و هذا الحديث يعرف عند المحدثين بحديث الرايات. و يزيد بن أبي زياد راويه قال فيه شعبة: كان رفاعاً يعني يرفع الأحاديث التي لا تعرف مرفوعة. و قال محمد بن الفضيل: من كبار أئمة الشيعة. و قال أحمد بن حنبل: لم يكن بالحافظ و قال مرة: حديثة ليس بذلك. و قال يحيى بن معين: ضعيف. و قال العجلي: جائز الحديث، و كان بآخره يلقن. و قال أبو زرعة: لين يكتب حديثه و لا يحتج به. و قال أبو حاتم: ليس بالقوي. و قال الجرجاني: سمعتهم يضعفون حديثه. و قال أبو داود: لا أعلم أحداً ترك حديثه و غيره أحب إلي منه. و قال ابن عدي هو من شيعة أهل الكوفة و مع ضعفه يكتب حديثه. و روى له مسلم لكن مقروناً بغيره. و بالجملة فالأكثرون على ضعفه. و قد صرح الأئمة بتضعيف هذا الحديث الذي رواه عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله و هو حديث الرايات. و قال وكيع بن الجراح فيه: ليس بشيء. و كذلك قال أحمد بن حنبل و قال أبو قدامة سمعت أبا أسامة يقول في حديث يزيد عن إبراهيم في الرايات لو حلف عندي خمسين يميناً أسامة ما صدقته أهذا مذهب إبراهيم ؟ أهذا مذهب علقمة ؟ أهذا مذهب عبد الله ؟ و أورد العقيلي هذا الحديث في الضعفاء و قال الذهبي ليس بصحيح. و خرج ابن ماجة عن علي رضي الله عنه من رواية ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: المهدي منا أهل البيت يصلح الله به في ليلة.

و ياسين العجلي و إن قال فيه ابن معين ليس به بأس فقد قال البخاري فيه نظر. و هذه اللفظة من اصطلاحه قوية في التضعيف جداً. و أورد له ابن عدي في الكامل و الذهبي في الميزان هذا الحديث على وجه الاستنكار له و قال هو معروف به. و خرج الطبراني في معجمه الأوسط عن علي رضي الله عنه إنه قال للنبي صلى الله عليه و سلم أمنا المهدي أم من غيرنا يا رسول الله ؟ فقال: بل منا بنا يختم الله كما بنا فتح و بنا يستنقذون من الشرك و بنا يؤلف الله قلوبهم بعد عداوة بينة كما بنا ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك. قال علي أمؤمنون أم كافرون ؟، قال: مفتون و كافر انتهى. و فيه عبد الله بن لهيعة و هو ضعيف معروف الحال.
و فيه عمر بن جابر و الحضرمي و هو أضعف منه. قال أحمد بن حنبل: روي عن جابر مناكيز و بلغني أنه كان يكذب و قال النسائي ليس بثقة و قال كان ابن لهيعة شيخاً أحمق ضعيف العقل و كان يقول: علي في السحاب، و كان يجلس معنا فيبصر سحابة فيقول، هذا علي قد مر في السحاب، و خرج الطبراني عن علي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: يكون في آخر الزمان فتنة يحصل الناس فيها كما يحصل الذهب في المعدن فلا تسبوا أهل الشام و لكن سبوا أشرارهم فإن فيهم الأبدال يوشك أن يرسل على أهل الشام صيب من السماء فيفرق جماعتهم حتى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم فعند ذلك يخرج خارج من أهل بيتي في ثلاث رايات المكثر يقول بهم خمسة عشر ألفاً و المقل يقول بهم اثنا عشر ألفاً و أمارتهم امت امت يلقون سبع رايات تحت كل راية منها رجل يطلب الملك فيقتلهم الله جميعاً و يرد الله إلى المسلمين إلفتهم و نعمتهم و قاصيتهم و رأيهم.

