يقال عليها تلك الأنواع. فالوحدة فيه أيضاً ليست بحقيقة، فهي فيه إذن بنوع عرضي، والعارض للشيء من غيره، فالعرض أثر في المعروض فيه، والأثر من المضاف فالأثر من مؤثر، فالوحدة في الفصل أثر من مؤثر أيضاً. والخاصة هي المقولة على نوع واحد، وعلى كل واحد من أشخاصه مبينة عن أنية الشيء، وليست بجزء لما أبانت عن أنيته. فهي كثير لأنها موجودة في أشخاص كثيرة، ولأنها حركة، والحركة متجزئة. فالوحدة أيضاً فيها ليست بحقيقية، فهي إذن بنوع عرضي، والعارض للشيء من غيره فالعرض أثر في المعروض فيه، والأثر من المضاف، فالأثر من مؤثر، فالوحدة في الخاصة أثر من مؤثر أيضاً. والعرض العام أيضاً مقول على أشخاص كثيرة، فهو كثير، لأنه موجود في أشخاص كثيرة. وإما أن يكون بكمية فيقبل الزيادة والنقص فهو متجزىء؛ وإما أن يكون كيفية فيقبل الشبيه والأشبه، والأشد والأضعف، فيقبل الاختلاف، فهو كثير. فالوحدة فيه أيضاً ليست بحقيقية، فهي إذن فيه بنوع عرضي، والعارض - كما قدمنا - أثر من مؤثر، فالوحدة في العرض العام أثر من مؤثر أيضاً. والكل المقول على المقولات ذو أبعاض، لأن كل واحد من المقولات بعض له. والكل المقول على مقولة واحدة ذو أبعاض أيضاً. لأن كل مقولة جنس، فكل مقولة ذات صور، وكل صورة ذات أشخاص، فالكل إذن كثير لأنه ذو أقسام كثيرة. فالوحدة فيه أيضاً ليست بحقيقية، فهي إذن فيه بنوع عرضي، فهي إذن من مؤثر - كما قدمنا - فيما كان بنوع عرضي. وكذلك الجميع أيضاً، لأن الجميع يقال على أشياء كثيرة مجتمعة فهو كثير، فالوحدة فيه أيضاً ليست بحقيقية، فهي فيه نوع عرضي، فهي إذن فيه أثر من مؤثر كما قدمنا. والجزء إما أن يكون جوهرياً، وإما عرضياً، والجوهري إما مشتبه الأجزاء، وإما لا مشتبه الأجزاء. والمشتبه الأجزاء كالماء الذي جزؤه مال بكماله، وكل ماء فهو قابل للتجزئة. فجزء الماء إذ هو ماء بكماله كثير. وإما لا مشتبه الأجزاء، أعني مختلف الأجزاء، فكبدن الحي الذي هو من لحم، وجلد، وعصب، وعروق، وأوردة، ورئة، وصفاق، وحجب، وعظم، ومخ، ودم، ومرة، وبلغم، وجميع ما ركب منه بدن الحي التي ليست بمشتبهة. وكل واحد مما ذكرنا من بدن الحي فقابل للتجزئة، فهو كثير أيضاً. وأما الجزء العرضي فمحمول في الجزء الجوهري أعني كالطول والعرض والعمق في اللحم والعظم وغير ذلك من أجزاء البدن الحي، واللون والطعم وغير ذلك من الأعراض فهو منقسم بانقسام الجوهري. فهو إذن ذو أجزاء فهو كثير أيضاً. فالوحدة في الجزء أيضاً ليست بحقيقية. والمتصل الطبيعي، والمتصل العرضي، وكل واحد منهما ذو أجزاء كالبيت: فإن اتصاله الطبيعي شكله وهو ذو جهات، واتصاله العرضي، أعني الصناعي، باجتماع ما ركب منه، كحجارة وملاطه وأجزاء جرمه؛ فهو كثير أيضاً. فالوحدة فيه ليست بحقيقية. وقد يقال الواحد أيضاً بالإضافة إلى غيره ببعض هذه التي قدمنا ذكرها، كالميل فإنه يقال ميل واحد إذ هو كل للغوات، وجزء للفرسخ، ولأنه متصل ومجتمع، لأن غلواته متصلة ومجتمعة، فهو جميع لغلواته، ولأنه منفصل من أمثال أجزاء، أعني اللاتي جميعها فرسخ. فليست الوحدة في ذلك أيضاً بحقيقية، بل عرضية. فليست الوحدة في شيء مما حددنا بحقيقية، بل إنما هي في كل واحد منها بأنها لا تنقسم من حيث وجدت. فالوحدة فيها بنوع عرضي، والعارض للشيء لا من ذاته، فالعارض للشيء من غيره، فالعارض إذن في المعروض مستفاد من غيره، فهو مستفاد من مفيد، فهو أثر في المعروض فيه، والأثر من مؤثر، لأن الأثر والمؤثر من المضاف الذي لا يسبق بعضه بعضاً. وأيضاً كل شيء كان في شيء آخر عرضاً، فهو في شيء آخر ذاتي، لأن كل شيء كان في شيء يعرض فهو في شيء آخر بالذات. وإذ قد بينا أن الوحدة في هذه جميعاً تعرض، فهي لآخر بالذات لا تعرض. فالوحدة فيما هي فيه بعرض مستفادة الوحدة له مما هي فيه بالذات. فإذن ها هنا واحد حق اضطراراً لا معلول الوحدة. فلنبين بأكثر مما تقدم فنقول: لا تخلو طباع كل مقول فيما عليه المقول، أعني كل ما أدركه الحس وأحاط بما بينه العقل، من أن يكون واحداً أو كثيراً، أو واحداً وكثيراً معاً، أو بعض هذه الأشياء واحداً لا كثيراً بتة، وبعضها كثيراً لا واحد بتة. فإن كل طباع كل مقول الكثرة فقط فلا اتفاق اشتراك في حال واحدة، أو معنى واحد. والاتفاق موجود، أعني الاشتراك في حال واحدة أو معنى واحد. فالوحدة موجودة مع الكثرة. وقد فرضنا أن الوحدة ليست بموجودة، فالوحدة أيس ليس، وهذا خلف لا يمكن. وأيضاً إن كان كل مقول كثرة فقط، فلا شيء يخالف الكثرة، لأن خلاف الكثرة الوحدة خلاف. فإن لم يكن خلاف في المقولات فهي متفقة وهي لا متفقة، لأن الإتفاق اشتراك في حال واحدة، أو معنى واحد، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن إلا أن تكون الوحدة. وأيضاً إن كانت كثرة فقط بلا وحدة، فهي لا متشابهة، لأن المتشابهة لها شيء واحد يعمها تتشابه به، ولا واحد مع الكثرة كما فرضنا، فلا واحد يعمها، فهي لا متشابهة، وهي متشابهة بعدمها الوحدة. فهي متشابهة لا متشابهة معاً، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن إلا أن تكون وحدة. وأيضاً إن كانت كثرة فقط بلا وحدة كانت متحركة، لأنه إن لم تكن وحدة لم تكن حال واحدة، وإن لم تكن حال واحدة لم يكن سكون، لأن الساكن ما كان بحال واحدة غير متغير ولا متنقل. وإن لم يكن سكون لم يكن ساكن. وإن لم يكن ساكن كان متحركاً. وإن كانت كثرة فقط كانت أيضاً غير متحركة، لأن الحركة تبدل إما بمكان، وإما بكم، وإما بكيف، وإما بجوهر، وكل تبدل فإلى غير، وغير الكثرة فالوحدة، فإن لم يكن وحدة فلا تبدل للكثرة وقد فرضنا أن وحدة أيس تتبدل كثرة أيس، فحركة أيس. فإن