالت فاطمة لما تغشاه الكرب: واكرب أبتاه، فقال: لا كرب على أبيك بعد اليوم.
وفي البخاري من حديث أنس رضي الله عنه: أن المسلمين بينما هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين وأبو بكر يصلي لهم، لم يفاجئهم إلا رسول الله قد كشف سَجَف حجرة عائشة رضي الله عنها فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة ثم تبسم يضحك فنكص أبو بكر رضي الله عنه ليصل الصف وظن أن رسول الله يريد أن يخرج للصلاة، قال أنس: وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله ص فأشار إليهم بيده ص أن أتموا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر، زاد في رواية: فتوفي من يومه، واجتمع حوله أصحابه يبكون، قالت عائشة رضي الله عنها: توفي رسول الله ص في بيتي وبين سحري ونحري، والمراد أنه توفي وهو في حجرها وكان أبو بكر رضي الله عنه غائبا فسلّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه سيفه وتوعد من يقول: مات رسول الله ص مع أنه سمع خطبة رسول الله ص التي قال فيها: «يا أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيّكم، هل خلد نبي قبلي فيمن بعث إليه فأخلد فيكم، ألا إني لاحق بربي».
فأقبل أبو بكر رضي الله عنه حين بلغه الخبر إلى بيت عائشة رضي الله عنها فكشف عن وجه رسول الله فجثا يقبله ويبكي ثم خرج فقال: أيها الحالف على رسلك، فلما تكلم أبو بكر رضي الله عنه جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ثم قال:
(ألا مَن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومَن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) وقد قال تعالى: {إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ} (الزمر: 30)، وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ} (آل عمران: 144) الآية، فنشج الناس يبكون رواه البخاري، فكان أجزع الناس كلهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما سمع قول أبي بكر قال: فوالله لكأني لم أتل هذه الآية قط.
ووقوف أبي بكر هذا الموقف يدل على رباطة جأشه عند الكروب وضبط النفس وعلى حكمته وشجاعته، فإن رسول الله لما توفي طاشت العقول فمنهم من خَبِل، ومنهم من أقعد ولم يطق القيام، ومنهم من أخرس فلم يطق الكلام، ومنهم من أضنى وكان عمر رضي الله عنه ممن خبل، وكان عثمان رضي الله عنه ممن أخرس فكان لا يستطيع أن يتكلم، وكان عليّ رضي الله عنه ممّن أقعد فلم يستطع أن يتحرك، وأضنى عبد الله بن أنيس فمات كمدا وكان أثبتهم أبو بكر، قال القرطبي: وهذا أول دليل على كمال شجاعة الصديق رضي الله عنه لأن الشجاعة هي ثبوت القلوب عند حلول المصائب ولا مصيبة أعظم من موت رسول الله فظهرت عنده شجاعة الصدّيق وعلمه رضي الله عنه.
ورُوي أن بلالا رضي الله عنه كان يؤذن بعد وفاته ص وقبل دفنه فإذا قال: أشهد أن محمدا رسول الله ارتج المسجد بالبكاء والنحيب.
وكانت وفاته ص يوم الاثنين في شهر ربيع الأول سنة 11 هـ قمرية بلا خلاف، واختلف في أي الاثنين كانت وفاته فقال فقهاء الحجاز: إن رسول الله قبض يوم الاثنين لليلتين مضتا من شهر ربيع الأول، وقال الواقدي: توفي يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، ودُفن من الغد نصف النهار حين زاغت الشمس وذلك يوم الثلاثاء، وكان عمره ثلاثا وستين سنة قمريّة، ورثته عمته صفية، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وأبو بكر، وحسان بن ثابت وغيرهم.
وغسلوه وعليه قميصه يضعون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص غسله عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه والماء من بئر غرس التي بقباء، وكان العباس وابنه الفضل يعينانه في تقليب جسمه الشريف وكفنوه في ثلاثة أثواب بيض من القطن ليس فيها قميص ولا عمامة، ولما فرغوا من جهازه وُضع على سريره في بيته ثم دخل الناس عليه أرسالا أي جماعات متتابعين يصلون عليه وحفر له ص في المكان الذي توفي فيه بعد أن رفعوا فراشه الذي توفي عليه وفرش عليه قطيفه كان يلبسها ويفترشها، قال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله ص يقول: «ما مات نبيٌّ قط إلا يُدفن حيث تُقبض روحه»، قال عليّ: وأنا أيضا سمعته، وكان المباشر للحفر أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري رضي الله عنه، حفر لحدا في موضع فراشه حيث قبض، ونزل في قبره عمه العباس وعليّ والفضل وقثم بن العباس رضي الله عنهم، ورش قبره ص بلال بقربة بدأ من قبل رأسه وجعل عليه من حصباء العرصة حمرا وبيضا ورفع قبره عن الأرض قدر شبر.
ولا يفوتنا أن نذكر أن المنافقين أكثروا من التحدث بتأمير أسامة حت بلغ رسول الله فخرج وهو مريض عاصبا رأسه من الصداع فرد عليهم، ومما قاله في هذا الشأن: «قد بلغني أن أقواما يقولون في إمارة أسامة ولعمري لئن قالوا في إمارته لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله وإن كان أبوه لخليقا للإمارة وإنه لخليق لها فأنفذوا بعث أسامة»، وهذا يدل على أن رسول الله كان مهتما لآخر لحظة في حياته ببعث أسامة وبشؤون المسلمين وتوحيد كلمتهم.
