قال الله تعالى‏:‏ ‏"‏ يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين‏.‏ قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون ‏"‏‏.‏ قال الحجاج‏:‏ علي بيزيد بن أبي مسلم‏.‏ فمثل بين يديه‏.‏ فقال‏:‏ افكك لهذا عن اسمه واصكك له بعطائه وابن له منزل ومر مناديا ينادي‏:‏ صدق الله وكذب الشاعر‏.‏ وقال معاوية‏:‏ إني لأستحي أن أظلم من لا يجد علي ناصراً إلا الله‏.‏ وكتب إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله بعض عماله يستأذنه في تحصين مدينته‏.‏ فكتب إليه‏:‏ حصنها بالعدل ونق طرقها من الظلم‏.‏ وقال المهدي للربيع بن أبي الجهم وهو والي أرض فارس‏:‏ يا ربيع آثر الحق والزم القصد وابسط العدل وارفق بالرعية واعلم أن أعدل الناس من أنصف من نفسه وأظلمهم من ظلم الناس لغيره‏.‏ وقال ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال‏:‏ استعمل ابن عامر عمرو بن أصبغ على الأهواز فلما عزله قال له‏:‏ ما جئت به قال له‏:‏ ما معي إلا مائة درهم وأثواب‏.‏ قال‏:‏ كيف ذلك قال‏:‏ أرسلتني إلى بلد أهله رجلان‏:‏ رجل مسلم له ما لي وعليه ما علي ورجل له ذمة الله ورسوله فوالله ما دريت أين أضع يدي‏.‏ قال‏:‏ فأعطاه عشرين ألفاً‏.‏ وقال النبي ‏:‏ الظلم ظلمات يوم القيامة‏.‏
صلاح الرعية بصلاح الإمام

قالت الحكماء‏:‏ الناس تبع لإمامهم في الخير والشر‏.‏ وقال أبو حازم الأعرج‏:‏ الإمام سوق فما نفق عنده جلب إليه‏.‏ ولما أتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتاج كسرى وسواريه قال‏:‏ إن الذي أدى هذا لأمين‏!‏ قال له رجل‏:‏ يا أمير المؤمنين أنت أمين الله يؤدون إليك ما أديت إلى الله تعالى فإذا رتعت رتعوا‏.‏ ومن أمثالهم في هذا قولهم‏:‏ إذا صلحت العين صلحت سواقيها‏.‏ الأصمعي قال‏:‏ كان يقال‏:‏ صنفان إذا صلحا صلح الناس‏:‏ الأمراء والفقهاء‏.‏ واطلع مروان بن الحكم على ضيعة له بالغوطة فأنكر شيئاً فقال لوكيله‏:‏ ويحك‏!‏ إن لأظنك تخونني‏.‏ قال‏:‏ أفتظن ذلك ولا تستيقنه قال‏:‏ وتفعله قال‏:‏ نعم والله إني لأخونك وإنك لتخون أمير المؤمنين وإن أمير المؤمنين ليخون الله فلعن الله شر الثلاثة‏.‏ قولهم في الملك وجلسائه ووزرائه قالت الحكماء لا ينفع الملك إلا بوزرائه وأعوانه ولا ينفع الوزراء والأعوان إلا بالمودة والنصيحة ولا تنفع المودة والنصيحة إلا مع الرأي والعفاف‏.‏ ثم على الملوك بعد ذلك ألا يتركوا محسناً ولا مسيئاً ما دون جزاء فإنهم إذا تركوا ذلك تهاون المحسن واجترأ المسيء وفسد الأمر وبطل العمل‏.‏ وقال الأحنف بن قيس‏.‏ من فسدت بطانته كان كمن غص بالماء ومن غص بالماء فلا مساغ له ومن خانه ثقاته فقد أتي من مأمنه‏.‏ وقال العباس بن الأحنف‏:‏ قلبي إلى ما ضرني داعي يكثر أحزاني وأوجاعي كيف احتراسي من عدوي إذا كان عدوي بين أضلاعي وقال آخر‏:‏ كنت من كربتي أفر إليهم فهم كربتي فأين الفرار وأول من سبق إلى هذا المعنى عدي بن زيد في قوله للنعمان بن المنذر‏:‏ وقال آخر‏:‏ إلى الماء يسعى من يغص بريقه فقل أين يسعى من يغص بماء وقال عمرو بن العاص‏:‏ لا سلطان إلا بالرجال ولا رجال إلا بمال ولا مال إلا بعمارة ولا عمارة إلا بعدل‏.‏ وقالوا‏:‏ إنما السلطان بأصحابه كالبحر بأمواجه‏.‏ وقالوا‏:‏ ليس شيء أضر بالسلطان من صاحب يحسن القول ولا يحسن الفعل‏.‏ و لا خير في القول إلا مع الفعل ولا في المال إلا مع الجود ولا في الصدق إلا مع الوفاء ولا في الفقه إلا مع الورع ولا في الصدقة إلا مع حسن النية ولا في الحياة إلا مع الصحة‏.‏ وقالوا‏:‏ إن السلطان إذا كان صالحاً ووزراؤه وزراء سواء امتنع خيره من الناس ولم ينتفع منه بمنفعة وشبهوا ذلك بالماء الصافي يكون فيه التمساح فلا يستطيع أحد أن يدخله وإن كان محتاجا إليه‏.‏