· نزار رستناوي- سوريا- حماة :
متى يمكن أن نقرأ روح الأمل وبشرى النصر في قصيدة سطرها أحمد مطر ؟
- تقرأ روح الأمل وبشرى النصر في قصيدتي عندما تلوح لي إرهاصاتهما الحقيقية. وحيث أنني لم أرَ ذلك إلاّ في حالات نادرة، فقد راهنت على تلك الحالات منذ البدء، ولا أزال .
إنك لا بد أن ترى لي وردة زكيّة مندلعة من ثرى انتفاضة الفلسطيني، ووردة جميلة نامية في ثرى تحرّر الجنوب اللبناني، ونثار ورد في كل ثرى من بلادنا تورق فيه هبّة شعبية غير مبالية بقسوة العملاء ولا بكيد أسيادهم.
بل إنني كثيراً ما أستفز موج الظلمات المتلاطم، فأرسم فوق وجهه، بعناد، وردة لهب، أذكّره بأنها هي المصير، مهما أسرف بالطغيان، ومهما انتفش بالزبَد .
ولست أفعل ذلك اصطناعاً أو خداعاً للنفس، ولكن لأنني مؤمن حقّاً بأن لا بد للأرض، في النهاية، أن تبلع ماءها، ولا بد للسماء أن تقلع، ولا بد للماء أن يغيض، وعندئذ لا بد لسفينة الحياة أن تستوي على الجوديّ .


· جمال الغزاوي- فلسطيني مغترب :
هناك موقع يحمل عنوان (لافتات مطرية) في أميركا
ويوجد أسفل الموقع عنوان للمراسلة باسم أحمد مطر فهل هو عنوان إلكتروني للشاعر؟ وللعلم فقط فإنني أعرف كثيراً من الإخوة الذين راسلوا صاحب العنوان باعتباره الشاعر أحمد مطر .
- ليس لي أي موقع خاص بي على الإنترنت. وعلى ذلك فليست لي أيّة علاقة بالموقع المذكور .
وأيّاً كان صاحب الموقع، وأيّاً كانت نيّاته، فإن وضعه بريداً إلكترونياً باسمي هو انتحال لشخصيتي وعبث بقرائي. وذلك كافٍ لاعتباره شخصاً مجرّداً من الأمانة .


· سلطان- السعودية :
من أين يبدأ الحل ؟ ألم ينته زمن الكلام ؟
- يبدأ الحل منك ومني، حين ندرب أنفسنا على سماع الآخر، ونتعلم أن نختلف مع كلمته بالكلمة، الأمر الذي سيقتضينا أن نمحو ملفّات الصفع من ذاكرة أيدينا، وأن نحمّل رؤوسنا ما لا حصر له من الكلمات. ومن شأن هذا أن يطلق سراح أعيننا الملتصقة بالصمغ في شاشة التلفزيون، ويُذكّرها بأنّ "الكتاب" قد أصبح في وحشة من فراقها، وأنها قد آن لها أن تعود إليه .
عليك وعليّ أن نتعلم هذا وأن نعلّمه لأولادنا، وأن نضرب لهم بأنفسنا مثلاً في التراحم والتلاحم، وأن نتشارك معهم في إضاءة حجرات وعينا، لكي نعرف جيداً أهمية مقامنا عند رب العالمين، وندرك تماماً ضخامة حجم الحرية التي بثّها في خلايانا. وعندئذ.. سنغادر أبواب بيوتنا ونحن نحمل تحت ثيابنا قدسية الإنسان، لا مجرد ظلال الأرقام السابحة في ضباب لوائح التعداد ، وسيغدو مستحيلاً على من سجد الملائكة لهم، أن يسجدوا للبهائم مهما أثقلت قرونها التيجان المرصّعة بالأحجار اللئيمة.
كلاّ .. لم ينته زمن الكلام. إنه مازال في بدايته المتكاسلة، وعليه، الآن بالذات، أن يبدأ التكفير عن تقصيره، فينتظم فوق السكّة طائراً كالقطار الكهربائي .
