بيان الفصول الأربعة

فصول السنة الشمسية وكل شهر بالسريانية والعجمية والفارسية وما في كل شهر من أعمال الفلاحة، وما جرت به العادة من زيادة ونقصان، ونزل الغيث والثلج والجليد، وما لكل فصل من البروج والمنازل، وما يصير من خواص الفلاحة، وكل أمر عين في شهر متى نفذ في غيره لم تظهر له منفعة كما لو نفذ في ذلك الشهر.
فصل الربيع

فيه خلق الله الخلائق، وهو ثلاثة أشهر، وله ثلاث بروج وهي: برج الحمل والثور والجوزاء، وله سبع منازل، وهي النطح والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع أوله ساعة نزول الشمس للحمل، وذلك في الثالث عشر من آذار بالسريانية والرومية واسمه مارس بالعجمية، ومردادماه بالفارسية، وبرمهات بالقبطية، عدد أيامه واحد وثلاثون يوما، وفيه يتساوى الليل والنهار ثم يأخذ النهار في الزيادة والليل في النقصان، ويبدأ فيه بفلاحة الأرض ويقلب ما تحت الأشجار وتبقى أصولها وفيه تشذب الكروم وتقطع قضبانها وتنوّر فيه، ويذكَّر النخل، ويعقد الفول، وتزرع القطاني، وقد يزرع فيه القمح والشعير إذا توقف الغيث فيما قبله، ويظهر في أول الورد والسوسن الكسروي، وفيه يجمع الجلنار وتركب الكروم قبل طلوع الأغصان من العيون النابتة فيها، ويزرع الاسفيناخ المتأخر وبزر الخيار الباكر والحمص المقاتي والقطن والعصفر والريحان والحبق والمردكوش. وشهر نيسان ويدعى أبريل بالعجمية وبرماه بالفارسية وبرمودة بالقبطية أيامه ثلاثون يوما، وهو زمن الورد، وفيه يخرج ماؤه ويصنع شرابه ودهنه فيه وفيه يعقد التين، ويؤكل الفول والحرشف، وتزيد مياه العيون، وفي سادسه أول نوء السَّماك وهو ثالث الأنواء المباركة، وفي خمس بقين من آخره مطر نيسان إلى خمس تمضي من أيار، وفيه يدرك اللوز وتنعقد الثمار، ويحصد الشعير الباكر، وتؤكل فيه الحنطة، ويجف العشب، ويغرس فيه الباذنجان وقضبان الياسمين، وتضرب فيه أوتاد الأترج، وتزرع الحنَّاق والأرز واللوبياء والخيار والتفاح ويدرك النخل، ويقلَّم سعفه، وتطلق فحول الخيل على الإناث بعد تمام وضعها. ومدة حملها أحد عشر شهرا. وتكون الفحول مع الإناث سبعين يوما، أولها ونصف نيسان، وآخرها يوم العنصرة، وهو الرابع والعشرون من حزيران.
وشهر أيار بالسريانية وهو مايو بالعجمية، ومهرماه بالفارسية، وبشنش بالقبطية، وعد أيامه واحد وثلاثون يوما وفيه يبدأ سكان الساحل بالحصاد، ويقلع فيه الفول والكتان، ويظهر فيه زهر السوسن، وباكورة الثمار، كالتفاح والأجاص والتين، ويعقد الزيتون والعنب، وتنقص فيه المياه، وتسقى فيه الأشجار كلها إلا التين، وتحفر الكروم الحفرة الثالثة، لأن الأولى في آذار، والثانية في نيسان، وفي أول يوم منه تطلق فحول البقر على إناثها وتترك معها أربعين يوما، وحمل البقر أحد عشر شهرا، وفيه يغرس بصل الزعفران.
