حدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف - وأخبرنا عبيد الله، قال: أخبرني عمي، قال: حدثنا سيف - عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: خرج أبو بكر إلى الجرف، فاستقرى أسامة وبعثه، وسأله عمر فأذن له، وقال له: اصنع ما أمرك به نبي الله ص، ابدأ ببلاد قضاعة ثم إيت آبل، ولا تقصرن في شيء من أمر رسول الله ص، ولا تعجلن لما خلفت عن عهده. فمضى أسامة مغذًا على ذي المروة والوادي، وانتهى إلى ما أمره به النبي ص من بث الخيول في قبائل قضاعة والغارة على آبل، فسلم وغنم، وكان فراغه في أربعين يومًا سوى مقامه ومنقلبه راجعًا.
فحدثني السري بن يحيى، قال: حدثنا شعيب، عن سيف - وحدثنا عبيد الله، قال: أخبرنا عمي، قال: أخبرنا سيف - عن موسى بن عقبة، عن المغيرة بن الأخنس.
وعنهما، عن سيف، عن عمرو بن قيس، عن عطاء الخراساني مثله.
بقية الخبر عن أمر الكذاب العنسي

كان رسول الله جمع - فيما بلغنا - لباذام حين أسلم وأسلمت اليمن عمل اليمن كلها، وأمره على جميع مخالفيها، فلم يزل عامل رسول الله أيام حياته، فلم يعزله عنها ولا عن شيء منها، ولا أشرك معه فيها شريكًا حتى مات باذام، فلما مات فرق عملها بين جماعة من أصحابه.
فحدثني عبيد الله بن سعد الزهري، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا سيف - وحدثني السري بن يحيى، قال: حدثنا شعيب بن إبراهيم، عن سيف - قال: حدثنا سهل بن يوسف، عن أبيه، عن عبيد بن صخر ابن لوذان الأنصاري السلمى - وكان فيمن بعث النبي مع عمال اليمن في سنة عشر بعد ما حج حجة التمام: وقد مات باذام، فلذلك فرق عملها بين شهر بن باذام، وعامر بن شهر الهمداني، وعبد الله بن قيس أبي موسى الأشعري، وخالد بن سعيد بن العاص، والطاهر بن أبي هالة، ويعلى بن أمية، وعمر بن حزم، وعلى بلاد حضر موت زياد بن لبيد البياضى وعكاشة بن ثور بن أصغر الغوثي؛ على السكاسك والسكون ومعاوية ابن كندة، وبعث معاذ بن جبل معلمًا لأهل البلدين: اليمن وحضر موت.
حدثني عبيد الله، قال: أخبرني عمي، قال: أخبرني سيف - يعني ابن عمر - عن أبي عمرو مولى إبراهيم بن طلحة، عن عبادة بن قرص بن عبادة، عن قرص الليثي، أن النبي رجع إلى المدينة بعد ما قضى حجة الإسلام، وقد وجه إمارة اليمن وفرقها بين رجال، وأفراد كل رجل بحيزه، ووجه إمارة حضر موت وفرقها بين ثلاثة، وأفرد كل واحد منهم بحيزه، واستعمل عمرو بن حزم على نجران، وخالد بن سعيد بن العاص على ما بين نجران ورمع وزبيد، وعامر بن شهر على همدان، وعلى صنعاء ابن باذام، وعلى عك والأشعريين الطاهر بن أبي هالة، وعلى مأرب أبا موسى الأشعري، وعلى الجند يعلى بن أمية. وكان معاذ معلمًا يتنقل في عمالة كل عامل باليمن وحضرموت؛ واستعمل على أعمال حضر موت؛ على السكاسك والسكون عكاشة بن ثور، وعلى بني معاوية بن كندة عبد الله - أو المهاجر - فاشتكى فلم يذهب حتى وجهه أبو بكر. وعلى حضرموت زياد بن لبيد البياضي، وكان زياد يقوم على عمل المهاجر؛ فمات رسول الله وهؤلاء عماله على اليمن وحضرموت؛ إلا من قتل في قتال الأسود أو مات؛ وهو باذام، مات ففرق النبي العمل من أجله. وشهر ابنه - يعني ابن باذام - فسار إليه الأسود فقاتله فقتله.
وحدثني بهذا الحديث السري، عن شعيب بن إبراهيم، عن سيف. فقال فيه: عن سيف، عن أبي عمرو مولى إبراهيم بن طلحة. ثم سائر الحديث بإسناده مثل حديث ابن سعد الزهري.
