في اليوم التالي كنت هناك قبلها أجلس على طاولتها جاءت تدفع الخطى واثقة كأنما قد اتخذت قراراً ما
ألقت عليّ تحية الإسلام وجلست
إنها عربية وهذا رائع
عرفت عن نفسها وبنفس أسلوبي
بيسان حسن الساحر
ـ عربية؟
ـ والدي فلسطيني وأمي تونسية لكني لم أزر القدس ولا حتى أي بلدٍ عربي في حياتي ووالدي كان يرفض دائماً العودة للوطن من مطار يحمل اسم إرهابي ٍ سفاح أو يطأ أرض أجدادي وهي مدنسة بالاحتلال الذي قتل جدي وجدتي وشرد عائلتي
كان لقاء تعارف بسيط تبعه الكثير من اللقاءات والحوارات تعمقت معها وتوطدت علاقتنا
ثم بدأت رابطتنا تأخذ منحاً بل مناحي ثيرة غير تلك التي أسست عليها مع تدافع المواضيع والمواقف على دربنا
فعرفتني بيسان على السيد حسن الشاطر والسيدة أمينة المرزوقي والداها اللذان اعتبراني وعاملاني كولدهم مما خلق حولي جواً عائلياً حميماً كنت بأمس الحاجة له لإكمال عملية الانتقال التي عزمت على القيام بها
قالت لي بيسان عندما سألتها عن سر اهتمامها بي وسؤالها المتكرر عني على الرغم أنه لم يجري أي حديثٍ بيننا قبل سفري للشام
قالت أن لمعة غريبة كانت تبرق بعيني أثارت فضولها وجلوسي دائماً في نفس الموعد على الطاولة التي تجاور طاولتها سمح لها باستراق السمع أحياناً لأحاديثي مع أحمد استفزها لكسر هالة الغموض وحاجز الوحدة الذي يحيطني
وقالت أيضاً أنها كانت تعتقد أنني فلسطيني الموطن لما أحسته من تأثر في طريقة غنائي وعزفي للكثير من الأغاني الوطنية التي كانت تميز فرقتنا الموسيقيا
فلسطين التي لم تعرفها سوى بلداً على خريطة هذا العالم أو ذكريات عجوز يحكي عن ساحاتٍ و زواريب وبيارات كان يلعب بينها يوم كان طفلاً صغيرة
لكنها ولما عرفت أنني سوري أدركت معنى أن يكون المرء عربياً وعمق الروابط التي تشد أبناء هذه الأمة إلى بعضهم
تشعبت الأمور كثيراً يا عزيزتي أمامي في حين نبتت تلك البذرة التي زرعناها لتستحيل شجرة تظلنا بأغصان الشوق والود والحب
نعم يبدو أني استعدت قدرتي على الطيران في سماء الحب وهنا طفت على السطح مشكلة كبيرة تمثلت في عدمت قدرتي على التحديد هل أنا أحب بيسان متحرراً من لعنة الحب الأول أم أن تلك اللعنة لم تعتقنا هي التي تدفعني للاعتقاد أني أحب بيسان بينما أنا استحضر صورة مها من خلال الشبه بينهما
كان لا بد من المواجهة فبعد ليلةٍ قلبت فيه الأمر على كل جانب قررت أخراج رقم هاتف مها من رقاده واتصلت بها واضعاً كل مشاعر تحت المحك والتجربة الأقوى