فانطلقا حتى أتيا أهلَ قرية استطعما أهلها، فلم يجدا أحدًا يطعمهم ولا يسقيهم، فوجدا فيها جدارًا يريد أن ينقضّ فأقامه بيده - قال: مسحه بيده - فقال له موسى: لم يُضيفونا ولم ينزلونا، " لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أجْرًا ". " قَالَ هذا فِراقٌ بَيْنِي وَبَيْنِكَ " قال: فقال رسول الله : " لوددت أنه كان صبَر حتى يقصّ علينا قصصهم ".
حدثني العباس بن الوليد، قال: أخبرني أبي قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس: أنه تمارى هو والحُرّ بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى، فقال ابن عباس: هو الخضر، فمر بهما أبي بن كعب، فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى عليه السلام الذي سأل السبيلَ إلى لقائه، فهل سمعت رسول الله يذكر شأنه؟ قال: نعم إني سمعت رسول الله يقول: " بينا موسى عليه السلام في ملأِ من بني إسرائيل، إذ جاءه رجل فقال: تعلم مكان أحد اعلم منك؟ قال موسى: لا، فأوحى إلى موسى: بَلى عبدنا الخَضِر، فسأل موسى السبيلَ إلى لقائه، فجعل الله الحوت آية، وقال له: إذا افتقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه، فكان موسى يتبع أثر الحوت، - في البحر فقال فتى موسى لموسى: " أرأيْت إذْ أوَيْنا إلى الصخرةِ فإني نسيتُ الحوتَ " -، وقال موسى: " ذلك ما كُنّا نَبْغِ فارتدَّا على آثارهما قصَصًا "، فوجدا الخضر، فكان من شأنهما ما قصّ الله في كتابه ".
حدثني محمد بن مرزوق قال: حدثنا حجاج بن المنهال، قال: حدثنا عبد الله بن عمر النيمري، عن يونس بن يزيد، قال: سمعت الزهري يحدث قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس: أنه تمارى هو والحُرّ بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى، فذكر نحو حديث العباس عن أبيه.
حدثنا محمد بن مسعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس؛ قوله: " وإذْ قال موسى لفتاهُ لا أبْرَحُ حتى أبْلُغَ مجْمَعَ البحرينِ.. " الآية، قال: لما ظهر موسى وقومه على مصر نزل قومه مصر، فلما استقرت بهم الدار، أنزل الله عز وجل عليه: أن ذكِّرهم بأيام الله. فخطب قومه، فذكَر ما آتاهم الله من الخير والنعمة، وذكَّرهم إذ أنجاهم الله من آل فرعون، وذكّرهم هلاك عدوهم، وما استخلفهم الله في الأرض، فقال: وكلم الله موسى نبيكم تكليمًا، واصطفاني لنفسه، وأنزل على محبة منه، وآتاكم الله من كل ما سألتموه، فنبيكم أفضل أهل الأرض وأنتم تقرؤون التوراة. فلم يترك نعمة أنعمها الله عليهم إلا ذكرها وعرّفها إياهم، فقال له رجل من بني إسرائيل: هو كذلك يا نبي الله، وقد عرفْنا الذي تقول، فهل على الأرض أحدٌ أعلم منك يا نبي الله؟ قال: لا، فبعث الله عز وجل جبرئيل عليه السلام إلى موسى عليه السلام فقال: إن الله تعالى يقول: وما يدريك أين أضع علمي؟ بلى إن على شطّ البحر رجلًا أعلم منك - قال ابن عباس: هو الخضر - فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه أن ائت البحر، فإنك تجد على شط البحر حوتًا فخذه فادفعه إلى فتاك ثم الزم شطّ البحر، فإذا نسيت الحوت وهلك منك، فثمّ تجد العبد الصالح الذي تطلب.
