تكره واثقاً بمعرفتك نصيحتي لك وإيثاري إياك على نفسي‏.‏ وقال عمرو بن عتبة للوليد حين تغير الناس عليه‏:‏ يا أمير المؤمنين إنه ينطقني الأنس بك وتسكتني الهيبة لك وأراك تأمن أشياء أخافها عليك أفأسكت مطيعاً أم أقول مشفقاً قال‏:‏ كل مقبول منك والله فينا علم غيب نحن صائرون إليه‏.‏ فقتل بعد ذلك بأيام‏.‏ وقال خالد بن صفوان‏:‏ من صحب السلطان بالصحة والنصيحة كان أكثر عدواً ممن صحبه بالغش والخيانة لأنه يجتمع على الناصح عدو السلطان وصديقه بالعداوة والحسد فصديق السلطان ينافسه في مرتبته وعدوه يبغضه لنصيحته‏.‏ ما يصحب به السلطان قال ابن المقفع‏:‏ ينبغي لمن خدم السلطان أن لا يغتر به إذا رضي ولا يتغير له إذا سخط ولا يستقل ما حمله ولا يلحف في مسألته‏.‏ وقال أيضاً‏:‏ لا تكن صحبتك للسلطان إلا بعد رياضة منك لنفسك على طاعتهم فإن كنت حافظاً إذا أولوك حذراً إذا قربوك أميناً إذا ائتمنوك ذليلاً إذا صرموك راضياً إذا أسخطوك تعلمهم وكأنك تتعلم منهم وتؤدبهم وكأنك تتأدب بهم وتشكرهم ولا تكلفهم الشكر وإلا فالبعد منهم كل البعد والحذر منهم كل الحذر‏.‏ وقال المأمون‏:‏ الملوك تتحمل كل شيء إلا ثلاثة أشياء‏:‏ القدح في الملك وإفشاء السر والتعرض للحرم‏.‏ وقال ابن المقفع‏:‏ إذا نزلت من السلطان بمنزلة الثقة فلا تلزم الدعاء له في كل كلمة فإن ذلك يوجب الوحشة ويلزم الانقباض‏.‏ وقال الأصمعي‏:‏ توصلت بالملح وأدركت بالغريب‏.‏ وقال أبو حازم الأعرج لسليمان بن عبد الملك‏:‏ إنما السلطان سوق فما نفق عند حمل إليه‏.‏ ولما قدم معاوية من الشام - وكان عمر قد استعمله عليها - دخل على أمه هند فقالت له‏:‏ يا بني إنه قلما ولدت حرة مثلك وقد استعملك هذا الرجل فاعمل بما وافقه أحببت ذلك أم كرهته‏.‏ ثم دخل على أبيه أبي سفيان فقال له‏:‏ يا بني إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخرنا عنهم فرفعهم سبقهم وقصر بنا تأخرنا‏.‏ فصرنا أتباعاً وصاروا قادة‏.‏ وقد قلدوك جسيماً من أمرهم فلا تخالفن أمرهم فإنك تجري إلى أمد لم تبلغه ولو قد بلغته لنوفست فيه‏.‏ وقال أبرويز لصاحب بيت المال‏:‏ إني لا أعذرك في خيانة درهم ولا أحمدك على صيانة ألف ألف‏:‏ لأنك إنما تحقن بذلك دمك وتقيم أمانتك فإن خنت قليلاً خنت كثيراً‏.‏ واحترس من خصلتين‏:‏ النقصان فيما تأخذ والزيادة فيما تعطى‏.‏ واعلم أني لم أجعلك على ذخائر الملك وعمارة المملكة والقوة على العدو إلا وأنت عندي آمن من موضعه الذي هو فيه وخواتمه التي هي عليه فحقق ظني باختياري إياك أحقق ظنك في رجائك إياي‏:‏ ولا تتعوض بخير شراً ولا برفعة ضعة ولا بسلامة ندامة ولا بأمانة خيانة‏.‏ ولما ولي يزيد بن معاوية سلم بن زياد خراسان قال له‏:‏ إن أباك كفى أخاه عظيماً وقد استكفيتك صغيراً فلا تتكلن على عذر مني فقد اتكلت على كفاية منك‏.‏ وإياك مني قبل أن أقول إياي منك فإن الظن إذا أخلف مني فيك أخلف منك في‏.‏ وأنت في أدنى حظك فاطلب أقصاه وقد أتعبك أبوك فلا تريحن نفسك‏.‏ وقال يزيد‏:‏ حدثني أبي‏:‏ أن عمر بن الخطاب لما قدم الشام قدم على حمار ومعه عبد الرحمن بن عوف على حمار فتلقاهما معاوية في موكب ثقيل فجاوز عمر معاوية حتى اخبر به فرجع إليه‏.‏ فلما قرب منه نزل إليه فأعرض عنه فجعل يمشي إلى جنبه راجلاً فقال له عبد الرحمن بن عوف‏:‏ أتعبت الرجل‏.‏ فأقبل عليه عمر فقال‏:‏ يا معاوية أنت صاحب الموكل آنفاً مع ما بلغني من وقوف ذوي الحاجات ببابك قال‏:‏ نعم يا أمير المؤمنين‏.‏ قال‏:‏ ولم ذاك قال‏:‏ لأنا في بلاد لا نمتنع فيها من جواسيس العدو ولا بد لهم مما يرهنهم من هيبة السلطان فإن أمرتني بذلك أقمت عليه وإن نهيتني عنه انتهيت‏.‏ فقال لئن كان الذي تقول حقاً فإنه رأي أريب وإن كان باطلاً إنها خدعة أديب وما آمرك به ولا أنهاك عنه‏.‏ فقال عبد الرحمن بن عوف‏:‏ لحسن ما صدر هذا الفتى عما أوردته فيه‏!‏ فقال‏:‏ لحسن مصادره و موارده جشمناه ما جشمناه‏.‏ وقال الربيع بن زياد الحارثي‏:‏ كنت عاملاً لأبي موسى الأشعري على البحرين فكتب إليه عمر