وقد توفي رسول الله ص ودرعه مرهونة عند يهودي في نفقة عياله وما ترك دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا، عن عائشة رضي الله عنها: «ولقد مات وما في بيتي شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي فأكلت منه حتى طال عليَّ فأكلته ففني فيا ليلتني لم آكله»، وروى الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، توفي رسول الله ص ولم يشبع هو ولا أهل بيته من خبز الشعير، وما ترك رسول الله إلا سلاحه وبغلته وأرضا جعلها صدقة.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
قال محمد بن عمر الواقدي عن رجاله، قال أبو بكر الصديق يرثي رسول الله
يا عين بكي ولا تسأمي ** وحُقَّ البكاء على السَّيِّد
على خير خِنْدف عند البَلا ** ء أمسى يُغيَّب في المُلْحَد
فصَلَّى المليكُ وَلِيُّ العبا ** د وربُّ البلاد على أحمد
فكيف الحياة لفقد الحبيبـ ** -ـب وزين المعاشِرِ في المشهد
فليت المماتَ لنا كلنا ** وكنا جميعا مع المهتدي
وقال رضي الله عنه أيضا:
لما رأيت نبيّنا متجدلا ** ضاقت عليَّ بعرضهن الدور
وارتعتُ روعةَ مستهامٍ والهٍ ** والعظم مني واهنٌ مكسور
أعتيقُ ويحك إن حِبك قد ثوى ** وبقيت منفردا وأنت حسير
يا ليتني من قبل مَهْلِك صاحبي ** غُيِّبتُ في جدث، عليَّ صُخور
فَلْتَحْدُثَنَّ بدائعٌ مِنْ بَعده ** تَعْيَى بهنّ جوانحٌ وصدور
رثاء حسان بن ثابت ** والله ما حملت أنثى ولا وضعتْ
مثلَ النبي رسول الأمة الهادي ** أمسى نساؤك عَطَّلن البيوت فما
يضربن خلف قفا سِترٍ بأوتاد ** مِثلَ الرَّواهب يلبسن المسوح وقد
أيقنّ بالبؤس بعد النعمة البادي ** وقال أيضا:
ما بال عينك لا تنام كأنما ** كُحلت مآقيها بكحل الأرمد
جزعا على المهدي أصبح ثاويا ** يا خيرَ من وطىء الحصى لا تبعد
يا ويحَ أنصار النبي ورهطه ** بعد المُغَيَّب في الضريح المُلْحَد
جنبي يقيك التُّرْب لهفي ليتني ** كنتُ المُغَيَّبَ في الضريح الملحد
يا بكر آمنة المبارك ذكره ** ولدته مُحْصَنَةٌ بسعد الأسعد
نورا أضاء على البرية كلها ** من يُهْدَ للنور المبارك يهتدي
أأقيم بعدك بالمدينة بينهم ** يا لهف نفسي ليتني لم أولد
بأبي وأمي من شهدتُ وفاته ** في يوم الإثنين النبي المهتدي
فظللت بعد وفاته متلددا ** يا ليتني صُبحت سُمَّ الأسود
أو حلَّ أمر الله فينا عاجلا ** في روحة من يومنا أو من غد
فتقوم ساعتنا فنلقى سيدا ** محضا مضاربه كريمَ المحتد
يا رب فاجمعنا معا ونبينا ** في جنة تقفى عيون الحُسَّد
في جنة الفردوس واكتبها لنا ** يا ذا الجلال وذا العلا والسُّؤد
والله أسمع ما حييت بهالك ** إلا بكيت على النبي محمد
ضاقت بالأنصار البلاد فأصبحوا ** سودا وجوههم كلهم الإئمد
ولقد ولدناه وفينا قبره ** وفضول نعمته بنا لا تُجحد
والله أهداه لنا وهدى به ** أنصاره في كل ساعة مَسْهد
صلى الإله ومن يحفّ بعرشه ** والطيبون على المبارك أحمد
وقال أيضا:
يا عين جودي بدمع منك أسيال ** ولا تَمَلَّنَ من سحّ وإعوال
لا ينفدن لي بعد اليوم دمعكما ** إني مصاب وإني لست بالسالي
فإن منعكما من بعد بذلكما ** إياي مثلُ الذي قد غرّ بالآل
لكن أفيضي على صدري بأربعة ** إن الجوانح فيها هاجس صالي
سَحَّ الشَّعيب وماء الغرب يمنحه ** ساقٍ يُحَمِّلهُ ساق بإزلال
حامي الحقيقةِ نَسَّالُ الوديقة فكّاكُ ** العناة كريمُ ماجدٌ عال
كشّاف مكرمة مطعامُ مسغبة ** وهّاب عانية وَجْناءِ شِملال
عَفٌّ مكاسبه جزل مواهبه ** خيرُ البرية سمح غير نَكال
واري الزناد وقوّاد الجياد إلى ** يوم الطراد إذا شبَّت بأجذال
ولا أُزكّي على الرحمن ذا بشر ** لكن علمك عند الواحد العالي
إني أرى الدهر والأيام تفجعني ** بالصالحين وأبقى ناعم البال
يا عين فابكي رسول الله إذ ذكرت ** ذات الإله فنعم القائد الوالي
وممن رثاه شعرا، كعب بن مالك، وأروى بنت عبد المطلب، وعاتكة بنت عبد المطلب، وصفية، وهند بنت الحارث، وهند بنت أثاثة، وعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، وأم أيمن.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 7 (0 من الأعضاء و 7 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)