قال: حدثني السري، قال: حدثنا شعيب بن إبراهيم، عن سيف، عن طلحة بن الأعلم، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أول من اعترض على العنسى وكاثره عامر بن شهر الهمداني في ناحيته وفيروز ودا ذويه في ناحيتهما، ثم تتابع الذين كتب إليهم على ما أمروا به.
حدثنا عبيد الله بن سعد، قال: أخبرنا عمي، قال: أخبرني سيف، قال. وحدثنا السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف - عن سهل بن يوسف، عن أبيه، عن عبيد بن صخر، قال: فبينا نحن بالجند قد أقمناهم على ما ينبغي؛ وكتبنا بيننا وبينهم الكتب، إذ جاءنا كتاب من الأسود: أيها المتوردون علينا، أمسكوا علينا ما أخذتم من أرضنا، ووفروا ما جمعتم؛ فنحن أولى به وأنتم على ما أنتم عليه. فقلنا للرسول: من أين جئت؟ قال: من كهف خبان. ثم كان وجهه إلى نجران؛ حتى أخذها في عشر لمخرجه، وطابقه عوام مذحج. فبينا نحن ننظر في أمرنا، ونجمع جمعنا، إذ أتينا فقيل: هذا الأسود بشعوب، وقد خرج إليه شهر بن باذام؛ وذلك لعشرين ليلة من منجمه. فبينا نحن ننتظر الخبر على من تكون الدبرة، إذ أتانا أنه قتل شهرًا، وهزم الأبناء، وغلب على صنعاء لخمس وعشرين ليلة من منجمه. وخرج معاذ هاربًا، حتى مر بأبي موسى وهو بمأرب، فاقتحما حضرموت؛ فأما معاذ فإنه نزل في السكون؛ وأما أبو موسى فإنه نزل في السكاسك مما يلي المفور والمفازة بينهم وبين مأرب، وانحاز سائر أمراء اليمن إلى الطاهر إلا عمرًا وخالدًا؛ فإنهما رجعا إلى المدينة؛ والطاهر يومئذ في وسط بلاد عك بحيال صنعاء. وغلب الأسود على ما بين صهيد - مفازة حضرموت - إلى عمل الطائف إلى البحرين قبل عدن، وطابقت عليه اليمن، وعك بتهامة معترضون عليه؛ وجعل يستطير استطارة الحريق، وكان معه سبعمائة فارس يوم لقي شهرًا سوى الركبان؛ وكان قواده قيس بن عبد يغوث المرادي ومعاوية بن قيس لبجنبي ويزيد بن محرم ويزيد بن حصين الحارثي ويزيد بن الأفكل الأزدي. وثبت ملكه واستغلظ أمره، ودانت له سواحل من السواحل؛ حاز عثر والشرجة والحردة وغلافقة وعدن، والجند؛ ثم صنعاء إلى عمل الطائف، إلى الأحسية وعليب؛ وعامله المسلمون بالبقية، وعامله أهل الردة بالكفر والرجوع عن الإسلام. وكان خليفته في مذحج عمرو بن معد يكرب، وأسند أمره إلى نفر؛ فأما أمر جنده فإلى قيس بن عبد يغوث، وأسند أمر الأبناء إلى فيروز وداذويه.
فلما أثخن في الأرض اسنخف بقيس وبفيروز وداذويه، وتزوج امرأة شهر؛ وهي ابنة عم فيروز؛ فبينا نحن كذلك بحضرموت - ولا نأمن أن يسير إلينا الأسود، أو يبعث إلينا جيشًا، أو يخرج بحضرموت خارج يدعى بمثل ما ادعى به الأسود، فنحن على ظهر، تزوج معاذ إلى بني بكرة؛ حي من السكون، امرأة أخوالها بنو زنكبيل يقال لها رملة، فحدبوا لصهره علينا، وكان معاذ بها معجبًا، فإن كان ليقول فيما يدعو الله به: اللهم ابعثني يوم القيامة مع السكون، ويقول أحيانًا: اللهم اغفر للسكون - إذ جاءتنا كتب النبي ص يأمرنا فيها أن نبعث الرجال لمجاولته أو لمصاولته؛ ونبلغ كل من رجا عنده شيئًا من ذلك عن النبي ص. فقام معاذ في ذلك بالذي أمر به، فعرفنا القوة ووثقنا بالنصر.