أني قد وجدت أرضا كثيرة القضة في طرف البر إلى الريف ودونها مناقع فيها ماء وفيها قصباء والقضة من المضاعف الحجارة المجتمعة المتشققة وقيل: أرض قضة ذات حصى وأما القضة بالكسر والتخفيف ففي كتاب العين أنها أرض منخفضة ترابها رمل، وقال الأزهري: الأرض التي ترابها رمل يقال لها قضة بكسر القاف وتشديد الضاد وأما القضة بالتخفيف فهو شجر من شجر الحمض ويجمم على قضين وليس من. المضاعف وقد يجمع على القضى مثل البرزى. وقال أبو نصر الجوهري القضة بكسر القاف والتشديد الحصى الصغار والقضة أيضا أرض ذات حصى. قال ولما وصلت الرسالة إلى عمر قال هذه أرض بصرة قريبة من المشارب والمرعى والمحتطب فكتب إليه أن انزنها فنزلها وبنى مسجدها من قصب وبنى دار إمارتها دون المسجد في الرحبة التي يقال لها رحبة بني هاشم وكانت تسمى الدهناء وفيها السجن والديوان وحمام الأمراء بعد ذلك لقربها من الماء فكانوا إذا غزوا نزعوا ذلك القصب ثم حزموه ووضعوه حتى يعودوا من الغزو فيعيدوا بناءها كما كان، وقال الأصمعي: لما نزل عتبة بن غزوان الخريبة ولد بها عبد الرحمن بن أبي بكرة وهو أول مولود ولد بالبصرة فنحر أبوه جزورا أشبع منها أهل البصرة وكان تمصير البصرة في سنة أربع عشرة قبل الكوفة بستة أشهر وكان أبو بكرة أول من غرس النخل بالبصرة وقال هذه أرض نخل ثم غرس الناس بعده، وقال أبو المنذر أول دار بنيت بالبصرة دار نافع بن الحارث ثم دار معقل بن يسار المزني. وقد روي من غير هذا الوجه أن الله عز وجل لما أظفر سعد بن أبي وقاص بأرض الحيرة وما قاربها كتب إليه عمر بن الخطاب أن ابعث عتبة بن غزوان إلى أرض الهند فإن له من الإسلام مكانا وقد شهد بدرا وكانت الأبلة يومئذ تسمى أرض الهند فلينزلها ويجعلها قيروانا للمسلمين ولا يجعل بيني وبينهم بحرا. فخرج عتبة من الجرة في ثمانمائة رجل حتى نزل موضع البصرة فلما افتتح الأبلة ضرب قيروانه وضرب للمسلمين أخبيتهم وكانت خيمة عتبة من أكسية، ورماه عمر بالرجال فلما كثروا بنى رهط منهم فيها سبعة دساكر من لبن منها في الخريبة اثنتان وفي الزابوقة واحدة وفي بني تميم اثنتان، وكان سعد بن أبي وقاص يكاتب عتبة بأمره ونهيه فأنف عتبة من ذلك واستأذن عمر في الشخوص إليه فأذن له فاستخلف مجاشع بن مسعود السلمي على جنده وكان عتبة قد سيره. في جيش إلى فرات البصرة ليفتحها فأمر المغيرة بن شعبة أن يقيم مقامه إلى أن يرجع قال ولما أراد عتبة الإنصراف إلى المدينة خطب الناس وقال كلاما في آخره وستجربون الأمراء من بعدي قال الحسن فلقد جربناهم فوجدنا له الفضل عليهم. قال وشكا عتبه الى عمر تسلط سعد عليه فقال له وما عليك إذا أقررت بالإمارة لرجل من قريش له صحبة وشرف فامتنع من الرجوع فأبى عمر إلا رده فسقط عن راحلته في الطريق فمات وذلك في سنة ست عشرة. قال ولما سار عتبة عن البصرة بلغ المغيرة إن دهقان ميسان كفر ورجع عن الإسلام وأقبل نحو البصرة وكان عتبة قد غزاها وفتحها فسار إليه المغيرة فلقيه بالمنعرج فهزمه وقتله وكتب المغيرة إلى عمر بالفتح منه فدعا عمر عتبة وقال له ألم تعلمني أنك استخلفت مجاشعا قال نعم قال فإن المغيرة كتب إلي بكذا فقال: إن مجاشعا كان غائبا فأمرت المغيرة بالصلاة إلى أن يرجع مجاشع فقال عمر لعمري إن أهل المدر لأولى أن يستعملوا من أهل الوبر يعني بأهل المدر المغيرة لأنه من أهل الطائف وهي مدينة وبأهل الوبر مجاشعا لأنه من أهل البادية وأقر المغيرة على البصرة. فلما كان مع أم جميلة وشهد القوم عليه بالزنا كما ذكرناه في كتاب المبدأ والمآل من جمعنا استعمل عمر على البصرة أبا موسى الأشعري أرسله إليها وأمره بإنفاذ المغيرة إليه وقيل كان أبو موسى بالبصرة فكاتبه عمر بولايتها وذلك في سنة ست عشرة وقيل في سنة سبع عشرة. وولي أبو موسى والجامع بحاله وحيطانه قصب فبناه أبو موسى باللبن وكذلك دار الإمارة وكان المنبر في وسطه وكان الإمام إذا جاء للصلاة بالناس تخطى رقابهم إلى القبلة فخرج عبد الله بن عامر