فصل الصيف

له من البروج: السرطان والأسد والسنبلة، وله سبع منازل، النثرة، والطرفة، والخرثان، والصرفة، والعوا، والسماك. وأوله وقت نزول الشمس برج السرطان، وذلك في الثالث عشر من حزيران بالسريانية وهو يونيو بالعجمية، وأبار ماه بالفارسية، وبون بالقبطية، وعدد أيامه واحد وثلاثون يوما، وفيه ينتهي طول النهار وقصر الليل، ويأخذ النهار بالنقصان والليل بالزيادة، وفيه المهرجان الذي يسمى العنصرة ويقع في الرابع والعشرون منه، وفيه يطيب العنب المبكر والتين وبعض التفاح والأجاص ويعقد الجوز والصنوبر والفستق، ويظهر البطيخ، وفي منتصفه يحصد القمح وتجز أصواف الضأن، وتطلق الكباش الفحول على إناث الضأن وتطلق التيوس على إناث المعز. وقال أهل التجربة إن ما زرع وحصد يوم العنصرة لا يسوس، وفيه تشق أصول الكرم وتنقَّى من العشب وبذلك تعظم عينه، ويسرع إدراكه، وتقوى شجرته، والشق هو الحفر الخفيف.
وشهر تموز واسمه يوليو بالعجمية وايدرماه بالفارسية واييب بالقبطية، أيامه واحد وثلاثون يوما، فيه تطيب الكمثري والعنب، وينضج البطيخ، وفي صدره تذهب البراغيث، وفيه أيام السموم الصيفية وهي أربعون يوما، أولها الحادي عشر منه، ويجمع فيه بزر القرطم والخطمي والريحان والخس والحبق والبطيخ والقثاء والخيار وما أشبه ذلك. وفيه يدرك الرمان ويحمر البسر، ويقطع القصب القبطي، وتمشق أصول الزيون وغبار ذلك المشق نافع لثمرها، ويكون قبل طلوع الشمس أو مع طلوعها، أو بعد ساعة من طلوعها فإن التراب يكون حينئذ باردا وتطمر به شقوق الأرض لئلا يصل الحر منها إلى أصول الأشجار، وينبغي أن لا يغرس فيه شجر ولا يزرع فيه بزر لإفراط الحر فيه.
وشهر آب اسمه أغثت بالعجمية وديماه بالفارسية ومسرى بالقبطية، وعدد أيامه ثلاثون يوما، فيه بقية أيام السموم الصيفية، وهي عشرون يوما من أوله، وفيه يبدأ نزول الندى وينكسر الحر، ويبرد الليل في آخره، ويجمع فيه اللوز، وقيل ما يقطع من الخشب بعد ثلاثة أيام منه لا يسوس، ويؤكل فيه الخوخ الأملس ويبدأ فيه الرطب والعناب بالنضج، ويحصد الأرز ويعقد البلوط، ويجمع الخروب، وبزر القرطم، وبزر النيل، والكزبرة، والسمسم، وبزر البطيخ، والقثاء والخيار، والأحباق، وإن أبطأ نضج العنب فيه يغبر فإن جميع الأشجار ينضجها الغبار الذي عليها، وتمشق فيه أصول الزيتون، فإن غبار الشق يسرع في إدراكها، وهو أجود لدهنها، ويزرع فيه اللفت المدحرج والطويل من أوله والخيار المتأخر.
