برز الجرو إلى ساحه الميدانفبرز اليه المهلهل فالتقاه الجرو وصال وجال وطعنه بالرمح طعنه كاذبه فسحبها المهلهل من تحت ابطه فراحت خائبه والقى نفسه على الارض من فوق ظهر الحصان خديعه على عيون الفرسان ليظهر لهم انه قد مات وحلت به الافاق فعند ذلك صاح الجرو الله أكبر على من طغى وتجبر فقد ظنا المراد بقتل الزير الذى اهلك العباد ثم صاح على جساس وقال له انزل يا خال واقطع راس عدوك فقد قتلته وكفيتك شره فلما راه يختبط بدمه نزل عن ظهر القميره وهو يظن انه قد بلغ غايه مراده ولما اقترب منه نهض الزير على قدميه وقبضه من لحيته وهجم الجرو ايضا عليه ووضع الرمح بين كتفيه فعند ذلك علم جساس انها حيله قد تمت عليه وتاكد عنده صحه المنام فاخذ يخاطب الجرو بهذا الشعر والنظام
قال جساس الذي شاهد وفاه ياسياج البيض في طعن القنا انني بك يا ابن اختي مستجير فاجرني يا ابن اختي من القنا
فاجابه الجرو بهذه الابيات :
ايا خال اقصر عن ملامك دنى اجلك وقد وافى حمامك تقول اجرني يا ابن اختي الا يا جرو اعطينا زمانك قتلت كليب طلما وعدوانا تظنوا بانني اسمع كلامك وبعد كليب اصبحت حاكم تسامى في الملا ايضا كلامك طغيت وجرت في حكمك علينا فاذني لم تعد تسمع كلامك تريد اليوم منا ان نجيرك فهذا ماتشوفه في منامك
( قال الراوي ) فلما فرغ الجرو من كلامه جعل جساس يتوسل إليه بأن يعفو عنه وقال بالله عليك أن تصفح عني فأن الذي مضى قد مضى وهل اذا قتلتني يعيش كليب ويقوم فاتركني لوجه الله الواحد القيوم فقال الجرو لابد من قتلك كما قتلت أبي حتى أكون قد بلغت أربي فلما أطال بينهما الخطاب قال لهما الزير أراكما قد أطلتما الكلام والعتاب فعند ذلك طعنه الجرو بالرمح في صدره فخرج يلمع من ظهره وتقدم اليه الزير بالسيف على راسه فقطعه ثم وضع فمه على عنقه وجعل يمصه حتى شرب جميع دمه وكان الجرو ينهش في لحمه حتى بلغ مراده وشفى فؤاده وبعد ذلك أعطى الرأس إلى الجرو ليأخذه إلى شقايقه فسلمه الجرو الي بعض عبيده وهجم مع قومه في باقي الابطال على جموع بني مرة في الحال وأذا قومه الوبال بلغوا منهم الآمال وكانت بنو مرة لما علمت بقتل جساس أيقنت بالموت الاحمر لانه كان القائد الاكبر وعليه الاعتماد في الحرب والطراد فولت الادبار وطلبت الهزيمه والفرار وكان المهلهل قد قتل منهم في ذلك النهار خلقا كثيرا بهذا المقدار فمنهم أمراء وقواد وسادات وأمجاد وأما الذين سلموا منهم فانهم طلبوا الزمام من الزير والجرو فأجاروهم وعفوا عنهم بشرط أن يكونوا مثل العبيد لا ينقلون سلاح ولا يحضرون حربا ولا كفاحا ولا يوقدون نارا لا ليلا ولانهارا ولايعرف لهم قبر ميت في جوار لا في مقبرة ولا في دار ألا مشتتين في البراري والقفار يقضوا حياتهم بضرب الطبل ونفخ المزمار وأن غابت