لم يعن عليه‏.‏ وطلب العباس عم النبي (ص) من النبي ولاية فقال له‏:‏ يا عم نفس تحييها خير من ولاية لا تحصيها‏.‏ وطلب رجل من أصحاب النبي (ص) فقال له‏:‏ إنا لا نستعين على عملنا بمن يريده‏.‏ وقال زياد لأصحابه‏:‏ من أغبط الناس عيشا قالوا‏:‏ الأمير وأصحابه‏.‏ قال‏:‏ كلا إن لأعواد المنبر لهيبة ولقرع لجام البريد لفزعة‏.‏ ولكن أغبط الناس عيشا رجل له دار يجري عليه كراؤها وزوجة قد وافقته في كفاف من عيشه لا يعرفنا ولا نعرفه فإن عرفنا وعرفناه أفسدنا عليه آخرته ودنياه‏.‏ وكتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية حين كبر وخاف أن يستبدل به‏:‏ أما بعد فقد كبرت سني ورق عظمي واقترب أجلي وسفهني سفهاء قريش فرأى أمير المؤمنين في عمله موفق‏.‏ فكتب إليه معاوية‏:‏ أما ما ذكرت من كبر سنك فأنت أكلت شبابك وأما ما ذكرت من اقتراب أجلك فإني لو أستطيع دفع المنية لدفعتها عن آل أبي سفيان وأما ما ذكرت من سفهاء قريش فحلماؤها أحلوك ذاك المحل وأما ما ذكرت من أمر العمل فضح رويداً يدرك الهيجا حمل وهذا مثل للعرب وقد وقع تفسيره في كتاب الأمثال‏.‏ فلما انتهى الكتاب إلى المغيرة كتب إليه يستأذنه في القدوم عليه فأذن له فخرج وخرجنا معه‏.‏ فلما دخل عليه قال له‏:‏ يا مغيرة كبرت سنك ورق عظمك ولم يبق منك شيء ولا أراني إلا مستبدلاً بك‏.‏ قال المحدث عنه‏:‏ فانصرف إلينا ونحن نرى الكآبة في وجهه فأخبرنا بما كان من أمره قلنا له‏:‏ فما تريد أن تصنع قال‏:‏ ستعلمون ذلك‏.‏ فأتى معاوية فقال له‏:‏ يا أمير المؤمنين إن الأنفس ليغدى عليها ويراح ولست في زمن أبي بكر ولا عمر فلو نصبت لنا علما من بعدك نصير إليه فإني قد كنت دعوت أهل العراق إلى بيعة يزيد‏.‏ فقال‏:‏ يا أبا محمد انصرف إلى عملك ورم هذا الأمر لابن أخيك‏.‏ فأقبلنا تركض على النجب فالتفت فقال‏:‏ والله لقد وضعت رجله في ركاب طويل ألقى عليه أمة محمد (ص)‏.‏