ثم أحسست بصاعقةٍ تهبط من السماء لتستقر في رأسي فتفتت لأشلاء لمعت الدنيا في عيني ثم اسود كل شيء
كنت معي في الغرفة تلك الساعة أذكر أخر نظرةٍ لكِ وأنتِ تضحكين
دفعت بالعجلات نحو الشرفة المطلة على الشام كان الجو بارداً والسماء ملبدة ٌ بالغيوم إلا أن غيث السماء عز علينا هذا العام
طرقاتٌ على الباب
ـ من أحمد ؟
ـ نعم
ـ أهلاً ادخل هل أنت وحدك ؟
ـ نعم " قالها متلعثماً فأدركت أنه ليس كذلك فحاولت أن لا أظهر لمن معه ـ وهو على الأغلب هادي ـ شيئاً
وسرعان ما تقدم هادي نحو معلناً عن وجوده وهو يلوني على إخفائي للحقيقة عنه قائلاً لم نتقاسم الأفراح و الأتراح معاً ألم تحمل معي بل عني ألامي وتخفي في صدرك آهاتي وتنهيداتي
فلماذا بخلت عل أخيك وشقيق روحك بفرصة رد بعض أفضالك عليه
لعلك نسيت أنني طبيب كنت سأفعل كنت سـ ..
" مسحت بيدي المرتعشة الدمع عن وجه هادي ومسحت على رأسه قائلاً "
اهدأ يا شقيقي فما كان, كان وعليك الآن أن تساعدني على الصمود حتى النهاية
لا أريد لوالديك أن يعلموا
هات أعطني يدك أريد أن أرى الشام
" وصلنا للشرفة واستند على كتفه والحاجز الحديدي للشرفة"
ـ سجل يا أحمد
ورويت له كل ما جرى معي حتى وصلت إلى هذه اللحظة قائلاً :
لم أعد أدري ما حدث بعد ذلك لأنني فقدت البصر...
كان والدك يريد إنهاء المذكرات هنا لكنني سمحت لنفسي بالمتابعة مؤرخاً لهذه اللحظات
طلب شادي مني أن أعطيه إياكِ ضمكِ إلى صدره بقوة حتى بدأتِ تصرخين من الألم لكنك سرعان ما هدأتِ عندما وضع رأسك على كتفه وأخذ يمسد لكِ ـ وهي الوضعية التي كنتِ تحبين ـ ثم قال لكِ
أترين يا صغيرتي هذه المدينة الهادئة الصاخبة وهذه الأبنية العالية وتلك الأنوار لن يهتز في رأس الشام شعرة إن فقدت رجلاً مثلي
لكن قلبها سنفطر كقلب أم ثكلت على ولدها
كوني كالشام يا ابنتي كبيرة القلب صغيرة التفاصيل لتفردي جناحيك على الشام تحميها وتحميكِ
وعندما تكبري تذكري أنني لم أكو أريد لكِ إلا أن تكوني كالشام جميلة ً ممنياً النفس بأن تراكِ عينياي آنذاك