فصل الخريف

له من البروج الميزان والعقرب والقوس، وله سبعة منازل: الغفر والزبانا والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة، وأوله يوم نزول الشمس برج الميزان، وذلك في الخامس عشر من أيلول واسمه استنبر بالعجمية وبهيماه بالفارسية وتوت بالقبطية، وهو ثلاثون يوما وفيه يعتدل الليل والنهار ثم يأخذ النهار في النقصان والليل في الزيادة، وفيه يغطى شجر الأترج والياسمين والموز والريحان والليمون والقلقاس والنارنج وشبهها لئلا يؤذيها البرد والثلج والجليد، فيصنع لها قبات تكون عليها مدة البرد إلى منتصف آذار أي مارس والى نيسان، فينزع عنها، وفيه ينضج الخوخ والرمان والسفرجل، ويسوّد الزيتون، ويطيب القسطل والبلوط والمشتهى، ويفرط الجوز، ويجمع الصنوبر والعناب، ويظهر بعض الهليون وفيه يبدأ بالحرث والزرع بعد نزول الغيث في بعض البلاد، وتجمع الكراويا والكمون واللوبياء وبزور الأحباق والأرز والكزبرة، وتقلع الحناء وفيه ترسم الحدائق التي تحتاج إلى التركيب ليركب منها،، وربما يركب فيه كثير من الثمر في قليل من الكروم، وفيه يدرك النبق والباقلاء، ويزرع القطن والاسفاناخ والثوم البلدي، وينقل الكرنب والسلق المتأخر والخس والبصل من أوله إلى كانون الثاني.
وشهر تشرين الأول وهو أكتوم بالعجمية واسنندارماه بالسريانية وبابه بالقبطية، وأيامه واحد وثلاثون يوما فيه يستحكم البرد ويتراضع الغنم، ويكثر اللبن، ويجمع بزر الرازيانج والأنيسون، وبزر البصل، ويجمع الزعفران والبنفسج والفستق وحب الزيتون الأخضر للأكل قبل أن يجري فيه الزيت ويعصر، وتغطى أصول الأترج بورق القرع ورماده في البلد الباردة وقيل ما يقطع من الخشب بعد ثلاثة أيام منه لا يسوس، وتقطف الأعناب في البلاد الباردة، ويلقط في أول الزيتون في بابل. ويعتصر زيته وفيه يجرد النخل ويقطع القصب الفارسي وتخرج الكمأة ويزرع الثوم الكبير ويقلع للأكل في آذار ونيسان، وبعده يزرع الأسفيناخ من أول إلى أيار، وتزرع البقول.
وشهر تشرين الثاني وهو برماه بالعجمية وفيردين ماه بالفارسية وهتور بالقبطية عدد أيامه ثلاثون يوما، يزرع فيه القمح والشعير والفول والكتان وما يزرع فيه يتوالد وتكثر بركته، ويستحب ابتداء الزراعة فيه من منتصفه إذا نزل الغيث، ويوم الثالث عشر منه نوء الثريا فتمسك الأرض فيه برأسها وقيل لم يجتمع قط مطر الثريا في تشرين الثاني ومطر الجبهة في شباط ومطر السماك في نيسان في سنة إلا كثَّر الله تعالى خيرها وبركاتها. وفيه تفرخ النحل ويجمع البلوط والقسطل وحب الآس وقصب السكر، وفيه يقع جليد وتزبل الأشجار الخضر لئلا يحرقها الجليد، وفيه يجمع الزعفران وبعر المعز فيه كبير، والكسح فيه يغلظ الأغصان ويكثر فروع الجفان وتكون فيما بعد ذلك أكثر ثمرا، وفيه يبكر غرس الكرم في المواضع الحارة، وقيل إن الشجر ينام نوما ثقيلا فيما قبل هذا الشهر بعشرة أيام وفيما بعده إلى آخر كانون الأول، فإذا نامت الأشجار فلا تكسح ولا يلقط منها حمل إى أن يكون بقي على بعضها بقية فيلقط منها بغاية الرفق، خلا شجرة الزيتون وحدها، فإنه يقويها ويشدها ولا يضرها لقط حملها في ذلك الوقت، وفيه يشتد البرد والثلج، ويهرب الطير كالزرازير والخطاطيف والرخم وغيرها. وهذا شهر الزرع، والغرس، وفيه يسكن الماء عروق الشجر فيسقط الورق، ويغرس الخس البلدي ذو الأوراق الحادة ويؤكل في كانون الثاني.
فصل الشتاء

له من البروج الجدي والدلو والحوت. وله سبع منازل، سعد الذابح، وسعد له، وسعد السعود، وسعد الأخبية، والفرعان المقدّم والمؤخر، والبطين. أوله يوم نزول الشمس برج الجدي وذلك في الثالث عشر من كانون الأول وهو دجنبر بالعجمية وبهرماه بالفارسية وكيهك بالقبطية، وهو واحد وثلاثون يوما، وفيه ينتهي قصر النهار، ويأخذ الليل في النقصان والنهار في الزيادة وفيه سموم البرد، وتسمى الليالي السود، وهي أربعون ليلة، عشرون من الحادي عشر إلى آخره، وعشرون من أول كانون الثاني، وفي كانون الأول يطيب الأترج، ويظهر النرجس والبهار، وينوّر اللوز الكبير، وفيه تزبل الشجر والكروم، وإذا زرعت فيه الباقلاء جادت ونجحت لأن هذا الشهر يوافق طبيعة الباقلاء موافقة عجيبة، وليكن من أوله، فإنه يلحق زرع ما قبله، ويسمد فيه الشجر المثمر ويزرع بزر الكراث، ويخدم سنة، ثم يقلع للأكل وكذلك الثوم، ويزرع فيه الخشخاش الأبيض.
وشهر كانون الثاني وهو بالعجمية ينيرا ردبهثتماه وبالقبطية طوبه وأيامه واحد وثلاثون يوما، وهو أول تاريخ السنة العجمية، وبعد عشرين يوما تخرج الليالي السود في الأربعينات، وفيه تسكن الرياح ويجري الماء في العود، وتنقل فيه صغار النحل، ويزرع القمح والفول، وما يزرع فيه من البزور ولا يولد، وكذا في شباط، وفيه ينور اللوز، ويظهر النرجس، وفيه يعمل السكر، ويجمع الأترج والنارنج والليمون، وفيه يجمد الماء ويشتد البرد وتشذب الكروم وتنقى البساتين من الدغل والحشيش، وفيه تطول فروع الشجر وتتزاوج العصافير، وتنق الضفادع ويقال إن قطع الخشب في السابع والعشرين منه لا يسوس، ويبدأ فيه بقلب الأرض وتحضيرها للأشجار وزرع القطن، ويكشف التراب عن أصول الأشجار، ويفرق الزبل في مواضعه ويبدأ فيه بكسح الكروم بعد مضي ثلاث ساعات من النهار إلى مثل ذلك من آخره، ويطعَّم فيه البندق والخوخ واللوز والخروب وشبهها في البلاد الحارة، والتفاح الشديد الحموضة، ويقلع الدغل فيه وفي شباط أيضا عند نقصان القمر وذلك من السابع عشر إلى آخر الهلال، وفيه تزرع البزور كالباذنجان والخس والقنبيط والاسفاناخ والرجلة الكبيرة وحب الثوم والبصل والكراث والكتان.
وشهر شباط وهو بالعجمية خرداماه وبالفارسية واردماه وبالقبطية امشير، عدد أيامه ثمانية وعشون يوما وربع يوم، وفي الثالث عشر منه يبدأ نوء الجبهة وهو أحد الأنواء الثلاثة المعلومة البركة، وقالت العرب ما امتلأ وأدمن نوء الجبهة إلا أمتلئ عشبا، ويبدأ فيه بتحضير الأرض لزرع الكتان البعل وفيه ينكسر البرد ويخرج الدفء من الأرض، وفيه تحضن النساء دود الحرير، ويفرخ النحل، وتأخذ الأرض ريَّها من الماء، ويزيد ماء الآبار والعيون والأنهار، ويجري الماء في العود وما يزرع فيه من الحبوب ويغرس من الأشجار والكروم ثمره كثيرا وفيه ينبت العشب ويورق الشجر، ويغرس الورد والسوسن وبعض الرياحين ويورق الكرم ويزرع اللفت المدحرج الربيعي ويؤكل في نيسان وأيار.