والاعلام وأرسلوا رجلا من أكابر العمد لكي يعلم تبع بوصولهم إلى البلد فسار على الاثر وأعلم الملك بذلك الخبر ففرح واستبشر وزال منه القلق والضجر واحضر الرمال وكان عنده رمال شاطر فحضر بين يديه فقال له التبع اضرب لي تخت الرمل فجلس وضرب الرمل فرأى جميع ما فعلته بنو قيس وقال الصناديق فيها رجال وأشار يقول :
قال الفتى الرمال صادق سقاتي الدهر كاسات المرارا تبعت الرمل وأنا كنت طفلا وقبلته يمين مع يسارا ولاأحد مثلي بالرمل عارف ولاغيري يعرف كيف سارا أحط الرمل بأربع أمهات وولد الصغارا مع الكبارا الا ياأمير تبع ياملكنا ياعز العذارى يوم غارا أقول لك عن التقادير والجنايب وتحسب أن جابوا لك تجارا جوا ياملك هم يقتلوك ويدعوا القصر بعدك دشارا صناديق التي لك حملوها بها ابطال بالعدد أمارا يريدون قتلك ياملك عاجل لهم ثار عليك وأي ثارا هذا قد أعلمك يامسمى وبالدنيا يشيع لها خبارا
( قال الراوي ) فلما فرغ من كلامه وتبع يسمع نظامه نادى على العبيد فحضروا مائة عبد وقال لهم روحوا إلى العمارة وكل صندوق تلاقوا فيه رجال اكسروه فانطلق العبيد إلى العمارة وهم أسعد وسعيد وبقية لالمائة عبد هذا في يده عصا والاخر في يده بلطه والثاني في يده دبوس حديد ولما وصلوا إلى العماره ابتدأوا بكسر الصناديق وكسروا الاول والثاني إلى العشرة فصاحت الجليله ياعبيد السوء لماذا تكسروا صناديقي فقال لها العبيد الرمال قال ان في هذه الصناديق رجالا فتقمت وفتحت لمه عشرة صناديق فما وجدوا فيها غير جهازها والقماش فقالوا ان الرمال كذاب وعادوا يردون الجواب يقع كلام ثم يرجع الحديث إلى عجوز يقال لها حجلان وكانت رماله وهي التي علمت الرمال بان لها جميع ما فعلوه بني قيس وتباين لها ان الصناديق طبقتين في السفلى رجال وفي العليا قماش فافتكرت ساعه من الزمان وضربت ثاني رمل رأت بني قيس يقتلون التبع لامحاله فقالت خيرا لي أخذ الوجه الابيض عند بني قيس لقامت أخذت عصاتها بيدها وسارت إلى أن وصلت عند بني قيس وهم في ارتباك عظيم فقالت لهم انا اتيت من عند تبع فقالوا لها وما قصدك قالت قصدي كشف الصناديق لان الرمال قال ان فيها رجال ففتحوا لها أول صندوق والثاني فقالت أني أرى الصناديق من الظاهر ذات عمق ومن الداخل بخلاف ذلك وضربت على الطبقه السفلى فلما رأوها عارفه قالوا استري على ماستره الله وفتحوا صندوق واعطوها ثلاث بدلات حرير فقالت من الان وصاعدا أساعدكم على قتل تبع ثم انالعجوز طلعت إلى عند تبع والرمال بين يديه وعمال يضرب الرمل لان العبيد أخبروا تبع بما شاهدوا وكذلك العجوز أخبرته كما أخبروه العبيد فقال تبع ياعجوز الرمال كذاب قالت أن الرمال عمي من أكل الثوم والبصل فأمر الملك بضرب عنقه وراحت روحه إلى الوادي الاحمر وتقدمت العجوز إلى الملك وأشارت توصف حسن الجليله ومااعطاها الله من الحسن والجمال :
تقول العجوز التي شاهدت مليحه تريح العنا والصدود يأمير تبع يهنيك فيها السعد وأقبل الخير لك والسعود أتوك بني قيس أهل السماح وجابوا لك الخيل ثم النقود وجاوبا الجليله لشخصك حليله بخدين حمر وعينين سود وقامة طويله كعود القنا فوق الكتاف ترخى الجعود بشعر طويل وشعر كحيل بلا جرميل تصيد الاسود حواجب كما قوس ترمي الهزوم وذات حزام الذهب على النهود وذات شقاف رقاق نظاف عقايل طرايف تزيل النكود ولها وجه كبدر بليله قدر وجنات حمر كما الورد وجسم رقيق وريق رحيق وسنان لولو سبت الورود لها عنق كعنق الغزال وطوق الذهب يوقد وقود اكتاف العاج مثل الزجاج والنقش مواج فوق الزنود وكفين أطرى من الياسمين من قد حواها ينال السعود وصدر كاللوح خلقه الاله وقد زين الصدر جوز النهود وأعطاف وأرداف مثل العجين خلق الاله مهيمن ودود أما الحجول تزيل العقول حب الطرف يطفىء الصدود أما القلائد مناسل ذهوب من الراس مكعوب مثل البنود وملبوسها مليح حرير مقصب مطيب بمسك وزهر وعود وان شافها رجل عابد فقيه غدا العقل منه شارد شرود قد زينوا بني قيس لك عروسا تجلى لاجلك كل هم وكود للملك حقا قد أحضروا مليحه حلالها يزيل النقود فأرسل وراها وخلى المحال واسمع كلامي واجلي الصدود وادخل على بنت مرة وكن لطيفا بقطف ثمار النهود
( قال الراوي ) فلما فرغت العجوز من كلامها والملك تبع يسمع نظامها فراح عقله من وصف العجوز ونادى على الوزير يأمره أن يحضر الجليله بالتبجيل والتكريم وخلفها السراري بمكوب عظيم فدخلت على تبع وكان جالسا على كرسي المملكه وعلى راسه تاج من الذهب الفاخر مرصعا بأنواع الجواهر وعن يمنيه وشماله الاسود فسلمت عليه ووقفت بين يديه فرد عليها السلام وآنسها بالحديث والكلام وقال لها أهلا وسهلا بالسيدة الكريمة والدرة التي ليس يقدر لها قيمه ثم اجلسها بمكان قريب منه وترحب بها غاية الترحيب وقد انبهر من فرط جمالها وعذوبة الفاظها وفصاحة مقالها لانها كانت متصفه بالادب ومن أجمل نساء العرب فأخذ الملك يسألها عن أهلها وعشيرتها فقالت له بكلام الدلال أعلم أيها الملك المفضال أن اتصالي بجانبك وتشريفي بساحة بابك جعل لقبيلتنا اسما كبيرا وذكرا بين الناس شهيرا كيف لا وانت ملك هذا الزمان والجوهرة الثمينه في هذا الاوان الله يحفظك لنا ويبقيك وينصرك على جميع حسادك وأعاديك فان كنت تعظم شأني وترفع مرتبتي على اقراني لاتترك ابي وأعمامي وسادات أهلي واقوامي بعيد عن فضلك واحسانك لانهم قد صاروا من جملة أتباعك وأعوانك فأمر لهم بمكان ينزلون فيه بصناديق جهازي وباقي الاحمال تحضر إلى هنا في الحال لانها مملوءة من التحف والجواهر والقماش ومع كل ذلك فنحن أولاد عم .