و فيه عبد الله بن لهيعة و هو ضعيف معروف الحال و رواه الحاكم في المستدرك و قال صحيح الإسناد و لم يخرجاه في روايته ثم يظهر الهاشمي فيرد الله الناس إلى إلفتهم الخ و ليس في طريقه ابن لهيعة و هو إسناد صحيح كما ذكر. و خرج الحاكم في المستدرك عن علي رضي الله عنه من رواية أبي الطفيل عن محمد بن الحنفية قال: كنا عند علي رضي الله عنه فسأله رجل عن المهدي فقال له: هيهات ثم عقد بيده سبعاً فقال ذلك يخرج في آخر الزمان إذا قال الرجل الله الله قتل و يجمع الله له قوماً قزعاً، كقزع السحاب يؤلف الله بين قلوبهم فلا يستوحشون إلى أحد و لا يفرحون بأحد دخل فيهم عدتهم على عدة أهل بدر لم يسبقهم الأولون و لا يدركهم الآخرون و على عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر. قال أبو الطفيل قال ابن الحنفية: أتريده ؟ قلت: نعم. قال: فإنه يخرج من بين هذين الأخشبين قلت لا جرم و الله و لا أدعها حتى أموت. و مات بها يعني مكة قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

و إنما هو على شرط مسلم فقط فإن فيه عماراً الذهبي و يونس بن أبي إسحاق و لم يخرج لهما البخاري و فيه عمرو بن محمد العبقري و لم يخرج له البخاري احتجاجاً بل استشهاداً مع ما ينضم إلى ذلك من تشيع عمار الذهبي و هو و إن وثقه أحمد و ابن معين و أبو حاتم النسائي و غيرهم فقد قال علي بن المدني عن سفيان أن بشر بن مروان قطع عرقوبيه قلت في أي شيء ؟ قال: في التشيع. و خرج ابن ماجة عن أنس بن مالك رضي الله عنه في رواية سعد بن عبد الحميد بن جعفر عن علي بن زياد اليمامي عن عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله عن أنس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: نحن ولد عبد المطلب سادات أهل الجنة أنا و حمزة و علي و جعفر و الحسن و الحسين و المهدي. انتهى. و عكرمة بن عمار و إن أخرج له مسلم فإنما أخرج له متابعة. و قد ضعفه بعض و وثقه آخرون و قال أبو حاتم الرازي: هو مدلس فلا يقبل إلى أن يصرح بالسماع علي بن زياد. قال الذهبي في الميزان: لا ندري من هو، ثم قال الصواب فيه: عبد الله بن زياد و سعد بن عبد الحميد و إن وثقه يعقوب بن أبي شيبة و قال فيه يحيى بن معين ليس به بأس فقد تكلم فيه الثوري قالوا لأنه رآه يفتي في مسائل و يخطئ فيها.
و قال ابن حبان: كان ممن فحش عطاؤه فلا يحتج فيه. و قال أحمد بن حنبل: سعيد بن عبد الحميد يدعي أنه سمع عرض كتب مالك و الناس ينكرون عليه ذلك و هو ههنا ببغداد لم يحتج فكيف سمعها ؟ و جعله الذهبي ممن لم يقدح فيه كلام من تكلم فيه و خرج الحاكم في مستدركه من رواية مجاهد عن ابن عباس موقوفاً عليه قال مجاهد قال لي ابن عباس: لو لم أسمع أنك مثل أهل البيت ما حدثتك بهذا الحديث قال فقال مجاهد: فإنه في ستر لا أذكره لمن يكره قال فقال ابن عباس: منا أهل البيت أربعة منا السفاح و منا المنذر و منا المنصور و منا المهدي قال فقال مجاهد: بين لي هؤلاء الأربعة. فقال ابن عباس: أما السفاح فربما قتل أنصاره و عفا عن عدوه، و أما المنذر أراه قال فإنه يعطي المال الكثير و لا يتعاظم في نفسه و يمسك القليل من حقه و أما المنصور فإنه يعطى النصر على عدوه الشطر مما كان يعطي رسول الله صلى الله عليه و سلم و يرهب منه عدوه على مسيرة شهرين و المنصور يرهب منه عدوه على مسيرة شهر و أما المهدي الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً و تأمن البهائم السباع و تلقي الأرض أفلاذ كبدها. قال: قلت و ما أفلاذ كبدها ؟ قال: أمثال الاسطوانة من الذهب و الفضة. و قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و هو من رواية إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن أبيه و إسماعيل ضعيف و إبراهيم أبوه و إن خرج له مسلم فالأكثرون على تضعيفه. و خرج ابن ماجة عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: يقتتل عند كبركم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونهم قتلاً لم يقتله قوم ثم ذكر شيئاً لا أحفظه قال: فإذا رأيتموه فبايعوه و لو حبواً على الثلج فإنه خليفة الله المهدي.