









وقام فيروز في حربه، وتجرد لها، وأرسل إلى بني عقيل بن ربيعة بن عامر بن صعصعة رسولًا بأنه متخفر بهم، يستمدهم ويستنصرهم في ثقله على الذين يزعجون أثقال الأبناء، وأرسل إلى عك رسولا يستمدهم ويستنصرهم على الذين يزعجون أثقال الأبناء. فركبت عقيل وعليهم رجل من الحلفاء يقال له معاوية، فاعترضوا خيل قيس فتنقذوا أولئك العيال وقتلوا الذين سيرهم، وقصروا عليهم القرى؛ إلى أن رجع فيروز إلى صنعاء، ووثبت عك؛ وعليهم مسروق، فساروا حتى تنقذوا عيالات الأبناء وقصروا عليهم القرى، إلى أن رجع فيروز إلى صنعاء، وأمدت عقيل وعك فيروز بالرجال فلما أتته أمدادهم - فيمن كان اجتمع إليه - خرج فيمن كان تأشب إليه ومن أمده من عك وعقيل، فناهد قيسًا فالتقوا دون صنعاء، فاقتتلوا فهزم الله قيسًا في قومه ومن أنهضوا، فخرج هاربًا في جنده حتى عاد معهم وعادوا إلى مكان الذي كانوا به مبادرين حين هربوا بعد مقتل العنسي، وعليهم قيس، وتذبذبت رافضة العنسي وقيس معهم فيمتا بين صنعاء ونجران، وكان عمرو بن معد يكرب بإزاء فروة بن مسيك في طاعة العنسي.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن عطية، عن عمرو بن سلمة، قال: وكان من أمر فروة بن مسيك أنه كان قدم على رسول الله، وقال في ذلك:
لما رأيت ملوك حمير أعرضت ** كالرجل خان الرجل عرق نسائها
يممت راحلتي أمام محمد ** أرجو فواضلها وحسن ثنائها
وقال له رسول اللهفيما قال له: هل ساءت ما لقى قومك يوم الرزم يا فروة أو سرك؟ قال: ومن يصيب في قومه بمثل الذي أصبت به في قوم الرزم إلا ساءت ذلك! وكمان يوم الرزم بينهم وبين همدان على يغوث؛ وثن كان يكون في هؤلاء مرة وفي هؤلاء مررة، فأرادت مراد أن تغلبها عليه في مرتهم فقتلهم همدان، ورئيسهم الأجدع أبو مسروق؛ فقال رسول الله
: أما إن ذلك لم يزدهم في الإسلام إلا خيرًا؛ فقال: قد سرني إذ كان ذلك، فاستعمله رسول الله
على صدقات مراد ومن نازلهم أو نزل دارهم. وكان عمرو بن معد يكرب قد فارق قومه سعد العشيرة في بني زبيد وأخلاقها، وانحاز إليهم وأسلم معهم؛ فكان فيهم، فلما ارتد العنسي واتبعه عوام مذحج، اعتزل فروة فيمن أقام معه على الإسلام، وارتدعمرو فيمن ارتد، فخلفه العنسي، فجعله بإزاء فروة، فكان بحياله ويمتنع كل واحد منهما لمكان صابحه من البراح، فكانا ينهاديان الشعر، فقال عمرو يذكر إمارة فروة ويعينبها:
وجدنا ملك فروة شر ملك ** حمارًا ساف منخره بقذر
وكنت إذا رأيت أبا عمير ** ترى الحولاء من خبث وغدر
فأجابه فروة:
أتاني عن أبي ثور كلام ** وقدمًا كان في الأبغال يجري
وكان الله يبغضه قديمًا ** على ما كل من خبث وغدر
فبيناهم كذلك قدم عكرمة أبين.
وكتب إلى السري، عن شعيب، عن سيف، عن سهل، عن القاسم وموسى بن الغصن، عن ابن محيريز، قال: فخرج عكرمة من مهرة سائرًا نحو اليمن حتى ورد أبين، ومعه بشر كثير من مهرة، وسعد بن زيد، والأزد، وناجية، وعبد القيس، وحدبان من بني مالك بن كنانة، وعمرو بن جندب من العنبر، فجمع النخع بعد من أصاب من مدبريهم فقال لهم: كيف كنتم في هذا الأمر؟ فقالوا: كنا في الجاهلية أهل صرنا إلى دين. لا نتعاطى ما يتعاطى العرب بعضها من بعض فكيف بنا إذا ثبت عوامهم وهرب من كان فارق من خاصتهم؛ واستبرأ النخع وحمير، وأقام لإجتماعهم، وأرز قيس بن عبد يغوث لهبوط عكرمة إلى اليمن إلى عمرو بن معد يكرب، فلما ضامه وقع بينهما تنازع، فتعايرا، فقال عمرو بن معد يكرب يعير قيسًا غدره بالأبناء وقتله داذويه، ويذكر فراره من فيروز:
غدرت ولم تحسن وفاء ولم يكن ** ليحتمل الأسباب إلا المعود
وكيف لقيس أن ينوط نفسه ** إذا ما جرى والمضرحي المسود!
وقال قيس:
وفيت لقومي وأحتشدت لمعشر ** أصابوا على الأحياء عمرًا ومرثدا
وكنت لدى الأبناء لما لقيتهم ** كأصيد يسمو بالعزازة أصيدا
وقال عمرو بن معد يكرب:
فما إن داذوى لكم بفخر ** ولكن داذوى فضح الذمارا
وفيروز غداة أصاب فيكم ** وأضرب في جموعكم استجارا
ذكر خبر طاهر حين شخص مددا لفيروز
قال أبو جعفر الطبري رحمة الله: قد كان أبو بكر رحمة الله كتب إلى طاهر بن أبي هالة بالنزول إلى صنعاء وإعانة الأبناء؛ مإلى مسروق، فخرجا حتى أتيا صنعاء، وكتب إلى عبد الله بن ثور بن أصغر، بأن يجمع إليه العرب ومن استجاب له من أهل تهامة، ثم يقيم بمكانه حتى يأتيه أمره.
وكان أول ردة عمرو بن معد يكرب أنه كان مع هخالد بن سعيد فخالفه، واستجاب لأسود، فسار إليه خالد بن سعيد حتى لقيه؛ لافاختلفا ضربتين، فضربه خالد على عاتقه فقطع حمالة سيفه فوقع، ووصلت الضربة إلى عاتقه، وضربه عمرو فلم يصنع شيئًا، فلما أراد خالد أن يثنى عليه نزل فتوقل في الجبل، وسلبه فرسه وسيفه الصمصمامة، والحج عمرو فيمن لحج. وصارت إلى سعيد بن العاص الأصغر مواريث آل سعيد بن العاص الأكبر. فلما ولى الكوفة عرض عليه عمرو ابنته، فلم يقبلها، وأتاه في داره بعده سيوف كان خالدًا أصابها باليمن فقال: أيها فضرب الإكاف فقطعه والبرذعة؛ وأسرع في البغل، ثم رده على سعيد، وقال: لو زرتني في بيتي وهو لي لوهبته لك، فما كنت لأقبله إذ وقع.
كتب إلي السري، عن شعيب، عنسيف، عن المستنير بن يزيد عن عروة بن غزية وموسى، من عند أبي بكر - وكان في آخر من فصل - اتخذ مكة طريقًا، فمر بها فاتبعه خالد بن أسيد، ومر بالطائف فاتبعه عبد الرحمن بن أبي العاص، ثم مضى حتى إذا حاذى جرير بن عبد الله ضمه إليه، وانضم إليه عبد الله بن ثور حين حازاه، ثم قدم على أهل نجران؛ فانضم إليه فروة بم مسيك وفارق عمرو بن معد يكرب قيسًا، وأقبل مستحيبًا؛ حتى دخل على المهاجر على غير أمان؛ فأوثقه المهاجر؛ وأوثق قيسًا، وكتب بحالهما إلى أبي بكر رحمه الله، وبعث بهما إليه. فلما سار المهاجر من نجران إلى اللحجية، والتقت الخيول على تلك الفالة استأمنوا، فأبى أن يؤمنهم، فافترقوا فرقتين؛ فلقى المهاجر إحداهمابعجيب، فأتى عليهم، ولقيت خيوله الأخرى بطريق الأخابث، فأتوا عليهم - وعلى الخيول عبد الله - وقتل الشرداء بكل سبيل، فقدم بقيس وعمرو على أبي بكر، فقال: يا قيس، أع*** على عباد الله تقتلهم وتتخذ المرتدين والمشركين وليجة من دون المؤمنين! وهم بقتلة لووجد أمرًا جليًا. وانتفى قيس من أن يكون قارف من أمر داذويه شيئًا، وكان ذلك عملًا عمل في سر لم يكن به بينه، فتجافى له عن دمه، وقال لعمرو ابن معد يكرب: أما تخزى أنك كل يوم مهزوم أو مأسور! لو نصرت هذا الدين لرفعك الله. ثم خلى سبيله، ورد هما إلى عشائرهما، وقال عمرو: لا جرم! لأقبلن ولا أعود.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن المستنير وموسى قالا: سار المهاجر من عجيب، حتى ينزل صنعاء، وأمر أن يتبعوا شذاذ القبائل الذين هربوا؛ فقتلوا من قدروا عليه منهم كل قتلة، ولم يعف متمردًا، وقبل توبة من أناب من غير المتمرد؛ وعملوا في ذلك على قدر ما رأوا من آثارهم، ورجوا عندهم. وكتب إلى بكر بدخوله صنعاء وبالذي يتبع من ذلك.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)