وذات ليلة وفي مقهى الشموع بعد لقاء حلـّو مع فاتنتي الجميلة انتهى باضطرارها للرحيل تلبية لتحذيرات صديقتها من تأخر الوقت وتذكرتها بأن أهلها سيلحون بالسؤال عنها ..
خرجت معها و تركتني ألملم بقايا اللقاء الجميل وأنا أرشف فنجان القهوة البارد ,لكني فوجئت بمؤمن يسحب الكرسي ليواجهني على الطاولة وهو يضحك قائلاً:
ـ أشربها طاهرة ..أ لم أقل لك أني سأراك ـ أنا أفي دائماً بوعودي ـ.
ـ أنت إنسانٌ غريب الأطوار ,كيف تجلس على طاولتي بهذه الهمجية الحمقاء؟!
ـ أنا أملك الحق باحتلال أي مكان تكون فيه..."وعاد يستفزني بنفس الضحكة ".
ـ من أين جئت بهذا الحق " تغلبت على غيظي محاولاً أن أبدو هادئاً".
ـ من صداقتنا أم نسيت أننا أصدقاء..
/أحسست أنه يخفي شيئاً ما خلف تلميحاته هذه ,لم يكن صادقاً ـ أنا متأكدٌ من ذلك/
صرخ مؤمن بوجهي بطريقة تعمد فيها أن يكون همجياً: هيّ أين ذهبت
ما كان مني إلا أن التفت إليه بهدوء المحققين لأسأله : ما أدراك أني هنا؟
ـ لا يهم... المهم هل تريد سماع تتمة القصة ?
ـ "عرف كيف يستغل ادعائي باللامبالاة فأجبرني على الاستماع بصمت " يالك من ذكي حسنٌ سأسمع..
طلب فنجان قهوة وأشعل سيجارة وهمّ بالكلام:
قلت لك أني تركتها وذهبت في تلك الليلة ,ولكني سرعان ما عدت لأراها بعد أن تعرفت على كل شيء يمد إليها بصلة
نون المنديل الوردي :طالبة جامعية تدرس خلف مقاعد السنة الثانية وتقطن في شقة بإحدى الأبنية العالية في الحي المجاور.
دخلت مرة ًمقصف الجامعة لأراها جالسة وحدها تشرب الليمون الطازج ـ أذكر ذاك اليوم تماماًـ
سحبت الكرسي بهدوء وأنا أقول لها :هل لي مكانٌ هنا ؟
رفعت رأسها بهدوء من وسط المعجم الكبير الذي تقرأ فيه,لتفاجئ بوجودي فوق رأسها أهمّ بالجلوس
ـ أكرر سؤالي :هل لي مكان ?
ـ بالتأكيد "قالتها بارتباك شديد " أنت تحتل مكاناً مميزاً في قلبي فكيف أعز عليك كرسياً كهذا...........
ـ ما رأيك أن نترك هذا المكان فأنا أحس أن عيون الجميع تراقبنا..
ـ معك حق..
"خرجنا نتمشى بالحديقة, انسابت أصابعي لتغوص في راحة يدّها,فرحت أشهد الشمس والغيوم أني غارقٌ في بحور هواها..وأن دونها الدنيا إن وافقت أن تكون معي.
وهي تؤكد لي أني أول عهدها بالهوى وقبلي لم يكن لها لا حبيب ولا عشيق وراحت تستحلف زنابق الحب على درب الهوى والوردة البيضاء التي في شعرها الكستنائي أن تخبرني بأن عالم العشق هذا جديدٌ على قلبها الخالي
صدقتها وصدّقت ثقتي بها ونحن نغدّو في غابات الفرح كطيور في الفضا..زاهدين فيما سيأتي ,ناسين ما قد مضى...
تتابعت اللقاءات واستفحل الوّد بيننا رباطاً وثيقاً لا تفكه قوة على وجه المعمورة ٌ
لكن الأمر لم يطل بنا في ملاجئ السرية والكتمان لأن عيوننا سرعان ما فضحت ما حاولنا إخفائه في قلوبنا العاشقة
فلم يعّّّد خفياً على أحد أني وصاحبة المنديل غارقين حتى شحمتا أذنينا بالحب ,بل وصار بعض الأصدقاء ينادوني ب/ميم فارس الليل/
رغم جهلهم لهويتها الحقيقية التي تعمدّت إخفائها عن الجميع حتى مالك أعز أصدقائي ـ كنت أستلذ بالاحتفاظ بهذا السر..هذا الكنز الذي لا يقدره حق قدره أحدٌ سواي ـولكن ما الضير أن عرفت الأكوان أني هائمٌ في هوى
نون المنديل الوردي
استسلمت أمام إلحاح/مالك/ الشديد خصوصاً بعد أن واجهني بإطلاعه على كمّ ليث بالهين من خفايا وأسرار قصة غرامي ,فهدمت قلعة الكتمان وبدافع من ثقتي به وبصداقته رسمت له ,بل أكملت أمامه الصورة كاملة ً