والهندباء صنفان: عريض الورق ودقيق الورق، وهي برية وبستانية وتعيش في البرد وأول الربيع ولا يوافقها الهواء الحار، فإنه يجلب لها المرارة، وإن غطيت أغصانها كلها بالتراب طالت وابيضت ورخصت ولذ طعمها، وتزرع في تشرين الأول والثاني وكان الأول فتتعهد بالزبل والسقي مرتين في الأسبوع حتى تدرك وتؤكل في الخريف والشتاء، ومن أراد أكلها في الربيع زرعها في كانون الثاني ولا يكثر سقيها بالماء فالمطر يكفيها. وزبل الآدمي يصلحها وزرعها ليلا يفيدها وكذا تزبيلها وسقيها بالماء، وينثر بزرها في زيادة القمر، وهي كالخس في خصاله، إلا أنها أفضل منه في تفتيح الانسداد وتشد مراراتها في الصيف. والبرية أقل رطوبة من البستانية، وهي تفتح انسداد الكبد والعروق، وقد تتسبب في بعض الإمساك وتنفع من الرمد الحار ضمادا، وتسكن الغثيان وهيجان الصفراء وحرارة المعدة، وتعقل البطن وتنفع من حمى الربع ولسع العقرب والهوام والزنابير والحية، والبرية باردة يابسة في الأولى وقيل رطبة وبردها أكثر من رطوبتها ولبنها يجلو بياض العين وعصارتها تنفع من الاستسقاء وتجمع السموم، وجاء في الخبر: من بات في جوفه سبع ورقات هندباء أمن من الفالج. والرجلة وهي البقلة الحمقاء، تزرع من شباط حتى أخر نيسان وهي من بقول القبط، وتنبت وحدها والتي تنبت بغير زرع أفضل، وهو نوعان، عريض الورق على ساق وغير عريض ومنها بري، وتزرع في مشارق شمسية، وتزبل وتنقى من الشعب، ويؤخذ بزرها في تموز وآب، وتسقى بعد الزرع، فإذا نبتت قطع عنها الماء، وتسقى عند قلعها ليسهل خلعها وقليل من الماء يكفيها. وتنبت في اليوم الثاني، وتزرع مرارا في الصيف، وتزرع نثرا على الماء، ومن أصابه عطش وجعل ورقة تحت لسانه صبر على العطش حتى يصيب الماء، وأجودها الغصن العريض، وعصارتها أحسن ما فيها وهي باردة رطبة في الثالثة، وقيل في آخر الثانية. وقيل في آخر الثالثة قابضة تمنع النزف، وإذا اخذ من مائها عشرة دراهم قضت على الصفراء. ومن جعلها تحت وسادته لم بر حلما البتة، وعصارتها تنفع من نفث الدم والمعدة والكبد الحارثين شربا وضمادا، وتنفع من الحميات الحارة، والإكثار منها يضر البصر والباه، ويفيد معها الكرفس والجرجير والنعنع. وقيل تضر المعي وينفع معها المصطكى. والبقلة اليمانية - وهي التربوز - وتسمى في الشام جرموز، ومنها بستاني أبيض وأخضر تزرع في آذار وآخر أيار، ولا تتحمل الماء الكثير ولا الزبل الكثير، وتزرع في شهور العام كلها، إلا في تشرين الثاني، وهي أشد ترطيبا من القرع والخس ومن سائر البقول، وهي باردة رطبة في الثانية، تمنع من العطش مطبوخة بدهن الورد تدفع الصداع الحادث عن حر الشمس.
والقطف وهو السرمق، وبقلة الروم والبقلة الذهبية، وهو بستاني وبري، ويزرع من نصف كانون الآخر حتى أول نيسان، ومن أول آب إلى آخر تشرين، ويطعم في آخر الشتاء وأول الربيع، ويسقى الماء العذب والمالح ويزبل بالزبل العفن وغيره وهو نبات ضعيف لا يحب كثرة الماء، وهو بارد رطب في الثانية ينفع من الحمى المحرقة واليرقان والإمساك، وإذا بل بالزيت ينفع فم المعدة.
والسلق أنواع، منه بستاني ومنه بري، والبستاني أبيض وأسود وكذا البري، وزرعه مع الكرنب إلا أن نقله أسرع إنباتا له. وتوافقه الأرض الرطبة الظلة بالشجر وزرعه في نيسان. ومن أراد تكبير السلق وبياضه ألصق بأصوله روث البقر وطمره بالتراب وسقاه فإنه يجود. وإن أردت تكبير أصوله تكشف عنها التراب مرات، وتشق كل أصل بسكين، وتدخل فيه حجرا وترد التراب عليه، فإنه يجود ويكبر جدا، وتؤكل أصوله وفروعه، نيئا ومطبوخا وتوافقه الأرض المالحة، فيلقط ملوحتها إذا كرر زرعه فيها ذهبت ملوحتها بالكلية، وتصبح طيبة سلمية. ويسلق السلق ثلاث سلقات ويجفف ويطحن ويخبز ببعض الأدقة. ويؤكل السلق بالخردل والفلفل والكمون والكراويا، ومسلوقا بالزيت ونحوه بالخل، وهو حار يابس في الأولى وقيل رطب في الأولى فيه بورقيه ملطفة وتحليل وتفتيح، وأجوده العذب الطعم، وفي الأسود قيض، وينفع من داء الثعلب والحزازة والكلف والثآليل إذا طلي بمائة، ويقتل القمل، ويطلى به القوبى مع العسل، ويفتح انسداد الكبد والطحال. وهو ينفع من القولنج لكنه مع التوابل يولد المغص والانتفاخ.
والكيموس قليل الغذاء، يحرق الدم والخل والخردل يصلحانه. قال ابن زهير: قال هرمس: إن أخذ ورق السلق المجفف وورق العاقر قرحا ومن نفس العاقر قرحا من كل واحد وزن دانق، وجعل في مصباح باسم انسان، وأطعم في طعام، عمل فيه روحانية المحبة عملا عجيبا، وإن رضّ وسحق السلق وعاقر قرحا وذر في مجرى ماء الحمام، سكن جريه، وإن رض ورق السلق بدم الحمام ودفن في إناء من رصاص في زبل مدة أربعين يوما تولد منه دود طويل أخضر، وإن طبخت بماء سلق وطلي به الأقرع أنبت الشعر، وإن شق الدود ودفن في برج حمام أو علق عليه لم يقرب البرج شيء من الحيوان الضاري، وكان له طلسما.
والحماض منه بريء ومنه بستاني، والبري يقال له السلق، وليس في البري حموضة، ويؤكل أصله وفرعه، وهو ينبت وحده، ويعد من البقول البستانية، ويعمل منه خبز كالسلق، وهو بارد يابس في الثانية، وبزره بارد في الأولى. ويولد القبض، وينفع من البرص والقوبا وإذا طبخ وضمد به نفع من داء الخنازير حتى قيل أنه إذا علق في عنق صاحب الخنازير ينفعه. وهو مع الخل ينفع من الجرب. وينفع من اليرقان الأسود، ويقوي الأحشاء، ويسكن الغثيان، وينفع من لسعة العقرب. والبري أنفع في ذلك.
والطَّرخون منه بري جبلي، ومنه بستاني، وأجوده الغض البستاني، وفي طعمه حدّه تخدر اللسان والفم، ولهذا يستعمل عند شرب الأدوية الكريهة الطعم التي تعافها النفس، ليخدر الفم فلا يحس بكراهة الدواء. وهو ربيعي، ويؤكل أيام الربيع، ويستمر في الأرض عدة سنين، وينبت في كل سنة أيام الربيع، وهو من خضر الشام الربيعية. والجبلي قيل أصله العاقر قرحا، والطرخون حار يابس في الثانية، وفيه قوة مخدرة وقيل بارد، وهو مجفف للرطوبات، وهو يقوي المعدة ويعين على الاستمراء، وكثيره بطيء الهضم ويورث وجع الحلق ويقطع شهوة الباه، ويعطش، ويصلحه الكرفس.
والملوخيا واسمها الملوكية، وهي ضرب من الخبازي البستانية توافقها الأرض المفرطة الحرارة، وتحتاج إلى زبل، وزرعها من تشرين الأول حتى كانون الأول، وتؤكل في فصل الربيع. وفي البلاد الحارة تستمر إلى الصفي بل أكثر السنة غير فصل الشتاء. وأجودها الأخضر العظيم الخضرة، الذي تميل قضبانه إلى الحمرة، وهي باردة في الأولى رطبة في الثانية. وقيل باردة رطبة في الثالثة، تنفع من الالتهاب إذا ضمد بها الصدر والمعدة، وتنفع من الصداع وأوجاع العين إذا ضمدت به مع دقيق شعير، وتفتح انسداد الكبد والمرارة، إذا شرب من مائها ثلاثين درهما. وقيل تضر المثانة، ويصلحها الورد وماء الورد. والملوخيا تغذي البدن أكثر من سائر البقول، وتستحيل دما كثيرا، وتنفع المحرورين وتعين على السعال وخشونة الصدر، وخصوصا باللوز، وتنفع على لسعة الزنبور.