نحن أغنياء! وداعاً للكآبة

يقول هارولد أبوت: "كنت كثير القلق، حتى ذلك اليوم الربيعي حيث نزلت لأسير في الشارع عندما وقعت عيناي على الشخص الذي أزال كل همومي. حدث هذا في عشر ثوان فقط، عشر ثوان علّمتني عشر سنوات سابقة! كيف أدير محل بقالة منذ سنتين لكن لسوء الحظ، لم أخسر كل مدخراتي فحسب بل كنت غارقاً في الدين. والحقيقة أنه تم إغلاق دكاني منذ أيام وكنت في طريقي إلى البنك لاقتراض بعض المال يمكنني من الذهاب إلى المدينة للبحث عن عمل هناك.
ضاقت خطواتي، وأنا أمشي مع الهم والإحباط وفقدت كل عزيمتي وإيماني. ولكن فجأة، شاهدت رجلاً قادماً نحوي في الشارع، رجلاً لا يملك قدمين كان جالساً على منصة خشبية صغيرة مجهزة بدواليب وكان يدفع نفسه بجانب الطريق مستخدماً قطعة من الخشب بكل يد، التقينا تماماً بعد أن عبر الطريق وكان بصدد رفع نفسه بعض البوصات من الحافة إلى الرصيف. وعندما كان يُميل قطعة الخشب قليلاً ليضعها على كتف الرصيف التقت عيناي بعينيه.
حياني بابتسامة عريضة ثم قال بحماس: "صباح الخير ياسيدي! يوم جميل حقاً، أليس كذلك؟"
وفيما أمعنت النظر فيه، أدركت فجأة بأنني غني جدا، فأنا أملك قدمين وأمشي. خجلت من إشفاقي على نفسي وفكرت: "إذا كان بإمكانه أن يكون سعيداً وبشوشاً ومنتصراً دون قدمين، فمن المؤكد أنني أستطيع ذلك، أنا صاحب القدمين الكاملتين" كنت وقتها أنوي أن أطلب مائتي دينار! كنت أنوي أن أقول بأنني أريد الذهاب إلى المدينة للبحث عن عمل، لكنني أعلنت الآن بثقة تامة بأنني ذاهب إلى المدينة لأحصل على عمل هناك! وحصلت على القرض وحصلت على العمل!
الكلمات التالية وضعتها في غرفتي في مكان بارز لأقرأها كل صباح:
"كنت كئيباً لأني لا أملك حذاءً، إلى أن التقيت في الشارع برجل لا يملك قدمين"




القناعة
يحكى أن أحد الملوك دخل بستانه ذات صباح ليجد كل شيء فيه يذبل ويموت، فسأل شجرة البلوط لدى بوابة البستان عما ألم بها، فأجابت بأنها سئمت الحياة وترغب في الموت، لأنها ليست طويلة ولا جميلة كشجرة الصنوبر، أما شجرة الصنوبر فقد كانت حزينة لأنها لا تستطيع أن تحمل ثمراً لذيذاً ونافعاً مثل شجرة الكرمة.
غير أن الكرمة بدورها باتت زاهدة في حياتها راغبة في نهايتها لأنها لا تستطيع الوقوف منتصبة لتثمر فاكهة بروعة الدراق، في حين كان الصبّار غاضباً من نفسه وناقماً عليها لقصر قامته وعجزه عن بث عطر كما الزنبق..وعلى تلك الدرجة من السخط والحزن والكآبة كان كل من في البستان حتى انتهى إلى زهرة البنفسج الصغيرة، فوجد الحال عندها على النقيض من جيرانها من حيث البهجة والإشراق، فقال:"كم أبهجني أن أجد التفاؤل والرضا وسط كل هذا الإحباط وتلك السوداوية"
فأجابت البنفسجة قائلة: حسناً، لست ذات قيمة كبيرة، ولكنني أعلم يقيناً أنك لو أردت شجرة بلوط أو صنوبر أو عنب أو دراق أو زنبق لزرعت ذلك، ولكنك أردت بنفسجة، وأنا عازمة على أن أكون أفضل بنفسجة يمكن لها أن تكون في هذا الحقل"

متفائل أم متشائم؟
القناعة كنز لا يفنى.
البشاشة والمرح تليّنان عجلة الحياة.
سر ووجهك نحو الشمس عندها فقط لن ترى الظلال.
المتفائل هو من يسعى لتحقيق الأفضل من أسوأ المتاح.
لولا المتفائل ما علم المتشائم مدى التعاسة التي يضع نفسه فيها.
عندما يقول الفاشل:" يوشك أسوأ الاحتمالات أن يقع"، بقول الناجح:"الخير فيما هو آت




ماذا تختار الجنة أم النار؟
"يحكى أن يابانياً من المحاربين الساموراي أراد أن يتحدى أحد الرهبان ليشرح له مفهوم الجنة والنار، لكن الراهب أجابه بنبرة استهزاء: "أنت تافه ومغفل، أنا لن أضيع وقتي مع أمثالك..!"
أهان الراهب شرف الساموراي، الذي اندفع في موجة من الغضب، فسحب سيفه من غمده وهو يقول: (سأقتلك لوقاحتك..) أجاب الراهب في هدوء (هذا تماماً هو الجحيم..) هدأ الساموراي وقد روعته الحقيقة التي أشار إليها الراهب حول موجة الغضب التي سيطرت عليه، فأعاد السيف إلى غمده، وانحنى للراهب شاكرا له نفاذ بصيرته، فقال له الراهب : (وهذه هي الجنة)"هكذا كانت يقظة الساموراي المفاجئة، وإدراكه لحالة التوتر التي تملكته، والعبرة التي يمكننا استخلاصها من هذه القصة أن تصرفاً حاسماً كاد يمتد بين الطرفين بعد أن سيطر على الساموراي شعورٌ اقترب إلى مرحلة الغضب العليا مما جرفه بعيداً عن التعقل، وهنا يأتي دور هذه القصة العملي في حياتنا حين نتقن فن اكتشاف مشاعرنا في الوقت المناسب دون الانجراف بتصرف لا تحمد عقباه، ومع أن مثل هذه التدريبات النفسية قد لا تبدو للوهلة الأولى سهلة إلا أنها لا تصنف مع المستحيلات، لذا ماذا لو عبرنا بقوة إلى فضاء التفوق العاطفي وتحكمنا بثرواتنا العاطفية كما امتلكها بطل القصة السابقة؟