وحدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن عمارة بن غزية، قال: سألت عبد الرحمن بن القاسم عن اسم أبي بكر الصديق، فقال: عتيق؛ وكانوا إخوة ثلاثة بني أبي قحافة: عتيق ومعتق وعتيق.
ذكر أسماء نساء أبي بكر الصديق رحمه الله

حدث علي بن محمد، عمن حدثه ومن ذكرت من شيوخه، قال: تزوج أبو بكر في الجاهلية قتيلة - ووافقه على ذلك الواقدي زالكلبي - قالوا: وهي قتيلة ابنة عبد العزى بن عبد بن أسعد بن جابر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، فولدت له عبد الله أسماء. وتزوج أيضًا في الجاهلية أم رومان بنت عامر بن عمير بن ذهل بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة - وقال بعضهم: هي أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذنية بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة - فولدت له عبد الرحمن وعائشة فكل هؤلاء الأربعة من أولاده، ولدوا من زوجتيه اللتين سميناهما في الجاهلية.
وتزوج في الإسلام أسماء بنت عميس؛ وكانت قبله عندج جعفر بن أبي طالب؛ وهي أسماء بنت عميس بن معد بن تيم بن الحارث بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بم ربيعة بن عامر بن مالك بن نسر بن وهب الله بن شهران بن عفرس بن حلف بن أفتل - وهو خثعم - فولدت له محمد بن أبي بكر.
وتزوج أيضًا فيالإسلام حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير؛ من بني الحارث بن الخروج؛ وكانت نشأ حين توفي أبو بكر؛ فولدت له بعد وفاته جارية سميت أم كلثوم.
ذكر أسماء قضاته وكتابه وعماله على الصدقات

حدثنا محمد بن عبد الله المخزمي، قال: حدثنا أبو الفتح نصر بن المغيرة، قال قال سفيان - وذكره عم مسعر: لما ولى أبو بكر؛ قال أبو عبيدة: أنا أكفيك المال - يعني الجزاء - وقال عمر: أنا أكفيك القضاء: فمكث عمر سنة لا يأتيه رجلان.
وقال علي بن محمد عن الذين سميت: قال بعضهم: جعل أبو بكر عمر قاضيًا في خلافته، فمكث سنة لم يخاصم إليه أحد.
قال: قالوا: كان يكتب له زيد بن ثابت، ويكتب له الأخبار عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان يكتب له من حضر.
وقالوا: كان عامله على مكة عتاب بن أسيد، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاصي، وعلى صنعاء المهاجر بن أبي أمية، وعلى حضرموت زياد بن لبيد، وعلى خولان يعلى بن أمية؛ وعلى زبيد ورمع أبو موسى الأشعري، وعلى الجند معاذ بن جبل، وعلى البحرين العلاء بن الحضرمي. وبعث جرير بن عبد الله إلى نجران، وبعث بعبد الله بن ثمر؛ أحد بني الغوث إلى ناحية جرش، وبعث عياض بن غنم الفهري إلى دومة الجندل؛ وكان بالشأم أبو عبيدة وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص؛ كل رجل منهم على جند، وعليهم خالد بن الوليد.
ذكر بعض مناقبه

قال أبو جعفر: وكان رضي الله عنه سخيًا لينًا، عالمًا بأنساب العرب؛ وفيه يقول خفاف بن ندبة - وندبة أمه، وأبوه عمير بن الحارث - في مرثبته أبا بكر:
أبلج ذو عرف وذو منكر ** مقسم المعروف رحب الفناء
للمجد في منزله باديًا ** حوض رفيع لم يخنه الإزاء
والله لا يدرك أيامه ** ذو مئزر حاف ولا ذو رداء
من يسع كي يدرك ايامه ** يجتهد الشد بأرض فضاء
وكان - فيما ذكر الحارث، عن ابن سعد، عن عمرو بن الهيثم أبي قطن؛ قال: حدثنا الربيع عن حيان الصائغ، قال: كان نقش خاتم أبي بكر رحمه الله: نعم القادر الله.
قالوا: ولم يعش أبو قحافة بعد أبي بكر إلا ستة أشهر وأيامًا؛ وتوفي في المحرم سنة أربع عشرة بمكة؛ وهو ابن سبع وتسعين سنة.
ذكر استخلافه عمر بن الخطاب

وعقد أبو بكر في مرضته التي توفي فيها لعمر بن الخطاب عقد الخلافة من بعده.
وذكر أنه لما أراد العقد له دعا عبد الرحمن بن عوف؛ فيما ذكر ابن سعد، عن الواقدي، عن ابن سبرة، عن عبد المجيد بن سهيل، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن؛ قال: لما نزل بأبي بكر رحمه الله الوفاة دعا عبد الرحمن بن عوف، فقال: أخبرني عن عمر، فقال: يا خليفة رسول الله، هو والله أفضل من رأيك فيه من رجل؛ ولكن فيه غلطة. فقال أبو بكر: ذلك لأنه يراني رقيقًا، ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيرًا مما هو عليه. ويا أبا محمد قد رمقته، فرأيتني إذا غضبت على الرجل في الشئ أراني الرضا عنه، وإذا لنت له أراني الشدة عليه؛ لا تذكر يا أبا محمد مما قلت لك شيئًا، قال: نعم. ثم دعا عثمان بن عفان، قال: يا أبا عبد الله، أخبرني عن عمر، قال: أنت أخبر به، فقال أبو بكر: على ذاك يا أبا عبد الله! قال اللهم علمني به أن سريرته خير من علانيته؛ وأن يس فينا مثله. قال أبو بكر رحمه الله: رحمك الله يا أبا عبد الله، لا تذكر مما ذكرت لك شيئًا، قال أفعل، فقال له أبو بكر: لو تركته ما وعدتتك، وما أدري لعله تاركه، والخيرة له ألا يلي من أموركم شيئًا، ولوددت أني كنت خلوًا من أموركم؛ وأني كنت فيمن مضى من سلفكم؛ يا أبا عبد الله، لا تذكرون مما قلت لك من أمر عمر، ولا مما دعوتك له شيئًا.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا يونس بن عمرو، عن أبي السفر، قال: أشرف أبو بكر على الماس من كنيفه وأسماء ابنة عميس ممسكته، موشومة اليدين، وهو يقول: أترضون بمن أستخلف عليكم؟ فإني والله ما ألوت من جهد الرأي، ولا وليت ذا قرابة، وإني قد استخلف عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا، فقالوا: سمعنا وأطعنا.
حدثني عثمان بن يحيى، عن عثمان القرقساني، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن إسماعيل، عن قيس، قال: رأيت عمر بن الخطاب وهو يجلس والناس معه، وبيده جريدة، وهو يقول: أيها الناس، اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله ؛ إنه يقول: إني لم آلكم نصحًا. قال: ومعه مولى لأبي بكر يقال له: شديد، معه الصحيفة التي فيها استخلاف عمر.
قال أبو جعفر: وقال الواقدي: حدثني إبراهيم بن أبي النضر، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، قال: دعا أبو بكر عثمان خاليًا، فقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين؛ أما بعد. قال: ثم أغمى عليه، فذهب عنه، فكتب عثمان: أما بعد؛ إني قد استخلف عليكم عمر بن الخطاب، ولم آلكم خيرًا منه، ثم أفاق أبو بكر، فقال: اقرأ على، فقرأ عليه، فكبر أبو بكر، وقال: أراك خفت أن يختلف الناس إن افتلتت نفسي في غشيتى! قال: نعم، قال: جزاك الله خيرًا عن الإسلام وأهله، وأقرها أبو بكر رضي الله عنه من هذا الموضع.
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثنا الليث بن سعد، قال: حدثنا علوان، عن صالح بن كيسان، عن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، أنه دخل على أبي بكر الصديق رضى الله تعالى عنه في مرضه الذي توفي فيه؛ فأصابه مهتمًا، فقال له عبد الرحمن: أصبحت والحمد لله بارئًا! فقال أبو بكر رضي الله عنه: أتراه؟ قال: نعم، قال: إني وليت أمركم خيركم في نفسي؛ فكلكم ورم أنفه من ذلك، يريد أن يكون الأمر لخ دونه،؛ ورأيتم الدنيا قد أقبلت ولما تقبل، وهي مقبلة حتى تتخذوا ستور الحرير ومنضائد الديباج، وتألموا الإضطجاع على الصوف الأذري؛ كما يألم أحدكم أن ينام على حسك؛ والله لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد خير له من أن يخوض في غمرة الدنيا وأنتم أول ضال بالناس غدًا، فتصدونهم عن الطريق يمينًا وشمالًا. يا هادي الطريق، إنما هو الفجر أو البجر، فقلت له: خفض عليك رحمك الله؛ فإن هذا يهيضك في أمرك. إنما الناس في أمرك بين رجلين: إما رجل رأى ما رأيت فهو معك، وإما رجل خالفك فهو مشير عليك وصاحبك كما تحب؛ ولا نعلمك أردت إلا خيرًا، ولم تزل صالحًا مصلحًا، وأنك لا تأسى على شئ من الدنيا. قال أبو بكر رضي الله عنه: أجل، إني لا آسى على شئ من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني تركتهن، وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن؛ وثلاث وددت أني سألت عنهن رسول الله . فأما الثلاث اللاتي وددت أني تركتهن؛ فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شئ. وإن كانوا قد غلقوه على الحرب، ووددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمي، وأني كنت قتلته سريحًا أو خليته نجيحًا. ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين - يريد عمر وأبا عبيدة - فكان أحدهما أميرًا؛ وكنت وزيرًا. وأما اللاتي تركتهن؛ فوددت أني يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيرًا كنت ضربت عنقه، فإنه تخيل إلى أنه لا يرى شرًا إلا أعان عليه. ووددت أني حين سيرت خالد بن الوليد إلى أهل الردة؛ كنت أقمت بذي القصة؛ فإن ظفر المسلمون ظفروا، وإن هزموا كنت بصدد لقاء أو مددًاز ووددت أني كنت إذا وجهت خالد بن الوليد إلى الشأم كنت وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق؛ فكنت قد بسطت يدي كليتهما في سبيل الله - ومد يديه - ووددت أني كنت سألت رسول الله : لمن هذا الأمر؟ فلا ينازعه أحد؛ ووددت أني كنت سألته: هل للأنصار في هذا الأمر نصيب؟ ووددت أني كنت سألته عن ميراث ابنة الأخ والعمة؛ فإن في نفسي منهما شيئًا.
قال لي يونس: قال لنا يحيى: ثم قدم علينا علوان بعد وفاة الليث، فسألته عن هذا الحديث، فحدثني به كما حدثني الليث بن سعد، وسألته عن اسم أبيه، فأخبرني أنه علوان بن داود.
وحدثني محمد بن إسماعيل المرادي، قال: حدثنا عبد الله بن صالح المصري، قال حدثني الليث، عن علوان بن صالح، عن صالح بن كيسان، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف؛ أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه، قال - ثم ذكر نحوه، ولم يقل فيه: عن أبيه.