الشمس فقام إليه رجل فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن الوقت لا ينتظرك وإن الرب لا يعذرك‏.‏ قال صدقت‏:‏ ومن قال مثل مقالتك فلا ينبغي له أن يقوم مثل مقامك‏.‏ من ها هنا من أقرب الحرس يقوم إليه فيضرب عنقه الرياشي عن الأصمعي قال‏:‏ خاطر رجل رجلاً أن يقوم إلى معاوية إذا سجد فيضع يده على كفله ويقول‏:‏ سبحان الله يا أمير المؤمنين‏!‏ ما أشبه عجيزتك بعجيزة أمك هند‏!‏ ففعل ذلك‏.‏ فلما انفتل معاوية عن صلاته قال‏:‏ لا يا بن أخي إن أبا سفيان كان إلى ذلك منها أميل فخذ ما جعلوا لك فأخذه‏.‏ ثم خاطر أيضاً أن يقوم إلى زياد وهو في الخطبة فيقول له‏:‏ أيها أمير من أبوك ففعل‏.‏ فقال له زياد‏:‏ هذا يخبرك وأشار إلى صاحب الشرطة فقدمه فضرب عنقه‏.‏ فلما بلغ معاوية قال‏:‏ ما قتله غيري ولو أدبته على الأولى ما عاد إلى الثانية‏.‏ وخاطر رجل إلى أن يقوم إلى عمرو بن العاص وهو في الخطبة فيقول‏:‏ أيها الأمير من أمك ففعل‏.‏ فقال له‏:‏ النابغة بنت عبد الله أصابتها رماح العرب فبيعت بعكاظ فاشتراها عبد الله بن جدعان للعاص بن وائل فولدت فأنجبت فإن كانوا جعلوا شيئاً فخذه‏.‏ دخل خريم الناعم على معاوية بن أبي سفيان فنظر معاوية إلى ساقيه فقال‏:‏ أي ساقين لو أنهما على جارية‏!‏ فقال له خريم‏:‏ في مثل عجيزتك يا أمير المؤمنين‏.‏ قال‏:‏ واحدة بأخرى والبادئ أظلم‏.‏
تحلم السلطان على أهل الدين والفضل إذا اجترءوا عليه

زياد عن مالك بن أنس قال‏:‏ بعث أبو جعفر المنصور إلي وإلى ابن طاوس فأتيناه فدخلنا عليه فإذا هو جالس على فرش قد نضدت وبين يديه أنطاع قد بسطت وجلاوزة بأيديهم السيوف يضربون الأعناق‏.‏ فأموا إلينا‏:‏ أن اجلسا‏.‏ فجلسنا‏.‏ فأطرق عنا طويلاً ثم رفع رأسه والتفت إلى ابن طاوس فقال له‏:‏ حدثني عن أبيك‏.‏ قال‏:‏ نعم سمعت أبي يقول‏:‏ قال رسول الله ‏:‏ إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل أشركه الله في حكمه فأدخل عليه الجور في عدله‏.‏ فأمسك ساعة‏.‏ قال مالك‏:‏ فضممت ثيابي من ثيابه مخافة أن يملأني من دمه‏.‏ ثم التفت إليه أبو جعفر فقال‏:‏ عظني يا ابن طاوس‏.‏ قال‏:‏ نعم يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول‏:‏ ‏"‏ ألم تر كيف فعل ربك بعاد‏.‏ إرم ذات العماد‏.‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏.‏ وثمود الذين جابوا الصخر بالواد‏.‏ وفرعون ذي الأوتاد‏.‏ الذين طغوا في البلاد‏.‏ فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد ‏"‏‏.‏ قال مالك‏:‏ فضممت ثيابي مخافة أن يملأ ثيابي من دمه‏.‏ فأمسك ساعة حتى اسود ما بيننا وبينه‏.‏ ثم قال‏:‏ يا ابن طاوس ناولني هذه الدواة‏.‏ فأمسك عنه ثم قال‏:‏ ناولني هذه الدواة‏:‏ فأمسك عنه‏.‏ فأمسك عنه‏.‏ فقال‏:‏ ما يمنعك أن تناولنيها قال‏:‏ أخشى أن تكتب بها معصية الله فأكون شريكك فيها‏.‏ فلما سمع ذلك قال‏:‏ قوماً عني قال ابن طاوس‏:‏ ذلك ما كنا نبغي منذ اليوم‏.‏ قال مالك‏:‏ فما زلت أعرف لا بن طاوس فضله‏.‏ أبو بكر بن أبي شيبة قال‏:‏ قام أبو هريرة إلى مروان بن الحكم وقد أبطأ بالجمعة فقال له‏:‏ أتظل عن ابنة فلان تروحك بالمراوح وتسقيك الماء البارد وأبناء المهاجرين والأنصار يصهرون من الحر‏!‏ لقد هممت أن أفعل وأفعل ثم قال‏:‏ اسمعوا من أميركم‏.‏ فرج بن سلام بن أبي حاتم عن الأصمعي قال‏:‏ حدثني رجل من أهل المدينة كان ينزل بشق سمعت أبا جعفر بالمدينة وهو بنظر فيما بين رجل من قريش وأهل بيت من المهاجرين بالمدينة ليسوا من قريش فقالوا لأبي جعفر‏:‏ اجعل بيننا وبينه ابن أبي ذئب‏.‏ فقال أبو جعفر لابن أبي ذئب‏:‏ ما تقول في بني فلان قال أشرار من أهل بيت أشرار‏.‏ قالوا‏:‏ اسأله يا أمير المؤمنين عن الحسن بن زيد وكان عامله على المدينة - قال‏:‏ ما تقول في الحسن بن زيد قال‏:‏ يأخذ بالإحنة ويقضي بالهوى‏.‏ فقال الحسن‏:‏ يا أمير المؤمنين والله لو سألته عن نفسك لرماك بداهية أو وصفك بشر‏.‏ قال‏:‏ ما تقول في قال‏:‏ اعفني‏.‏ قال‏:‏ لا بد أن تقول‏.‏ قال‏:‏ لا تعدل في الرعية ولا تقسم بالسوية‏.‏ قال‏:‏ فتغير وجه أي جعفر‏.‏ فقال إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي صاحب الموصل‏:‏ طهرني بدمه يا أمير المؤمنين‏.‏ قال‏:‏ اقعد يا بني فليس في دم رجل يشهد أن لا إله إلا الله طهور‏.‏ قال‏:‏ ثم تدارك ابن أبي ذئب الكلام فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين دعنا مما نحن فيه بلغني أن لك ابنا صالحاً بالعراق يعني المهدي‏.‏ قال‏:‏ أما إنك قلت ذلك إنه الصوام القوام البعيد ما بين الطرفين‏.‏ قال ثم قام ابن أبي ذئب فخرج‏.‏ فقال أبو جعفر‏:‏ أما والله ما هو بمستوثق العقل ولقد قال بذات نفسه‏.‏ قال الأصمعي‏:‏ ابن أبي ذئب من بني عامر بن لؤي من