بن كريز وهو أمير لعثمان على البصرة ذات يوم من دار الإمارة يريد القبلة وعليه جبة خز دكناء فجعل الأعراب يقولون: على الأمير جلد دب. فلما استعمل معاوية زيادا على البصرة قال زياد: لا ينبغي للأمير أن يتخطى رقاب الناس فحول دار الإمارة من الدهناء إلى قبل المسجد وحول المنبر الى صدره فكان الإمام يخرج من الدار من الباب الذي في حائط القبلة إلى القبلة ولا يتخطى أحدا وزاد في حائط المسجد زيادات كثيرة وبنى دار الإمارة باللبن وبنى المسجد بالجص وسقفه بالساج فلما فرغ من بنائه جعل يطوف فيه 5وينظر إليه ومعه وجوه البصرة فلم يعب فيه إلا دقة الأساطين قال ولم يؤت منها قط صدع ولا ميل ولا عيب. وفيه يقول حارثة بن بدر الغداني. فأنف عتبة من ذلك واستأذن عمر في الشخوص إليه فأذن له فاستخلف مجاشع بن مسعود السلمي على جنده وكان عتبة قد سيره. في جيش إلى فرات البصرة ليفتحها فأمر المغيرة بن شعبة أن يقيم مقامه إلى أن يرجع قال ولما أراد عتبة الإنصراف إلى المدينة خطب الناس وقال كلاما في آخره وستجربون الأمراء من بعدي قال الحسن فلقد جربناهم فوجدنا له الفضل عليهم. قال وشكا عتبه الى عمر تسلط سعد عليه فقال له وما عليك إذا أقررت بالإمارة لرجل من قريش له صحبة وشرف فامتنع من الرجوع فأبى عمر إلا رده فسقط عن راحلته في الطريق فمات وذلك في سنة ست عشرة. قال ولما سار عتبة عن البصرة بلغ المغيرة إن دهقان ميسان كفر ورجع عن الإسلام وأقبل نحو البصرة وكان عتبة قد غزاها وفتحها فسار إليه المغيرة فلقيه بالمنعرج فهزمه وقتله وكتب المغيرة إلى عمر بالفتح منه فدعا عمر عتبة وقال له ألم تعلمني أنك استخلفت مجاشعا قال نعم قال فإن المغيرة كتب إلي بكذا فقال: إن مجاشعا كان غائبا فأمرت المغيرة بالصلاة إلى أن يرجع مجاشع فقال عمر لعمري إن أهل المدر لأولى أن يستعملوا من أهل الوبر يعني بأهل المدر المغيرة لأنه من أهل الطائف وهي مدينة وبأهل الوبر مجاشعا لأنه من أهل البادية وأقر المغيرة على البصرة. فلما كان مع أم جميلة وشهد القوم عليه بالزنا كما ذكرناه في كتاب المبدأ والمآل من جمعنا استعمل عمر على البصرة أبا موسى الأشعري أرسله إليها وأمره بإنفاذ المغيرة إليه وقيل كان أبو موسى بالبصرة فكاتبه عمر بولايتها وذلك في سنة ست عشرة وقيل في سنة سبع عشرة. وولي أبو موسى والجامع بحاله وحيطانه قصب فبناه أبو موسى باللبن وكذلك دار الإمارة وكان المنبر في وسطه وكان الإمام إذا جاء للصلاة بالناس تخطى رقابهم إلى القبلة فخرج عبد الله بن عامر بن كريز وهو أمير لعثمان على البصرة ذات يوم من دار الإمارة يريد القبلة وعليه جبة خز دكناء فجعل الأعراب يقولون: على الأمير جلد دب. فلما استعمل معاوية زيادا على البصرة قال زياد: لا ينبغي للأمير أن يتخطى رقاب الناس فحول دار الإمارة من الدهناء إلى قبل المسجد وحول المنبر الى صدره فكان الإمام يخرج من الدار من الباب الذي في حائط القبلة إلى القبلة ولا يتخطى أحدا وزاد في حائط المسجد زيادات كثيرة وبنى دار الإمارة باللبن وبنى المسجد بالجص وسقفه بالساج فلما فرغ من بنائه جعل يطوف فيه 5وينظر إليه ومعه وجوه البصرة فلم يعب فيه إلا دقة الأساطين قال ولم يؤت منها قط صدع ولا ميل ولا عيب. وفيه يقول حارثة بن بدر الغداني. بنى زياد لذكر الله مصنعه ** بالصخر والجص لم يخلط من الطين
لولا تعاون أيدي الرافعين له ** إذا ظنناه أعمال الشياطين وجاء بسواريه من الأهواز وكان قد ولى بناءه الحجاج بن عتيك الثقفي فظهرت له أموال لم تكن قبل قيل:
يا حبذا الإمارة ** ولو على الحجارة وقيل إن أرض المسجد كانت تربة فكانوا إذا فرغوا من الصلاة نفضوا أيديهم من التراب فلما رأى زياد ذلك قال لا آمن أن يظن الناس على طول الأيام أن نفض اليد في الصلاة سنة فأمر بجمع الحصى وإلقائه في المسجد الجامع ووظف ذلك على الناس فاشتد الموكلون بذلك على الناس وأروهم حصا انتقوه فقالوا إئتونا بمثله على قدره وألوانه وارتشوا على ذلك. فقال: