مصر والمغرب فسميت إفريقية لأنها مسماة باسم عامرها، وحد إفريقية من طرابلس الغرب من جهة برقة والاسكندرية إلى بجاية وقيل إلى مليانه فتكون مسافة طولها نحو شهرين ونصف، وقال أبو عبيد البكري الأندلسي حد إفريقية طولها من برقة شرقا إلى طنجة الخضراء غربا وعرضها من البحر إلى الرمال التي في أول بلاد السودان وهي جبال ورمال عظيمة متصلة من الشرق إلى الغرب وفي يصاد الفنك الجيد، وحدث رواة السير أن عمر بر الخطاب رضي الله عنه كتب إلى عمرو بن العاص لا تدخل إفريقية فإنها مفرقة لأهلها غير متجمعة ماؤها قاس ما شربه أحد من العالمين إلا قست قلوبهم فلما افتتحت في أيام عثمان رضي الله عنه وشربوا ماءها قست قلوبهم فرجعوا إلى خليفتهم عثمان فقتلوه، وأما فتحها فذكر أحمد بن يحيى بن جابر أن عثمان بن عفان رضي الله عنه ولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح مصر وأمره بفتح إفريقية وأمده عثمان بجيش فيه معبد بن العباس بن عبد المطلب ومروان بن الحكم بن أبي العاص وأخوه الحارث بن الحكم وعبيد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير بن العوام والمسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وعبد الله وعاصم ابنا عمر بن الخطاب وبسر بن أبي أرطأة العامري وأبو ذؤيب الهذلي الشاعر وذلك في سنة 29 وقيل سنة 28 وقيل 27 ففتحها عنوة وقتل بطريقها وكان يملك ما بين أطرابلس إلى طنجة وغنموا واستاقوا من السبي والمواشي ما قدروا سلبه فصالحهم عظماء إفريقية على ثلاثمائة قنطار من الذهب على أن يكف عنهم ويخرج من بلادهم فقبل ذلك منهم وقيل إنه صالحهم على ألف ألف وخمسمائة ألف وشرين ألف دينار وهذا يدل على أن القنطار الواحد ثمانية آلاف وأربعمائة دينار، ورجع ابن أبي سرح إلى مصر ولم يول على إفريقية أحدا فلما قتل عثمان رضي الله عنه عزل علي رضي الله عنه ابن أبي سرح عن مصر وولى محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة مصر فلم يوتجه إليها أحدا فلما ولي معاوية بن أبي سفيان وولى معاوية بن حديج الشكوني مصر بعث في سنة 50 عقبة بن نافع بن عبد القيس بن لقيط الفهري فغزاها وملكها المسلمون فاستقروا بها واختط مدينة القيروان كما نذكره في القيروان إن شاء الله تعالى ولم تزل بعد ذلك في أيدي المسلمين فوليها بعد عقبة بن نافع زهير بن قيس البلوي في سنة 69 فقتله الروم في أيام عبد الملك فوليها حسان بن النعمان الغساني فعزل عنها ووليها موسى بن نصير في أيام الوليد بن عبد الملك ثم وليها محمد بن يزيد مولى قريش في أيام سليمان بن عبدالملك سنة 99 ثم وليها إسماعيل بن عبد الملك بن عبد الله بن أبي الهواجر مولى بني مخزوم من قبل عمر بن عبد العزيز ثم وليها يزيد بن أبي مسلم مولى الحجاج من قبل يزيد بن عبدالملك ثم عزله وولى بشر بن أبي صفوان في أول سنة 103 ثم وليها عبيدة بن عبد الرحمن السلمي ابن أخي أبي الأعور السلمي فقدمها في سنة 110 من قبل هشام بن عبد الملك ثم عزله هشام وولى مكانه عبد الله بن الحبحاب مولى بني سلول ثم عزله هشام في سنة 123 وولى كلثوم بن عياض القشيري فقتله البربر فولى هشام حنظلة بن صفوان الكلبي سنة 124 ثم قام عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري وأخرج حنظلة عن إفريقية عنوة ووليها وأثر بها آثارا حسنة وغزا صقلية وكان الأمر قد انتهى إلى مروان بن محمد فبعث إليه بعهده وأقره على أمره وزالت دولة بني أمية وعبد الرحمن أمير وكتب إلى السفاح بطاعته فلما ولي المنصور خلع طاعته ثم قتله أخوه إلياس بن حبيب غيلة في منزله وقام مقامه ثم قتل إلياس وولي حبيب بن عبد الرحمن فقتل ثم تغلب الخوارج حتى ولى المنصور محمد بن الأشعت الخزاعي فقدمها سنة 144 فجرت بينه وبين الخوارج حروب ففارقها ورجع إلى المنصور فولى المنصور الأغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة بن عبد الله بن عباد بن محرث وقيل محارب بن سعد بن حرام بن سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم فقدمها في جمادى الآخرة سنة 148 وجرت له حروب قتل في اخرها في شعبان سنة 155 وبلغ المنصور فولى مكانه عمر بن حفص بن عثمان بن قبيصة بن أبي صفرة أخا المهلب المعروف بهزارمرد فقدمها في صفر سنة 151 وكانت بينه وبين البربر وقائع قاتل فيها حتى قتل في منتصف ذي الحجة سنة 54 فولاها المنصور يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب فصلحت البلاد بقدومه ولم يزل عليها حتى مات المنصور والمهدي والهادي ثم مات يزيد بن حاتم بالقيروان سنة 170 في أيام الرشيد واستخلف ابنه داود بن يزيد بن حاتم ثم ولى الرشيد روح بن حاتم أخا يزيد فقدمها وساسها أحسن سياسة حتى مات بالقيروان سنة 174 فولى الرشيد نصر بن حبيب المهلبي ثم عزله وولى الفضل بن روح بن حاتم فقدمها في المحرم سنة 177 فقتله الخوارج سنة 78 فكانت عدة من ولي من آل المهلب ستة نفر في ثمان وعشرين سنة ثم ولى الرشيد هرثمة بن أيمن فقدمها في سنة 179 ثم استعفى من ولايتها فأعفاه وولى محمد بن مقاتل العكي فلم يستقم بها أمره فإنه أخرج منها وولى إبراهيم بن الأغلب التميمي المقدم ذكره فأقام بها إلى أن مات في شوال سنة 196 وولي ابنه عبد الله بن إبراهيم ومات بها ثم ولى أخوه زيادة الله بن إبراهيم في سنة ا 20 في أول أيام المأمون ومات في رجب سنة 223 ثم ولي أخوه أبو عقال الأغلب بن إبراهيم ثم مات سنة 226 فولي ابنه محمد بن الأغلب إلى أن مات في محرم سنة 242 فولي ابنه أبو القاسم إبراهيم بن محمد حتى مات في ذي القعدة سنة 249 فولي ابنه زيادة الله بن إبراهيم إلى أن مات سنة 250 فولي ابن أخيه محمد بن أحمد إلى أن مات سنة 261 فولي أخوه إبراهيم بن أحمد وكان حسن السيرة شهما فأقام واليا ثمانيا وعشرين سنة ثم مات في ذي القعدة سنة 289 فولي ابنه عبد الله بن إبراهيم بن أحمد فقتله ثلاثة من عبيده الصقالبة فولي ابنه أبو نصر زيادة الله بن عبد الله بن إبراهيم فدخل أبو عبد الله الشيعي فهرب منه إلى مصر وهو آخرهم في سنة 296