وخارت قواي لكني ما لبثت بالنهوض لأتهجم على الطبيب متهماً إياه بقتل مجد وبعجزه عن مساعدته حتى أني سرقت مشرطاً طبياً محاولاً قتله ولما عجزت عن ذلك أمام تكاثر الموجودين عليّ فحاولت قتل نفسي متوسلاً لهم بأن يتركوني أقيم الحد على نفسي لأنني قتلت صديقي عشيت زفافه بإهمالي
لكني غبت عن الوعي بعد أن حقنت عنوة بحقنة مهدأ
وعندما استعدت وعيّ بعد ساعتين مفزوعاً لما رأيت من كوابيس استعيد فيها ذاك المشهد اللعين
نحن قومٌ أعزنا الله عز وجل بالإسلام
انطلقت إلى غرفة مجد فوجدته وقد أراح لله جسده المرح حاول أحد عناصر الشرطة القائم على الحراسة منعي من الدخول إلا أن الضابط أمره بتركي بعد طلب الطبيب منه ذلك وهو يصف له ثورتي عند إسعاف المرحوم
وما إن أراح الرجل يده عني حتى دفعته ليسقط على الأرض منطلقاً بأقصى سرعتي نحو السرير ولكني وقبل أن اصل إليه أحسست بقواي تنهار وأقدامي تفقد القدرة على حملي
نحن قومٌ أعزنا الله عز وجل بالإسلام
فزحفت على ركبي نحوه ورفعت الرداء الأبيض عن وجهه ثم عانقته وأنا أبكي
سائلاً إياه أن يصفح عني ثم قرأت الفاتحة على روحه و أستعوضت الله عز وجل به وأنا أقلب كفاي وخرجت من الغرفة أجر ذيول الحزن و الأسى ورائي
اعتذرت من الطبيب على ما فعلت وما تفوهت به عن غضب , الطبيب الذي هون علي وربّط على كتفي وهو يدعوني رفقة المحقق إلى مكتبه
وهناك وبعد أن قام المحقق بإقفال المحضر الرسمي بسماع شهادتي عهد لي بمهمة إبلاغ أحد أقرباء مجد بتلك الفاجعة لإتمام إجراءات الدفن
اتصلت بخال مجد وهو شابٌ في أوائل العقد الثالث من السنين طلبت منه أن يقابلني عند المدخل الرئيسي لمشفى الحياة إلا أنه أبى أن يترك فراشه في هذا الوقت المتأخر دون أن أعطيه مبرراً قوياً لذلك
كنت لا أزال أصارع ذاتي مكابراً على جرحي لكني استفزني ببروده فنقلت له الخبر المؤسف محملاً بعبرات الأسى
نحن قومٌ أعزنا الله عز وجل بالإسلام
دقائق معدودة كانت كافية لوصول فياض إلى المشفى بلباس النوم ولما تأكد من صحة الخبر وبعد إتمام الإجراءات كانت الساعة قد دخلت على الثانية صباحاً
وضعنا المرحوم بالسيارة قاصدين منزله وفي الطريق تكشفت أمامنا معضلة كبيرة
من سيخبر والدة مجد بنبأ الفاجعة ربما لم أخبرك يا عزيزتي أن مجد هو أحد ثلاث أخوة فقد الأكبر منهم حياته في مجزرة قانا منذ أربع سنوات حيث كان يعمل في الهلال الأحمر الدولي وأصغر لم يبلغ من العمر إلا السنوات العشر
والأب أختار الاغتراب حلاً لمشاكله المادية أما الأم تلك السيدة الفاضلة الحنون جداً لم تزل تحمل في قلبها ذكرى غصة مزقت أحشائها كأي أم ٍ ثكلى على بكرها
أما ماخلا ذاك من أقارب فلا أخوال له سوا فياض وأعمامه يسكنون في إحدى مناطق إدلب المتطرفة
نحن قومٌ أعزنا الله عز وجل بالإسلام
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)