لقد تخلّفنا طويلاً عن رش رذاذ الكلام النقي على دخان هذه الحرائق التي يشعلها الطغاة بأموالنا المسروقة، حتى أوشكنا على التنفس بالاختناق والإبصار بالعمى !
الكلام النظيف هو وحده الذي يهزم الكلام القذر، وإذا فاته أن يفعل ذلك عاجلاً، فحسبه أن يَحدّ من ضراوة البغاء الصاعد من الأرض بأجنحة الورق، والبغاء النازل من الفضاء بالصناديق المُشعّة .
كلامنا هو ما يخشاه الطغاة، لأنه عدتنا ودليلنا في البحث عن الإمام العادل، ولهذا فإننا لن نسعدهم بتركه، ولن نخون أنفسنا بإنهائه، لأننا، في غيابه، سنقرأ طريقنا بالمقلوب، وبدلاً من أن نعثر في نهايته على إمام عادل، سيكون غاية ما نحظى به هو (عادل إمام) !

· lara bad- u.s.a
لماذا يبدو في بعض قصائدك إيمان قوي وفي بعضها الآخر تهكّم على الشرع ؟
- كلاّ، هذا لا يبدو أبداً. لكنه قد يبدو لك إذا وضعت الرجال في موضع الشرع نفسه، وأنا – لإيماني القوي – لا أضعهم هذا الموضع .
إنني بدافع غيرتي على الشرع المبتلى، أتهكّم على من يمتطون الآخرة للوصول إلى الدنيا، أولئك الذين يفتحون ألف عين على قصر الجلابيب، لكنهم لا يلقون حتى نظرة خاطفة على طول " الأوزار"!
أتهكّم على من يشوّهون جمال دين العدل والرحمة، إذ يقطعون يد سارق الدرهم، ثمّ لا يجدون حرجاً من أن يقبضوا رواتبهم من يد سارق البلاد والعباد !
أتهكّم على من يطالبونني بالسمع والطاعة لأيّ أفّاق لم أبايعه على حكمي، ولأيّ لص لم أبايعه على سلبي، ولأيّ مجرم لم أبايعه على قتلي، ثمّ يحاولون تجميل القباحة بقبح أكبر، حين يباركون لي بعظيم المكسب لأنه لم يمنعني من الصلاة !
وأيّ صلاة بعد هذا ؟!
أيتفق عقلاً أو شرعاً أن أدين للمنكر بالسمع والطاعة، ثم أقوم لأقرأ في صلاتي :
" إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " ؟!
لكلّ فرعون هامانه وقارونه، وفي زماننا هذا، استأثر فرعون بخزائن قارون، وأوقف (الهامانات) بوّابين على أعتاب ظلمه وجوره وفساده، ليعتصروا "الشرع" سوائل قابلة لأخذ أيّ شكل من أشكال أوانيه المستطرقة !
هؤلاء، يا لارا، ليسوا الشرع. هؤلاء هم أعداء الشرع. وأنا ، في الواقع، لا أكتفي بالتهكم عليهم، بل أجلد وجوههم بسوط الإدانة، بأقسى مما أجلد الطغاة أنفسهم ، ذلك لأن الطغاة إنّما يرتكبون جرائمهم عاريةً، أمّا هؤلاء فإنهم يأتون بما يُعجز إبليس من فنون التفصيل والخياطة، من أجل إلباس تلك الجرائم ثوب الدين !


· Algafeky Ali- canada
البعض يقول إنك لا تؤمن بما تقول، وإنما تقول ما يريده الناس لكسب الشهرة والمال معاً، أي بمعنى آخر أنت لست صاحب قضية بالدرجة الأولى .
- بل أنا، بكل المعاني، صاحب قضية بالدرجة الأولى والأخيرة، وإيماني بما أقوله مستقر في كلّ خلية مني، وما أقوله إنّما هو ما أريده أنا قبل كلّ شيء .
لكن لأنني واحد من هؤلاء الناس الذين ذكرهم البعض "المبهم"، ولأنني أعيش مآسيهم نفسها، فإن ما أقوله لا بد أن يكون، بالضرورة، معبراً عن معظمهم .
دع ذلك "البعض" ينتظر قليلاً، والتفت إليّ..إنني أطالعك باسمي الصريح ووجهي المعلن، فاسمع منّي .
أتعتقد أنّ شيئاً في الدنيا أغلى عندي وأحبّ إليّ من أن ألوذ بظلّ أبي، أو أن أستروح عطر أمّي، أو أن أتقاسم مع إخوتي ضحكة صافية في لحظة أمان ؟
ما الذي حملني على ترك كنوز كهذه، يحسدني قارون عليها، لأتجاذب أطراف الغربة والخوف والمرض والتهديد، وأفرغ حصّالة عمري، على جمر النكبات، من ثمانية وعشرين عاماً هي الأزهى والأجمل في حياة أيّ إنسان ؟
الشهرة ؟!
أما كان بوسعي أن أطلبها بالسلامة وقلّة الجهد ؟
هل تعوزني الكفاءة، مثلاً، لنزع خرقة أمسح بها على ظهور هذه الحكومات القذرة؟
وهل أحتاج إلى جهد لكي أؤلّف (كمننا) على شرف هذا الزمان الكمنني ؟
إذا كانت الشهرة مطلبي حقاً، فأيّ أحمق أنا إذ أسعى إلى أضيق آفاقها على حدّ الشفرة، فيما يتربع عليها من دوني – بخبطة طبلة – زميلنا المناضل " شعبان عبد الرحيم" الذي يكره المقاول .. ويحب المَعاوِل ؟!
إذا كنتُ معروفاً إلى حد ما، فليس لأنني أسعى لأن أكون معروفاً، ولكن لأنني أصرّ، بوسيلتي الخاصّة البسيطة، على إيصال الكلمة الحرة الصادقة إلى أبعد رأس مغمور بضلالات الحكام ومرتزقتهم.. وعندئذ لابد لمن تصل إليه الكلمة أن يعرف من المسؤول عنها .
وأجمل ما في هذه المعرفة أنها قائمة على التشارك الفعلي في الهموم والتطلعات، لا على الصيت الفارغ .. وإلاّ فكم من مشهور ترى اسمه مقرراً في المطبوعات، وصورته مفرودة على الشاشات، دون أن يملك القارئ من كلامه حرفاً واحداً ؟
أهكذا أنا ؟
لعلك تقول إنّ هناك قطيعة بين وسائل الإعلام وبيني؟ هذا صحيح ، وهو يعني أن ما أقوله يغلق باب الشهرة بدلاً من أن يفتحها، وهذا بحد ذاته كافٍ للرد على ذلك " البعض " .
لكنّ هناك جانباً آخر لهذه المسألة، أعتقد أن الكثيرين يجهلونه، ولذلك ينبغي لي هنا أن أجهر به ، لكي يعلم من لا يعلم.
إنّ قرار القطيعة بيني وبين وسائل الإعلام ليس بيد تلك الوسائل .. بل بيدي أنا .
فإذا كانت تقاطعني بالمواسم، فأنا أقاطعها بالدهر. إنها تسعى إليّ أحياناً، لكنّني لا أسعى إليها أبداً. وحتى إذا سارعت هي إلى فتح صفحة جديدة معي، فإنني سرعان ما أختم كتابها كلّه بالشمع الأحمر .
تأتيني، باستمرار، دعوات كثيرة وملحّة، من صحف ومجلات وفضائيات ومهرجانات ومنتديات ومؤسسات رسمية وشبه رسمية، لكنني أبادر، دائماً، إلى الاعتذار عن عدم التلبية .. وأظن أنّ بوسع العشرات ممن كتبوا إليّ أو اتّصلوا بي أن يشهدوا بذلك .
إنني ، خلال أعوام طويلة، لم ألبِّ سوى دعوتين اثنتين للحوار، أولاهما مع مجلّة معارضة بشدّة لأنظمة القمع، والثانية مع مجلّة كان يصدرها شبّان شرفاء كتجربة لصحافة مختلفة، ولم تكن لهم أيّة علاقة بسلطة تدفعهم أو تدفع لهم. وأكبر دليل على براءة هاتين المجلتين، أنهما توقفتا عن الصدور، لضيق ذات اليد، ولضيق ذات الطغيان !
مختصر القول: إنّ الشهرة –على ضيقها- هي التي تسعى إليّ، ولو أنها توقّفت عن مسعاها ، فسأكون لها شاكراً وممتناً. أمّا المال المحدود الذي أكسبه بعملي فإنني أبذل أضعافه جهداً، ثمّ لا ألبث أن أدفع ثلثه ضرائب للحكومة .
بلّغ أثباج أنني أنا من يدفع للحكومة !


· أحمد الغامدي – السعودية :
بدايةً أحمد الله الذي رفع عن هذا الموقع حجب شياطين السلاطين، ثمّ أبارك لكم هذه الخطوة في استضافة شاعر العرب الأول .
أستاذي الكبير أحمد مطر.. أهديك تحية رائقة لائقة فائقة، فالسلام عليك ورحمة الله .
كثيراً ما أسائل نفسي عنك.. لماذا يحيا هذا الشاعر حياة المشردين ؟ ما ضرّ لو عاش كغيره من شعراء العرب ؟ ما هذه البدعة التي ابتدعها في عالم الشعراء ؟ إلامَ يحشد طاقاته وقدراته ؟ إذ لا أظن أنك ساعٍ لشهرة، فلو كانت مقصدك لأتتك بأقل مما تبذل، فأنت لست شاعراً فحسب، بل أنت مؤسسة إعلامية .. بل دولة !
أنت الأعشى الذي خافت قريش إسلامه.. غير أنه لم يلهك ما ألهاه .
ولقد كنت – أنا- فيما مضى ادعيت لك منزلة قد ادعت الخنساء لنفسها لدى النابغة أقلّ منها .. زعمت –أنا- أنك أشعر العرب والعجم رجالهم ونساءهم، جنّهم وإنسهم، وأولهم وآخرهم !
أستاذي أحمد .. همس لي جدي ذات يوم بحكمة أراها كلّما أقدمت على عمل .. قال لي: (يا بني..إذا سرقت فاسرق جملاً) .. رحم الله جدي، إذ كان يعلمني كيف أكون عالي الهمة حتى لو تدنيت لمستوى اللصوص !
أقول لشاعرنا.. إن حكمة جدي الآن تلوح لي لأسألك: ما غايتك ؟
أرجو أن تكون عظيمة مستحقة لكل ما ضحيت به.. غاية تجعلك محموداً عند ربك كما أنت عند خلقه .
- أشكرك من كل قلبي، يا ولدي، على المحبة التي غمرتني بها، و إذ أعترف بأنني أفقر بكثير من غنى هذه الأوصاف التي أغدقتها عليّ، فإنّ عندي من الصدق والثقة أيضاً ما يجعلني قادراً على طمأنتك بأن ظنك بي لن يخيب بإذن الله، لأنّ غايتي عظيمة بالفعل، وهي دعوة الناس إلى الخروج من عبودية العبيد، إلى نور الحريّة في ظلّ رب العباد .
أمّا حكمة جدك رحمه الله، فقد ألفيتُها تدور في بيئتي من قبل، ويسعدني أنك أحسنت فهمها على الوجه المطلوب، وليت حاكماً واحداً من حكامنا قد فهمها مثلك، إذن لأزاح عن صدورنا واحدة من هذه الجلاميد المتراكبة.. لكن المشكلة أن كلاً منهم قد فهمها حرفياً، فسرق الجمل بما حمل، ولم يكتفِ بذلك بل سرق الأرض بمن عليها !
هناك حكمة أخرى، طالما سمعتها، منذ وعيت، تتردد على شفتَي والدتي، حتى أصبحت لكثرة ترددها جزءاً من ذهني، وهي: (أمّي..لا تعيش بذل وأرض الله واسعة) . ولقد احتجت لأن أكبر وأتعلم القراءة، لكي أدرك أنّ أمي، ببساطتها، كانت تلخّص لي قوله تعالى في سورة النساء: ( إنّ الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنّم وساءت مصيرا)
والآن.. أرى ذلك الطفل الذي كنتُه، يموّه دمعته بالابتسامة، ويطلّ من وراء كهولتي، ملوّحاً بقلبه، على رغم اتّساع المسافة والزمن: ( شكراً يا أمّي) .