فلما طال سفر موسى نبي الله ونصب فيه، سأل فتاه عن الحوت، فقال له فتاه وهو غلامه: " أرأيت إذْ أويْنا إلى الصخرةِ فإني نسيت الحوتَ، وما أنسانيه إلا الشيطانُ أنْ أذكُره " لك. قال الفتى: لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربًا. فأعجب ذلك موسى فرجع حتى أتي الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى، وجعل موسى يقدّم عصاه يفرج بها عنه الماء، يتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئًا من الماء إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نبي الله صلى الله عليه يعجب من ذلك حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر، فلقي الخضر بها، فسلّم عليه، فقال الخضر: وعليك السلام، وأنى يكون هذا السلام بهذه الأرض! ومن أنت؟ قال: أنا موسى، فقال له: الخضر صاحب بني إسرائيل؟ قال: نعم، فرحَّب به وقال: ما جاء بك؟ جئت على أن تعلّمني مما علمت رشدًا، قال: " إنك لن تستطيعَ معيَ صبرًا "، يقول: لا تطيق ذلك، قال موسى: " ستجدُني إنْ شاء اللهُ صابرًا ولا أعصي لك أمرًا ". قال: فانطلق به، وقال له: لا تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله: " حتى أُحْدِثَ لك منه ذِكْرًا ". فركبا في السفينة يريدان أن يتعديا إلى البرّ، فقال الخضر، فخرق السفينة فقال له موسى: أخرقْتَها لتُغرِقَ أهلها لقد جئتَ شيئًا إمْرًا ".. ثم ذكر بقية القصّة.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يعقوب القُمّي، عن هارون بن عنترة عن أبيه، عن ابن عباس قال: سأل موسى عليه السلام ربه عز وجل فقال: أي ربّ؛ أيُّ عبادك أحبُّ إليك؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني، قال: فأي عبادك أقضى؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى، قال أي ربٍّ، أيُّ عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علْم الناس إلى علمه، عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى، أو تردّه عن ردّي، قال: ربّ فهل في الأرض أحد - قال أبو جعفر أظنه قال: أعلم مني؟ قال: نعم، قال: ربّ، فمن هو؟ قال: الخضر، قال: وأين أطلبه؟ قال: على الساحل، عند الصخرة التي ينفلت عندها الحوت، قال: فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكره الله عز وجل وانتهى موسى إليه عند الصخرة، فسلّم كلُّ واحد منهما على صاحبه، فقال له موسى: إني أريد أن تستصحبني، قال: لن تطيق صحبتي، قال: بلى، قال: فإن صحبتي " فلا تسألني عن شيء حتى أحْدِثَ لك منه ذِكْرًا، فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقَها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئًا إمْرًا، قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا، قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا تُرهقْني من أمري عُسْرًا، فانطلقا حتى إذا لقيا غُلامًا فقتله قال أقتلْتَ نَفْسًا زاكيةً بغير نفْسٍ لقد جئت شيئًا نُكْرًا "، إلى قوله: " لاتّخذت عليه أجرًا ".
قال: فكان قول موسى في الجدار لنفسه " لاتّخذت عليه أجرًا " ولطلب شيء من الدنيا، وكان قوله في السفينة وفي الغلام لله عز وجل. " قال هذا فراق بيني وبينك سأُنبِّئك بتأويلِ ما لم تستطعْ عليه صبرًا "، فأخبره بما قال الله: " أما السفينة فكانت لمساكينَ.. " الآية، " وأما الغلام.. " الآية، " وأما الجدارُ.. " الآية. قال: فسار به في البحر حتى انتهى به إلى مجمع البحرين، وليس في الأرض مكان أكثر ماءً منه، قال: وبعث ربك الخُطّاف، فجعل يستقي منه بمنقاره، فقال لموسى: كم ترى هذا الخُطّاف رزأ من هذا الماء؟ قال: ما أقلّ ما رزأ! قال: يا موسى فإنّ علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخُطّاف من هذا الماء. وكان موسى عليه السلام قد حدث نفسه أنه ليس أحدُ أعلمَ منه، أو تكلم به؛ فمن ثَمّ أمِر أن يأتي الخضر.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن الحسن بن عُمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن سعيد بن جبير، قال: جلست عند ابن عباس وعنده نفرٌ من أهل الكتاب، فقال بعضهم: يا أبا العباس إن نَوْفًا ابن امرأة كعب، ذكر عن كعب أن موسى النبي عليه السلام الذي طلب العالم إنما هو موسى بن منشا. قال سعيد: فقال ابن عباس: أنوْفٌ يقول هذا؟ قال سعيد: فقلت له: نعم، أنا سمعت نوْفًا يقول ذلك، قال: أنت سمعته يا سعيد؟ قال: قلت: نعم، قال: كذب نوْف. ثم قال ابن عباس: حدثني أبي بن كعب عن رسول الله أن موسى نبي إسرائيل سأل ربه تبارك وتعالى فقال: أي رب، إن كان في عبادك أحدٌ أعلم مني فادللني عليه، فقال له: نعم في عبادي مٍنْ هو أعلم منك، ثم نعَت له مكانه، وأذن له في لقائه، فخرج موسى عليه السلام ومعه فتاه، ومعه حوت مليح قد قيل له: إذا حَيِيَ هذا الحوت في مكان فصاحبك هنالك، وقد أدركتَ حاجتهم.
فخرج موسى ومعه فتاه، ومعه ذلك الحوت يحملانه، فسار حتى جهده السير، وانتهى إلى الصخرة وإلى ذلك الماء وذلك الماء، ماء الحياة، مَنْ شرب منه خُلِّد، ولا يقاربه شيء ميت إلا أدركته الحياة وحيي. فلما نزلا منزلًا ومسّ الحوتُ الماء حيي، فاتخذ سبيله في البحر سربًا، فانطلق فلما جاوزا بمنقلة قال موسى لفتاه: " آتِنا غَذاءَنا لقد لَقَينا منْ سفرِنا هذا نصَبًا ". قال الفتى وذكر: " أرأيت إذ أويْنا إلى الصخرة فإني نسيتُ الحوتَ وما أنسانيه إلا الشيطان أنْ أذكُرَه واتخذ سبيلَه في البحر عجبًا ". قال ابن عباس: وظهر موسى على الصخرة حتى انتهيا إليه، فإذا رجل متلفّف في كساء له، فسلم عليه موسى، فرد عليه السلام، ثم قال له: ومنْ أنت؟ قال: أنا موسى ابن عمران، قال: صاحب بني إسرائيل؟ قال: نعم أنا ذلك، وما جاء بك إلى هذه الأرض؛ أنْ لك في قومك لشُغْل! قال له موسى: جئتك لتعلّمني مما عُلّمت رشدًا، قال: إنك لن تستطيع معي صبرًا، وكان رجلًا يعمل على الغيب قد علم ذلك، فقال موسى: بلى، قال: " وكيف تصبر على ما لم تُحط به خُبْرًا "، أي إنما تعرف ظاهر ما ترى من العدل ولم تُحط من علم الغيب بما أعلم. " قال ستجدني إنْ شاء الله صابرًا ولا أعصي لك أمْرًا " وإن رأيتُ ما يخالفني. قال: " فإن اتَّبعْتَني فلا تسألني عن شيءٍ حتى أحْدِثَ لك منه ذِكْرًا "، أي فلا تسألني عن شيء وإن أنكرته حتى أحدث لك منه ذكرًا، أي خبرًا. فانطلقا يمشيان على ساحل البحر يتعرّضان الناس، يلتمسان منْ يحملهما حتى مرّت بهما سفينة جديدة وثيقة، لم يمرّ بهما شيء من السفن أحسن ولا أجمل ولا أوثق منها، فسألا أهلها أن يحملوهما، فحملوهما، فلما اطمأنّا فيها، ولجّجت بهما مع أهلها، أخرج منقارًا ومطْرقة، ثم عمد إلى ناحية منها فضرب فيها بالمنقار حتى خرقها، ثم أخذ لوحًا فطبّقه عليها، ثم جلس عليها يرقعها، قال له موسى: فأي أمر أفظع من هذا! " أخرقتها لتُغرِق أهلها لقد جئت شيئًا إمْرًا "! حملونا وآوونا إلي سفينتهم، وليس في البحر سفينة مثلها، فلم خرقتها! قال: " ألم أقلْ إنك لن تستطيعَ معيَ صبْرًا، قال لا تؤاخذْني بما نسيت "، أي بما تركت من عهدك " ولا ترهِقْني منْ أمْري عُسرًا ". ثم خرجا من السفينة، فانطلقا حتى أتيا أهلَ قرية، فإذا غلمان يلعبون، فيهم غلامٌ ليس في الغلمان غلام أظرفُ ولا اترفُ ولا أوضأ منه، فأخذ بيده وأخذ حجرًا فضرب به رأسه حتى دمغه فقتله. قال: فرأى موسى أمرًا فظيعًا لا صبْرَ عليه، صبي صغير قتله بغير جناية ولا ذنب له! فقال: " أقتلت نفْسًا زاكية بغير نفسٍ "، أي صغيرة بغير نفس، " لقد جئت شيئًا نُكرًا، قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معيَ صبرًا، قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تُصاحبْني قد بلغتَ منْ لدُنِّي عُذرًا "، أي قد أعذرت في شأني. " فانطلقا حتى أتيا أهلَ قرية استطعما أهلَها فأَبْوا أن يُضيفوهما فوَجَدا فيها جدارًا يريدُ أن ينقضَّ فأقامه:، فهدمه ثم قعد يبينه، فضجر موسى مما رآه يصنع من التكلف لما ليس عليه صبر، فقال: " لو شئت لاتخذت عليه أجرًا " أي قد استطعمناهم فلم يُطعمونا، واستضفناهم فلم يُضيفونا، ثم قعدت تعمل في غير صنيعة، ولو شئت لأعطيت عليه أجرًا في عمله " قال هذا فِراقٌ بيني وبينكً سأُنبِّئُك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرًا، أما السفينة فكانت لمساكينَ يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملِكٌ يأخذ كل سفينةٍ - وفي قراءة أبي بن كعب: كلَّ سفينة صالحة - غصبًا "، وإنما عبتها لأردّه عنها، فسلمتْ منه حين رأى العيب الذي صنعتُ بها. " وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخَشَيْنا أن يُرهقَهما طُغيَانًا وكُفْرًا، فأردنا أن يُبْدِلُهُما ربُّهُما خيرًا منهُ زكاةً وأقربَ رُحْمًا، وأما الجدارُ فكان لغُلامين يتيمين في المدينةِ وكان تحته كنزٌ لهُما وكان أبُهُما صالحًا " - إلى - " ما لم تستطع عليه صبرًا ". فكان ابن عباس يقول: ما كان الكنز إلا علمًا.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن الحسن بن عُمارة، عن أبيه، عن عكرمة، قال: قيل لابن عباس: لم نسمع لفتى موسى بذكر من حديث وقد كان معه! فقال ابن عباس فيما يذكر من حديث الفتى، قال: شرب الفتى من ماء الخلد فخلِّد، فأخذه العالم فطابق به سفينة، ثم أرسله في البحر، فإنها لتموج به إلى يوم القيامة، وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه فشرب.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، عن شعبة، عن قتادة، قوله: " فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتَهما "، ذُكر لنا أن نبي الله موسى لما قطع البحر وأنجاه الله من آل فرعون، جمع بني إسرائيل فخطبهم فقال: أنتم خيرُ أهل الأرض وأعلمُهم قد أهلك الله عدوكم، وأقطعكم البحر وأنزل عليكم التوراة، قال: فقيل له: إن ها هنا رجلًا هو أعلم منك قال: فانطلق هو وفتاه يوشع بن نون يطلبانه، فتزودا مملوحة في مكتل لهما، وقيل لهما: إذا نسيّمًا ما معكما لقيتما رجلًا عالمًا يقال له الخضر، فلما أتيا ذلك المكان، رد الله إلى الحوت روحَه فسرَّب له من الجُدّ حتى أفضى إلى البحر، ثم سلك فجعل لا يسلك فيه طريقًا إلا صار ماء جامدًا، قال: ومضى موسى وفتاه، يقول الله عز وجل: فلما جاوزوا قال لفتاه آتنا غَذاءنا لقد لقِينا من سفرنا هذا نصَبًا " - إلى قوله -: " وعلّمناه منْ لدُنّا عِلمًا "، فلقيا رجلًا عالمًا يقال له الخِضر، فذُكر لنا أن نبي الله قال: إنما سمي الخِضر خضرًا لأنه قعد على فروة بيضاء فاهتزّت به خضراء.
فهذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله وعن السلف من أهل العلم تنبئ عن أن الخِضرَ كان قبل موسى وفي أيامه، ويدلّ على خطأِ قول من قال: إنه أورميا بن خلقيا، لأن أورميا كان في أيام بختنصّر، وبين عهدي موسى وبختنصّر من المدة ما لا يشكل قدرها على أهل العام بأيام الناس وأخبارهم؛ وإنما قدمنا ذكره وذكر خبره لأنه كان في عهد أفريدون فيما قيل؛ وإن كان قد أدرك على هذه الأخبار التي ذكرت من أمره وأمر موسى وفتاه أيام منُوشهر وملكه، وذلك أن موسى إنما نُبّئ في عهد منوشهر، وكان ملك منوشهر بعد ما ملك جده أفريدون، فكلّ ما ذكرنا من أخبار مَن ذكرنا أخباره من عهد إبراهيم إلى الخبر عن الخضر عليهما السلام، فإن ذلك كله - فيما ذكر - كان في ملك بِيُورَاسب وأفريدون، وقد ذكرنا فيما مضى قبل أخبارَ أعمارهما ومبلغهما ومدة كل واحد منهما.
ونرجع الآن إلى