. حدثنا عبيد الله بن سعيد الزهري، قال: حدثني عمي يعقوب بن إبراهيم قال: حدثني سيف بن عمر - وكتب بذلك إلى السري يقول: حدثنا شعيب ابن إبراهيم التميمي، عن سيف بن عمر التميمي الأسيدي - قال: حدثنا عبد الله بن سعيد بن ثابت بن الجذع الأنصاري، عن عبيد مولي رسول الله ص عن أبي مويهبة مولي رسول الله، قال: لما انصرف النبي ص إلى المدينة بعد ما قضى حجة التمام، فتحلل به السير، وطارت به الأخبار لتحلل السير بالنبي ص؛ أنه قد اشتكى؛ فوثب الأسود باليمن ومسيلمة باليمامة؛ وجاء الخبر عنهما للنبي ص، ثم وثب طليحة في بلاد بني أسد بعد ما أفاق النبي، ثم اشتكى في المحرم وجعه الذي توفاه الله فيه. خروج الأمراء والعمال على الصدقات

قال أبو جعفر: وفرق رسول الله ص في جميع البلاد التي دخلها الإسلام عمالًا على الصدقات. فحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، قال: كان رسول الله قد بعث أمراءه وعماله على الصدقات، على كل ما أوطأ الإسلام من البلدان؛ فبعث المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة إلى صنعاء؛ فخرج عليه العنسي وهو بها، وبعث زياد بن لبيد أخا بني بياضة الأنصاري إلى حضرموت على صدقتها، وبعث عدي بن حاتم على الصدقة؛ صدقة طئ وأسد، وبعث مالك بن نويرة على صدقات بني حنظلة، وفرق صدقة بني سعد على رجلين منهم، وبعث العلاء بن الحضرمي على البحرين، وبعث علي بن أبي طالب إلى نجران ليجمع صدقاتهم، ويقدم عليه بجزيتهم..
حجة الوداع

فلما دخل ذو القعدة من هذه السنة - أعني سنة عشر - تجهز النبي إلى الحج، فأمر الناس بالجهاز له. فحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق؛ عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي ، قالت: خرج النبي إلى الحج لخمس ليال بقين من ذي القعدة، لا يذكر ولا يذكر الناس إلا الحج؛ حتى إذا كان بسرف، وقد ساق رسول الله معه الهدى وأشراف من أشراف الناس، أمر الناس أن يحلوا بعمرة إلا من ساق الهدى، وحضت ذلك اليوم؛ فدخل علي وأنا أبكي؛ فقال: مالك يا عائشة؟ لعلك نفست! فقلت: نعم، لوددت أني لم أخرج معكم عامي هذا في هذا السفر، قال: لا تفعلي؛ لا تقولن ذلك؛ فإنك تقضين كل ما يقضي الحاج؛ إلا أنك لا تطوفين بالبيت. قالت: ودخل رسول الله ص مكة؛ فحل كل من كان لا هدى معه، وحل نساؤه بعمرة؛ فلما كان يوم النحر أتيت بلحم بقر كثير، فطرح في بيتي، قلت: ما هذا؟ قالوا: ذبح رسول الله عن نسائه البقر؛ حتى إذا كانت ليلة الحصبة، بعثني رسول الله مع أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، لأقضي عمرتي من التنعيم مكان عمرتي التي فاتتني.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، قال: بعث رسول الله ص علي بن أبي طالب إلى نجران، فلقيه بمكة؛ وقد أحرم؛ فدخل علي على فاطمة ابنة رسول الله، فوجدها قد حلت وتهيأت، فقال: مالك يا ابنة رسول الله؟ قالت: أمرنا رسول الله أن نحل بعمرة؛ فأحللنا، قال: ثم أتى رسول الله ص، فلما فرغ من الخبر عن سفره، قال له رسول الله: انطلق فطف بالبيت، وحل كما حل أصحابك، فقال: يا رسول الله، إني قد أهللت بما أهللت به؛ قال: ارجع فاحلل كما حل أصحابك، قال: قلت: يا رسول الله، إني قلت حين أحرمت: اللهم إني أهللت بما أهل به عبدك ورسولك؛ قال: فهل معك من هدى؟ قال: قلت: لا، قال: فأشركه رسول الله ص في هديه وثبت على إحرامه مع رسول الله؛ حتى فرغا من الحج، ونحر رسول الله الهدى عنهما.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يحيى ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، قال: لما أقبل علي بن أبي طالب من اليمن ليلقي رسول الله بمكة تعجل إلى رسول الله، واستخلف على جنده الذين معه رجلًا من أصحابه، فعمد ذلك الرجل، فكسا رجالًا من القوم حللًا من البز الذي كان مع علي بن أبي طالب؛ فلما دنا جيشه؛ خرج علي ليلقاهم؛ فإذا هم عليهم الحلل، فقال: ويحك ما هذا! قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس، فقال: ويلك! انزع من قبل أن تنتهي إلى رسول الله. قال: فانتزع الحلل من الناس، وردها في البز؛ وأظهر الجيش شكاية لما صنع بهم.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم، عن سليمان بن محمد بن كعب ابن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة - وكانت عند أبي سعيد الخدري - عن أبي سعيد، قال: شكا الناس علي بن أبي طالب، فقام رسول الله فينا خطيبًا، فسمعته يقول: يأيها الناس؛ لا يشكوا عليًا، فو الله إنه لأخشى في ذات الله - أو في سبيل الله - من أن يشكي.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، قال: ثم مضى رسول الله ص على حجه؛ فأرى الناس مناسكهم، وأعلمهم سنن حجهم؛ وخطب الناس خطبته التي بين للناس فيها ما بين، فحمد الله وأثنى عليه؛ ثم قال: أيها الناس، اسمعوا قولي؛ فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، بهذا الموقف أبدًا. أيها الناس؛ إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام؛ إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا، وحرمة شهركم هذا؛ وستلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم. وقد بلغت، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها. وإن كل ربًا موضوع، ولكم رءوس أموالكم، لا تظلمون ولا تظلمون. قضى الله أنه لا ربا. وإن ربا العباس بن عبد الطلب موضوع كله، وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وإن أول دم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب - وكان مسترضعًا في بني ليث، فقتلته بنو هذيل - فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية.