قال: يقول علي بن عقيل إنني أبرأ إلى الله تعالى من مذاهب المبتدعة الاعتزال وغيره ومن صحبة أربابه وتعظيم أصحابه والترحم على أسلافهم والتكثر بأخلاقهم وما كنت علقته ووجد بخطي من مذاهبهم وضلالاتهم فأنا تائب إلى الله سبحانه تعالى من كتابته وقراءته وإنه لا يحل لي كتابته ولا قراءته ولا اعتقاده.
وذكر شيئا آخر، ثم قال: فإني أستغفر الله وأتوب إليه من مخالطة المبتدعة المعتزلة وغيرهم ومكاثرتهم والترحم عليهم والتعظيم لهم فإن ذلك كله حرام لا يحل لمسلم فعله لقول النبي من عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام.
وقد كان سيدنا الشريف أبو جعفر أدام الله علوه وحرس على كافتنا ظله ومن معه من الشيوخ والأتباع سادتي وإخواني أحسن الله عن الدين والمروة جزاءهم مصيبين في الإنكار علي لما شاهدوه بخطي في الكتب التي أبرأ إلى الله تعالى منها واتحقق أنني كنت مخطئا غير مصيب.
ومتى حفظ علي ما ينافي هذا الخط وهذا الإقرار فلإمام المسلمين أعز الله سلطانه مكافاتي على ذلك بما يوجبه الشرع من ردع ونكال وإبعاد وغير ذلك وأشهدت الله تعالى وملائكته وأولي العلم على جميع ذلك غير مجبر ولا مكره وباطني وظاهري في ذلك سواء.
قال الله تعالى: { ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام }.
ثم كتب الشهود خطوطهم وهذه نسختها.
أشهدني المقر على إقراره بجميع ما تضمنه هذا الكتاب وكتب عبد الله بن رضوان في المحرم سنة خمس وستين وأربعمائة.
بمثل ذلك أشهدني وكتب محمد بن عبد الرزاق بن أحمد بن السني في التاريخ.
أشهدني المقر على إقراره بجميع ما تضمنه هذا الكتاب وكتب الحسن بن عبد الملك بن محمد بن يوسف بخطه.
سمعت إقرار المقر بذلك وكتب محمد بن أحمد بن الحسن.
أشهدني المقر على نفسه بذلك وكتب علي بن عبد الملك بن محمد بن يوسف آخرها.
وكتب محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله وحضر في هذا اليوم في مسجد الشريف خلق كثير.
فهذه الفضيحة من جملة ما تاب منه إلى الله تعالى وأقر بأنه ضلال وبدعة وأنه متى وجد بخطه وجبت مقابلته عليه وينتقم الله منه.
فكيف يحتج بقول هذا محتج أو يغتر به مغتر أو يقول به قائل أو يتعلق به متعلق مع شهادة قائله عليه بالضلال وإجماع العلماء من أهل بلدته على استتابته منه وإهدار دمه به وبأمثاله وهذا أدل شيء على خطئه وضلاله وإن كانت هذه المقالة صدرت منه بعد توبته فهذا دليل على زندقته وإصراره على بدعته ورجوعه إلى ضلالته.
فإن معنى الزندقة إظهار الحق واعتقاد خلافه وهو النفاق الذي كان على عهد رسول الله ويسمى اليوم الزندقة.
وهذا الرجل قد صنف في نفي تأويل الصفات والرد على متأولها جزءا مفردا وصنف في الحرف والصوت جزءا مفردا وصنف كتاب الانتصار للسنة وغيرها من الكتب وملأها من السنة والرد على المبتدعة.
فإن كان يظهر ذلك ويبطن هذا ويعتقده فهو زنديق فكيف يجوز أن يحتج محتج بمقالته أو يرضى لنفسه بمثل حاله أو يضل بضلالته ونعوذ بالله تعالى ولا يظن به هذا ولكن لما علمت منه حالتان حالة بدعة وحالة توبة نسبنا كل ما وجد من كلامه من البدع إلى حالة البدعة لا غير.
وما عادتي ذكر معائب أصحابنا وإنني لأحب ستر عوراتهم ولكن وجب بيان حال هذا الرجل حين اغتر بمقالته قوم واقتدى ببدعته طائفة من أصحابنا وشككهم في اعتقادهم حسن ظنهم فيه واعتقادهم أنه من جملة دعاة السنة.