أيا ويلي فدمع العين هلا على الخدين من دمعي صبابه على فقد الفتى مهلهل أنور العين تدري ما أصابه غدونا كلنا للصيد عنه وهو جالس كانه سبع غابه وعند رجوعنا لم نلتقيه فأحرق وسط مهجتنا غيابه فمن يوم أخيه كليب ولى فلا يسرح ولا يلقى صحابه وما فارق محله طول عمره ولا نعرف له مده غيابه مهلهل راح من اولاد مرة وسهم البين ذر لنا غرابه وبعده كيف عاد يصير فينا لان جساس ماتحمل عذابه ترى بعده سيمحقنا جميعا يشتتنا ولا يخشى عتابه ايا أخوتي ماذا نسوي واين نروح من هذه العصابه تعالى أخي يا درعان قوللي فقلبي والحشا يا أمير ذابه ايا سراف يا ناصر تعالوا ايا هزوز يا منيه شبابه ويا حنبل ويا باقي الامارة تعالوا واسمعوا مني الخطابه تقول الزير ولى وراح منا قتيل ويندفن تحت الترابه
وأما سلطان فقد رجع مسرورا ووقف امام أخيه جساس وأخذ ينشد :
والمهلهل ناصب الخيمه بعيد في وسط البستان له ياحبيب وحده يسكر بليله والنهار رحت انا اليه من بعد المغيب في ثلاثة الاف فارس غانمين كل فارس مثل سبع وديب هجمت عليه يا أخي بالعجل ووقعنا عليه بضرب عجيب ضربه جساس بالغ بالسيوف حتى صار دمه جاري صبيب ضربه حتى قطع من النفس وانطرح بلا مسعف ولا حبيب ثم أخذ لأخته ضباع لتأخذ بثأر ولدها الحبيب أخذته حرقته بنار ولقته على جمر نار اللهيب هذا الذي فعلت بعدك ياهمام ياحما البيض في يوم النكيب
( قال الراوي ) فبما انتهى سلطان من كلامه شكره جساس على اهتمامه وقال بارك الله فيك ياهمام فان فعلك هذا يبقى مدى الايام ثم ساروا إلى الحي وهم في افراح وسرور وانشراح ولما وصلوا الصيوان جلس جساس في الديوان واجتمعت حوله الابطال والفرسان ثم امر بدق الطبول ونفخ الزمور وعمل وليمه عظيمه لها قدر وقيمه فا جتمع فيها خلق كثير من كل أمير وسيد خطير ورقصت النساء والبنات ودارت بينهم الافراح والمسرات وانشرحت خواطر السادات وكان عندهم ذلك النهار من أعظم الاعياد الكبار .
( قال الراوي ) وكان لما بلغ بنو قيس حقيقة الخبر ان المهلهل مات واندثر غابوا عن الوجود وايقنوا بالموت الاحمر فزادت بليتهم وعظمت مصيبتهم فمهنم من أرتحلوا من الديار وقصدوا الامير جساس وطلبوا منه الامان دون باقي الناس فأعطاهم الامان وجعلهم من جملة الخدم والغلمان ولم يبق عند أخوة الزير الاشراف الا شر ذمه يسيرة وعصبة حقيرة فقصدهم جساس بالابطال ودار بهم من اليمين والشمال فسلموا أمرهم اليه ووقعوا عليه فنهب أموالهم وأخذ نوقهم وجمالهم ثم أشرط عليهم أن لايوقدوا نارا في الليل والنهار ولا يركبوا على ظهور الخيل بل يصيروا مكانهم في الخيام فأجابوه إلى ذلك المرام خوفا من الاندثار ونزول الدمار وبعد هذا رجع إلى الديار بالفر والاستبشار فعظم شأنه وتأيد بالعز مكانه وسار في مقام عظيم وحكم على السبعه أقاليم . (قال الراوي ) اما اخوه المهلهل فانهم بعد هذا العمل رحلوا من اطلالهم باولادهم واطفالهم ونزلوا في وادي السعاب وهم يبكي وانتحاب وذل وعذاب وصبروا على حكم رب الارباب هذا ما جرى لهولاء من العبر واما الزير الاسد الغضنفر فانه لما القته اخته في البحر كما سبق الخبر فقذفته الامواج في البحر العجاج إلى ان ساقته التقادير الالهيه إلى مدينه بيروت وكان اسمها الخيبريه وملكها يدعى حكمون ابن عزرا وكان من اجل الملوك قدرا واتفق والامر المقدر ان ثمانيه من الصيادين بينما هم يصطادون سمك نظروا ذلك الصندوق في البحر العجاج تلعب فيه الرياح وتقذفه طوارق الامواج فقال احدهم للاخر انظر يا صمويل هذا صندوق يارؤبل قد ساقه الينا اله اسرئيل ثم انهم قصدوه في الحال وسحبوه إلى الشاطي بالحبال وذلك بعد تعب ونكد ما عليه من مزيد فقال رئيس الشختور لباقي الاعوان تعالوا حتى نفسه علينا الان قبل ان نفتحه يااخوان فناخذ كل واحد منا حقه قدر ما يستحقه فاجابه بعض الرجال ما هو مرادك بهذا المقال فقال ان لي النصف ولكم الاخر لاني صاحب الشختور والرئيس الاكبر فقال وحق خمار العذير ما تنال منه شيْ ياشبير ثم وقع بينهم الخصام وتشاتموا بالكلام فضرب احدهم الرئيس بسكين فقتله وكان للرئيس أخ فضربه القاتل بالمقذاف فجندله وما زالوا يتقاتلون طمعا بالمال حتى قتل منهم عده رجال ولم يسلم سوى رجل