عزف على وتر القوة التي كنت أتباها بها والثقة التي كانت تشبعني تميزاً وألقّ َ
ثم قال لي وليد وهو يمضي : سأكون في نفس المكان والزمان غداً فكر جيداً فإن عدت إلي شادي الذي كنت أعرف فذاك خير وإن لم يكو فستضيف صديقاً آخر إلى قائمتك التي ستطول كثيراً وكثير
لم يكو أمامي سوى خيارين أعيش كما يجب أن أعيش أو أجلس على رصيف الصبر وأنتظر ملاك الموت
يومٌ طويل عنفت فيه نفسي أعنف ما عنفت وجلدت ذاتي بسياط الذنب والخطيئة إلى أن برأت
أشهرت فيه كل أسلحتي بوجه ذاك الشبح ذاك المارد اليائس الذي صنعته بيده وأسكنته أصغر أجزائي وملكته حرية التحكم بكل شيء
لم يكن الأمر بالسهولة التي تجعلني أنتهي من ذاك الوحش بين ليلةٍ وضحاها فالزلزال الذي أحدثه وليد حرك المياه الراكدة وشق قشرة الأرض اليابس المحيطة بقلبي
كنت أحتاج لانفجارٌ آخر يخرج حمم التغير وكان ذاك في اليوم التالي , جاء الصديق ونظر نحوي بوقار ثم قال بتجهم :
هل قررت ..
ـ على رسلك الأمر ليس سهلاً كما تتصور يا صديقي
ـ ربما لن أكون كذلك بعد لحظة
ـ حسنٌ أعدك
ـ وأنا أعطيك فرصة " وأشار بيده فتقدمت تدفع أمامها عربة أطفال " مجد الصغير
قبلت الصغير ثم عانقت صديقي بحرارة شاكراً له وقوفه معي فربط على كتفي وهو يقول الآن عاد شادي حقاً أ لم أقل لكِ أنني سأنجح " وقهقهة ضاحكاً " ما رأيك أن نعيد اكتشاف الشام تعالى نعرف مجد الصغير على عشقنا الأول
زرنا أول ما زرنا قبر مجد كدليل على صدق نواياي بالتغير
استطعت انطلاقاً من تلك اللحظة أن أستعيد ثقتي بنفسي وأنا أخلص إلى قرار سأعيش على هواي ما دمت أقترض من الدنيا الهواء وأقرضها زفراتي سأبحث عن أرض ٍ جديدة أضع عليها لبنات مستقبلي الذي ستتضح صورته الكاملة هناك في أسبانية ستكون لدي الوقت الكافي لترتيب أوراقي
قلبت الصفحة وبدأت من أول السطر وكما قال لي جدّ ذات مرة
يا ولدي الضربة التي لا تقسم ظهرك تقويك
عدت إلى أسبانية مفعماً بالحماس وبعد راحة ليوم واحد توجهت للمقهى المعتاد في تمام الساعة الثالثة ـ كعادتي ـ ودخلت بابتسامةٍ عريضة تكاد تأكل وجهي
هناك ولما رأى أحمد ذاك التغير الواضح على تصرفاتي ولمس انطلاقي بل انطلاقاتي القوية نحو الدنيا مخلفاً ورائي كل رواسب الماضي الحزين
وبينما كنا نحتسي القهوة قال لي :